صناعة السيارات في العراق.. بين واقع الاندثار وآفاق النهوض

تحقيق: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: قد يبدو من الغريب القول بأن العراق كان رائداً في صناعة وتجميع السيارات والشاحنات في المنطقة العربية وعلى مستوى الشرق الأوسط أيضاً، لكن هذا هو الواقع الوارد في التقارير التي توثّق تاريخ هذه الصناعة العراقية ومراحل أوجها ومن ثم أفولها نتيجة عقود من الحروب خاضها هذا البلد وانتهت بعدّة سنوات من العقوبات الدولية، أدت بطبيعة الحال إلى تراجع الأداء الاقتصادي لأدنى مستوى، حتى بقيت واردات النفط هي الشريان الوحيد الذي يوفر روح الحياة.

تأريخ حافل

يقول مدير قسم الجَودة (الآيزو) في الشركة العامة لصناعة السيارات المهندس طالب هاني الخفاجي متحدثاً عن بدايات تصنيع الشاحنات والسيارات في العراق،" تأسسَ قسم إنتاج صلاح الدين (سافيم)، وهي شاحنة نقل مختلفة الحجم والنوع في عام 1971، بعقد مع شركة سافيم الفرنسية، وقد تم إنتاج حوالي (1000) شاحنة من هذا النوع خلال فترة تقرب من خمس سنوات، وبعد ذلك أنهى العراق العَقد لأسباب سياسية".

ويضيف الخفاجي،" أما فيما يخص إنتاج وتجميع حافلات نقل الركاب، فقد بدأ العمل فيها من خلال التعاقد مع شركة سكانيا السويدية في عام 1980، حيث أنتجنا نوعين من الحافلات وهي (باص بي أف2) 44 راكباً بدون تبريد، وباص متوسط سعة 23 راكباً، وقد وصل معدل الإنتاج من هذه الباصات إلى 250 باص تقريباً في السنة".

ويتابع،" في مرحلة لاحقة تعاقدنا مع نفس الشركة لإنتاج حافلات مكيَّفة وبمستوى عال من الفخامة حينها، سعة 49 راكباً، والشارع العراقي قد عرفَ هذا النوع الفعال من الحافلات باسم (الأزبري)".

وعن المرحلة التي بدأت تتعثر فيها صناعة السيارات في العراق يقول الأستاذ طالب،" في عام 1984 بدأت مشاريع إنتاج السيارات تتعثر بسبب تداعيات الحرب العراقية الإيرانية حيث توقفت جميع خطوط الإنتاج والتجميع لكافة أنواع الحافلات والشاحنات".

ويتابع،" في عام 1990 تم توقيع عقدين ضخمين أحدهما مع شركة مرسيدس الألمانية لإنتاج ثمانية أنواع من الشاحنات، ونوعين من الحافلات بطاقة إنتاجية تصل لـ 10000 قطعة سنوياً، والآخر مع شركة جي أم الأمريكية لإنتاج سيارات الصالون بـ 16 نوعاً، ولكن هذين المشروعين قد وُلدا ميتين بسبب غزو العراق الكويت، وما تبع ذلك من ايقاف لأغلب النشاطات، وبهذا فإن الشركة تحولت إلى أعمال بعيدة كل البعد عن اختصاصها، منها إنتاج مصافي نفط صغيرة بطاقة 10000 برميل في اليوم".

بوادر نهوض

ويستطرد الخفاجي متحدثاً عن مرحلة ما بعد التغيير،" بعد سقوط النظام السابق ومرحلة التغيير التي بدأت إبان عام 2003 بقيت الشركة تقوم بأعمال مختلفة من إنتاج وتصنيع كرفانات، وتشارك في إعمار الجسور التي خربها الإرهاب مثل جسر الصرافية وغيره، وتدريع سيارات وزارة الداخلية والدفاع وصباغتها باللون الخاص بها، وبقي الوضع ضمن هذه النشاطات حتى العام الماضي 2009، حيث تم توقيع عقد جديد مع شركة سكانيا السويدية لتجميع 500 شاحنة، كمرحلة أولى على أن يتبعها أعداد أخرى في مراحل لاحقة".

ويضيف،" كما تم توقيع عقد مع شركة مرسيدس لإنتاج 1000 شاحنة مختلفة الأحجام، وقد بوشر بتنفيذ العقد مع شركة سكانيا بشكل فعلي، وحالياً تعمل خطوط الإنتاج لتجميع هذه الشاحنات، التي تم الحصول على عقود بيع لها على بعض الجهات الحكومية، ولا يفوتنا القول انه يمكن تجهيز المواطنين بشكل مباشر من هذه الشاحنات.

أما عن خطط الشركة لعام 2010 فيقول الخفاجي،" خلال السنة الحالية وضعت الشركة خطة لإنتاج سيارات الميني باص (ذات 10 راكب) وننتظر وصول عروض من الشركات المنتِجة لهذا النوع من السيارات لغرض البدء بالتعاقد معها".

ونقلت مصادر أنباء عن ممثل شركة سكانيا في الشرق الأوسط قوله،" أن تشغيل شركة صناعة السيارات العراقية سيسهم في توفير فرص عمل للعراقيين وذلك من خلال قيام الشركة بإنتاج 3000 مركبة سنوياً، وذكر بأن التوقيع على الاتفاقية قد تم خلال زيارة وزير التجارة السويدية إلى بغداد مؤخراً.

فيما ذكر موقع وزارة الصناعة والمعادن أن الشركة العامة لصناعة السيارات وهي أحدى شركات الوزارة، أنجزت أكثر من 60 % من أعمال تأهيل معمل الشاحنات التابع للشركة والتي بلغت ميزانيتها 3 مليارات دينار. وصرحَ بذلك مصدر مسئول في الشركة للمكتب الإعلامي في الوزارة. وقال،" إن أعمال التأهيل تضمنت صيانة المباني الخطوط الإنتاجية ورفدها بالمكائن والمعدات الحديثة والمتطورة مع تجهيز الرافعات الجسرية والشوكية".

وذكر المصدر أن لمعمل الشاحنات خبرات واسعة في أعمال تجميع الشاحنات والذي أسهم في سد حاجة القطاعين العام والخاص من شاحنات سكانيا ومرسيدس فضلا عن خبرتها في بناء شاصي الحافلات والدمبر الموقعي ذات 1 طن.

وتجدر الإشارة إلى أن الشركة العامة لصناعة السيارات في الإسكندرية جنوب بغداد كانت قد أنتجت بطريقة التجميع بالتعاون مع شركة سكانيا أكثر من 30 ألف شاحنة وباص في مصنع الإسكندرية في ثمانينيات القرن الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 14/شباط/2010 - 29/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م