التلفزيون.. يحتفظ بتفوّقه ومضارّه رغم ثورة المعلومات

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: توقّعَ تقرير دولي أن يهيمن التلفزيون على وسائل الترفيه المنزلية لعام آخر وأن يحتفظ بتفوقه على الصحف وعلى القراءة على الانترنت. ولكن أحدث الدراسات حول تأثير الإعلام المرئي على حياتنا تشير إلى أن المراهقين الذين يقضون ساعات طويلة في مشاهدة التلفاز أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب عند بلوغ سن الرشد.

ومن جهة أخرى توصل الباحثون إلى أن نحو ربع الأطفال من الذكور، وطفلة من بين كل سبع أطفال إناث يعانون من مشاكل في التحدّث ويرجع ذلك غالباً لضوضاء التلفزيون التي تصعّب من عملية استيعاب الأطفال لما يقوله والديهم. وخلصَ الباحثون أيضا إلى أن ما يقرب من 4 % من الأطفال البالغ عمرهم ثلاثة أعوام لم يتحدثوا حتى الآن.

التلفزيون يحتفظ بتفوقه

وجاء في تقرير لمؤسسة (ديلويت 2010 تي.ام.تي بريديكشنز) ان التلفزيون ببرامجه المحددة المواعيد سيستمر في احتلال مركز محوري في سوق الترفيه رغم تنامي طلب المشاهدين على مشاهدة برامج بعينها في الاوقات التي تناسبهم.

وجاءت هذه التوقعات مغايرة لتوقعات كثير من المحللين قالوا ان عادة تحميل تلك المواد من الانترنت على الكمبيوتر ليشاهدها المستخدم حينما يعن له ذلك ستؤثر تدريجيا على طريقة المشاهدة التلفزيونية.

وقالت ديلويت ان النظم التقليدية للبث التلفزيوني والاذاعي مازالت اسهل ومتاحة أكثر بالنسبة لغالبية المستهلكين.

واذا صحت هذه التوقعات ستمثل دفعة للشبكات التلفزيونية والمحطات الاذاعية التي تراجع عائدها من الاعلانات خلال العامين الماضيين بسبب الكساد العالمي ومخاوف تحيق بمستقبل هذه الوسائط. بحسب رويترز.

وجاء في التقرير "نتوقع مشاهدة اكثر من 90 في المئة من المواد التلفزيونية وأكثر من 80 في المئة من المواد الاذاعية من خلال البث التقليدي."

المشاهدة المستمرة للتلفزيون تقصّر العمر

وحذر أطباء أستراليون من أن كل ساعة يقضيها شخص جالسا على الأريكة يشاهد التلفزيون تعمل على تقليل أعوام حياته.

وقال الباحث ديفيد دونستان الذى تتبع عادات المشاهدة لنحو 8800 شخص أسترالي على مدار ستة أعوام أن ذلك ينطبق على الأشخاص الأصحاء أيضا.وقال دونستان فى كانبيرا «إن الخطورة المرتبطة بالجلوس لساعات طويلة لمشاهدة التلفزيون لا تخف من حدتها ممارسة الرياضة لأن الدراسة أوضحت أنه حتى الأشخاص الذين يمارسون الرياضة إذا شاهدوا التلفزيون لأوقات طويلة فإنهم معرضون لخطورة كبيرة بالموت المفاجئ».

وخلص البحث الذى نشر فى صحيفة سيركيوليشن الخاصة برابطة القلب الأمريكية إلى أن الذين يشاهدون التلفزيون لأكثر من أربع ساعات فى اليوم معرضون لخطورة الموت بنسبة 46 في المائة وترتفع تلك النسبة إلى 80 في المائة إذا حدث خلل فى دورة القلب والأوعية الدموية وذلك مقارنة بالذين يشاهدون التلفزيون أقل من ساعتين. وقال دونستان من معهد باكير إي دي إى لأمراض القلب والسكر فى ملبورن إن البقاء فى حالة سكون ساعة تلو الأخرى يعد أمر قاتلا لأنه يؤدي لعملية حرق غير عادي للجلوكوز والدهون.وأضاف :«إن عضلاتنا لا تتحرك ولا نحرق طاقة و نعرقل العمليات التنظيمية العادية والرسالة تكمن في أنه إضافة لممارسة الرياضة بصورة منتظمة فإنه يتعين علينا أيضا أن نتجنب الجلوس لفترات طويلة». وركز دونستان الذى ترأس فريقا دوليا من الباحثين على مشاهدة التلفزيون لأن ذلك ما يفعله الأشخاص عندما يكون لديهم وقت فراغ .وتوصل إلى أن السعرات الحرارية التي يتم حرقها أثناء مشاهدة التلفزيون ليست أكثر من التي تحرق أثناء النوم. واستبعدت الدراسة الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب وأخذت في الحسبان عوامل مثل التدخين و النظام الغذائي السيئ وزيادة الوزن و ارتفاع ضغط الدم و نسبة الكوليسترول.

وربما أهم ما توصل إليه البحث يتركز في أهمية الرياضة العرضية ففعل شيء أفضل من عدم فعل شيء لأن المزايا الصحية للرياضة يمكن أن تتلاشى إذا قضى بقية وقت الفراغ دون حراك أمام التلفزيون. وقال دونستان إن الحملة ضد الجلوس الدائم بلا حراك يمكن أن تبدأ بتحرير العاملين من الالتزام بالجلوس على المكاتب. وأضاف «بعض الشركات تتيح بوجود وقت فراغ حيث تكون هناك فترة عشر دقائق أو 15 دقيقة كل ساعة يمكن للعاملين فيها النهوض و التحدث عن زملائهم».وأشار إلى أن «التغيرات البيئية الأخرى قد تتضمن وضع سلة مهلات مركزية أو مراكز مركزية لجمع البريد وذلك لتشجيع المواطنين على الحركة المستمرة و التواصل الاجتماعى». كما يمكن أيضا التخلص من الريموت كنترول والتحرك لتغيير القنوات فإن ذلك من شأنه أن يحدث اختلافا.

قلل مشاهدة التلفاز وأحرق المزيد من السعرات الحرارية

ووجد بحث أمريكي أن الحد من ساعات مشاهدة التلفاز قد يساعد في حرق السعرات الحرارية، وذلك في سياق دراسة هدفت إلى تحديد تأثير الإعلام المرئي على العادات والنمط المعيشي.

وكشفت الدراسة المنشورة في "أرشيف الطب أرشيف الباطني"، أن المتطوعين فيها، وعددهم 36 شخصاً، نجحوا في حرق أكثر من 120 سعرة حرارية يومياً في المتوسط، عن قبيل الانخراط في البحث، وذلك بتقليل ساعات مشاهدة التلفاز بنحو 50 في المائة.

وقالت معدة الدراسة، جنيفر أوتون:" هذا ما يعادل المشي لأكثر من ميل في اليوم"، واضافت موضحة أن المشاركين استعاضوا عن مشاهدة التلفاز بالقيام بأنشطة خفيفة منها الأعباء المنزلية، أو العمل في الحديقة أو ممارسة اليوغا وحتى تنظيم الصور. بحسب سي ان ان.

وشرحت أوتون، التي أجرت الدراسة أثناء عملها في "جامعة فيرمونت"، أن مدة الدراسة المقتضبة، واستغرقت ثلاثة أسابيع فقط، لم تكن كافية لإحداث تغيرات كبرى في "مؤشر كتلة الجسم" body mass index أو الوزن، ونوهت "أنها بدت وكأنها تسير في الاتجاه الصحيح."

ولم تأت خلاصة الدراسة - وهي أن التقليل من مشاهدة التلفزيون تعني حرق المزيد من السعرات الحرارية -- بمثابة المفاجأة إلا أنها قد توفر للأطباء أداة جديدة لوقف ظاهرة البدانة الشائعة عالمياً.

دعوا الأطفال يجلسون بعيداً عن التليفزيون

ماذا يقول الأطباء عن عادات الأطفال الصغار في مشاهدة التليفزيون؟ وما هي الفترة التي يصبح فيها البقاء أمام الشاشة طويلا جدا؟.

طبقا لنصيحة الحكومة الأسترالية، فإن الأطفال يجب أن يبقوا بعيدا عن التليفزيون حتى يصبح عمرهم على الأقل عامين.

ويحذر تقرير النهوض والنمو حول الأكل الصحي والتمارين في مرحلة الطفولة المبكرة وضعته مستشفى الأطفال الملكية في ملبورن الآباء من أن جلوس الأطفال الصغار أمام الشاشات "ربما يقلل من حجم الوقت المتاح أمامهم للعب النشط والإتصال الإجتماعي مع الآخرين وفرص تطوير اللغة".

حتى المجهود المحدود قد "يؤثر في تطوير المجال الكامل لحركة العين" و "يقلل فترة الوقت الذي يبقوا فيه مركزين".

وقال الباحثون إنه في بعض المنازل وفي العديد من مراكز رعاية الطفولة يعمل جهاز التليفزيون طيلة الوقت.

وقال أستاذ علم نفس الطفل بجامعة جنوب أستراليا جلين كوبيت إن التقرير ذكر الكثير عن الحاجة إلى النشاط أكثر من أخطار الجلوس.

وقال "إن الأطفال يحتاجون إلى النشاط البدني وإذا كان الآباء ومراكز رعاية الأطفال يضعون ببساطة الأطفال أمام التليفزيون وتركهم أمامه ، فإنهم بذلك يقللون من حجم الوقت الذي يشاركون فيه بالفعل في أنشطة أخرى".

الإكثار من مشاهدة التلفاز في الصِغر اكتئاب في الكِبر

وفي أحدث الدراسات حول تأثير الإعلام المرئي على حياتنا، لفت بحث علمي إلى أن المراهقين الذين يقضون ساعات طويلة في مشاهدة التلفاز أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب عند بلوغ سن الرشد.

وبدت عوارض الاكتئاب بعد مرور سبع سنوات، وتعاظم خطر الإصابة مع تزايد عدد ساعات المشاهدة، بين المشاركين في التجربة، وعددهم أكثر من 4 آلاف مراهق، وفق "هيلثي دي نيوز."ولفت الباحثون إلى أن التعرض لوسائل الإعلام الإلكترونية الأخرى له ذات تأثير التلفزيون.

وعقب د. برايان برايماك، بروفيسور مساعد للطب وطب الأطفال بجامعة "بيتسبراه للطب، والذي قاد فريق البحث": "الأسباب التي أدت للخلاصة بأنه ربما المسبب-و-المؤثر.. نظراً لأن الدراسة، وعند البدء بها، لم تشمل أي أشخاص يعانون من أعراض الاكتئاب."

وقال أكثر من 4100 من المراهقين الذين شاركوا في الدراسة عام 1995، إنهم يقضون قرابة 5.7 ساعات في المتوسط، في مشاهدة البرامج التلفزيونية أو الفيديو أو ألعاب الفيديو، أو الاستماع للإذاعة، من بينها 2.3 ساعة أمام التلفاز. بحسب سي ان ان.

وبعد مرور سبع سنوات، لاحظ الباحثون أن 7.4 في المائة من المشاركين بدت عليهم الأعراض المتلازمة مع الاكتئاب، وارتبطت بعدد الساعات التي قضوها أمام شاشات التلفزيون أو وسائل الإعلام الإلكترونية الأخرى.

وأضاف برايماك قائلاً "على الرغم من قدرتنا على التحكم بالكثير من المتغيرات مثل الحالة الاجتماعية الاقتصادية والتعلم.. إلا أن الخلاصة النهائية هي أننا في وضع لا يتيح لنا التأكد بصورة قاطعة بأنه المسبب-و-المؤثر cause-and-effect".

وشرح قائلاً: "من الممكن التكهن بأسباب أن التلفزيون قد يقود للاكتئاب.. هناك نظرية بأنك تشاهد الكثير من الأحداث الكئيبة التي قد تضفي عليه الصفة الذاتية.. التلفزيون يشدد على الأخبار السيئة وتكرار التعرض لها قد يجعلها ذاتية."

وأوضح أن للإعلانات التجارية دور بدورها في التأثير النفسي على المشاهد، ونوه: "أنت تشاهد قرابة 20 ألف إعلان تجاري في السنة، وشريحة واسعة منها تسهب في حقيقة مفادها أن الحياة ليست بالمثالية."

إدمان التلفزيون من أسباب تأخر النطق عند الاطفال

ويعاني آلاف الأطفال من صعوبة في الكلام وذلك لأن أسرهم سمحت لهم بمشاهدة التلفزيون لفترات طويلة للغاية. فقد توصل الباحثون إلى أن نحو ربع الاطفال من الذكور و طفلة من بين كل سبع اطفال اناث يعانون من مشاكل فى التحدث ويرجع ذلك غالبا لضوضاء التلفزيون التى تصعب من عملية استعياب الاطفال لما يقوله والديهم. وخلص الباحثون أيضا إلى أن ما يقرب من 4 % من الاطفال البالغ عمرهم ثلاثة أعوام لم يتحدثوا حتى الان.

وذكرت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية إن الدراسة التى قامت بها جين جروس المعنية بتقديم المشورة للحكومة بشأن تحدث الاطفال كشفت أن 3 % من الاطفال يعانون من مشاكل "كبيرة "تتعلق بالكلام.

وحتى إذا كان الاطفال لا يشاهدون البرامج التلفزيونية فان جروس قالت أنهم ربما يواجهون صعوبة فى فهم الكلام الذى ينطق به أباؤهم و الاشخاص الاكبر سنا بسبب الضوضاء التى يسببها التلفزيون.

وقالت "إن عقولنا ليست مهيئة للتعلم من الالات ولكن الاطفال يبدون رد فعل على تعبير للوجه و التعرف على وجوه والديهم.

وكشف الاستطلاع الذى اعتمدت عليه جروس وشمل نحو 1000 أسرة أن 22 % من الاطفال الذكور و 13 % من الاناث يعانون من مشاكل فى التحدث و فهم الاخرين. كما قالت ربع الاسر التى اشتركت فى الاستطلاع إنهم يشغلون التلفزيون إما معظم الوقت أو كل الوقت.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 27/كانون الثاني/2010 - 11/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م