الصناعة النووية والمعادلات السياسية في الشرق الاوسط

التفريق بين توظيف الطاقة في خدمة او تدمير الانسان

 

شبكة النبأ: كانت ولا تزال الصناعة النووية تمثل مطمعا كبيرا لمختلف دول العالم لما تكتنفه تلك التقنية المتطورة من ثروات حيوية على اكثر من صعيد فضلا عن سلاح ردع مهاب في الحرب والسلم على حد سواء.

وتعد الطاقة النووية رغم صعوبة وتعقيدات انتاجها من اقل انواع الطاقات كلفة واكثر ديمومة مقارنة مع مصادر الطاقة الاخرى مثل النفط او الغاز او الفحم الحجري.

مؤخرا بدت تتجلى للعيان سعي العديد من دول الشرق المتوسط بشكل حثيث للحصول لامتلاك وتصنيع تقنيات الطاقة النووية، بشكل قد اثار الارتياب و هواجس الكثير من دول المجتمع الدولي، نظرا للملفات السياسية الشائكة والصراع العربي الاسرائيلي الايراني المتفاقم.

مستقبل الطاقة النووية

حيث تقول شركة لايتبريدج بولاية فرجينيا الامريكية ان الثوريوم وهو معدن متوافر بدرجة أكبر من اليورانيوم وان لم يكن معروفا بدرجة كبيرة قد يساعد على دفع الانبعاث النووي دون ان ينتج مواد تصلح لصنع أسلحة ضمن مخلفاته.

وقال سيث جراي الرئيس التنفيذي لشركة لايتربريدج في مقابلة مع رويترز ان قضبان الوقود التي تعتمد على ذلك المعدن لن تكون جاهزة للاستخدام التجاري قبل ثماني سنوات أخرى أو نحو ذلك لكن المادة ستكون أرخص وأكثر كفاءة وأقل ضررا من اليورانيوم.

وقال جراي "الوقود المعتمد على الثوريوم سينتج مخلفات أقل والاشعاع الناتج عن تلك المخلفات سيكون أقل وعلى مدى أبعد من الاشعاع الناتج عن الوقود المعتمد على اليورانيوم." وأضاف أن مخلفات الثوريوم الذي تنتجه لايتبريدج "لا يمكن أن يستخدم في انتاج قنبلة نووية." بحسب رويترز.

وتقدم الشركة التي تم تسجيلها في بورصة ناسداك في أكتوبر تشرين الاول الماضي المشورة في البرامج النووية القائمة والناشئة وتطور تكنولوجيا الوقود النووي المعتمدة على الثوريوم.

وقال جراي ان الثوريوم الذي تم اكتشافه في عام 1828 عنصر له نشاط اشعاعي طفيف ويحدث بصورة طبيعية وهو متوافر بكميات تعادل أربعة أمثال اليورانيوم المستخدم كوقود في معظم المفاعلات النووية.

وتتطلع الدول مرة أخرى الى الطاقة النووية على الرغم من مشكلاتها المتعلقة بالانتشار النووي والتخلص من المخلفات حيث يدفع الطلب المتزايد على الطاقة والمخاوف التي يثيرها التغير المناخي الدول الى البحث عن بدائل للوقود الاحفوري الذي ينبعث منها الكربون.

واستخدم الثوريوم كبديل لليورانيوم لانتاج وقود نووي في المفاعلات الصغيرة ومفاعلات الابحاث في الستينات والثمانينات. لكن الحكومة الامريكية لم تسع الى انتاج وقود يستند الى الثوريوم في بدايات البحوث النووية ويرجع سبب ذلك جزئيا الى أن اليورانيوم جرى تخصيبه لانتاج كل من وقود المفاعلات والأسلحة الذرية أثناء الحرب الباردة.

وقال جراي "تصميمات لايتبريدج للوقود المعتمد على الثوريوم ستكون أرخص بنسب تتراوح بين خمسة في المئة و25 في المئة عن الوقود النووي المعتمد على اليورانيوم. ويمكن أن يحل محل وقود اليورانيوم في المفاعلات الموجودة دون أي تعديلات."

وأضاف أن وقود الثوريوم "سيستمر لوقت أطول من وقود اليورانيوم بينما ينتج الكمية نفسها من الطاقة" رغم أن وقود الثوريوم سينتج عند درجات حرارة أقل من وقود اليورانيوم.

وأفاد الاتحاد النووي العالمي أن هناك 50 مفاعلا كانت قيد الانشاء في 13 دولة في سبتمبر أيلول وأن معظم المفاعلات تتركز في آسيا.

كذلك هناك خطط كبيرة لإنشاء وحدات كبيرة في كل من أوروبا وروسيا والولايات المتحدة. وتلقت لجنة الرقابة النووية الأمريكية التي تنظم صناعة الطاقة النووية في الولايات المتحدة أكثر من 25 طلبا لانشاء مفاعلات جديدة منذ عام 2007.

وأُنشئت شركة لايتبريدج في عام 1992 كشركة لانتاج الطاقة من الثوريوم لتطوير تصميمات للوقود النووي التي طورها الدكتور ألفين رادكوفسكي الاب المؤسس للصناعة النووية الامريكية الذي سعى الى قطع الصلة بين الاسلحة النووية والطاقة النووية.

وقال سكوت بورنيل المتحدث باسم لجنة الرقابة النووية الامريكية ان توليد الطاقة المعتمد على الثوريوم لا يزال في حاجة الى قدر من اليورانيوم لاطلاق التفاعل المتسلسل الاولي وأن الوقود المعتمد على الثوريوم المأمول سيتطلب موافقة من لجنة الرقابة النووية قبل استخدامه في مفاعلات الطاقة التجارية.

وقال فليكس كيلار وهو مدير كبير مسؤول عن أصحاب تراخيص امداد الوقود والمواد في معهد الطاقة النووية وهو المجموعة التجارية لصناعة الطاقة النووية " الثوريوم... الذي له مزايا ومساوىء... ينطوي على قدر كبير من الامكانيات ولكن يجب اكمال تطويره والترخيص والتطبيق التجاري قبل ساتخدامه كبديل للوقود الحالي المعتمد على اليورانيوم."

وتتوقع لايتبريدج أن تكون قضبان الوقود المعتمد على الثوريوم التي تنتجها جاهزة للاستخدام على نطاق واسع في المفاعلات التجارية بحلول عام 2017. وتعتزم الشركة انتاج قضبان وقود كاملة الحجم في روسيا في عام 2010 واختبار تلك القضبان في مفاعلات الابحاث ومنشات أخرى قبل اختبارها في مفاعلات تجارية كاملة فيما بين 2012 و2013 .

وتدرس عدة دول بعضها لديه احتياطيات كبيرة برامج نووية تعتمد على الثوريوم من بينها الولايات المتحدة وفرنسا واليابان والنرويج وروسيا.

وقالت وكالة المسح الجيولوجي الامريكية انه لدى كل من الهند التي تباشر بنشاط برنامجا للثوريوم واستراليا حوالي 25 في المئة من احتياطيات العالم من الثوريوم حيث يوجد في كل منهما حوالي 300 ألف طن متري.

كارثة نووية

من جانب آخر وفقاً لتحذيرات خبير جيولوجي أردني، من المتوقع أن يضرب زلزال كبير منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً في منطقة الأغوار، التي تشكل امتداداً للصدع العظيم، وهي منطقة يعرف عنها أنها منطقة زلازل نشطة.

الأمر الجديد في الموضوع أن مفاعل "ديمونة" النووي الإسرائيلي والمفاعل النووي الأردني المزمع إنشاؤه، يقعان في منطقة الزلزال، ما يثير مخاوف من وقوع كارثة نووية حقيقية شبيه بكارثة تشرنوبل - في مقاطعة كييف بأوكرانيا حالياً (الاتحاد السوفيتي سابقاً) - في إبريل/نيسان عام 1986. بحسب (CNN).

وحذر كمال جريسات، الخبير الجيولوجي الأردني من زلزال يتوقع أن يضرب المنطقة قريباً، موضحاً أن دورته بين 70 و100 عام، مشيراً إلى أن إسرائيل أخذت تستعد له بإجراء تدريبات هي الأكبر من نوعها للتعامل معه.

وقال جريسات، وهو مدير سلطة المصادر الطبيعية الأردني الأسبق، إن الحكومة لم تأخذ بتحذيراته، مبيناً أنه طلب حين كان في منصبه من وزير الطاقة الأردني آنذاك، المهندس علي أبو الراغب، رصد مبلغ خمسة ملايين دينار لوضع خطة استعداد لمواجهة الزلزال المتوقع.

وانتقد المسؤول الأردني السابق، ما قال إنه "خطأ كبير في اختيار موقع إقامة المفاعل النووي الأردني في وادي عربة على اعتبار أنه يقع على خط وقوع الزلزال"، كما لم يستبعد أن يؤثر الزلزال على مفاعل ديمونة الإسرائيلي، ما يشكل خطورة أيضاً على الأردن.

كذلك حذر جريسات، في تصريح صحفي نقلته وكالات أنباء عربية وصحيفة "الحقيقة الدولية"، من أن الزلزال المتوقع حدوثه يشكل خطورة على سد الكرامة الذي "أقيم في موقع لا يصلح."

وبين أن للزلازل دورات تكرر نفسها كل فترة، مشيراً إلى أن زلزالاً وقع في العام 1927 في موقع سد الكرامة حالياً، وأن دورته من 75 إلى 100 سنة.

وطالب جريسات الحكومة بالاستعداد للزلزال القادم، منوها إلى قيامه بمطالبة وزارة المالية بموازنة لوضع خطة لمواجهة الزلزال.

وحول استعدادات إسرائيل للزلزال، قال إنها "ليست من فراغ"، مضيفاً أن الإسرائيليين يتصرفون بعلم، "الأمر الذي يوجب الحذر والاستعداد باعتبار أن تكرار الزلزال لدورته أمر طبيعي"، لافتا إلى الزلزال الذي وقع في العام 94 وكان تأثيره الأكبر على العقبة.

وقال إن اختيار موقع سد الكرامة "كان سيئاً للغاية حيث يقع في فالق رئيسي يتقاطع مع فالق آخر ما يعظم من تأثير أي زلزال قد يقع على تلك المنطقة والمحيطة والقريبة منها"، لافتاً إلى أن "سد الكرامة بني على أضعف نقطة وعلى طبقات لم تتعرض للضغط."

برنامج إسرائيل السري

في السياق ذاته تتجه أنظار العالم والمجتمع الدولي إلى إيران عندما يرتبط الأمر بالبرنامج النووي، إلا أن إسرائيل، التي تعتبر من أكبر مطوري الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، لا تستجيب بالمطالبات الدولية لتفتيش مفاعل ديمونة. بحسب (CNN).

فالدولة العبرية، لا تفصح عن مواقع غواصاتها النووية أو قدراتها، وتفرض تعتيماً شديداً على برنامجها النووي، ولم تؤكد أو تنفي مطلقاً امتلاكها لأسلحة نووية.

وقال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز الأسبوع الماضي "لطالما أكدنا في إسرائيل أننا لن نطور أسلحة نووية، كما أننا لم نجر أي اختبار نووي، ونحن صريحون في هذا الموضوع." وبالمقابل هناك العديد من الأصوات المعارضة للرواية الإسرائيلية دوليا.

إذ يقول جيرالد ستينبيرغ، من جامعة بارلان "جميعنا يعلم أن لدى إسرائيل مفاعلا نوويا في ديمونة، يعمل منذ ستينيات القرن الماضي، فإذا افترضنا أن هذا المفاعل ينتج عشر قنابل سنويا، فهذا يعني أن هناك نحو 200 قنبلة نووية اليوم."

وحول أسباب مثل هذه التصرفات الإسرائيلية، يقول ستينبيرغ: "لطالما كانت إسرائيل تخشى التهديد الخارجي، وبالتالي فهي بحاجة إلى وسيلة لردع العالم عن مهاجمتها."

يذكر أن السر الإسرائيلي انكشف مرة واحدة في التاريخ، وذلك عام 1986 عندما سرب العالم النووي مورداخاي فعنونو لصحيفة بريطانية معلومات وصور حول مفاعل ديمونة.

ووهذا الشهر اعترضت مقاتلات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي طائرة خفيفة إثر انتهاكها المجال الجوي لمفاعل "ديمونة" في صحراء النقب، بعدما ضل قائدها طريقه، واتصل لاسلكياً ووجهت له أوامر بالهبوط في مدينة "آراد."

وجاء الحادث بعد نشر صحيفة "واشنطن تايمز" أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، جدد التزامه بسياسة إدارات واشنطن السابقة بالحفاظ على سرية البرنامج النووي الإسرائيلي وعدم إلزام الدولة العبرية بتوقيع معاهدة الحد من نشر النووي.

ونقلت الصحيفة "أن أوباما جدد الالتزام القائم منذ أربعة عقود كتابة خلال اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض في مايو/أيار.

وبموجب التفاهم القائم بين واشنطن وتل أبيب منذ 1969، تمتنع الولايات المتحدة عن الضغط على إسرائيل للكشف عن ترسانتها النووية أو لتوقيع معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، ما يعني خفض ترسانة الدولة العبرية بعدة مئات من القنابل النووية، حسب التقرير.

وينص التفاهم على "أن تقبل الولايات المتحدة بالتستر على البرنامج النووي الإسرائيلي، طالما فرضت الدولة الإسرائيلية نطاقاً من السرية التامة على قدراتها النووية وعدم إجراء أي تجارب نووية."

تعاون النووي امريكي مع الامارات

 على صعيد متصل وقعت الولايات المتحدة رسميا اتفاقا للتعاون النووي المدني مع الامارات العربية المتحدة وأشادت به بوصفه "نموذجا جديدا" قد يساعد في الحيلولة دون انتشار التكنولوجيا النووية الخطيرة.

وقالت ايلين تاوشر وكيلة وزارة الخارجية لشؤون الحد من الاسلحة في حفل التوقيع "هذا نموذج جديد لمنطقة الشرق الاوسط والولايات المتحدة ترحب بقرار الامارات وتشيد به."

وكان الرئيس باراك اوباما وافق على الاتفاق في مايو ايار وارسله الى الكونجرس للمراجعة خلال فترة 90 يوما. بحسب رويترز.

ويمكن ان يتيح الاتفاق صفقات بقيمة مليارات الدولارات لشركتي جنرال الكتريك ووستنجهاوس الكتريك وهي فرع لشركة توشيبا كورب.

وقالت تاوشر ان الاتفاق يعبر عن التزام مشترك "بأعلى معايير السلامة والامن ومنع الانتشار النووي."

وبموجب الاتفاق ستستورد الامارات الوقود النووي بدلا من السعي لاكتساب قدرات لتخصيب اليورانيوم ومعالجته.

ولاحظت تاوشر ايضا ان الامارات "شريك ثمين" في جهود الولايات المتحدة لمنع ايران من اكتساب قدرات لانتاج اسلحة نووية.

وكانت حكومة الرئيس السابق جورج بوش وقعت الاتفاق مع الامارات قبل أيام من تركه منصبه في يناير كانون الثاني.

والامارات هي ثالث أكبر مصدر للنفط في العالم لكنها تعتزم بناء عدد من المفاعلات النووية لتلبية الحاجة المتوقعة الى 40 الف ميجاوات اضافية.

ووافق اوباما على الاتفاق بعد ان خلصت مراجعة للامن القومي الى انه لن يشكل "خطرا غير معقول" على الولايات المتحدة.

ومع ان بعض المشرعين اثار مخاوف بشأن الصلات التجارية الوثيقة للامارات مع ايران فانه لم تكن هناك مجاولة في مجلس النواب او مجلس الشيوخ الامريكي للتصويت لعرقلة الاتفاق.

وتؤكد حكومة اوباما ان الاتفاق يتضمن تعهدات لم يسبقها مثيل تضمن الا تستخدم الامارات التكنولوجيا الامريكية في السعي لاكتساب سلاح نووي او مساعدة اخرين في المنطقة في عمل ذلك.

ويأتي الاتفاق في وقت تزايدت فيه المخاوف بشان البرنامج النووي لايران وجعلت مجلس النواب على فرض عقوبات جديدة على طهران. ومن المحتمل ان يوافق مجلس الشيوخ على مشروع قانون مماثل ولكن لم يتضح متى سيفعل ذلك.

تخصيب اليورانيوم و القنبلة نووية

ومع تزايد اهتمام العالم بالتجارب النووية الإيرانية، ينتقل تعبير "تخصيب اليورانيوم،" من قائمة المصطلحات العلمية، إلى قاموس المفردات السياسية، مع تطور قلق الدول الغربية من إمكانية حيازة طهران لسلاح نووي.

لكن ما هو اليورانيوم، وماذا يعني تخصيبه؟ وهل تقود عملية التخصيب تلك بمستويات معنية إلى تصنيع وإنتاج قنبلة نووية، تبرر قلق الدول الغربية من طموح الجمهورية الإسلامية النووي؟

فعملية التخصيب في حد ذاتها، هي عبارة عن عدة إجراءات كيميائية معقدة، للخروج بعنصر ما أكثر إشباعا وتركيزا. فعزل نظائر معينة من اليورانيوم الطبيعي الموجود في الأرض، يؤدي للحصول على يورانيوم مخصب، أي أكثر إشباعا. بحسب (CNN).

وتم تخصيب اليورانيوم للمرة الأولى في الولايات المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية، إذ بنيت ثلاثة مفاعلات نووية في أوهايو وتينيسي وكنتاكي، علما أنها (الحكومة الأمريكية) تمتلك الآن يورانيوم مخصب من النوع العالي الخصوبة بنسبة 90 في المائة.

وعملية التخصيب معقدة ومكلفة، إذ أن النظائر التي يراد إزالتها من اليورانيوم شبيهة جدا بالنظائر المرغوبة.

وتتم عملية التخصيب باستخدام الحرارة عبر سائل أو غاز، وهناك طرق أخرى أكثر تعقيدا كاستعمال الليزر أو الأشعة الكهرومغناطيسية، وفقا للمعهد البريطاني للنظائر.

وبحسب المعهد، فإن هناك ثلاثة مستويات من اليورانيوم المخصب، الأول اليورانيوم ذو الخصوبة العالية، ويحتوي على 20 في المائة من عنصر يورانيوم 235، والثاني ذو الخصوبة المنخفضة، ويحتوي على اقل من 20 في المائة، أما الثالث فهو يورانيوم ذو خصوبة محدودة، ويحتوي على 0.9 في المائة من العنصر ذاته.

ووفقا لأبحاث المعهد البريطاني، فإن عملية التخصيب لا تشكل بحد ذاتها عاملا في تحديد الاستخدامات السلمية أو غير السلمية لأي برنامج نووي، وإنما نسبة التخصيب، التي إن كانت عالية، فإن العنصر المخصب يصلح استخدامه كوقود نووي أو في صنع قلب القنبلة النووية.

ولكي تحصل على طاقة كهربائية من عنصر اليورانيوم، فإن عليك زيادة تركيزه أو "تخصيبه" بنسبة تتراوح بين ثلاثة وخمسة في المائة، أما الحصول على ما يعرف باليورانيوم النقي المثالي لإنتاج قنبلة نووية، فيلزم معه التخصيب بنسبة 80 في المائة.

ومع إعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن بلاده بإمكانها تخصيب اليورانيوم إلى درجات نقاء تزيد على 80 بالمائة، تتزايد مخاوف الدول الغربية، آخذين بعين الاعتبار أن هذه هي المستويات المطلوبة لإنتاج القنابل النووية.

ومخاوف العالم نابعة من أن الصعوبة في عملية التخصيب تتمثل في الوصول إلى نسبة 3.5 في المائة من نوع "اليورانيوم المخصب 235"، لكن بعد ذلك تصبح عملية زيادة النقاء إلى 20 أو 80 في المائة سهلة، وهو ما وصلت له إيران بالفعل.

لكن التحدي الرئيسي أمام أي دولة تريد صناعة قنبلة نووية، هو معرفة تحول اليورانيوم عالي النقاء إلى سلاح نووي، وهي تقنية متقدمة جدا، يشك كثير من الخبراء في امتلاك طهران لها، لكنهم لا يستبعدون حصولها عليها في غضون 3 إلى 4 سنوات، بعد الانتهاء من التخصيب.

أدلة نووية متناهية الصغير

الى ذلك قد لا يبدو خليط من المباني البيضاء والرمادية القابعة وسط حقول خارج فيينا مكانا مناسبا لمعامل قد تكشف النقاب عن أنشطة نووية غير مشروعة.

ولكنها المكان الذي يقوم فيه خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتكبير وتحليل مئات العينات التي تؤخذ من مواقع نووية في مختلف أرجاء العالم كل عام للتحقق مما اذا كانت الانشطة سلمية عن طريق فحص دلائل مهما كانت صغيرة قد تشير الى أنشطة نووية غير معلنة.

وقال دبلوماسي مقرب من الوكالة التابعة للامم المتحدة انها تتوقع أن يتمكن خبراؤها من العودة بمثل هذه العينات من أولى زياراتهم لموقع مزمع تشغيله لتخصيب اليورانيوم في مدينة قم الايرانية يوم 25 أكتوبر تشرين الاول الجاري. بحسب رويترز.

وتقول ايران ان المنشأة التي تمكنت من اخفائها حتى الشهر الماضي تهدف الى تخصيب اليورانيوم لغرض توليد الكهرباء فقط وانه لم يتم بعد ادخال أي مواد نووية الى الموقع.

وتشتبه قوى غربية في أن برنامج ايران النووي ستار يخفي مساع لتطوير سلاح نووي وشكك بعض الدبلوماسيين في تأخير لمدة شهر قبل فتح الموقع خوفا من أن تكون هذه الفترة قد استخدمت في اخفاء أدلة.

ومجمع الوكالة في سيبرسدورف الذي تمدد منذ عام 1962 ليصبح مثل حرم جامعي بالقرب من فيينا قد يساعد في ايجاد رد على ذلك.

واكتسبت سيبرسدورف دورا كبيرا في مجال التحقق في تسعينات القرن الماضي بعد حرب الخليج الاولى عندما منحت الوكالة سلطات أوسع لرصد انشطة نووية سرية في أعقاب اكتشاف برنامج نووي سري في العراق.

ويقول المسؤولون ان تجربتهم في العراق ساعدتهم على شحذ خبراتهم التكنولوجية في رصد الانشطة النووية السرية فضلا عن الفصل في المناظرات السياسية.

وقال ديفيد دونوهو مدير وحدة الوكالة الذي كان يرتدي خفا منزليا قطنيا حتى لا يلوث الغبار على حذائه معمله النظيف "العنصر الرئيسي (في العراق) كان العينات. أيا كان ما يقوله الناس فالعينات لا تكذب. الحقيقة ستظهر."

وهنا يفحص العلماء الذين يرتدون حللا تغطيهم من قمة الرأس الى اخمص القدمين عينات الغبار تحت المجاهر بحثا عن جزيئات صغيرة قد يصل حجمها الى تريليون من الجرام يمكن أن تساعد في ان تتحقق الوكالة مما اذا كانت الدولة العضو تكشف عن برنامجها النووي بالكامل.

والى جانب مواد أخرى يبحث فريق المحللين في سيبرسدورف الذي يضم 42 خبيرا عن اثار يورانيوم أو بلوتونيوم مخصب الى درجة عالية من النقاء تشكل اساس صنع قنبلة ذرية.

ولضمان حيادية تقييم الادلة لا يبلغ فريق العمل في سيبرسدورف بمصدر العينات ولا يميزها سوى كبار المسؤولين الذين يعدون التقارير في مقر الوكالة في فيينا.

وترسل الوكالة العينات لمعامل أخرى في مختلف ارجاء العالم لمزيد من الفحوص للحصول على "رأي اخر". ويمكنها مقارنة النتائج بأرشيف يضم عينات من أكثر من عشر سنوات لمعرفة ما اذا كانت هناك صلات خفية بين مواقع ودول.

وأغلب العينات التي أخذت اثناء عمليات تفتيش متفق عليها مع الدول الاعضاء لم تظهر سوى انشطة معلنة.

ويمكن للوكالة رصد دلائل عما اذا كانت دولة ما قد عملت جاهدة على اخفاء اثار. وقبل زيارة مفتشي الوكالة في عام 2003 قالت ايران انه لم يتم ادخال أي مواد نووية الى منشأة توليد كهرباء في طهران.

لكن الوكالة تمكنت من رصد اثار يورانيوم عالي التخصيب في عينات أخذت من الموقع على الرغم من أن ايران منعت أخذ عينات لعدة اشهر واستخدمت هذه الفترة في ازالة معدات وتجديد أجزاء من المنشأة.

وخلصت الوكالة الى أن ايران اتخذت خطوات لاخفاء مصدر ونطاق برنامجها لتخصيب اليورانيوم. واعترفت ايران في وقت لاحق بأنها اختبرت أجهزة طرد مركزي في الموقع باستخدام كميات ضئيلة من اليورانيوم عالي التخصيب.

وقال دونوهو "الغبار في كل مكان. في شقوق بالارضيات لا يمكن تنظيفها. وأيا كان المجهود الذي يبذل في التنظيف لا يمكن ازالة الاثار نهائيا."

وتستخدم الوكالة كذلك التصوير بالاقمار الصناعية ومراقبة بالفيديو للمواقع لرصد الانشطة ومعرفة ما اذا كان يمكن نقل مواد نووية من منشات معلنة.

لكن محمد البرادعي رئيس الوكالة يقول ان معامل سيبرسدورف تقادمت وتعاني من نقص التمويل وكان قد انتقد في يونيو حزيران الماضي احجام الدول عن زيادة ميزانية الوكالة.

وقال البرادعي لمجلس محافظي الوكالة "يمكن للوكالة ان تواصل جهدها مع تزايد القيود وتصاعد المخاطر وهي تشهد تراجع جودة خدمتها."

وأضاف "أو يمكنها اذا توافر التمويل الكافي تقديم اسهام فعال لمنع الانتشار النووي وتحقيق الامن النووي ومكافحة الفقر والجوع والمرض."

ويضم مجمع سيبرسدورف كذلك مليارات الذبابات التي تمت تربيتها في المكان في اطار برنامج للتحكم في الامراض. وتزرع فيه نباتات مقاومة للامراض ويساعد في تدريب عشرات العلماء سنويا. لكن التمويل محدود للغاية.

وبعد شهور من المناقشات وافق مجلس الوكالة الذي يضم 35 دولة في أغسطس اب على زيادة الميزانية الاساسية للوكالة بنسبة 5.4 بالمئة الى 2 ر318 مليون دولار في عام 2010 أي أقل من زيادة بنسبة 11 بالمئة سعى البرادعي للحصول عليها لكنها الزيادة الاولى بعد سنوات من عدم النمو.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 25/شباط/2010 - 10/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م