تويوتا.. إغراءات خطط التنمية تحطم معايير السلامة

هل ستفقد تويوتا بريقها وعرش صناعة السيارات؟

 

شبكة النبأ: فيما ارتفعَ عدد السيارات التي تسعى شركة تويوتا اليابانية إلى استدعائها من أجل إجراء تصليحات لعيوب فيها من مختلف أنحاء العالم إلى أكثر من سبعة ملايين سيارة، سعت هذه الشركة إلى طمأنة عملائها بأنها لم تضحِّ بمعاييرها الأسطورية للسلامة من اجل أن تكون الشركة الأولى لإنتاج السيارات في العالم، في الوقت الذي امتدت عمليات سحبها لسياراتها إلى الشرق الأوسط وإفريقيا وأميركا اللاتينية بعد أوربا والولايات المتحدة.

ولكن مع تراكم الخسائر واحتدام المنافسة أمام صناعة السيارات الأمريكية التي بدأ يشتد عودها، يتوقع مراقبون بأن حقبة تربّع تويوتا اليابانية على قمة القطاع ربما ولّى إلى دون رجعة.

تويوتا تسترجع أكثر من 7 ملايين سيارة

وارتفع عدد السيارات التي تسعى شركة تويوتا اليابانية إلى استدعائها من أجل إجراء تصليحات لعيوب فيها، من مختلف أنحاء العالم، إلى أكثر من سبعة ملايين سيارة، ما يفوق مبيعاتها من السيارات خلال العام الماضي.

فقد أعلنت شركة تويوتا عن مد أوامر استدعاء سيارات من صنعها إلى كل من أوروبا وأمريكا الشمالية والصين، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء اليابانية "كيودو."

وفي الولايات المتحدة وحدها، تم استدعاء ما يزيد على 2.3 مليون سيارة، بهدف إصلاح العيوب في بدالة البنزين، في سيارات من طرز RAV4 وكورولا وماتريكس، صنع عامي 2009 و2010، وآفلون المصنوعة بين عامي 2005 و2010، وبعض سيارات كامري بين عامي 2007 و2010 وهايلاندر 2010 وتندرا 2007-2010 وسيكويا 2008-2010.

أما في أوروبا فاستدعت الشركات نحو 1.8 مليون سيارة. وبلغ عدد السيارات التي تم استدعاؤها لإصلاح أرضياتها حوالي 5.3 مليون سيارة.

وفي كثير من الحالات التي صدرت أوامر الاستدعاء بحقها، ثمة سيارات يجتمع فيها سببا الاستدعاء، أي إصلاح بدالة البنزين والأرضيات. بحسب سي ان ان.

وكانت الشركة قد قالت في وقت سابق إنها ستوقف الإنتاج في مصانع إنديانا وتكساس وكنتاكي بالولايات المتحدة، ومصنع أونتاريو في كندا في الأسبوع الأول من فبراير/شباط المقبل.

وقال بوب كارتر نائب رئيس مجموعة تويوتا الأمريكية إن الشركة "تتخذ هذه الإجراءات لضمان السلامة واستعادة الثقة في منتجات تويوتا بين العملاء.. هذا الإجراء ضروري حتى يتم انجاز عملية الإصلاح.. نحن نبذل كل جهدنا لتوضيح هذا الوضع لعملائنا بأسرع ما يمكن."

هذا وتقدم الرئيس التنفيذي تويوتا، أكيو تويودا، باعتذار رسمي عن خلل تقني في سيارات الشركة في الولايات المتحدة وأوروبا، والقلق الذي تسبب به الإجراء لعملاء الشركة.

وقال تويودا، في أول بيان رسمي الجمعة منذ بدء سلسلة الاستدعاء الأسبوع الماضي: "نخطط للوقوف على كافة الحقائق وتقديم تفسير من شأنه طمأنه مخاوف العملاء في أقرب وقت ممكن."

بريوس تلحَق بطابور الاستدعاء

فيما انضمت سيارات "بريوس" الهجينة إلى قائمة السيارات التي تعاني من مشكلات فنية والتي قد يتم سحبها هي الأخرى من الأسواق لعيوب فيها، انخفضت مبيعات الشركة في الولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر يناير/كانون الثاني بحدود 8.7 في المائة، إذ بلغت مبيعات شركة تويوتا 98796 سيارة، بحسب أرقام المبيعات اليومية.

وجاء ذلك بعد تعليق الشركة لمبيعات بعض طرزها في السادس والعشرين من الشهر نفسه، حيث أوقفت مبيعات 8 طرز بسبب مشكلات في مبدل السرعة، وتشكل الطرز الثمانية نحو 60 في المائة من إجمالي سيارات الشركة.

ولكن الطراز الوحيد الذي أصاب نجاحاً وسط هذه الأزمة التي تمر با شركة تويوتا هو طراز الليكزس، الذي حقق زيادة في المبيعات بلغت 14.2 في المائة، حيث تم بيع 15517 وحدة منها.

وبحسب بيانات الشركة، فقد سجل طراز سيارات "ياريس" انخفاضاً بنسبة 10.3 في المائة، بينما انخفضت مبيعات كامري بنسبة 17.7 في المائة، وسيون تي سي بنسبة 25 في المائة، وأفالون بنسبة 51.7 في المائة.

وكان وزير النقل الياباني قد طلب من الشركة التحقيق في شكاوى عن عيوب فنية في سيارات "بريوس" في اليابان، والتي كانت قد حققت أفضل المبيعات خلال داخل اليابان خلال العام 2009.

وقال مسؤولون حكوميون إن وزارة النقل تلقت 14 شكوى تتعلق بالمكابح في سيارات "بريوس" الجديدة، منذ شهر يوليو/تموز الماضي، في حين قال فرع الشركة في الولايات المتحدة إنه تلقى شكاوى مماثلة وأنه يقوم بالتحقيق فيها. بحسب سي ان ان

وفي الأثناء، قالت تويوتا في بيان لها على موقعها على الإنترنت إنه لا شيء أهم لها من "سلامة وأمن سياراتها ومدى الاعتماد عليها بالنسبة للزبائن والعملاء."

من المستفيد من كبوة تويوتا.. فورد، هونداي أم هوندا؟

ورغم إعلان "تويوتا" أنها ستعود للالتزام بالجودة جراء إضطراها لسحب أكثر من 7 ملايين سيارة من الأسواق، يعتقد خبراء أن المستفيد من "كبوة" قطب صناعة السيارات العالمي، هما "فورد"  و"هونداي".

ويرى مراقبون أنه رغم قرار الشركة إصلاح عيوب في بدالة البنزين، إلا أنه، ولأول مرة قد تفقد "تويوتا" حصتها في السوق الأمريكية، وبالتالي ستفقد شعارها بأنها الأفضل على مستوى جودة صناعة السيارات.

من جانبه، قال آرت سبنيلا، رئيس قسم الأبحاث بـCNW، إن سمعة "تويوتا" المطلية بالذهب لحقت بها بعض الشوائب بعد قرارات سحب سابقة كانت أقل خطورة وأصغر حجماً، مشيرا إلى أن الأمر قد يستغرق الشركة بعض الوقت لاسترداد الشركة لسمعتها ومكانتها الراهنة.

وأضاف يقول: "بالتأكيد التهاوي أسرع من التعافي المتوقع"، مشيرا إلى أنه نظرا لكون كل من شركتي "فورد" و"هونداي" يتمتعان بوضع جيد، فهذا سيتيح لهما تحقيق مكاسب من وراء تعثر تويوتا.

وبدورها، أيدت ميشيل كريبس، كبيرة المحللين في موقع مبيعات السيارات Edmunds.com، تلك النظرية، بالقول: إن "فورد وهونداي بالفعل حققتا مكاسب على حساب تويوتا.. إذا نظرنا إلى ما قامت به فورد العام الماضي بتقريب الفجوة إلى النصف مع تويوتا.. فلربما ينجحوا في اجتيازها، والتفوق عليها هذا العام."

واكتفت الشركتان - فورد وهونداي - بالتزام الصمت وعدم التعقيب على تقارير تحقيقهما لمكاسب واكتساح سوق السيارات جراء مأزق تويوتا. بحسب سي ان ان

كما يرى خبراء أن "هوندا" اليابانية هي الأخرى في وضع قوي يتيح لها التنافس أيضاً لاكتساب شريحة من حصة تويوتا، إلا أن الناطق باسم الشركة، كريس نوتون، فند تلك التوقعات، مؤكداً بأن مبيعات الشركة لم تشهد أي طفرة مفاجئة منذ قرار تويوتا الأخير.

ويعتقد فريق آخر أن "جنرال موتورز"  قد تستأثر كذلك بنصيب من "إرث" تويوتا"، التي فقدت أمامها الشركة الأمريكية حصصاً من سوق السيارات الأمريكية منذ عام 1989.

حادثة تحطُّم سيارة تويوتا وراء سحب 7 ملايين

ونقلت نيويورك تايمز أن حادثة تحطم سيارة ليكزس Lexus ES 350 لقي فيها أربعة أشخاص مصرعهم في شهر أغسطس الماضي لدى خروج السيارة عن سيطرة السائق المتمرِّس قرب سان دييغو، هي التي أدت إلى عمليات سحب سيارات تويوتا من الولايات المتحدة وأوروبا وبعض المناطق الأخرى.

ويتوقع تراجع مبيعات الشركة بمعدلات قياسية وكبيرة في الربع الأول من العام الحالي نتيجة لهذه الأخطاء الفادحة.

وكان سائق السيارة تلك ضابط دورية مرور في كاليفورنيا مع ابنته وزوجته وشقيقها وانتهت المكالمة التي أجريت قبيل تحطم السيارة، بالطوارئ، بصوت تحطم السيارة واصطدامها بسيارة أخرى في تقاطع طرق.

وقبيل ذلك كانت تويوتا قد تلقت أكثر من 2000 شكوى عن تسارع مفاجئ في سياراتها منذ العام 2002.

ورغم كل ذلك لم تتحرك شركة تويوتا لتفهم حجم المشكلة وتسحب ملايين السيارات حول العالم وتتشوه سمعتها المرموقة.

وحتى وقت قريب كان تبرير الشركة للمشكلة هو تعليق دواسة التسارع بوسادة الأرضية كما سبق أن أوردت أريبيان بزنس وفقا للشركة. لكن وكالة سلامة المرور الفيدرالية عنفت تويوتا على هذا التبرير متهمة تويوتا بالتضليل وعدم تحري الدقة خاصة أنها زعمت موافقة الوكالة على تبريراتها. 

هل انتهى عهد تربُّع تويوتا على عرش صناعة السيارات؟

ومع تراكم الخسائر واحتدام المنافسة أمام صناعة السيارات الأمريكية التي بدأ يشتد عودها، يتخوف مراقبون بأن حقبة تربع "تويوتا" اليابانية على قمة القطاع ربما ولى إلى دون رجعة.

ومؤخراً أعلنت "تويوتا"، كشركة عامة، أول خسائر سنوية لها، عزيت إلى انهيار الطلب العالمي على السيارات بتأثير الأزمة الاقتصادية الطاحنة، تحديداً في الولايات المتحدة، التي تعد أكبر سوق لأكبر شركة يابانية لصناعة السيارات. وكشفت عن استمرار خسائرها الفصلية، إلا أن تلك الخسائر جاءت أقل من توقعات الخبراء.

ورغم أن "تويوتا" استبعدت تكبد خسائر كبيرة أثناء العام الحالي، وفق تكهناتها السابقة، نظراً للتحسن الذي طرأ على عملياتها في اليابان، إلا أن مستقبل أكبر شركة صناعة سيارات في العالم يبدو محفوفاً بالمخاطر.

فالعديد من مصانعها تعمل بقدر يسير للغاية من طاقتها الإنتاجية الإجمالية، كما تنظر في إغلاق مصنع تجميع السيارات في كاليفورنيا، الذي تديره بالشراكة مع "جنرال موتورز"، وأسقطته الشركة الأمريكية كجزء من طلب إشهار الإفلاس الذي تقدمت به.

وقال مايك جاكسون، من CSM العالمية للاستشارات في قطاع السيارات، إن أكثر من يزعج تويوتا أن تجد نفسها تفقد مواطن قوتها بعد فترة طويلة لم تحقق فيها سوى المكاسب المتواصلة في الولايات المتحدة.

ويقول خبراء إنه نظراً لتبني "تويوتا" مخططات تنموية هائلة وطموحة قبيل الأزمة الاقتصادية فأن تلقيها ضربة قوية أمر حتمى مع التراجع، وترى شريحة أن العملاق الياباني سيجد صعوبة بالغة في العودة لمكانته السابقة، حتى مع عودة الشركة للربحية وارتفاع الطلب على السيارات.

ورأت شريحة أن عهد نمو الشركة قد ولى، وأضاف توم ليبي، رئيس جمعية تحليل قطاع السيارات: "دأبوا على اكتساب نقطة في الأسواق سنوياً.. ولكن لن يستمر الأمر على هذا المنوال... المكاسب في المستقبل ستكون أكثر صعوبة."بحسب سي ان ان

وقال الخبراء إن المنافسة ستحتدم في أمريكا الشمالية مع نهوض قطاع السيارات الأمريكية، إلى جانب السيارات الكورية الجنوبية، مع بروز "هونداي" كلاعب لا يستهان به في الأسواق هناك مؤخراً.

وكانت "تويوتا" قد أعلنت في أواخر يونيو/ حزيران الماضي أن أكيو تويودا، 53 عاماً، حفيد كيشيرو تويودا، مؤسس "تويوتا"، سيتولى منصب رئيس مجلس إدارة الشركة.

ويعد تويودا الحفيد، الذي يلقبه الإعلام الياباني بـ"الأمير" من أول أعضاء أسرة "تويودا" الذي يتولى قيادة الشركة منذ 14 عاماً.

وكنظيراتها حول العالم، تأثرت "تويوتا" من الأزمة المالية العالمية، حيث أعلنت أولى خسائر لها على الإطلاق، بلغت 4.5 مليار دولار للعام المنتهي في 31 مارس/ آذار الماضي. وبلغت خسائر الشركة الفصلية، للربع الأول من هذا  العام، 7.7 مليار دولار.

وتحدق بالشركة اليابانية مخاطر بعيدة المدى نظراً لضعف حصصها في الأسواق الناشئة، كالبرازيل، والصين، وروسيا، كما يرى مختصون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 8/شباط/2010 - 23/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م