الأمن الغذائي الهَش وأجندة التنمية الدولية المتراخية

الجَوعى على عتبة المليار وتحَمُّض المحيطات يهدِّد الغذاء

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: أخذَ ملف الأمن الغذائي يحتل حيزاً مركزياً في أجندة التنمية للأسرة الدولية وذلك في أعقاب أزمات الأغذية والوقود التي اندلعت بعد أن قفزت أسعارها بصورة جنونية، حيث ان  الوضع الراهن ينبئ بأن عدم إيلاء اهتمام للزراعة ستكون له عواقب وتبعات على الاستقرار وعملية التنمية الاقتصادية في العالم كله.

ومن جهتها قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي جوزيت شيران، مع ارتفاع أعداد الجوعى في العالم لتبلغ مليار شخص لأول مرة في التاريخ، يجب بذل مزيد من الجهود والتنسيق لإطعام العالم في العام المقبل.

وقدمت شيران، في بيان على موقع الأمم المتحدة، الجمعة، "الشكر إلى جهود المجتمع الدولي والوطني والمجتمعات المحلية لمساهمتها في إنقاذ ملايين الأرواح، حيث قام البرنامج هذا العام بتوزيع مساعدات غذائية على نحو 108 ملايين شخص في 74 دولة."

وقالت المسؤولة الأممية "بينما نتطلع لعام 2010، فأنا ممتنة للغاية للدعم والسخاء والعمل الجاد الذي قدمته الدول لمكافحة الجوع،" لافتة إلى أن العقد الحالي شهد معاناة كثيرة وكوارث طبيعية غير مسبوقة ونزاعات.

وقد فقد البرنامج عددا من موظفيه هذا العام، فالأسبوع الماضي قتل أحد الموظفين من بين ثمانية أشخاص في هجوم في قندهار بجنوب أفغانستان.

وقالت شيران "إلا أن روح التعاطف ما زالت كما هي وما زلنا عازمين على الوصول إلى أكثر الفئات المهمشة، فهذه الخسارة قربتنا من بعض ولم تفرقنا،" معربة عن أملها في أن يكون العقد القادم "مليئا بالأمل والفرص والأمن لكل طفل على الأرض."بحسب سي ان ان.

وفي نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، أطلقت الأمم المتحدة الأحد حملة نوعية على الإنترنت تستهدف الأفراد، وليس الحكومات المانحة التي تنؤ تحت ثقل الأزمة الاقتصادية، للمساهمة بتبرعات وتحدي الجوع الذي ينهش مليار شخص حول العالم.

ويهدف برنامج "مليار من أجل مليار" الذي دشنته منظمة "برنامج الأغذية العالمي" التابعة للأمم المتحدة، للوصول إلى مليار فرد من مستخدمي الإنترنت، وقالت شيران "إذا تبرع مليار مستخدم للإنترنت بدولار أو يورو واحد أسبوعياً، فيمكننا عندها تغيير حياة مليار جائع حول العالم."

وأردفت: "إطعام مليار شخص قد يبدو كتحد حقيقي، لكن في مقدور التبرعات الصغيرة إحداث تغييرات كبيرة... على مر السنوات دعمت الحكومات برنامج الغذاء العالمي لإنجاز مهامه لإطعام جياع العالم.. لكننا لا نتوقع أن يقوموا بذلك بمفردهم."

وارتفع عدد جياع العالم بما يناهز 100 مليون فرد هذا العام ليتجاوز الرقم مليار شخص، وفق "برنامج الغذاء العالمي" الذي أعلن عن حاجته إلى 6.7 مليار دولار للمساعدة، في حين ساهمت الجهات المانحة حتى الآن بـ 2.9 مليار دولار.

الأمن الغذائي والأجندة التنموية العالمية

وأخذ ملف الأمن الغذائي يحتل حيزا مركزيا في أجندة التنمية للأسرة الدولية وذلك في أعقاب أزمات الأغذية والوقود التي اندلعت بعد أن قفزت أسعارها بصورة جنونية.  وطبقا لمسؤول في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية فإن الوضع الراهن ينبئ بأن عدم إيلاء اهتمام للزراعة ستكون له عواقب وتبعات على الاستقرار وعملية التنمية الاقتصادية في العالم كله.

وقد ناقش جيف هيل مدير فريق الزراعة في دائرة أفريقيا بالوكالة موضوع الأمن الغذائي في كلمة له في منتدى وحلقة نقاش بعنوان: "أنغولا الجديدة: تشكيل شراكة استراتيجية" يوم 17 الجاري في مركز ويلسون للباحثين الدوليين بواشنطن. وفي حين  تطرق هيل إلى موضوع الزراعة في أفريقيا وأنغولا، تحدث في المنتدى أيضا كل من  جولي هوارد الاقتصادية الزراعية التي تدير مؤسسة "الشراكة للقضاء على الجوع والفقر في أفريقيا"، وبانزو دومنغوس مدير مؤسسة الأبحاث الزراعية في وزارة الزراعة الأنغولية.

وأشار هيل إلى المبادرة التي وافقت عليها قمة الدول الثماني في لاكويلا، إيطاليا، في تموز/يوليو الماضي حيث تعهد قادة هذه الدول بمعالجة مشكلة الأمن الغذائي من خلال إيلاء انتباه أكبر لقطاعات الزراعة. وتلتزم المبادرة بتقديم 20 بليون دولار على مدى 3 سنوات كاستثمارات طويلة الأجل في قطاعات الزراعة والمزارع.

وقال هيل إن الولايات المتحدة تعتمد على المبادئ الخمسة التي اتفق عليها في قمة لاكويلا لرسم استراتيجيتها للأمن الغذائي ومعالجة القضية بصورة شاملة، إقرارا منها بأن حل المشاكل الزراعية في العالم أجمع سيقتضي تحديث الزراعة وتبني توجه رحب حيال موضوع الأمن الغذائي. بحسب موقع أميركا دوت غوف.

وفي قمة الثماني بالمدينة الإيطالية في تموز/يوليو 2009 أصدر المشاركون بيانا مشتركا عبروا فيه عن التزامهم "باتخاذ تدابير حاسمة لتحرير البشرية من الجوع والفقر من خلال تحسين الأمن الغذائي، والتغذية، والزراعة المستدامة" والعمل معا من أجل:(1) دعم العمليات التي تقودها بلدان بمفردها؛ (2) ضمان نهج شامل لتحقيق الأمن الغذائي؛ (3) تنسيق المساعدات استراتيجيا؛ (4) دعم دور ناشط للمؤسسات المتعددة الأطراف (الدولية)؛ و(5) المحافظة على التزام قوي بتوفير الموارد المالية بما في ذلك 20 بليون دولار تعهدت القمة بتقديمها أثناء انعقادها.

وحدد هيل ثلاثة عناصر هامة لاستراتيجية الأمن الغذائي الأميركية وهي أولا، الانتباه بدرجة أكبر إلى الزراعة المستدامة، والنقل، والتمويل وإلى سلسلة القيمة الزراعية بأكملها بدءا بالإنتاج وانتهاء بالاستهلاك؛ ثانيا، التركيز على أهمية التغذية وإدراك تلك الأهمية، ومكافحة سوء التغذية؛ وثالثا، إقرار بالدور الهام الذي تلعبه المساعدات الإنسانية في مجهود تحقيق الأمن الغذائي والحاجة لزيادة أثر هذه المساعدة إلى أقصى حد ممكن.

واستطرد هيل قائلا: "إذن، فإن اعتماد توجه شامل يعني...الاعتراف بمختلف أبعاد هذه القضية" بما فيها الزراعة والتغذية والمساعدات الإنسانية.

وأشاد هيل بـ"برنامج التنمية الزراعية الشاملة في أفريقيا" الذي يجري تصميمه وقيادته وتنسيقه من قبل زعماء أفارقة. وقال إن الولايات المتحدة تريد دعم هذه "العملية الفريدة من نوعها" التي تطرح استراتيجية للقارة كلها بدلا من 53 استراتيجية منفصلة لكل دولة من بلدانها.

ومثل هذا التوجه الموحد، كما أفاد هيل، سيساعد في تحديد أهداف استراتيجية ثمة حاجة لها لتحقيق تقدم في قطاع الزراعة، مضيفا أن مثل ذلك النهج "آخذ في اكتساب زخم جلي."

وفي كلمتها ركزت الاقتصادية هوارد على الزراعة في أنغولا التي كانت –حسبما قالت-  تتمتع باكتفاء ذاتي في المجال الزراعي قبل أن تحصل على استقلالها في عام 1975. وركزت حديثها على أربع نقاط رئيسية:

أولا: في الجدل الدائر حول ما إذا كان من الضروري إعادة إحياء المزارع الكبيرة أو تطوير مزارع صغيرة في أنغولا، قالت هوارد إنها تفضل المزارع الصغيرة رغم أنها سلمت بأهمية كل من المزارع الكبيرة والصغيرة. وأضافت: "فقط من خلال زيادة الإنتاجية الزراعية سيمكن تقليص الفقر بصورة ملموسة"  وأن تطوير تجمعات ريفية حيوية من خلال إقامة مزارع صغيرة سيلعب دورا أساسيا في الترويج لمصالحة سياسية في أنغولا التي اكتوت بحرب أهلية طويلة الأمد.

ثانيا: أشارت هوارد إلى أنه يجب على أنغولا أن تطور قطاعها الزراعي رغم امتلاكها لقطاع نفط وغاز مزدهر. وقالت إن من المهم بصفة خاصة المساعدة على حماية اقتصاد البلاد من التذبذبات والاضطرابات في قطاع النفط والغاز.  وأضافت: "إن الموارد الطبيعية محدودة" ولهذا يصبح التنويع من خلال تنمية القطاع الزراعي أمرا مهما بالنسبة لسلامة اقتصاد تلك الأمة على المدى البعيد.

وثالثا: شددت هوارد على الحاجة لاستثمارات استراتيجية في البنى التحتية الأساسية مثل الطرقات والجسور، وتدريب وتعليم جيل جديد من العلماء الزراعيين والمحللين التنمويين الذين يمكنهم أن يرفعوا توصيات بشأن سياسات التنمية التي تستند إلى أبحاث غير متحيزة وواضحة.

17 مليون إنسان يموتون سنويا بسبب الجوع

وقال منسق برنامج الأغذية "تليفوود" التابع لمنظمة الفاو في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إسماعيل أبوزيد إن إنتاج العالم من الحبوب بلغ 2300 مليون طن في العام وهي كمية تزيد على احتياجات البشر ومع ذلك فإنه مازال هناك جوع في العالم حيث حدثت زيادة 90 بالمائة في أسعار المواد الغذائية خلال عام مما اضطر الدول النامية لتخصيص مليارات الدولارات لمواكبة هذه الزيادة.

وأوضح أن منظمة الأمم المتحدة للأغذية انتهجت منذ 14 عاما توجها يهدف إلى تقليل الجوع في العالم حيث كان عدد الجوعى في ذلك الوقت 864 مليون إنسان وزاد هذا العدد إلى مليار و20 مليون نسمة الآن مشيرا إلى أن الدول الغنية أحجمت عن المشاركة في مؤتمر الأمن الغذائي العالمي في نوفمبر 2009 كما أن بعضها تقاعس عن الوفاء بالتزاماته المالية السابقة.

وحذر منسق برنامج الأغذية /تليفوود/ إسماعيل أبوزيد من أنه في كل دقيقة يموت عشرة أطفال أي بمعدل طفل كل ست ثوان بسبب الجوع في الوقت الذي يتم فيه التركيز بشكل مبالغ على الحديث عن انفلوانزا الخنازير بينما هناك 17 مليون جائع يموتون كل عام.

وأضاف قائلا "لا أقلل من شأن ما تقوم الأجهزة المعنية بمرض إنفلونزا الخنازير ولكن إذا كان عدد الضحايا هو المعيار فإن الجوع هو الأخطر" ..مستنكرا حدوث هذا في الوقت الذي ينتج فيه العالم أغذية تزيد على حاجته وينفق على التسلح في يوم واحد ما يكفي للقضاء على الجوع في دول العجز الغذائي.

وبدوره قال الممثل المقيم لمنظمة /الفاو/ لدى مصر عبد السلام ولد أحمد القائم بأعمال مكتب الشرق الأدنى في المنظمة إن الشراكة بين الفاو والمجتمع الدولي تشكل حجر الزاوية لجهود المنظمة في مكافحة الجوع موضحا أن السياسات الإقتصادية غير المتوازنة وضعف الإستثمارات في القطاع الزراعي وعدم فاعلية برامج الحماية الزراعية إضافة إلى تأثير الأزمة المالية العالمية تمثل أسباب تدهور الموقف العالمي إزاء مكافحة الجوع حيث زاد عدد الجوعى 105 ملايين شخص في عام 2009. وأوضح أن الدول العربية تستورد 50 بالمائة من احتياجاتها الزراعية حيث أن العالم العربي أكبر مستورد للحبوب مما يجعله أكثر عرضة لتقلبات السوق محذرا من أن هذا الوضع سيزداد بسبب التغيرات المناخية وزيادة السكان.

تغير المناخ وعلاقته بنقص التغذية

ويواجه أكثر من 19 مليون طفل في كل وقت من الأوقات خطر الوفاة جراء المجاعة ولكن ثلاثة بالمائة منهم فقط هم الذين يحصلون على العلاج.

ويودي الجوع بحياة سبعة أطفال في الدقيقة بسبب عدم حصولهم على العلاج اللازم. ومن المحتمل أن يؤدي تأثير تغير المناخ على مسببات نقص التغذية المتمثلة في انعدام الأمن الغذائي والتهديدات الصحية والضغط على الموارد المائية إلى ارتفاع هذا العدد، حسب تصريح اللجنة الدائمة للتغذية التابعة للأمم المتحدة خلال مؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ المنعقد في كوبنهاغن.

وقد أفادت اللجنة أنها تهدف لتشجيع وحماية التغذية باعتبارها جزءاً من عملية التكيف مع تغير المناخ وذلك عن طريق "العمل التعاوني" و"بناء الجسور" عبر "الأبعاد والمجالات البيولوجية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية" من أجل "تطوير تحالفات واتحادات لضمان تعزيز الإرادة السياسية والموارد المالية والجهود الإنسانية" في هذا المجال.

وفي هذا السياق، أشار أندرو ميتشل، من منظمة العمل لمكافحة الجوع والعضو في لجنة الأمم المتحدة، إلى أن الروابط بين تغير المناخ والتغذية لا تنحصر في مسألة الحصول على ما يكفي من غذاء. فبالنسبة له "يمكن لسوء التغذية أن ينتج عن تأثير تغير المناخ على قطاعات مثل الصحة والمياه".

ويواجه أكثر من 19 مليون طفل في كل وقت من الأوقات خطر الوفاة جراء المجاعة ولكن ثلاثة بالمائة منهم فقط هم الذين يحصلون على العلاج، حسب تصريح اللجنة الدائمة للتغذية التابعة للأمم المتحدة على هامش مؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ الذي بدأ أعماله في كوبنهاغن يوم 7 ديسمبر. ووفقاً لتوقعات تغير المناخ، قد تصل نسبة تقلص إنتاج الغذاء إلى 50 بالمائة بحدود عام 2020 في بعض الدول الإفريقية و30 بالمائة في وسط وجنوب آسيا مما سيفاقم خطر المجاعة. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية.

وأوضحت اللجنة أن حالة نقص التغذية تنتج عن عدم ملائمة الغذاء والأمراض الناتجين بدورهما عن عدم كفاية الغذاء وسوء الرعاية المتوفرة للأم والطفل وصعوبة الحصول على مياه الشرب النظيفة وعدم توفر الصرف الصحي المأمون وسوء الأحوال الصحية، وهي عوامل تتأثر بشكل مباشر بتغير المناخ.

وكانت دراسة صادرة عن المعهد الدولي لأبحاث السياسات الغذائية في أكتوبر 2009 قد توقعت أن يتسبب نقص السعرات الحرارية بحدود عام 2050 في زيادة سوء التغذية بنسبة 20 بالمائة. وأشارت الدراسة إلى أن "تغير المناخ سيقضي على الكثير من التقدم الذي تم إحرازه في مجال مكافحة مستويات سوء التغذية لدى الأطفال غير المرتبطة بتغير المناخ".

المعونة الغذائية التي تعطيك اثنين بثمن واحد

ويمكن للمعونة الغذائية الجيدة أن توفر مليارات الدولارات التي كان من الممكن أن تنفق على إنقاذ الأرواح، وفقاً لتقرير هام أصدره البنك الدولي، وهو واحد من دراستين جديدتين كشفتا بعض الحقائق المقلقة حول المعونات الغذائية وسوء التغذية.

فوفقاً للتقرير الصادر بعنوان "رفع مستوى التدخل: ماذا سيكلف؟" يمكن أن يوفر إنفاق 200 دولار لعلاج طفل مصاب بسوء التغذية الحاد 1,351 دولاراً من تكلفة علاج الأمراض المتعلقة بالتغذية. ويرى التقرير أن "تكلفة عدم التدخل أعلى بكثير، فالفائدة التي تعود من دعم السلع الضرورية بالحديد وإضافة اليود إلى الملح وحدها تقدر بنحو 7.2 مليار دولار سنوياً".

وقد أحيت أزمة أسعار المواد الغذائية التي حدثت عامي 2007/2008، وتلتها واحدة من أسوأ حالات الركود الاقتصادي في الآونة الأخيرة، اهتمام عالم المساعدات الإنسانية بسوء التغذية، لا سيما جودة المعونة الغذائية التي يتم تقديمها.

ويتفق التقرير الآخر، الذي أصدرته المنظمة الخيرية الطبية الدولية "أطباء بلا حدود" بعنوان "سوء التغذية: ما هو حجم الإنفاق؟" مع النتيجة التي توصل إليها البنك الدولي وهي أن المعونة الغذائية فشلت فشلاً ذريعاً في تلبية احتياجات التغذية.

ولا تركز المعونة الغذائية بالضرورة على "الفرصة المتاحة" من فترة الحمل إلى أن يبلغ الطفل عامه الثاني، وهي الفترة التي يكون فيها الأطفال والنساء أكثر ضعفاً، كما قالت ميرا شيكار، وهي خبيرة رائدة في مجال الصحة والتغذية بالبنك الدولي، وشاركت في تأليف التقرير.

وقال ستيفان دويون، أحد مؤلفي تقرير منظمة أطباء بلا حدود أنه "نادراً ما تستهدف المعونات الغذائية الفئات الأكثر ضعفاً؛ وهم الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات".

ولا تنفق الجهات المانحة سوى القليل جداً على التغذية. فعلى سبيل المثال لم تتعد نسبة المعونات الغذائية والتنموية الطارئة التي كانت موجهة لمعالجة سوء التغذية بين عامي 2004 و 2007 الـ 1.7 بالمائة، وفقاً لمنظمة أطباء بلا حدود.

وقال دويون أن تحليلهم اقترح على الدول المانحة تعظيم قيمة التمويل عن طريق وقف الهبات العينية وتوفير مبالغ نقدية بدلاً منها حتى يتسنى لوكالات المعونة البحث عن غذاء أرخص أو أكثر ملائمة في المنطقة أو البلد المستفيد. بيد أن الدول المانحة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وكندا، والتي كانت قد قررت مؤخراً توفير مبالغ نقدية، لم تنفق أموالاً كافية على التغذية.

وأشار تقرير البنك الدولي إلى أن التصدي لسوء التغذية في 36 بلداً يعيش فيها 90 بالمائة من أكثر أطفال العالم معاناة من سوء التغذية سيكون رخيصاً نسبياً - بحيث لا يزيد عن 11.8 مليار دولار وذلك لزيادة نسب التغطية الحالية في 13 مشروع تغذية إلى 100 بالمائة من السكان المستهدفين.

ويمكن لتوسيع نطاق هذه البرامج، التي تشمل توفير الأغذية المدعمة بالمعادن والفيتامينات وأقراص التخلص من الديدان وتشجيع الرضاعة الطبيعية، أن ينقذ حياة أكثر من 1.1 مليون طفل تقل أعمارهم عن خمس سنوات في هذه البلدان، التي يموت فيها حوالي ثمانية ملايين طفل لأسباب ذات صلة بسوء التغذية كل عام.

ويلقي تقرير البنك الدولي نظرة شاملة على الأركان الأساسية لبرامج التغذية مثل توفير الأطعمة المدعمة بالمغذيات الدقيقة، ويوفر تفاصيل ليس فقط حول مقدار الزيادة المطلوبة في كل برنامج، ولكن حول أثرها من حيث القيمة النقدية كذلك.

اليونيسف قلقة من الوضع الغذائي في تشاد

وقال مدير مكتب منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في تشاد مارتزيو بابيل لوكالة فرانس برس انه يشعر ب"قلق شديد" من الوضع الغذائي في منطقتي كانيم وبحر الغزال (غرب).

وقال بابيل الذي عاد لتوه من زيارة ميدانية الى غرب تشاد "نحن قلقون للغاية. بحسب السلطات هناك حالات مجاعة في بعض القرى الصغيرة ويجب التحرك بسرعة". واضاف "يجب تسريع المحادثات من اجل التحرك بسرعة. اذا لم نفعل ذلك ستتفاقم الاوضاع. يجب تجنب ازمة. يبدو لي امرا حتميا ان يوفر المانحون هذه الاموال خلال مهل معقولة (...). هذا امر ضروري".

وبحسب ارقام اليونيسف فان حوالى 2200 طفل في كانيم وبحر الغزال حيث يعيش حوالى 500 الف نسمة، يعانون من حالات سوء تغذية "شديدة" واكثر من 13 الف طفل من حالات سوء تغدية "معتدلة".

وكانت دراسة لمنظمة "تحرك ضد الجوع" نشرت في ايلول/سبتمبر 2008 بينت ان نسبة حالات سوء التغدية الحادة في تشاد تفوق 20%. وشدد بابيل على ان "معدل تساقط الامطار انخفض بين كانون الاول/ديسمبر 2008 وآب/اغسطس 2009 بنسبة العشر حيث كان 1010 ملم مكعب واصبح 114 ملم مكعب، والحصاد معدوم او شبه معدوم".

واضاف ان "الحكومة بذلت جهودا لتأمين الحبوب (...) الا ان المخزونات قليلة. هناك عوامل كثيرة تهدد سكانا وضعهم هش اصلا" في مناطق تعاني من سوء تغذية مزمنة.

تحَمُّض المحيطات يهدّد الامن الغذائي

وحذرت بريطانيا من خلال الخطاب الذي سيلقيه وزير البيئة لديها هيلاري بن في قمة التغير المناخي في كوبنهاجن من ان تحمض المحيطات يهدد الحياة البحرية والامن الغذائي.

وفي الكلمة التي سيلقيها سيقول بن ان تأثير الكاربون على المحيطات والبحار هو حافز اضافي لخفض الانبعاثات.

يشار الى ان كيمياء المحيطات تتغير وتتطور وذلك بسبب امتصاص المحيطات لثاني اكسيد الكاربون، وحتى ان البعض يعتقد ان ذلك هو احد اسباب ارتفاع منسوب البحار والمحيطات.

يشار الى ان المعلومات حول تأثير الانبعاثات على الحياة البحرية اكتشف منذ نحو 5 او 6 اعوام فقط.

وقال بن لبي بي سي انه "بات من المعروف ان الحياة البحرية تتأثر الى حد بعيد في الانبعاثات وقد يؤدي ذلك الى انخفاض في كميات الاسماك بشكل كبير في الوقت الذي يشكل السمك مصدر الغذاء الرئيسي لاكثر من مليار شخص".واضاف الوزير بأن "هذه المشكلة لا تحظى بالاهمية اللازمة".

كما كانت الامم المتحدة قد قالت في سبتمبر/ ايلول الماضي بأن هذه المشكلة لا تحظى بالاهمية الكافية التي تستحقها وبخاصة بعدما اظهرت آخر الدراسات ان انبعاثات ثاني اكسيد الكاربون قد تؤثر سلبا على كميات الشعب المرجانية وأكثر مما يعتقد البعض.

وسيأتي كلام بن خلال الكلمة التي يلقيها بمناسبة "يوم المحيطات" في قمة كوبنهاجن حيث تجري المفاوضات من اجل محاولة التوصل الى اتفاق دولي جديد في مجال المناخ.

ويقول اندرو ديكسون وهو عالم في مجال الكيمياء البحرية ان التفاعلات الكيميائية التي تجري بسبب انبعاثات ثاني اكسيد الكاربون والذي تمتصه المحيطات متواصلة من اكثر من قرن من الزمن، وذلك لان المحيطات والغلاف الجوي يتبادلان ثاني اكسيد الكاربون باستمرار ولان نسبة هذا الغاز في الغلاف الجوي هي اليوم 30 بالمئة اكثر مما كانت عليه قبل العصر الصناعي.

ارتفاع أسعار الغذاء قد يرفع التضخم في الخليج

وقال خبراء ان من المرجح أن يزيد ارتفاع أسعار الغذاء العالمية مستويات التضخم في منطقة الخليج بحلول عام 2010 اذ تستورد المنطقة معظم احتياجاتها من المنتجات الغذائية.

وقالت مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين بالمجموعة المالية-هيرميس في دبي "نتوقع أن يصبح تضخم (أسعار) الغذاء مشكلة على نحو متزايد بالنسبة لدول منطقة الخليج مع عودة أسعار الغذاء العالمية الى الارتفاع مرة أخرى" لكنها رفضت اعطاء تقدير محدد لزيادة التضخم.

وأضافت "نتوقع أن يزيد التضخم ثانية في 2010 مما يرجع جزئيا الى ارتفاع اسعار الغذاء بالاضافة الى عوامل التضخم المستورد الاخرى."

وتسبب ضعف المحاصيل هذا العام في زيارة أسعار مواد غذائية أساسية مثل الارز والسكر على مستوى العالم. لكن تأثير هذه الاسعار اقل وضوحا في المنطقة نظرا لان بعض الحكومات وقعت اتفاقات مع التجار لتثبيت الاسعار.

وقال ابراهام جورج المدير بجمعية بانياس التعاونية في أبوظبي "هذا يتغير الان .. تجار السكر والارز الذين يتعاملون في الامارات يجرون محادثات مع وزارة الاقتصاد لرفع الاسعار بما ينسجم مع الزيادة العالمية." وشهدت أسعار الغذاء ارتفاعا بشكل خاص في الشهرين الاخيرين حتى مع انخفاض أسعار النفط.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 27/كانون الثاني/2010 - 11/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م