مقالنا السابق والذي جاء تحت عنوان (علماء الأزهر معترضون) كان
تعقيبا على الخبر الذي نشرته صحيفة روزاليوسف، بيد أن الأمر لم ينتهي
فقد نشرت صحف أخرى خبرا مشابها آخر منها خبر بعنوان " اجتماع عاصف فى
مشيخة الأزهر لإجبار طنطاوى على محاربة المد الشيعي ".
والخبر نشرته صحيفة الفجر المصرية فى العدد " 240" السنة الخامسة
بتاريخ الاثنين 15/2/2010 وملخص الخبر كالتالي " شهدت مشيخة الأزهر
مساء الاثنين الماضي اجتماعا عاصفا " – [أيوة الله عاصفا تصور ]- "
بسبب ما أعلنه أحمد راسم النفيس عن نيته إنشاء مركز دراسات شيعية ".
ولا اعلم يعنى أية عن "نيته" هل قاموا بتحليل فصيلة دم سعادة احمد بك
واكتشفوا أن كرات دمه تجمل نية إنشاء مركز أم الموضوع متعلق بتحليل
الشفرة الوراثية أو الحمض النووي له أم اكتشفوا نيته عن طريق احد دجالي
تفسير الأحلام، ولا يخفى على ذهنية القارئ اللبيب الفرق بين كلمة عزمه
ونيته، وهذا إن كان هؤلاء يعرفون ماذا يعنى التحرير الصحفي.
الحاصل أن الاجتماع " وكما يقول الخبر " استمر أربع ساعات،ولم يهتم
كبار المشايخ بالحالة الصحية لشيخ الأزهر" وهذا هو النص الحرفي " يعنى
الرجل – فضيلة شيخ الجامع الأزهر – كان مريضا أو فى حالة صحية غير جيدة
– نسأل الله تعالى له الصحة – والأمر لم يتوقف على المشايخ الحضور،
ولكن وكما يقول الخبر، فإن عددا من أعضاء مجمع البحوث الإسلامية قد
اتصلوا هاتفيا بمحمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر وطلبوا منه ضرورة إيضاح
موقف الأزهر الرافض لوجود هذا المركز [ وإذا كانوا رفضين لماذا يجتمعوا
!!].
ويذكر الخبر بان المتحدثين مع شيخ الأزهر كانوا هم : طنطاوى على
عبدالباقى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، ورأفت عثمان ومصطفى
الشكعة و عمرو الديب وكيل الأزهر السابق،ومحمد عبد العزيز الوكيل
الحالي، والخبر يقول إن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر لم يعلق بكلمة
واحد على الموضوع أو غضبة معركة " معركة المد الشيعي "، وللأمانة فإن
سياق الخبر هو نفس الخبر الذي نشرته الصحيفة سابقة الذكر وبالتالي فان
الخبر المنشور فى " الفجر" فى طوله وعرضه مأخوذ من الصحيفة السابقة،
وأما ما صرح به محمود عاشور الوكيل الأسبق لإسلام أون لاين نت يوم
الأحد 7/2/2010، والذي يعتبر وجود مركز شيعيا فى مصر "نوع من التهريج"
لماذا يا فضيلة الشيخ وجود المركز نوع من أنواع التهريج يقول: لان
الأزهر يحتكر تدريس التشيع ولا يجب أن يدخل حلبة التنافس معه أي أحد
حتى لا تكون فتنة (!!)
فهذا الفهلوان الذي يشغل منصب رئيس دار التقريب بمصر قد أصابه
العمى والبله فهو لا يرى فى عشرات المراكز الوهابية التي تدرس السنة
وتنافس المؤسسة التي كان وكيلا لها اى نوع من أنواع التهريج ولا الفتنة
و لم يرى عشرات (المكفرتية) الذين يخرجون على الناس صباح مساء يكفرونهم
هم وأجدادهم ويدعون كذبا وزورا أنهم يمثلون أهل السنة والجماعة،حسنا،
فإذا كان الأمر يتعلق كما تقولون بالسنة الذي انتم ممثلون لها تسمحون
لمن شاء أن يقول ما شاء وفق أرادتكم فمالكم ولمذاهب الآخرين أم انتم يا
فضيلة الوكيل الأسبق ورئيس دار التقريب أحد وكلاء الله فى الأرض (؟!!)
وفخامة الوكيل الأسبق يرفض المركز من موقع وحيثيات متعددة ومن هذه
الحيثيات بعد حيثية الفتنة وبعد حيثية أن الأزهر يقوم بالتدريس، يطرح
حيثية جديدة وهى أنهم محبون بفطرتهم لآل البيت (ع)، بدون شطط أو تعنت،
وأظنه يشير إلى الشيعة الذين أكرموه أكثر مما أكرمه قومه وخاصته بأنهم
هم أهل التعنت والشطط، فهل الحب والولاء وكون الشيعة لا يعدلون بيت
النبوة أحد نوع من الشطط، أم الشطط هو أن أساوى بينهم وبين أحد، فضلا
عن تقديم كل من هب ودب عليهم سلام الله عليهم.
وجاء بعد وكيل الأسبق السيدة أمينة نصير التي منحت هي الأخرى لقب
وكيل الله فى الأرض، حيث رفضت هي الأخرى تدريس التشيع ليس فى مصر وحدها
بل فى أي دولة سنية لان ذلك وكما تقول سماحتها" تأصيل لإيديولوجية
شيعية"، فهل تكرمت علينا سماحتها وكل السماحات الأزهرية الوهابية أن
يقدموا لنا "قائمة" بما يسمحون به ومالا يسمحون (!!)
ولعل سماحتهم جميعا عبد العزيز كامل ومصطفى الشكعة عمرو الديب
وعثمان رأفت ومحمود عاشور وأمينة نصير.....، أرادوا أن يغطوا على فضيحة
شركائهم وأصدقائهم وحلفائهم فى جمعية أنصار السنة المحمدية (المحمدية
هنا ونؤكد ليست نسبة للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم إنما نسبة إلى
محمد بن عبد الوهاب) والتي توالت فضائحهم على صفحات الصحف منذ أسبوعين
حينما اندلعت معركة تتطاير فيها الرقاب جراء الصراع القديم الجديد على
الأموال وكما تقول روزاليوسف فى عددها (1347) الصادر فى 2/12/2009 :"علي
مدار الأسبوعين الماضيين شهدت جماعة أنصار السنة المحمدية صراعا شديدا
بين الأعضاء وصل حد تبادل الشتائم والألفاظ الخادشة، لأكثر من سبب،
كانت "كعكة التمويل الوارد من السعودية" هي العامل المشترك فيها جميعا،
وإن اختلفت تفاصيل ومسببات الصراعات، من جانبها روزاليوسف التقت جمال
قاسم مسئول العلاقات العامة للمساجد والفروع وأحد أبرز أطراف الصراع
لتوضيح أبعاد هذه الخلافات".
فالحديث هنا عن مئات الفروع وممتلكات وأراضى زراعية وأرصدة بنوك
ومضاربات فى البورصة فحجم الكعكة يسمح بان يقوموا هؤلاء بتقسيم أنفسهم
مجموعات وجماعات يتصارعون ويتقاتلون بشرط ألا يعرف احد ماذا يدور
ولماذا، وليس هناك من احد يمكن أن يقدموه كبش فداء لعمالتهم ولصوصيتهم
جميعا سوء " الشيعة " و " احمد راسم النفيس" وكاتب هذه السطور وآخرين
من الرافضة.
المهم أن هؤلاء وغيرهم العجزة والمعاقين ذهنيا لا يرون فى أحداث
الفتنة الطائفية التي تضرب مصر كل يوم أدنى خطر، ولا يستطيع احد أن
ينكر أن هذه الأحداث تقف ورائها هذه العقلية الأصولية التكفيرية
الاستعلائية التي تسرح وتمرح فى بر مصر منذ سبعينات القرن الماضي.
وأقول إن الذين يحاولون أن يحشدوا الطاقات والعلماء والمؤسسات
لمحاربة التشيع كطوق نجاة لهم أو تغطية على جرائمهم فى حق المصريين
والعرب والمسلمين بل والإنسانية جميعا هم واهمين، لعدة أسباب أهمها إن
الذين قاموا بنشر التشيع هم أولئك السفهاء التكفيريين الأصوليين الذين
قالوا وصرخوا طوال ثلاثة أو أربعة عقود بأنهم سوف يأكلون عسلا ولبنا،
فإذا بالناس تأكل حنظلا ومرا وعلقما، هم بشروا الناس بالأمن والعدل
والنتيجة فوضى وطائفية واقتتال فيما بينهم على اقل الأسباب، هم من بدأ
الحرب الاستباقية على الشيعة باعتبارهم كفار ومشركين وفاشلين ومتحالفين
مع الغرب والصهيونية،فإذا بهم هم الفاشلين والمنحطين وعملاء كل النظم
الاستعمارية والاستيطانية والفاشستية،و إذا بالشيعة يحصدون النجاح
والأمن والرخاء ويوقعون بالأعداء شر الهزائم..كل هذا كان دافعا للناس
حتى تبحث وتقرأ وتتعرف على التشيع.
أيها السادة إن المتشيعين المصريين – فى الغالب – خارج سوق العمل
لان اغلبهم محاصر من أجهزة السلطة ومن التكفيريين القتلة، ومن الأزهر
ذاته،وحتى إن ذهب يبحث عن لقمة عيش شريفة لا يسمح له أن يغادر، فضلا
عما يتعرض له كتابهم ومفكريهم من حصار أمنى ومطاردة، فى الوقت الذي
يسرح ويمرح المجرمين.
المتشيعون المصريون أيها السادة لا يملك الرجل منهم أن يعول نفسه
بالكاد يفعل.... وهم يتهمونهم بالتمويل فحدثونا من أين هذا التمويل
والحال كما نرى ونسمع ونعيش، فكل يوم يفتتح الوهابيين مقرا جديدا
ومسجدا جامعا جديدا وفضائحهم على تقسيم الدعم ملء السمع والبصر ومن
يريد أن يتحقق فليتابع على سبيل المثال ما ينشر من وثائق فضيحة التمويل
الوهابي فى مصر، والسلطة وأجهزتها تعلم من يعمل مستأجرا ومن يدافع عن
وجوده واعتقاده ومجتمعه وأمته من يدافع عن الحق والعدل والحرية من دمه
وعرقه وقوت أولاده.
أيها العابثون بأمن مصر وأمن الأمة كفى جرائم...
أيها العلماء و الشرفاء أرجوكم اخرجوا عن صمتكم....
* مدير مركز النور للدراسات الإنمائية |