في موسم الانتخابات ينشطون المرشحين للبرلمان العراقي الجديد 2010
في وسائل الأعلام المتعددة فيغتنمون الايام القليلة المتبقية
للانتخابات, فهناك ظهور مكثف للمرشحين على شاشات الفضائيات في اوقات
تشهد اقبالا كبيراً من الجمهور على تلك الوسيلة الاعلامية المرئية. وأن
مايحدث على شاشات الفضائيات وعلى صفحات الانترينيت وفي الصحف المختلفة
هو عبارة عن صراعات وتراشقات كلامية تحمل بين طياتها لغة تخوين وتشكيك
وتسقيط وادعاءات مفبركة وزائفة, وأن أغلبية المرشحين الذين يتراشقون
بتلك الكلمات النارية, هم شركاء في العملية السياسية سوى في الحكومة أو
في البرلمان.
والغريب في تلك الشخصيات هو رمي كرة النار على الجهة المقابلة,
ويظهر بعض هؤلاء الساسة للناخب العراقي بشخصية المنقذ والامين والوطني
الذي لم تمسه جاهلية الفساد ولا طائفية المذاهب.
مرشحون طامحون لنيل المناصب السياسية مرة أخرى. هذه الخطابات التي
طرزتها كلمات المرشحين وعبارات الساسة المخضرمين هي رسائل محترقة
يرسلها ساسة العراق ومرشحيهم الى الجمهور العراقي عامة والى الناخب
خاصة.
وكلما قصرت مسافة الايام باتجاه صناديق الاقتراع كلما تصاعدت وتيرة
الحرب الكلامية بين اقطاب العملية السياسية في العراق، كما أرتفعت شدة
الاتهامات حيث وصلت الى أرفع المسؤولين السياسيين في الحكومة، وتحميل
بعضهم البعض مسؤولية فشل قيادة وإدارة الدولة في جميع مفاصلها خلال
السنوات الماضية. وتعليق فشلهم على شماعة الحكومة ورئيسها وهم شركاء في
تلك الحكومة وبناء الدولة العراقية الجديدة. وأن أغلب هؤلاء المتصارعين
هم بالامس كانوا حلفاء واليوم باتوا خصوم سياسيين. ويتجلى ذلك في
التصريحات والتراشقات النارية بينهم.
والحرب الكلامية تكشر عن أنياب الخلافات الخفية بين الخصوم
السياسيين, التي تركت بظلالها على الناخب في المشهد الانتخابي. وأن من
أهم وسائل تغذية تلك الصراعات والتشققات والتصدعات هو الاعلام المسيس
والمفبرك التي تقوم عليه بعض القنوات المؤدلجة, وتلك التراشقات
الكلامية الملتهبة من قبل ساسة العراق وزعماء الأحزاب ماهي إلا تشويه
للعمل السياسي الديمقراطي في العراق.
وهناك وسائل إعلامية تملكها كيانات وأحزاب سياسية تحاول تهشيم الطرف
الآخر والنيل من كل مقوماته المهنية والأخلاقية والسياسية, بطريقة شبه
أمية لاتمس للحياة الحضارية ولا لمبادئ الديمقراطية التي ترفعها تلك
القوى السياسية مصطلحاً في برامجها وشعاراتها, والسياسي الناضج هو الذي
ترفع وأبتعد عن الانزلاق في المشادات الكلامية مع الاخرين.
والمتابع لتصعيد الحروب الكلامية التي تحدث بين السياسيين في
المجتمعات الديمقراطية سوى في أمريكا أو في بريطانيا أو في فرنسا
تتناول البرامج السياسية والاقتصادية فقط التي يطرحها المتنافسون في
الانتخابات بدون تجريح أو تقريح الشخص أو النيل من تاريخه السياسي
والمهني. وهنا لاتوجد وجه للمقارنة بين تجربة ساسة الغرب بتجارب ساسة
العالم العربي, لان السياسي الناضج هو السياسي الذي يتمتع بأخلاقية
سياسية ومهنية عالية.
والحملات الانتخابية الناجحة هي الحملات التي تحتوي على مناظرات
سياسية بين المرشحين وطرح برامجهم أمام الناخب. وعلى الرغم من أن
المناظرات لاتحسم عادة السباق والنتائج إلا أن المناظرات أكثر تأثيرا
في الناخب لأنها تعدل الكثير من مسارات الحملات الانتخابية التي تبدو
أغلبها طوباوية وشعاراتية, فهي تعزز موقف طرف على طرف آخر.
والسجال والجدل بين المرشحين يكمن في البرنامج السياسي وليس في
تاريخ الشخص وفي توجهاته وممارسته لصلاحياته. وأن أغلب الساسة
المتصارعين هم مدانون أمام الشعب العراقي سوى تحت قبة البرلمان أو في
داخل أطار الحكومة العراقية, فمنهم متهم بالفساد ومنهم بدعم الارهاب
والآخر في تعطيل الكثير من القرارات تحت قبة البرلمان التي تهم المواطن
العراقي .
فالساسة القدماء يقفون اليوم أمام منصة الانتخابات والناخب هو
الوحيد بيده قرار الحكم . وفي يوم 7/3/2010 سوف تتساقط بعض الوجوه
والأسماء كما تتساقط أوراق الربيع.
والانتخابات البرلمانية تعبر خطوة مهمة نحو تجديد الديمقراطية في
العراق والإيمان المطلق بتداول السلطة. وعلى الرغم من المخاوف والهواجس
التي تسيطر على الشارع العراقي من نتائج الانتخابات وتداعياتها في
تأسيس الحكومة المقبلة. إلا أن النتائج الانتخابية لا تعكس ولاتعبر
بالضرورة عن طموح الشارع العراقي لأن الوجوه حتى وأن تغيرت والأسماء
وأن تبدلت تبقى الاحزاب والكيانات هي المسيطرة على نوابهم داخل
البرلمان والحكومة ولهم كلمة الفصل في النزاعات والاتفاقات وتسيير
القرارات.
ومهما كانت النتائج نبقى نتطلع الى برلمان حر لاتحكمه أجندات
سياسية يعبر عن ضمير الشعب العراقي ويحاكي شجونه.
www.najialghezi.com |