حرب النِقاب تنتقل إلى مصر ومقاضاة شيخ الأزهر

 

شبكة النبأ: أيَد أكبر ثلاثة زعماء دينيين مسلمين في مصر حظراً فرضته الحكومة على النقاب في مساكن الطالبات الجامعية وأثناء الامتحانات قائلين انه لا أساس له في الاسلام.

وكان محمد سيد طنطاوي شيخ الازهر قد أصدر قرارا في أكتوبر تشرين الاول بمنع النقاب في مدارس الفتيات الازهرية ومساكن الطالبات التابعة لجامعة الازهر. وأمر وزير التعليم العالي بعد ذلك بمنعه خلال امتحانات الجامعات.

ونقلت صحيفة الاخبار التي تديرها الحكومة عن طنطاوي قوله ان "الازهر ليس ضد النقاب ولكن ضد إساءة استخدامه." وذكر أن النقاب عادة اجتماعية ليس لها أصل في الشريعة.

واشترك طنطاوي في وقت سابق هذا الاسبوع مع مفتي الجمهورية علي جمعة ووزير الاوقاف حمدي زقزوق في ندوة عن النقاب حضرها أيضا عدد من كبار الشخصيات الدينية.

ويساور الحكومة المصرية القلق منذ وقت طويل من الفكر الاسلامي المتشدد وسحقت في التسعينات اسلاميين سعوا الى اقامة دولة دينية. وتسعى الحكومة أيضا الى اخماد المعارضة قبل انتخابات برلمانية ستجرى العام المقبل وانتخابات رئاسية في وقت لاحق لها.

ونظمت الندوة في أعقاب تقارير اعلامية ذكرت أن محكمة في القاهرة قضت هذا الشهر بعدم اختصاص أي جهاز اداري أو غيره بمنع النقاب. بحسب رويترز.

وقال هاني هلال وزير التعليم العالي في وقت سابق من الاسبوع انه يخشى أن يستغل البعض النقاب لاخفاء مخالفات وجرائم منها أن تحل فتاة محل أخرى في أداء امتحان دراسي.

لكن كثيرين ما زالوا غير مقتنعين. ووصف السيد عبد المقصود عسكر عضو البرلمان الذي ينتمي الى جماعة الاخوان المسلمين مخاوف هلال بأنها حجج غير مشروعة وقال لرويترز ان التحقق من هوية المنقبات مهمة بالغة السهولة.

وقال الشيخ محمود عاشور العضو البارز بمجمع البحوث الاسلامية التابع للازهر ان كل فتاة حرة في ارتداء النقاب ما دامت تعلم أنها يجب أن تكشف عن وجهها عندما يطلب منها ذلك.

ويتزايد عدد الفتيات اللاتي يرتدين النقاب وان كان لم يصبح قاعدة حتى الآن. واحتجت كثيرات على ما زعمن أنه تمييز في المساكن الجامعية ووجهن التماسات لالغاء الحظر.

الطعن في حكم قضائي يسمح للمنقبات بدخول المدينة الجامعية

وفي نفس السياق قررت جامعة عين شمس، احدى الجامعات الكبرى في القاهرة، الطعن في حكم قضائي يسمح للطالبات المنقبات بدخول المدينة الجامعية والتقدم بطلب لوقف تنفيذه، بحسب ما افاد مصدر رسمي في ادارة الجامعة. وقال المصدر ان ادارة الجامعة ستتقدم بشكوى لوقف تنفيذ الحكم وستطعن في امام المحكمة الادارية العليا.

وكانت محكمة القضاء الاداري اصدرت حكما بالسماح للطالبات المنقبات في جامعة عين شمس بدخول المدنية الجامعية ووقف قرار رئيس الجامعة احمد زكي بدر بمنعهن من الاقامة فيها الذي اتخذه في بداية العام الدراسي في ايلول/سبتمبر الماضي.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها ان "ارتداء النقاب احد مظاهر الحرية ولا يجوز لجهة الادارة او اي جهة اخرى حظر ارتدائه مطلقا". بحسب فرانس برس.

ومن المقرر ان تصدر محكمة القضاء الاداري في 27 كانون الاول/ديسمبر الجاري في دعوى مقامة من طالبات منقبات ضد قرار جامعات عين شمس والقاهرة والازهر (وهي اكبر ثلاث جامعات في مصر) بمنعهن من دخول الامتحانات اذا تمسكن بارتداء النقاب.

واشتعل الجدل في مصر خلال الشهور الثلاثة الاخيرة حول ارتداء النقاب في المؤسسات التعليمية بعد تصريحات ادلى بها شيخ الازهر محمد سيد طنطاوي في ايلول/سبتمبر الماضي واعتبر فيها أن النقاب "لا علاقة له من قريب او بعيد" بالدين الاسلامي.

معركة النقاب تحتدم

تقول رقية محمد التي تعمل مدرسة بالمرحلة الابتدائية انها تفضل الموت عن خلع النقاب مما يضعها في قلب معركة يشنها علماء دين تدعمهم الحكومة المصرية للحد من انتشار ما يرونه تيارا اسلاميا متشددا.

وتريد المؤسسة الدينية الرسمية في مصر من المعلمات مثل رقية خلع نقابهن أمام الطالبات وهو ما أثار رد فعل قويا من الاسلاميين الذين يقولون ان النساء ينبغي أن يكن قادرات على اختيار تغطية وجوههن بما يتوافق مع عقيدتهن. وتضيف رقية "ارتديت النقاب لأنه سنة. النقاب يجعلني أقرب الى الدين وأقرب الى هيئة زوجات النبي اللائي اعتدن ارتداءه. "أعرف ما يجعل الله ورسوله يحبانني وليس هناك شيخ يمكنه أن يقنعني بغير ذلك. أفضل الموت على خلعه حتى داخل الفصل."

وخاضت مصر - وهي مسقط رأس الرجل الثاني في القاعدة أيمن الظواهري- معركة على مستوى محدود مع الاسلاميين في التسعينات وشهدت هجمات متفرقة شنها متشددون اسلاميون استهدفت السياح الاجانب في البلاد منذ ذلك الحين وتسعى الحكومة لقمع المعارضة الاسلامية قبل الانتخابات البرلمانية العام المقبل والانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2011.

وانتشار النقاب المصحوب بالتفسير المتشدد للاسلام هو تذكرة قوية للحكومة بالتهديد السياسي الذي ستمثله أي عودة جديدة للتيار الاسلامي النابع من منطقة الخليج حيث يذهب كثير من الشبان المصريين للعمل.

واحتدم الجدل حول النقاب الشهر الماضي بعدما أمر الامام الاكبر محمد سيد طنطاوي شيخ الازهر تلميذة بنزع نقابها أثناء زيارته للمعهد الازهري الذي تدرس فيه.

وأصدر طنطاوي بعد ذلك بيانا يحظر فيه ارتداء النقاب في المدارس الازهرية المخصصة للبنات قائلا انه ليس هناك ما يدعو الطالبات لتغطية وجوههن في عدم وجود الرجال.

وأيد مركز البحوث الاسلامية التابع لجامعة الازهر القرار بعد ذلك قائلا ان على الفتيات خلع النقاب داخل الفصول الدراسية الخاصة بالبنات والتي يقوم بالتدريس فيها مدرسات من النساء فقط وفي قاعات الامتحانات الخاصة بالفتيات وفي المدن الجامعية الخاصة بالطالبات الا في حضور الرجال.

كما دعت وسائل الاعلام الرسمية النساء الى اظهار وجوههن بحجة أن النقاب له تداعيات "مدمرة" على المجتمع.وبينما تعتقد غالبية المصريات أن الحجاب فرض فان عددا من الفقهاء يقولون ان تغطية الوجه واجبة أيضا.

ولكن محللين يقولون ان عددا متزايدا من المصريات يتركن الحجاب البسيط ويخترن ارتداء النقاب مما يعكس تأثير الفكر الوهابي الصارم على مجتمع محافظ ومتدين بطبعه.

وتقول هالة مصطفى المحللة السياسية "هي عادة ليست مصرية زادت جدا في الفترة الاخيرة بحكم التأثير الكبير لبعض الثقافات الخليجية."

وتضيف أن ظاهرة التيارات الدينية ذات المنحى المتشدد والمرتبطة بأصول وهابية زادت في مصر خلال الثلاثين عاما الاخيرة مما جعل المجتمع المصري يتقبلها ويتحول الى مجتمع منغلق بشكل أكثر.

وعلى عكس السعودية وايران لا تلزم مصر النساء بارتداء الحجاب ولكن يعتقد أن ملايين المصريات اللائي عملن في بلدان خليجية مثل السعودية هم مصدر انتشار الفكر الوهابي.

ومنذ ما لا يزيد على ثلاثين عاما كان من المألوف أن ترى الطالبات في جامعة القاهرة الرائدة يرتدين تنورات قصيرة وبلوزات بلا أكمام. وكانت النساء تسير على شواطئ الاسكندرية بلباس البحر في وقت كان المجتمع فيه اكثر تحررا وتساهلا فيما يبدو.

ويقول محللون ان الحجاب يعتبر مؤشر حالة وينتشر بين الطبقات محدودة الدخل. وكان من النادر أن ترتدي امرأة تنتمي للطبقتين العليا والمتوسطة الحجاب في سن مبكرة وحتى من ترتديه منهن فهي ترتدي لونا من الحجاب يساير الموضة. ولم يكن النقاب منتشرا في ذلك الوقت.

ولكن النقاب أصبح أكثر انتشارا. فأصبح من المألوف أن ترى نساء يرتدين عباءات سوداء في أفخم مراكز التسوق والفنادق ذات الخمسة نجوم كما أنه مألوف في المناطق العشوائية.

ويقول محللون ان مواجهة التفسيرات المتشددة للاسلام قد تكون رحلة طويلة تتطلب تحديدا ادخال اصلاحات على منظومة التعليم التي سمحت لمعلمات منتقبات بالتدريس للاطفال.

طالبة تقاضي شيخ الأزهر بسبب النقاب

وقال محامِ مصري إنه بصدد إقامة دعوى قضائية ضد الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر بسبب النقاب، وأوضح المحامي أنه سيقيم الدعوى القضائية باسم موكلته الطالبة هدى رمزي طالبة الدراسات العليا بمعهد القراءات التابع لمعهد فتيات شبرا الخيمة الأزهري شمال القاهرة بعدما تعرضت للطرد من المعهد أكتوبر الماضي إثر مناقشة بينها وبين شيخ المعهد خلال محاولاته إقناع المنقبات في فصلها بضرورة التخلي عن ارتداء النقاب.

وقالت هدى إنها امتنعت عن الذهاب للمعهد منذ ذلك الحين خشية إجبارها على خلع النقاب وذكرت هدى أنها قررت اللجوء للقضاء لإحساسها بأنها تقدم خدمة للإسلام والمسلمين، مشيرة إلى أن الحكومة تسعى لحرمان المنقبات اللاتي تمثلن نسبة كبيرة من المجتمع المصري من حقهن في التعليم.

حظر النقاب في لجان الامتحانات بجامعة عين شمس 

وقرر مجلس جامعة عين شمس بدء امتحانات نهاية الفصل الدراسي الأول بالكليات يوم ‏23‏ يناير المقبل‏، وعدم السماح بارتداء النقاب داخل لجان الامتحانات للطالبات‏ والمراقبات وعضوات هيئات التدريس، وفقا لصحيفة "الأهرام"‏.‏

وكان شيخ الأزهر قد أجبر إحدى الطالبات المنتقبات على خلع نقابها، أثناء جولته التفقدية لمعاهد الأزهر للوقوف على مدى استعدادها لمواجهة انتشار فيروس "H1N1" المعروف باسم "أنفلونزا المكسيك"، معلنا عزمه إصدار قرار رسمي بمنع دخول المنتقبات معاهد الأزهر. بحسب وكالة نوفوستي.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن الشيخ طنطاوي فوجئ أثناء جولته التفقدية في معهد فتيات أحمد الليبي بمدينة نصر في أوائل أكتوبر الماضي، بإحدى الطالبات في الصف الثاني الإعدادي ترتدي النقاب داخل الفصل، فانفعل بشدة وطالبها بضرورة خلع نقابها قائلاً: "النقاب مجرد عادة لا علاقة له بالدين الإسلامي من قريب أو بعيد". وتساءل: "وبعدين أنت قاعدة مع زميلاتك البنات في الفصل لابسة النقاب ليه؟". ولم تجد الطالبة أمامها وسيلة أخرى في مواجهة إصرار شيخ الأزهر على خلع النقاب سوى تنفيذ الأمر بخلعه وكشف وجهها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/كانون الثاني/2010 - 21/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م