المرأة المصرية: آفاق التطور ومعضلة تحصيل الحقوق

 

شبكة النبأ: في وقت يواجه فيه الشارع المصري ظاهرة التحرش الجنسي بصورة لافتة، في ظل غياب تشريعي، أعلن وزير العدل المصري، عن تعديلات وشيكة سيتم إدخالها على قانون العقوبات في البلاد.

وتأتي التعديلات الجديدة لمواجهة انتشار جرائم العنف الجنسي، وتتضمن تغليظ عقوبة جريمة الاغتصاب لتصل إلى الإعدام، والسجن المشدد عند خطف الأطفال، وإذا ارتبطت الجريمة بالاعتداء الجنسي تصل العقوبة إلى الإعدام أيضا، كما تم تغليظ عقوبة التحرش الجنسي للحبس سنتين، بدلا من سنة حتى لو تمت بالتليفون أو المحمول أو الإنترنت.

ومن جهة أخرى ويشير البعض إلى أن موجة تدرُّب النساء في مصر على فنون الدفاع عن النفس، قد يفيدهن بمواجهة التحرشات الجنسية، حيث يشير إحصاء أعده المركز المصري لحقوق المرأة إلى أن 83 في المائة من المصريات تعرضن للتحرش في البلاد، بينما بلغت النسبة 98 في المائة لدى السائحات الأجنبيات.

فيما تدرُس محافظة القاهرة تنفيذ مشروع تاكسي السيدات، على غرار عربة السيدات بمترو الأنفاق. حيث نقلت صحيفة الشروق الجديد، أن شركة كايرو كاب المسئولة عن مشروع "تاكسي العاصمة" عرضت الفكرة وتتم دراستها في الوقت الحالي، وسيتم وضع شرط تولي سيدة قيادة هذه السيارات المخصصة للنساء. كما سيتم تخصيص لون محدد للتاكسي الجديد بحيث يعرف المارة أنه مخصص للسيدات فقط، ولا يسمح لرجال بركوبه.

مواد جديدة لقانون العقوبات

ووافقت وزارة العدل المصرية على مشروع قانون تقدمت به النائبة جورجيت قلينى بإضافة 3 مواد إلى قانون العقوبات تتصدى لظاهرة التحرش الجنسي. وأعلن المستشار أحمد شريف عضو لجنة التشريع بالوزارة أمام اجتماع لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب الثلاثاء برئاسة المستشار محمد جويلى رئيس اللجنة أن الاقتراح المقدم من النائبة مطابق للدستور.

وقال شريف إن جريمة التحرش المطلوب إضافتها لقانون العقوبات تختلف عن جريمة هتك العرض. وتتضمن التعديلات توقيع عقوبة الحبس لمدة سنة وغرامة لا تجاوز 200 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين على كل من تحرش بغيره من الجنس الآخر دون إرادته سواء وقع التحرش باللمس أو الملاحظة اللفظية أو عبر التليفونات الثابتة أو المحمولة أو الاتصالات الالكترونية "الانترنت".

وتسرى العقوبة على المتهم في حالة ثبوت تلفظه بعبارات أو تلميحات أو ارتكابه ما يمثل صورا خادشة للحياء. كما يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن سنتين وغرامة لاتقل عن خمسة ألاف جنيه كل من تحرش بطفل أو وقع التحرش ممن له سلطة على المتحرش به أو وقع من الأصول أو من الفروع. وتزيد العقوبة إلى الحبس لمدة لاتقل عن ثلاث سنوات إذا وقع التحرش من أكثر من شخص أو إذا كان المجني عليه معاقا ذهنيا أو بدنيا أو مريضا نفسيا.

من جانبها، قالت النائبة جورجيت قلينى إن الشارع المصري أفرز نوعا من الجرائم الموجهة ضد المرأة ولم يرد لها توصيف واضح في قانون العقوبات وأن التقدم التكنولوجي ساهم في وجود وسائل جديدة أدت إلى وقوع جريمة التحرش الجنسي ولا يوجد لها عقوبات لذلك تقدمت بتلك التعديلات.

وطالبت قلينى بضرورة مواكبة المجتمع لهذه التطورات والتصدي لمثل هذه الجرائم لردع من يحاولون زعزعة أمن المواطن سواء كان امرأة أو طفلا. وعقب موافقة اللجنة على تلك التعديلات أعلن المستشار محمد جويلى إحالتها إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لمناقشتها من حيث الموضوع وإعداد تقرير عنها يعرض على المجلس فى جلساته القادمة. بحسب أش أ.

كما وافقت اللجنة على الاقتراح بمشروع قانون المقدم من النائب المستقل سعد الحسيني بتعديل قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية والذي يقضى برفع عقوبة الاحتكار إلى مليار جنيه أو 15% من قيمة مبيعات المنتج محل المخالفة ومضاعفة الغرامة في حال العودة بدلا من الغرامة المالية التي لاتقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز 300 مليون جنيه. ويقضى التعديل بإعفاء المبلغ عن جريمة الاحتكار حال تقديمه الدليل على ارتكابها قبل علم جهة الاختصاص وكان القانون الحالي يعفيه من نصف الغرامة المالية المفروضة على المحتكر.

لماذا لا يجّرم القانون المصري المتحرش جنسياً؟

واعتبر مراقبون أن جرائم التحرش تحدث في كل مكان بالعالم بشكل عام، غير أن المرأة العربية تتسم بخصوصية معينة، في ظل تمييز يقع عليها مجتمعياً، سواء في الشارع أو المدرسة أو العمل، مرجعين ذلك إلى العادات الثقافية والاجتماعية ذات العلاقة بالنشأة الخاصة بالمجتمعات العربية، فضلاً عن تقصير واضح لدى الأسر في تعليم المرأة حول كيفية تعاملها مع الرجل والعكس.

كما عزوا أسباب زيادة التحرش الجنسي بالمرأة في المجتمعات العربية عموماً، إلى أنها نتاج الفهم المغلوط لطبيعة المرأة، التي تحصرها في ركن "الجسد الذي خصص للمتعة فقط"، مشيرين إلى أن هذا التحرش مرتبط كذلك بالفساد المالي والإداري في بعض الجهات، الذي يتبعه فساد وانحراف أخلاقي بطبيعة الحال.

وعودة إلى التحرك الشعبي الحاصل في مصر، قال ناشطون حقوقيون مصريون في تصريحات لموقع CNN بالعربية، إن القانون الوضعي الحالي يعتمد جرائم على غرار "الفعل الفاضح"، و"هتك العرض"، و"الاغتصاب"، في حين لم يتضمن تعريفاً شاملاً لكل أشكال الاعتداء على الحرية الجنسية للمرأة، ومحاولة استثارتها قصراً، وهو مفهوم التحرش الجنسي، الذي يعد مختلفاً في تصنيفه عن الجرائم السابقة.

ولم تستثن الجهات الأمنية المسؤولة في مصر من الدخول في حيز الاتهام بالتقصير من قبل مراقبين، حيث ينظم الأمن العام ما أسموه "حملات موسمية" ضد معاكسة الفتيات والتحرش بهن في الشوارع، وغالباً ما تكون في المناسبات والأعياد والعطلات فقط، دون بقية أيام السنة.

ولا يعترف قانون العقوبات المصري بفعل "التحرش الجنسي"، كما لم يأت ذكرها ضمن نصوصه الحالية، وبالتالي خلت المنظومة القانونية المصرية من عقوبة لتلك الجريمة، التي طالت 83 بالمائة من النساء في مصر، حسب ما ذكرته دراسة صادرة عن المركز المصري لحقوق المرأة في منتصف العام 2008.

ولم يغفل القانون الوضعي المصري وحده عقوبة التحرش، حيث أكد فقهاء في الشريعة الإسلامية أن الدين كذلك لم يحدد عقوبة للمتحرشين بالنساء.

وأكد الدكتور محمد رأفت عثمان، عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق في جامعة الأزهر، في اتصال هاتفي مع CNN بالعربية، أن التحرش بالنساء يعد ضمن "العقوبات التعذيرية"، تلك التي لم يحددها الشرع، بل ترك أمر تحديدها للحاكم والمجتمع نفسه.

وكان النائب في البرلمان المصري، محمد خليل قويطة، قدم اقتراحاً بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 لوضع مفهوم للتحرش الجنسي، واستحداث عقوبة له، مطالباً بتشديد العقوبات على المغازلات عبر الهاتف المحمول كذلك.

وقال قويطة، وهو أيضاً وكيل لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب "البرلمان"، إن المشرع المصري لم يتعرض لظاهرة التحرش الجنسي بالتجريم، ووضع العقوبات المناسبة لها، وكذلك وضع مفهوم لها يحدد معناها، لأن النصوص والمواد العقابية، سواء في قانون العقوبات أو التشريعات الجنائية، خلت تماماً من نص يحدد معناها ويجرمها ويؤثمها ويعاقب عليها، وقد أصبحت الحاجة ملحة لإصدار هذا التشريع لمعاقبة المتحرشين جنسياً من الرجال والنساء.

وقال الناشط الحقوقي، المحامي حافظ أبو سعدة، أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، لـCNN بالعربية عبر الهاتف، إن جريمة التحرش الجنسي تختلف عن الفعل الفاضح وهتك العرض والاغتصاب، بحكم أنها أدنى من الأخيرة، بينما التحرش أكثر بكثير ومنتشر في المجتمع المصري.

جيش من الحارسات الشخصيات يتدرّب في القاهرة

وتصطف مجموعة من الفتيات وهن على أهبة الاستعداد لمواجهة رجل يتقدم منهن بخطوات قتالية، وبقفزات سريعة يطبقن تعليمات مدربهن، فيطرحن المهاجم أرضاً، بالاعتماد على تقنيات من رياضة الأيكيدو اليابانية القتالية.

ولا تدور هذا الأحداث في أحد أفلام الحركة الهوليوودية، بل في حي هيليوبوليس بالعاصمة المصرية القاهرة، حيث تتدرب فتيات للانضمام إلى شركة أمنية تقدم خدمات "الحارسات الشخصيات" للنجوم، في أحدث صيحة من صيحات المهن المصرية.

وتقول دولت سامي، 21 عاماً، وهي إحدى المتدربات ضمن البرنامج الذي أطلقته شركة "فالكون"، التي تقدم خدمات الحماية في مصر ودول أخرى، ضمن ما تصفه بـ"جيش الحارسات الشخصيات المتعاظم"، إن دخولها هذا الميدان لم يكن بالأمر السهل في المجتمع المصري المحافظ.

وتشرح قائلة لـCNN: "لقد عارض والدي في البداية، لكنه عاد ووافق بعدما جاء إلى هنا ورأى ما أقوم به."

وإلى جانب التدريبات القتالية ورفع الأثقال، تقوم شركة "فالكون" بتوفير حصص تدريبية نظرية للفتيات، حول أساليب التعامل مع الزبائن والبقاء على أهبة الاستعداد أثناء أداء الواجب.

ويؤكد شريف خالد، مدير "فالكون"، إن مدربي الشركة أعدوا خلال الفترة الماضية 300 حارسة شخصية لتلبية الطلبات المتزايدة على خدماتهن، خاصة وأن النساء في المجتمعات العربية لا يحببن التعرض للتفتيش من قبل الرجال.

ويضيف خالد إنه يحاول التركيز في التدريب على "عقل الحارسة وليس عضلاتها"، مشدداً على أن حارسات الشركة لا يحملن أسلحة، ولكنهن قادرات على شل حركة المهاجمين إن فشلت الطرق الدبلوماسية. وتشمل قائمة زبائن شركة فالكون نجمات سينما وزواراً أجانب.

ويشير البعض إلى أن تدرب النساء في مصر على فنون الدفاع عن النفس قد يفيدهن بمواجهة التحرشات الجنسية، حيث يشير إحصاء أعده المركز المصري لحقوق المرأة إلى أن 83 في المائة من المصريات تعرضن للتحرش في البلاد، بينما بلغت النسبة 98 في المائة لدى السائحات الأجنبيات.

يذكر أن ظاهرة "الحارسات الشخصيات" في مصر ليست الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، إذ من المعروف أن الزعيم الليبي، معمر القذافي، يحيط نفسه بمجموعة من الحارسات المدججات بالسلاح، اللواتي يرافقونه في كل تنقلاته.

إقبال على صفوف لتعليم الطهي

وبالنسبة لمحبّي الأطعمة ذات المذاق المميز أصبحت مصر الآن معروفة بالزيادة المذهلة في منافذ بيع الوجبات السريعة والمطاعم التي توفر خدمة توصيل الطلبات أكثر من شهرتها بجودة مطبخها.

ولذلك فعندما عادت أنهار السيوفي من الولايات المتحدة قبل بضعة أعوام وقررت فتح مدرسة للطهي ونشاط للتزويد بالاطعمة فهي كانت تعلم أنها تسبح ضد التيار.

لكن مركز "بيت الطهي" الذي افتتحته هي وابنتها في وقت سابق من هذا العام استفاد على ما يبدو من فجوة في السوق في قطاع من المجتمع لاسيما الامهات العاملات اللاتي ليس لديهن الوقت لتعلم الطهي أو توسيع نطاق قائمتهن من الاطعمة.

ويتمسك كثيرون في المجتمع المصري بالاعتقاد التقليدي القائل بأن المرأة يجب أن تكون سيدة مطبخها وتعتقد السيوفي أن ذلك الدور مهم على نحو خاص في ظل عدم وجود ثقافة طهي قوية.

وقالت السيوفي "أنا أقول بذلك واقول على الهواء ان المرأة في الوقت الحالي خرجت من المطبخ تماما. واصبح كل الاكل الموجود حاليا دليفري. وحضرتك يمكنك ان تحكم من الدراجات النارية الموجودة في الشوارع من العاشرة صباحا. المرأة خرجت من المطبخ وخرجت من البيت وخرجت من كل حاجة. والسبب هو العمل .. ولم يعد لديها وقت."

لكن النساء لا يأتين الى مدرسة السيوفي لتعلم أسس الطهي فحسب بل ايضا لتوسيع نطاق معرفتهن. وأمضت الطاهية المصرية 15 عاما في الولايات المتحدة حيث تعلمت تشكيلة من المطابخ العالمية وتنظم صفوفا في تعليمها.

وتقول وسام الدسوقي انه في حين أن قدرة المرأة على الطهي مهمة جدا الا أن طهي طعام جاذب للاهتمام مهم أيضا.

وأضافت "لابد من وجود اساسيات لكن التنوع مهم ايضا. ولا يعني هذا انه ينبغي علي ان استطيع طهي الطعام الذي كانت امي وجدتي تطهوه لان مصر انفتحت الان على العالم واصبحنا نرى اصنافا جديدة في التلفزيون والمحلات. وبالطبع نريد ان نجرب ونجدد."

وغالبا ما تكون القدرة على الطهي أملا منشودا في الفتيات المقبلات على الزواج. وتروي السيوفي قصة طالبة أبلغتها بان خطبتها فسخت أربع مرات بسبب عدم خبرتها في المطبخ.

ولكن ليست كل النساء اللاتي يتلقين دروسها يرون الامور من نفس المنظور التقليدي. فالبعض مثل دعاء ابراهيم جاء الى المركز لتعلم كيفية طهي أنواع جديدة كي تجعل وقت الوجبات مع عائلاتهن مناسبة خاصة.

وتقول دعاء وهي مهندسة معمارية انها ترغب في أن يكون وقت العشاء مع عائلتها الصغيرة مثلما كان مع عائلتها عندما كانت هي صغيرة.

وهناك سبب آخر ربما يكون وراء الاهتمام بصفوف الطهي هذه وهو المخاوف المستمرة على الصحة والمتعلقة بالاطعمة والثروة الحيوانية في مصر.

تاكسي للنساء في القاهرة لن يقف للرجال

من جانب آخر تدرس محافظة القاهرة تنفيذ مشروع "تاكسي السيدات" على غرار "عربة السيدات بمترو الأنفاق". ونقلت صحيفة "الشروق الجديد" عن محمود ياسين نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية أن شركة "كايرو كاب" المسؤولة عن مشروع "تاكسي العاصمة" عرضت الفكرة وتتم دراستها في الوقت الحالي، وسيتم وضع شرط تولي سيدة قيادة هذه السيارات المخصصة للنساء، كما سيتم تخصيص لون محدد للتاكسي الجديد بحيث يعرف المارة أنه مخصص للسيدات فقط، ولا يسمح لرجال بركوبه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 21/شباط/2010 - 6/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م