رعاية الأطفال وتنمية مواهبهم في بيئات العنف

تحقيق: نهلة جابر

 

شبكة النبأ: "لعب الأطفال" هي المساحة الوحيدة التي يمكن أن تحتويهم حين يفتقدون الملاعب أو المتنزهات المخصصة لهم، ولطالما كانت الشوارع فضاء عاماً ومكاناً مناسباً لالتقاء الأصدقاء ولعب الكرة.

في الشوارع لم يكن اللعب مشكلة قبل سنوات لكن الأيام تغيرت, وافتقدت ألعاب الحي للبراءة كما افتقد المجتمع للروح الجماعية والاجتماعية.

ويقول باحث اجتماعي وأستاذ جامعي ،" نظرات التحدي لا تفارق عيون الأولاد وهم يحدقون بالمارة باستمرار, وكما يقال الغلطة بورطة فمَنْ يرد على هذه النظرات بمثلها حتى ولو من دون قصد، سقط في هوة عميقة. أما احترام الأكبر سناً فما عاد مألوفاً إذ يكفي هنا أن تكون ذكَراً".

ويضيف لـ شبكة النبأ المعلوماتية،" وبالتالي في حال وقوع أي مشكلة بين فريقين تبدأ عملية تجييش واسعة للمنتمين لكل فريق لحسم النتيجة، لكن معركة واحدة لا تكفي لحسم الأمور فتتحول شوارع المنطقة  بلحظة إلى ساحات معارك.

افتتِحوا المقاهي

ويقول أبو مصطفى، 45 عاما،" العالم حولنا يمشي بخطى متسارعة وأصبحت كل مفردات الحياة متطورة, وإذا وجد بعض الأهالي شيئاً من الاطمئنان لافتتاح مقاهي انترنت ومحال لألعاب الفيديو تحت أنظار المسئولين فما المانع بذلك, فنحن نعتقد بأنها تبعد أبناءنا عن الشوارع.

إلا أن الكثير من الألعاب الشائعة بأيدي الأطفال تمهِّد لثقافة العنف وترسّخها إذ يغلب عليها الطابع القتالي  "ككاونتر سترايك"، وألعاب الاستراتيجيات الحربية، ويخرج الأولاد من تلك المحال فيطبّقون على رفاقهم بعضاً من تلك الألعاب".

ويضيف أبو مصطفى لـ شبكة النبأ،" ربما لم تفهم الحكومات المتعاقبة إن للدولة سطوتها بفرض القانون, من المهم إن تعمل الدولة على فرض قوانين صارمة على الاستيراد لجميع العاب الأطفال وحتى الأقراص المدمجة".

أنقذوا أطفالنا

وتقول د. نجاة عبد الكريم الأستاذة في كلية القانون لـ شبكة النبأ," إن اللبنة الأساسية لبناء المجتمعات هي شريحة الأطفال لهذا يجب التركيز على العملية التربوية في العراق بسبب السياسات التي اعترت طريق ومسيرة ذلك الشعب المظلوم".

وتضيف،" ربما نحتاج إلى سنيين من التدريب والخبرات في مجال التعليم الأكاديمي والمهني والدورات الأساسية لإفهام الأجيال معنى العنف وإشاعة مبدأ ثقافة الحوار". مشيرة إلى" إن من المفترض إن يضاف إلى جانب الدروس الأساسية  درس حقوق الإنسان ونبذ العنف".

ولفتت إلى،" إن الطفل العراقي عانى من توالي الحروب والمشاهد الدامية من تفجيرات وقتل وتشريد وعصابات مما أدى إلى نشوء أجيال اعتادت على المشهد الدامي, لهذا تقع مسؤولية كبيرة على المدارس لانتشال الأطفال من الانحدار لهاوية العنف".

أما السيدة أم رشا فتقول بحسرة كبيرة لـ شبكة النبأ ،" إن أطفالنا يعانون من عدم وجود مشاريع تستوعب طاقاتهم الإبداعية فنحن لا نجد أي أماكن قادرة على تقديم النصح والإرشاد إلى من هم قادرين على الابتكار والإبداع، فمثلا ليست هناك نوادي أو مراكز شبابية تفتح المجال للأطفال لكي يثبتوا جدارتهم في الاختراعات التي تطور قابليتهم ومستقبلهم العلمي".

الأطفال نعمة وليسوا بنقمة

وتقول الناشطة في منظمات المجتمع المدني توحيد عامر، 35 سنة،" إن المجتمع والأهل يجب إن يضعوا نصب أعينهم احتمالية انجراف الأطفال إلى الإعمال الإجرامية وان يستغل من قبل العصابات الإجرامية في تنفيذ عدد من الجرائم "كالقتل والتسليب". مشيرة إلى،" إن الحكومة مطالبة بوضع برامج محاصرة أطفال الشوارع والذين يمتهنون مهنة الاستجداء في الطرقات العامة والتقاطعات مما يجعلهم الأكثر عرضة إلى الاستغلال من قبل العصابات لتنفيذ العمليات الإجرامية".

تنمية القابليات واجب مشترك

عدد من الاطفال "علاء, نزار, ثامر, علي" قرروا أن يفتتحوا منتدى صغير وكانوا فيه هم القادة والرؤساء, تناقلوا السلطة فيما بينهم, وانضم اليهم عدد كبير من الاطفال هدفهم الوحيد هو محاربة الافكار المتطرفة من قبل الاطفال الاخرين الذين يؤمنون  بالعنف.

يقول علاء لـ شبكة النبأ،" صحيح أننا أطفال وأن القرار بيد آباءنا ولكننا بدأنا بالاعتماد على أنفسنا وإمكانياتنا  ونتمنى في المستقبل أن نحقق أمنياتنا".

ويضيف علاء،" نحن بحاجة الى الكثير من المتطلبات وأهمها السفرات المدرسية التي غابت عن مدارسنا كما نطالب بإقامة منتديات تستوعب الكثير منّا وانتشال الأطفال المتسولين من التشرّد والضياع.

فيما قالت المشرفة التربوية عواطف عطية،" نحن نستغرب أن ألعاب الأطفال لاتحتوي إلا على الأسلحة والمتفجرات والألعاب النارية، والتي من شأنها أن تثير جانب العنف لدى البنت والولد على حد سواء". مشيرة إلى،" أن الرقابة على الاستيراد يجب أن تُعاد لكي يتسنى لنا تنفس الصعداء من تدهور أفكار الأطفال بسبب غياب عين الدولة على الاستيراد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 27/كانون الثاني/2010 - 11/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م