نساء يعرضنَ شعرهنّ للبيع من أجل وجبة غذاء!

 

شبكة النبأ: لطالما كان جمال شعر يويو، 19 عاماً، مصدر فخرها واعتزازها، ولكنها الآن تعتز به أكثر لأنه أصبح يشكل مصدر رزق لها ولأسرتها المعوزة.

وتتحدث يويو عن ذلك قائلة: "في البدء، شعرت بالحزن الشديد لفقداني لشعري. ولكن فيما بعد، غمرتني السعادة لقدرتي على إنقاذ حياة أبي وحل بعض المشاكل المالية الصعبة التي تعاني منها أسرتي".

فقبل عامين من الآن، وقع والد يويو فريسة للمرض وغرقت أسرتها المكونة من أربعة أفراد لا يتعدى دخلهم مجتمعين 45 دولار شهرياً في بحر الديون. فاضطرت يويو لبيع شعرها الطويل مقابل 30 دولاراً لمساعدة أسرتها وهي تعتزم أن تقوم خلال وقت لاحق من هذه السنة ببيع شعرها مرة أخرى لتغطية تكاليف تعليم أخيها.

ويعطي مجتمع ميانمار قيمة خاصة للشعر الطويل ويتغنون به في شعرهم وأغانيهم. غير أن النساء الآن أصبحنَ يجدن أنفسهن مجبرات للتخلي عن شعرهن في محاولة أخيرة منهنّ لتحسين أوضاعهن وأوضاع أسرهن.

ففي هذا البلد الذي يعيش ثلث سكانه البالغ عددهم حوالي 57.6 مليون نسمة تحت خط الفقر - وفقاً للأمم المتحدة - أصبح الاتجار بالشعر يشكل وسيلة جيدة لتخفيف الضغوطات المالية.

وتواجه الأسر ارتفاعاً مستمراً في تكاليف المعيشة وخطر انعدام الأمن الغذائي، حيث يتم تخصيص حوالي 69 بالمائة من مجموع إنفاق الأسر على الطعام، وفقاً لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول الظروف المعيشية للأسر.

تجارة آخذة في الازدهار

وقد شهدت تجارة الشَعر ازدهاراً ملحوظاً خلال الخمس سنوات الماضية نتيجة تزايد طلب الصين وكوريا الجنوبية على الشعر المستعار.

وفي هذا السياق، أفادت يا مين، وهي تاجرة تبلغ من العمر 29 عاماً وتعمل في تجارة الشعر منذ تسع سنوات، أن "سعر الشعر أصبح مغرياً للغاية في السنوات الأخيرة مما يشجع المزيد من النساء على بيع شعرهن". بحسب تقرير شبكة الانباء الانسانية.

ويتم وزن الشعر بوحدة كيات تا (16.33 غرام) ثم يقيم ثمنه وفقاً لطوله ووزنه. ويصل معدل وزن شعر المرأة إلى حوالي 20 كيات تا. وحسب العاملين في تجارة الشعر، فإن وحدة كات تا واحدة كانت تقدر بحوالي 0,80 دولار قبل خمس سنوات. وبالرغم من تقلب أسعار الصرف، إلا أن التجار يقولون أن سعر الشعر شهد ارتفاعاً مضطرداً خلال السنوات الأخيرة.

ويتم بيع الشعر هذه الأيام بدولار واحد لكل كيات تا واحد، ولكن إذا تعدى طوله 30 سنتمتراً فيمكن أن يباع بـ1.50 كيات تا. وبذلك فإن من تقوم ببيع 20 كيات تا من شعر يصل طوله إلى 40 سنتمتراً قد تحصل على 35 دولاراً.

وبسبب هذه التجارة المربحة، يشجع تجّار الشَعر النساء اللواتي يتمتعن بشعر طويل أن يحتطنَ من لصوص الشعر خلال تنقلهن على متن حافلات مزدحمة.

إجراءات يائسة

ويقول تجّار الشَعر أنهم يجدون صعوبة في رفض البضاعة المعروضة من بعض البائعات، وذلك لإدراكهم لمدى أهمية أي مبلغ مهما كان صغيراً بالنسبة لهن، حيث قالت تاجرة الشَعر ما ميا ميا، بعد شرائها بعض الشعر الرمادي من امرأة مسنة حافية القدمين: "تقصدنا العديد من المسنّات مثلها رغبة في الحصول على القليل من المال. لا نشتري بالعادة مثل شعرهن ولكننا نعجز أحياناً عن الرفض نظراً لشدة فقرهن وحاجتهن".

وكانت ما ميا ميا قد عرضت على المرأة المسنّة مبلغ 0.30 دولار مقابل شعرها ولكن العجوز أصرت على المزيد لاحتياجها للماء لشراء بعض الأرز للعشاء. واتفق الطرفان أخيراً على مبلغ 0.50 دولار وهو ما يكفي بالكاد لشراء كيلوغرام واحد من الأرز.

ويقول تجّار الشَعر أن عملهم يشهد تحسناً ملموساً ابتداء من شهر يونيو الذي يشكل بداية العام الدراسي، حيث قالت يا مين: "تقصدنا العديد من الأمهات خلال شهر يونيو لبيع شعرهن حتى يتمكن من تسديد رسوم مدارس أطفالهن".

كما يشكل شهر يونيو بداية موسم الأمطار، حيث تعم الفيضانات وتنقطع الطرقات مما يجبر الأسر على البحث عن مصادر بديلة للدخل، حسب التجار.

وينضم العديد من التجار الجدد خصوصاً النساء إلى تجارة الشعر طمعاً في الربح الذي يمكن أن تدره مثل هذه التجارة. وبالرغم من سوء المواصلات، يتحمل التجار الصغار أعباء التنقل من المراكز الحضرية إلى مناطق بعيدة صعبة الوصول لشراء الشعر بأسعار بخسة ثم بيعه لكبار التجار في مدن مثل يانغون ومندلاي.

كما يقول بعض تجّار الشعر أنهم يحصلون على الكثير من الشعر من منطقة دلتا إيراوادي التي تضررت جراء إعصار نرجس خلال مايو 2008 في محاولة من سكانها لاستعادة سبل عيشهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12/كانون الثاني/2010 - 26/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م