زلزال هايتي: فزع وأصوات تحت الأنقاض

مئات آلاف القتلى وملايين المشرَّدين و UN تطلق نداءً إنسانياً

 

شبكة النبأ: اعلنت السلطات في هايتي أن عدداً كبيراً قد يصل الى 200 ألف قتلوا في الزلزال الذي دمر البلاد وأنه سيتعين إعادة بناء ثلاثة ارباع العاصمة بورت او برنس.

وقال وزير الداخلية الهايتي انطوني باين ايمي، "جمعنا بالفعل نحو 50 الف جثة ونتوقع ان يكون هناك في المجمل ما بين 100 الف و200 الف قتيل على الرغم من اننا لن نعرف قط العدد على وجه الدقة."

وقال اراميك لويس وزير الدولة للامن العام ان نحو 40 الف جثة دفنت في مقابر جماعية.

واذا ثبت صحة عدد القتلى فان هذا الزلزال الذي بلغت قوته سبع درجات والذي هز هايتي يوم الثلاثاء الماضي سيكون واحدا من بين ادمى عشرة زلازل سجلت حتى الان.

وبعد ثلاثة ايام من وقوع الزلزال بدات عصابات من اللصوص في الانقضاض على الناجين الذين يعيشون في مخيمات مؤقتة على الارصفة والشوارع التي تناثرت فيها الانقاض والجثث المتحللة في الوقت الذي هزت فيه توابع الزلزال الاحياء الجبلية بالعاصمة.

وقال لويس ان الرئيس رينيه بريفال ورئيس الوزراء جان ماكس بيليرفي ينسقان رد الحكومة من مقر الشرطة القضائية قرب المطار وان خوفهما الاساسي هو تحول اليأس الى اعمال عنف.

وقال لويس "بدأنا نرسل شرطتنا الى المناطق التي بدأ يعمل فيها قطاع الطرق. بعض الناس يقومون بالسرقة وهذا خطأ."الناس الذين يعيشون في اماكن الايواء يبدأون في الغضب بمجرد الا يجدون الطعام والمساعدة. رسالتنا للجميع هي ان يبقوا هادئين."

وارسلت حكومات وجماعات اغاثة من شتى انحاء العالم امدادات اغاثة وفرقا طبية الى هايتي وهي بالفعل افقر دول نصف الكرة الغربي.

المرجع الشيرازي يوجِّه بإغاثة منكوبي هاييتي

وبتوجيه من المرجع الديني اية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله) يبدأ الشيخ محمد تقي الذاكري مشاوراته مع المطلعين بشأن منطقة هاييتي المنكوبة لتشكيل لجنة لجمع التبرعات من أجل مساعدة ضحايا الزلزال العظيم الذي أدى الى وفاة  ما يناهز المأتي الف شخص من مسلمين ومسيحيين وغيرهم.

وبحسب التقارير الواردة أن ما يناهز مائتي ألف شخص قضوا في الزلزال المدّمر الذي ضرب البلاد، مخلّفاً عشرات آلاف الضحايا اللذين تم دفن 40 ألفاً منهم  في مقابر جماعية.

مواطنو هايتي اليائسون يطالبون بالإسراع بالمساعدات

وقضى الاف الاشخاص الذين اصيبوا او شردوا في زلزال هايتي ليلة اخرى على ارصفة الطرقات وصرخوا طالبين المساعدة بعد ان تحول يأسهم الى غضب فيما اهتزت المدينة المدمرة بالكثير من توابع الزالزال.

وبدأت حكومات في جميع انحاء العالم ارسال امدادات اغاثة وفرق طبية الى الدولة الواقعة في منطقة الكاريبي والتي تعد افقر دولة في نصف الكرة الارضية الغربي.

لكن العوائق الضخمة المتعلقة بنقل الامدادات ونطاق الدمار التام يعني ان المساعدات لم تصل بعد الى مئات الالاف من المصابين والمشردين في العاصمة الساحلية المدمرة بورت او برنس.

وقال رينيلدي لاماركيه الذي فتح فناء منزله امام نحو 500 من الناجين من الزلزال في منطقة فورت ناشونال المدمرة "هؤلاء الاشخاص فقدوا كل شيء. ليس لديهم اي شيء. ينتظرون منذ يومين الان. لا أحد يساعدنا. من فضلكم احضروا لنا الماء والا فان اشخاصا سيموتون في القريب العاجل." ومد ناجون يرتدون ملابس رثة اياديهم لصحفي يستجدون الطعام والماء.

ويخشى ان يكون عشرات الالاف قد لاقوا حتفهم جراء الزلزال الذي ضرب هايتي الثلاثاء الماضي ولا تزال التوابع الخطيرة تحدث كل بضع ساعات في انحاء المدينة مما يؤدي الى تحريك الحطام وزيادة معاناة الاشخاص الذين انتابتهم الصدمة بسبب وقوع وفيات واصابات على نطاق واسع.

وقالت بيرتيلي فرانسيس (43 عاما) والتي كانت مع اطفالها الثلاثة "لم اتناول اي طعام منذ امس الاول. فقدنا منزلنا وليس لدينا ما نأكله . لم يأت أحد (لمساعدتنا). لم نر أحدا لا حتى وزير او سناتور (عضو بمجلس الشيوخ)."واضافت "نحن هنا بنعمة من الله ولا أحد اخر."

وفي احدى مناطق بورت او برنس قال شهود عيان ان مواطنين يائسين اغلقوا الشوارع بالجثث في احتجاج للمطالبة بالاسراع بجهود الاغاثة.

وقالت اجيري ان وكالات الاغاثة تبحث اقامة مخيم مركزي للنازحين في محاولة لجمع اكبر عدد ممكن من المنكوبين المتناثرين في انحاء بورت او برنس.

واضافت "الاساس هو التنسيق. الكثير جدا من عمال الاغاثة خارج الصورة (لا يشاركون). نريد تجنب رؤية الناس يهرولون هنا وهناك بمتعلقاتهم الخاصة."

رئيس هايتي: الدمار يشبه دمار الحروب

من جانبه أعرب رينيه بريفال رئيس هايتي عن شكره للعالم على مسارعته بمساعدة بلاده الفقيرة بعد الزلزال المفجع الذي شبهه بقصف حربي.

وقال بريفال البالغ من العمر 66 عاما لرويترز في مقابلة خارج مركز الشرطة الذي اصبح منزله ومكتبه في العاصمة المدمرة بورت او برنس ان "الاضرار التي رأيتها هنا يمكن تشبيهها بالاضرار التي ترونها اذا تعرضت البلاد لقصف لمدة 15 يوما. ان الامر يبدو كما لو كنت في حرب."

وادى الزلزال الذي بلغت قوته سبع درجات الى تدمير كثير من بورت او برنس الساحلية الجبلية يوم الثلاثاء والى انهيار قصر الرئاسة الفاخر ومنزل بريفال ايضا.

وتقول السلطات في هايتي وهي بالفعل افقر دول نصف الكرة الغربي انها تعتقد ان عدد القتلى سيكون ما بين 100 الف و200 الف وان ثلاثة ارباع العاصمة سيحتاج الى اعادة بناء.

وقال بريفال الذي اذهلته فداحة الكارثة مثل كثيرين من ابناء بلاده انه لم ينم منذ يومين منذ وقوع الزلزال. واضاف بريفال وقد علت وجهه ابتسامة ساخرة مشيرا الى مقر الشرطة القضائية حيث يقيم حاليا "ليس لدي بيت وليس لدي تليفون هذا هو قصري الان."بحسب رويترز.

وقال بريفال الذي كان يتحدث بهدوء وان كانت الصدمة ظاهرة عليه انه تحدث صباح يوم الجمعة مع الرئيس الامريكي باراك اوباما والامين العام للامم المتحدة بان جي مون لبحث مبادرة الاغاثة الضخمة التي يتزعمانها من اجل هايتي.

وقال "ابديا تعاطفا وقالا انهما سيبذلان كل ما في وسعهما من اجل المساعدة.. شكرتهما على الاهتمام الذي يوليانه للوضع في هايتي."وتجنب رئيس هايتي الاجابة على اسئلة بشأن عدد الضحايا.

وقال "لن اجازف بتخمين." على الرغم من اعلان السلطات الوطنية والدولية المختلفة بان عدد الضحايا سيصل الى عشرات الالاف. واضاف بريفال "علينا ان نعيد بناء كل شيء.القصر انهار والبرلمان تداعي وقصر العدالة انهار."

UN تطلق نداءً إنسانياً

وأقر مسؤول كبير بالأمم المتحدة بأن عمليات الاغاثة من الزلزال الذي ضرب هايتي لا تتقدم بالسرعة الكافية، في الوقت الذي أطلقت فيه المنظمة الأممية مناشدة لتأمين 560 مليون دولار لمساعدة ضحايا الزلزال المدمر حيث تشير التقديرات الأولية إلى مصرع ما بين 50 ألف إلى 100 ألف شخص، من بينهم 37 من موظفي الأمم المتحدة.

وقال جون هولمز، جون هولمز ، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لـCNN، إن التحديات المتمثلة في مدى الدمار الذي خلفته الهزة القوية، وبلغت 7 درجات بمقياس ريختر، يعيق عمليات الاغاثة، إلا أنه أكد : "سوف نقوم بذلك ، ببطء ولكن بثقة".

وأوضح وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية أن التعهدات الدولية لمساعدة هايتي تقدر حتى الآن 360 مليون دولار يخصص جزء منها للمساهمة في النداء الإنساني فيما تقدم بقية الأموال بشكل ثنائي للحكومة في هايتي وعدد من المنظمات الإنسانية.

وفي الغضون ناشدت الأمم المتحدة المجتمع الدولي توفير مبلغ 560 مليون دولار لمساعدة ضحايا الزلزال المدمر، في الوقت الذي عززت فيه الأمم المتحدة جهودها الرامية إلى مساعدة ضحايا الزلزال مع تسلم مبعوث المنظمة مهامه على الأرض، وبدء مهمة تنسيق جهود الإغاثة.

في حين قال مارتين نسيركي، المتحدث باسم الأمم المتحدة إن الحصيلة الإجمالية لأعداد الضحايا من العاملين في بعثة الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية التابعة لها في هايتي قد بلغ 37 قتيلا.

وأوضح للصحفيين: "قتل 36 من العاملين في بعثة الأمم المتحدة - مينوستا وآخر من موظفي برنامج الأغذية العالمي. أما عدد المفقودين ومجهولي المصير من العاملين في مختلف وكالات الأمم المتحدة، فقد بلغ 330 شخصاً"، وفق ما نقلت الأمم المتحدة في موقعها الإلكتروني.

وتجدر الإشارة إلى أن عدد موظفي الأمم المتحدة المحليين والدوليين العاملين في هايتي يبلغ 12 ألف شخص.

وقد رفض مسؤولو الأمم المتحدة تأكيد ما تردد عن معلومات عن وفاة هادي عنابي ممثل الأمين العام في هايتي.

خبراء يتوقعون زلازل اخرى في هايتي ومنطقتها

وفي هذه الغضون حذّرَ علماء من ان الزلزال العنيف الذي ضرب هايتي ينذر بوقوع هزات ارضية اخرى في المنطقة واكدوا ضرورة اعادة اعمار بور او برنس الواقعة على طول خط الزلازل، بمواد مقاومة لها.

وقال بول مان الباحث في المعهد الجيوفيزيائي في جامعة اوستن بتكساس (جنوب الولايات المتحدة) "يجب الا تتم عملية اعادة الاعمار انطلاقا من مبدأ ان الخطر زال عن هايتي". واضاف ان "الزلزال العنيف الذي ضرب المنطقة القريبة من بور او برنس قد يكون زاد الضغوط في المناطق القريبة من الصدع الزلزالي".

ويعمل الباحثون على نظام لوضع نماذج لمعرفة التغيرات التي طرأت على المنطقة نتيجة الزلزال الذي ضرب هايتي الثلاثاء وبلغت قوته سبع درجات.

وقال مان في اتصال هاتفي اجرته معه وكالة فرانس برس ان "هذا الصدع يمتد على مئات الكيلومترات والجزء الذي سبب الزلزال لا يتجاوز ثمانين كلم". واضاف "لكن الضغط يتجمع في اجزاء عديدة لم تشهد زلازل منذ مئات السنين ويمكن لاي جزء ان يتسبب بزلزال شبيه بالذي ضرب هايتي".

ويخشى وقوع كارثة جديدة حتى وان لم يكن هناك سوى مركزين شديدي الكثافة السكانية على طول الصدع هما بور او برنس وكينسغتن في جامايكا، خصوصا وان الجزء الذي سبب الزلزال الثلاثاء ليس الاقرب من عاصمة هايتي.

وهناك صدع ثان يمر عبر شمال هايتي حتى جمهورية الدومينيكان المجاورة، لم يشهد اي تحرك منذ 800 سنة والضغط الذي تجمع كاف لتشكيل زلزال جديد بقوة 7,5 درجات.

وتابع مان ان "السؤال هو معرفة متى ستضرب الزلازل الجديدة" موضحا انه من الصعب توقع "اذا ما كان ذلك سيحصل العام المقبل او خلال قرن".

وبدأ اريك كاليه الجيوفيزيائي الفرنسي الذي درس في جامعة بوردو، في انديانا (شمال الولايات المتحدة) في 2003 بدراسة الصدع الذي سبب زلزال الثلاثاء. وقال كاليه انه حذر السلطات في هايتي من تراكم خطير للضغط لكن تدابير محدودة اتخذت لتعزيز المنازل في هذا البلد الفقير.

وصرح كاليه لوكالة فرانس برس "لا يمكننا القاء اللوم على حكومة هايتي. لقد اصغوا الينا باهتمام وكانوا على علم بالمخاطر. كانوا قلقين جدا وبدأوا يتخذون تدابير وقائية. لكن الامر حصل قبل اوانه".

اصوات الاستغاثة تتلاشى تحت الانقاض

يحاول شاب انتشال امرأتين تئنان تحت اكوام الركام داخل متجر في بور او برنس دمره الزلزال لكن ليس لديه امل كبير بنجاتهما، فمن دون عتاد ولا تدريب ولا تنظيم يجد المتطوعون انفسهم عاجزين عن اتمام عمليات الانقاذ.

وبعد 48 ساعة على الزلزال المدمر يصل الى مسامع المتطوعين في عمليات الانقاذ صوت استغاثة من تحت الركام. يتقاطر الشبان الى المكان، عابرو سبيل ومتطوعون يتكاتفون لازاحة جدار ضخم من الخرسانة تحته كومة من القضبان المعدنية الملتوية وتحتهما ماريز، المسجونة تحت الانقاض.

وعلى الرغم من ان طائرات الاغاثة الدولية بدأت بالوصول الى مطار بور او برنس، فان سكان هايتي المنكوبين لا يسعهم حتى الساعة الا الاتكال على انفسهم ومحاولة انقاذ الضحايا بقدراتهم المتواضعة، بعد يومين من اعنف زلزال يضرب بلدهم منذ 150 عاما.

ماريز محتجزة مع شابة اخرى تحت الانقاض في احد شوارع وسط العاصمة. الفتاتان لا تزالان على قيد الحياة، ولكن الامال بانقاذهما ضعيفة للغاية بحسب ما يؤكد العاملون على انقاذهما بسبب الافتقار الى رافعة.

امام هذا الوضع لا يجد جان رال روشيه (30 عاما) امامه الا ان يبكي وهو يردد "ستموتان، ستموتان". هذا الطالب في المحاسبة تطوع للمشاركة في اعمال الانقاذ متسلحا بقناع ورقي يقيه الغبار المتصاعد من بين الركام. ففي هايتي المتطوعون في عمليات الانقاذ يفتقرون الى ادنى وسائل الحماية.

وما يلبث روش ان ينضم الى مجموعة من الشبان الذين تجمعوا للتنديد بسيارات الدفع الرباعي العائدة للدبلوماسيين او العاملين الانسانيين التي تعبر المكان من دون ان تتوقف لمد يد المساعدة.

ويقول دوميك ماثورين (52 عاما) وهو مدرس انهار منزله المجاور فوق هذا المتجر، ان ثلاثة اشخاص آخرين على الاقل قتلوا في المبنى ولا تزال جثثهم مطمورة تحت الانقاض، التي لا ينفك الانين المنبعث من تحتها يتضاءل.

والمأساة نفسها تتكرر في كل زاوية وشارع وحي من العاصمة. فكل شارع من شوارع بور او برنس نال نصيبه من الزلزال: اطنان من الركام واكوام من الجثث المنتفخة ولاجئون يحملون على ظهورهم ما بقي لهم من متاع يفتشون عن زاوية يقضون فيها ليلتهم.

وهايتي التي تعتبر افقر دولة في الاميركيتين لا تخلو من بعض الاحياء الميسورة نسبيا وسط هذا البحر الهائل من الفقر المدقع. الا ان هذه الاحياء، التي كانت قبل الزلزال مزدانة بمبان من عدة طبقات من الخرسانة، نالت حصة الاسد من الزلزال.

مدرسة الممرضات اصبحت مجرد اطلال ظل احد الناجين محتجزا تحتها طوال يوم كامل وهو يستغيث ولكن صوته تلاشى الآن. والى جانب كومة الركام هذه، كومة اخرى من الجثث التي انتشلت من تحت الانقاض ولم يأت احد لاخذها بعد.

بين هذه الجثث، تظهر يد تحمل اظافرها اثار طلاء. ربما تكون جثة فوريد بوشان التي وضعت بجانبها بطاقة هوية تشير الى انها ابنة سوزيلا بوشان وقد ولدت في 15 آذار،/مارس 1989. ومثل بطاقة الهوية هذه العشرات من المستندات الثبوتية التي وضعت بجانب الجثث.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19/كانون الثاني/2010 - 3/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م