الانترنت والصحة: علاقة ذو حدَّين

 

شبكة النبأ: كشفت دراسة حديثة أن الأشخاص الذين يقضون وقتاً طويلاً أمام الإنترنت يعانون بشكل أكثر من أعراض الاكتئاب مقارنة بالأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت فقط من حين لآخر. فيما وجدَ بحث صيني أن المراهقين المدمنين على الإنترنت معرضين أكثر، وبواقع الضعف، لإلحاق الأذى بأنفسهم عن سواهم من المراهقين.

ومن جهة أخرى أعلنت بريطانيا أنها ستجعل حصول الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 5 سنوات على دروس في التصفح الآمن للانترنت إجبارياً وفقا لبرنامج جديد يهدف إلى محاكاة حملات التوعية للاستخدام الآمن للطرق في الماضي.

الإنترنت لعلاج الصدمات النفسية في العراق

حياة المواطنين في العراق محاطة بانعدام الأمن، والعوز المالي، وهذا لا يؤثر على الجسد وحده، بل على النفس أيضاً. مشروع جديد في برلين يهدف إلى معالجة ضحايا الصدمات النفسية الناتجة عن الحرب في العراق عن طريق الإنترنت.

أول سؤال راود المشرفتان هذا المشروع، بيرجيت فاغنر وكريستينا كنيفلسرود، من مركز برلين لضحايا التعذيب، هي إمكانية وصول المستفيدين لشبكة الإنترنت في العراق. بيرجيت فاغنر تجيب قائلة بأنهما لم تكونا قادرتين على السفر إلى العراق، "فنحن كنا نعتمد على التقارير التي ترد من هناك، ولدى العراقيين امكانية استعمال الإنترنت، لكن ليس بالتطور الذي لدينا هنا في الدول الأوروبية، والإنترنت يستخدم هناك مثلا  للتحقق من الوضع الأمني".

هذا واضطرت بيرجيت وكريستينا للقيام بالعديد من الحملات الدعائية لنشر فكرة مشروعهما في العراق، والذي يهدف إلى معالجة ضحايا الصدمات النفسية الناتجة عن الحرب بواسطة موقع الكتروني على الإنترنت، وهو أمر غير جاري به العمل لدى المواطنين العاديين.

وظهرت أفلام دعائية قصيرة على أشهر القنوات الإخبارية في العالم مثل سي.إن.إن وقناة الجزيرة والعربية، إضافة إلى إعلانات ظهرت في الصحافة المحلية في العراق للفت نظر المعنيين إلى هذا المشروع.

وأنهت كل من بيرجيت فاغنر وكريستينا كنيفلسرود جزءاً من دراستهما في الطب النفسي في مدينة أمستردام الهولندية، وذلك تحت إشراف ألفرد لانغة، أحد رواد العلاج النفسي عن طريق الإنترنت، والذي قام منذ أعوام بتطوير برنامج علاج نفسي لضحايا عوارض التوتر الناتج عن الصدمات المعروف اختصارا بPSTT يمكن الاستفادة منه بشكل كامل عن طريق الإنترنت. ومن خلال هذا البرنامج يقوم المريض بكتابة عشرة نصوص على مدى خمس أسابيع، يصف من خلالها التجربة التي سببت له الصدمة، وفي النهاية يقوم المريض بكتابة "رسالة وداع موجهة للصدمة النفسية". ويتم إرسال كل نص يكتبه المريض بالبريد الإلكتروني إلى الطبيب النفسي المعالج، والذي يقوم بقراءتها والتعليق عليها وإرسال التعليمات الخاصة بكيفية كتابة الرسالة التالية. وتشير العديد من الدراسات إلى فاعلية هذه الطريقة، والتي يتم استخدامها حالياً في هولندا لمعالجة أشكال مختلفة من الصدمات النفسية.

وتم تطوير المفهوم الهولندي لملائمة بيئة وثقافة مناطق النزاع بالتعاون مع عدد من الأخصائيين المحليين، وبناء عليه يتم بناء الموقع الإلكترونية الخاص بالبرنامج العلاجي. وتضيف بيرجيت فاغنر أن "بعض المعالجين النفسيين عراقيون كانوا في السابق مرضى ويعيشون حالياً في سوريا أو دبي أو لندن. هناك بالطبع أطباء نفسيون أيضاً من ألمانيا ولكن ذوي أصول عربية".

ومن المهم للمشروع ألا يكون المعالجون النفسيون معرضين للصدمات النفسية أيضاً، فمعظمهم يقيمون في دول مجاورة للعراق، وينحصر نشاطهم في الرد على  استفسارات المرضى بواسطة استمارة يتم تعبئتها عن طريق الإنترنت، ويتم على أساسها تحديد ما إذا كان البرنامج مناسباً لعلاج حالة المريض. ويتم إقصاء المرضى المهديين بالإقدام على الانتحار أو الذين يعانون من هوس نفسي من البرنامج.

الاستخدام المفرط للإنترنت يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب

ومن جانب آخر كشفت دراسة حديثة أن الأشخاص الذين يقضون وقتا طويلا أمام الإنترنت يعانون بشكل أكثر من أعراض الاكتئاب مقارنة بالأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت فقط من حين لآخر. وتبين من خلال الدراسة التي أجراها علماء نفس من جامعة "ليدز" البريطانية أن قضاء وقت طويل أمام الإنترنت يجعل بعض الأشخاص يستبدلون التفاعل الاجتماعي في الحياة الحقيقية بغرف الدردشة أو مواقع التواصل الاجتماعي.

وحذرت الدراسة التي نشرتها دورية "سيكوباثولوجي" من أن استخدام الإنترنت بهذه الطريقة يؤدي إلى الإدمان كما من الممكن أن يكون له تأثيرات خطيرة على الصحة العقلية. وقالت مديرة الدراسة كاتريونا موريسون: "بالرغم من أن الإنترنت يلعب دورا كبيرا في الحياة الحديثة إلا أنه له جوانب مظلمة أيضا".

وأوضحت موريسون أنه في الوقت الذي يستخدم فيها الكثيرون الشبكة لتسديد الفواتير والتسوق والبعث برسائل إلكترونية لا يستطيع آخرون التحكم في المدة التي يقضونها أمام الإنترنت وهو ما يؤدي إلى الإضرار بأنشطتهم اليومية.

وأظهرت الدراسة أن هؤلاء الأشخاص يقضون وقتا أمام المواقع الجنسية والألعاب، بالإضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من الأشخاص غير المدمنين للإنترنت كما يعانون كثيرا من الاكتئاب بدرجات تتراوح بين معتدل وشديد.

وقالت موريسون: "دراستنا تشير إلى أن هناك ارتباط بين الاستخدام المفرط للإنترنت والاكتئاب إلا أننا لا نعلم من يأتي أولا أي ما إذا كان الأشخاص المكتئبون ينجذبون بشكل أكبر إلى الإنترنت أم أن الشبكة تتسبب في الإصابة بالاكتئاب؟".

وفي المقابل ذكرت موريسون أن الدراسة أثبتت أن الاستخدام المفرط للإنترنت من الممكن أن يكون إشارة تحذيرية لميول اكتئابية.

مدمنو الإنترنت الأكثر عرضة لإيذاء النفس

وفي نفس السياق وجد بحث صيني أن المراهقين المدمنين على الإنترنت معرضين أكثر، وبواقع الضعف، لإلحاق الأذى بأنفسهم عن سواهم من المراهقين.

وأظهرت الدراسة التي شملت 1618 طالباً،  تتراوح أعمارهم بين 13 إلى 18 عاماً يعيشون في مدينة "قوانغتشو" مقاطعة "قوانغدونغ"، أن حوالي 16 في المائة من المجموعة قالوا إنهم ألحقوا الأذى بأنفسهم بطريقة أو بأخرى في غضون الأشهر الستة السابقة، وأفاد 4.5 في المائة منهم بأنهم قد أذوا أنفسهم ست مرات على الأقل، خلال تلك الفترة.

وتعريف إيذاء النفس، كما حددته الدراسة، يشمل شد الشعر والضرب والحرق المتعمد والقرص pinching.

ولفت الباحثون في الدراسة، التي نشرت في دورية "الوقاية من الإصابة" Injury Prevention" إلى أن نحو 90 في المائة من المشمولين في هذا البحث، من المستخدمين المنتظمين للإنترنت، و10 في المائة من "المدمنين" المعتدلين، بجانب شريحة ضئيلة بلغت 0.6 في المائة من المدنين بشدة.

وذكر معدوا الدراسة أن المراهقين المدمنين يعانون من مشاكل نفسية، مثل الاكتئاب والعصبية، عند عدم استخدام الشبكة العنكبوتية، إلا أن تلك الحالة تتغير للأحسن عند العودة للإنترنت.

وعند تعديل الإحصائيات، وذلك باستبعاد عوامل مؤثرة أخرى محتملة، مثل المشاكل الصحية، وجد الباحثون أن المراهقين المدمنين على الإنترنت، هم الأكثر عرضة للجوء إلى إيذاء أنفسهم، وبمعدل الضعف، وبشكل أخطر من سواهم من المراهقين. بحسب سي ان ان.

ويأتي البحث الصيني بعد دراسة أمريكية وجدت أن بعض الأطفال والمراهقين عرضة أكثر من سواهم للإدمان على الإنترنت، ورجحت احتمالات حدوث ذلك بين الأطفال "العدوانيين" ومن يعانون من الاكتئاب والرهاب الاجتماعي Social phobia.

بريطانيا تجعل دروس التصفح الآمن للانترنت إجبارية

وأعلنت بريطانيا أنها ستجعل حصول الاطفال الذين تزيد اعمارهم عن 5 سنوات على دروس في التصفح الامن للانترنت اجباريا وفقا لبرنامج جديد يهدف الى محاكاة حملات التوعية للاستخدام الامن للطرق في الماضي.

والدروس جزء من استراتيجية "انقر بمهارة.. انقر بامان" التي ستقدم ارشادات للحكومة والقطاع الصناعي والمؤسسات الخيرية حول كيفية حماية الاطفال الذين يستخدمون الانترنت.

وقال رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون "الانترنت يمد اطفالنا بعالم من الترفيه ويتيح لهم الفرصة والمعرفة .. عالم تحت أطراف اصابعهم بمعني الكلمة."

واضاف قائلا "لكن يجب علينا التأكد من ان العالم الافتراضي امن بالنسبة لهم مثل هذا العالم."

وتقول الحكومة ان 99 في المئة من الاطفال البريطانيين الذين تتراوح اعمارهم بين 8 اعوام و17 عاما يتاح لهم الان تصفح المواقع على شبكة الانترنت.

واظهرت الابحاث ان 18 في المئة من الشبان تعرضوا لمحتوى "ضار أو غير ملائم" على الانترنت وان 33 في المئة من الاطفال قالوا ان ابائهم لم يكونوا على علم بانشطتهم عبر الانترنت.

والخطط الجديدة التي وضعها المجلس البريطاني لسلامة الطفل على الانترنت والمؤلف من أكثر من 140 منظمة من بينها جوجل ومايكروسوفت وبيبو ستجعل دروس السلامة على الانترنت اجبارية لمن يزيد عمرهم عن 5 سنوات اعتبارا من 2011.

استخدام أجهزة الكمبيوتر يضر بالأطفال الصغار

حذر خبير ألماني في أبحاث المخ من تعامل الأطفال في سن مبكرة مع الكمبيوتر.

وقال مانفريد شبيتسر، مدير مستشفى قسم الأطفال في مستشفى أولم الجامعي في ألمانيا إن كثيرا من الناس أصبحوا يوصون بأن يتعامل الأطفال في سن الحضانة مع الكمبيوتر ولكن ليس هناك بحث واحد يوضح أن ذلك يشجع النمو العقلي والاجتماعي للأطفال.

أضاف شبيتسر في حديث مع إذاعة ''دويتشلاند كولتور'': ''غير أن كثيرا من الدراسات الجيدة أكدت وجود سلبيات لتعامل الأطفال مبكرا مع الكمبيوتر''.

وحسب الطبيب الألماني فإن هناك دراسات أظهرت أن الأطفال الذين يتعاملون مع الكمبيوتر في سن مبكرة يعانون مشكلات خاصة بالانتباه في الفصول المدرسية ويجدون صعوبة في القراءة والكتابة.

أضاف شبيتسر: ''إضافة إلى ذلك فإن الضغط على الماوس لا يعوض لمس الأشياء وتحريكها.. وهو جزء مهم جدا في عملية التعلم''.

ورد الخبير الألماني على من يرى ضرورة امتلاك الأطفال القدرة على التعامل مع الوسائط بالقول: إنه يشكك فيما إذا كان الأطفال في سن الحادية أو الثانية عشرة يعون ما ينهال عليهم في الإنترنت.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/شباط/2010 - 28/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م