التربية: مسؤولية اجتماعية مشتركة والحُب الحازم هو الأفضل

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: أظهرت دراسة حديثة ان تربية الاطفال انطلاقاً من مبدأ الحب والحنان المقترن بالحزم والصرامة يجعل منهم ناجحين في حياتهم البالغة اكثر من غيرهم. فيما أكدت نتائج دراسة لعلماء ألمان أن عقول الأطفال الذين يتربّون بدون وجود الآباء ربما يجرون إتصالاتهم بشكل مختلف عن أولئك الأطفال الذين تربوا مع والديهم.

وأوضحت الدراسة التي أعدّتها مؤسسة "ديموس" البريطانية للأبحاث ان الموازنة بين مشاعر الحب والحنان والانضباط والحزم ينمي في الطفل العديد من مهارات التواصل الاجتماعي مقارنة مع التربية الحازمة فقط او تلك التي تتركه ينمو ويكبر دون انضباط.

وقالت الدراسة ان الاطفال حتى حدود الخامسة من العمر الذين يتربون في بيئة عائلية محبة ومنضبطة، او ما يعرف بـ "الحب الحازم"، ينمون قدرات وصفات شخصية افضل من اقرانهم ممن تربوا في بيئات مختلفة نسبيا.

وقال مؤلف الدراسة جين لكسموند ان "المهم هنا هو تطوير الثقة والحب والحنان المقرون بالضبط والحزم والصرامة".

وتشير الدراسة الى ان صفات في الشخصية مثل الانضباط الداخلي ووضوح الهدف والغرض، والجاذبية الاجتماعية، تتطور اكثر عند الاطفال الذين يتربون في بيئة يتوازن فيها الحب مع الانضباط.ووجدت الدراسة ان صفات كهذه مهمة جدا في حياة تتوفر فيها فرص المعيشة الافضل.

وبينت الدراسة ان مثل هذه الصفات تتشكل بشكل واضح وعميق خلال السنوات الخمس الاولى من حياة الطفل.

يشار الى ان الدراسة، التي ظهرت تحت عنوان "بناء الشخصية"، حللت معلومات ومعطيات اخذت من اكثر من تسعة آلاف اسرة في بريطانيا.

واظهرت ايضا ان الاطفال من بيئة غنية ماديا واجتماعيا ينمّون تلك القدرات والصفات الايجابية اكثر بمعدل مرتين مقارنة باولئك الذين تربوا في بيئة فقيرة.

وبينت ان الاطفال لأب وأم يعيشان في اطار زواج اعتيادي هم اوفر حظا في تنمية تلك الصفات الايجابية مقارنة بالاطفال الذين يتربون في عائلة من أب او أم واحدة، او من أب متزوج من غير الام او العكس.

لكن الدراسة اوضحت ايضا انه في حالة تعمد الآباء فرض الثقة قسرا على الطفل، فان الفروق في الشخصية بين الاطفال من خلفيات اجتماعية مختلفة تتلاشى.

وبينت الدراسة ان البنات يظهرن نموا ملموسا في تلك الصفات اكثر من الاولاد حتى سن الخامسة.

وخلصت الدراسة الى ان طريقة التربية تعتبر عاملا حاسما في تطور ونمو شخصية الطفل، كما ان المستوى الثقافي والتعليمي للآباء يلعب دورا كبيرا، بل ان حتى الرضاعة الطبيعية تلعب دورا كبيرا.

العقاب البدني الخفيف يجعل أطفالكم أكثر نجاحاً وتفاؤلاً!

ويقول بحث أمريكي حديث إن تهذيب الأطفال بالضرب الخفيف - smacking - يجعلهم أكثر سعادة ونجاحاً عند الكبر عن أولئك الذين لم يتعرضوا لعقاب بدني.

بل ووجدت الدراسة، التي قد تثير حفيظة الجماعات المدافعة عن حقوق الأطفال، أن  الصغار الذين تعرضوا لهذا النوع من العقاب البدني حتى بلوغ سن السادسة، تميزوا بأداء أفضل في المدارس وكانوا أكثر تفاؤلاً عن سواهم ممن لم يجرى تقريعهم على هذه الشاكلة.

كما اكتشف الخبراء أن الفئة الأولى تزداد بينهم رغبة الاضطلاع بعمل تطوعي، وأنهم أكثر حرصا على الالتحاق بالجامعة. بحسب سي ان ان.

وتجادل الجماعات المدافعة عن حقوق الأطفال وبعض الساسة بأن الضرب هو شكل من أشكال العقاب التي عفا عليها الزمن، التي يمكن أن تسبب، وعلى المدى الطويل مشاكل بالصحة العقلية.

وقالت ماجوري غانوي، بروفيسور علم النفس بكلية كالفين في ميتشغان، إن دراستها لم تجد الدليل الكافي الذي يحد من حرية الآباء في تحديد كيفية معاقبة أبنائهم.

وخلال البحث، جرى استجواب 179 مراهقاً حول مرات تعرضهم للضرب والسن التي توقف فيها العقاب البدني، وقورنت تلك المعلومات عن سلوكياتهم التي ربما تأثرت بالضرب، وتضمن ذلك التأثير السلبي، وشمل السلوك المعادي للمجتمع،  والنشاط الجنسي المبكر، والعنف، والاكتئاب، بالإضافة إلى الإيجابيات مثل النجاح الأكاديمي والطموح.

ووجدت النتيجة أن أولئك الذين تلقوا الضرب على أيدي الآباء حتى سن السادسة، جاء  أدائهم أفضل في كافة الفئات الإيجابية، وأنهم ليسوا  الأسوأ، من حيث السلبيات، مقارنة بالذين لم تتم معاقبتهم جسدياً مطلقاً.

أما الفئة الذين جرت معاقبتهم بدنياً من سن السابعة وحتى 11 عاماً، فقد كانوا أكثراً تفوقاً في التحصيل العملي عن الفئة التي لم تتعرض للعقاب البدني أبداً، لكن تقييمهم جاء أقل من حيث النواحي السلبية.

ويأتي البحث العلمي الأخير مغايراً تماماً لآخر نشر في سبتمبر/أيلول الماضي وجد  أن العقاب البدني يجعل الأطفال أكثر عدوانية ويؤثر على نموهم الذهني وقدراتهم الإدراكية.

وأظهرت الدراسة عن الأطفال، وعدد من الدراسات الأخرى تابعت مجموعة أطفال من مرحلة الطفولة وحتى البلوغ، أن الضرب قد يجعلهم أكثر انعزالية، وأن أولئك الذين تعرضوا للعقاب البدني في عمر سنة واحدة أصبحوا أكثر شراسة وتراجع نمو قدراتهم الإدراكية، مقارنة بمن يتم تقريعهم شفاهة فقط.

وشملت الدراسة الأمريكية، 2500 عائلة لديهم أطفال تتراوح أعمارهم بين سنة وعامان وثلاثة أعوام، قام خلالها الباحثون بتسجيل حالات تعرضهم للضرب واستخدام أنظمة معتمدة لقياس سلوكياتهم ومهاراتهم الذهنية.

الأطفال بدون آبائهم يفكرون بشكل مختلف

وأكدت نتائج دراسة لعلماء ألمان يعملون مع القوارض أن عقول الأطفال الذين يتربون بدون وجود الآباء ربما " يجرون إتصالاتهم" بشكل مختلف عن أولئك الأطفال الذين تربوا مع والديهم.

ويظهر أطفال القوارض الذين يعيشون بلا آباء أنماط نمو عصبي مختلفة بشكل كبير عما يفعل أقرانهم الذين يتربون مع الأباء. فسلوكهم يتسم بالعدوانية بشكل أكبر و بالعداء الاجتماعي وفقا للنتائج التي نشرت في مجلة علم أعصاب النمو.

وكتبت الدكتورة كاترينا براون رئيسة فريق البحث في قسم علم الحيوان وتطور البيولوجيا العصبية في جامعة أوتو فون جيريك بمدينة ماجديبورج الألمانية "على غرار رعاية الأمومة فإن رعاية الأبوة هي مصدر لتحفيز الإحساس لدى المواليد الصغار التي أتضح في الإنسان والقوارض أنها ضرورية لنمو تركيب ووظيفة القشور الخارجية لمراكز الإحساس.

وتضمنت الدراسات إختبارات على حيوان الشينشيلا الشبيه بالقوارض ويسمى الدياغو (سنجاب أمريكي جنوبي) له دورة مخية شبيهة بالثدييات ومنها الإنسان.

وكتبت الدكتورة براون في التقرير "إن هدف دراستنا على الدياغو الذي يعيش مع والديه هي لتقييم الحرمان من الأبوة على تطور تفرع الأعصاب وإلتقائها في قشرة الدماغ الخاصة بالإحساس الجسدي".

وتقول في إشارة إلى أن هذه السلالة من القوارض تشارك في مهام تربية الصغار إن هدف الباحثين العاملين معها هو تحديد تأثير تربية أحد الأبوين وبشكل خاص التربية على يد الأم فقط دون أب, وقارن العلماء ليس فقط السلوك ولكن أيضا تركيبات مخ الطفل الذي له أم فقط.

وكتبت " نحن قمنا بقياس مقدار رعاية الأبوين بالنسبة للرعاية الأبوية الشاملة وقارنا تطور تفرع الأعصاب وإلتقائها بالنسبة للأعصاب هرمية الشكل في قشرة دماغ الحيوانات الخاصة بالإحساس الجسدي التي تربت على يد الأم فقط أو تربت على يد الوالدين".

وقالت " على المستوى السلوكي أوضحنا أن رعاية الوالدين تشكل 37% من التفاعل الإجمالي بين الأطفال والآباء وأن حافز الإحساس الجسدي الذي يقدمه الآباء أساسا يتكون من الربض واللعق/التنظيف واللعب", فأطفال القوارض الذين حرموا من رعاية الأب أظهروا سلوكا أكثر عدوانية, ولم يكونوا فقط يعانون من خلل إجتماعي مباشر ولكن عقولهم أيضا أظهرت تشابكات عصبية مختلفة.

وقال التقرير " وعلى مستوى الشكل وجدنا أن ، بالمقارنة بالأطفال الذين تربوا في كنف الوالدين (لأم والأب) ، فإن الحيوانات التي حرمت من آبائها أظهرت أعداد فقرات أقل في التفرعات القاعدية للأعصاب الهرمية", وأضاف "علاوة على ذلك إن الحرمان الأبوي يحفز عدم تناسق نصف الدماغ الخاص بالشكل التفريعي للأعصاب الهرمية الخاصة بالإحساس الجسدي. كما تظهر الحيوانات المحرومة من الأب تفرعات قاعدية أقصر وأقل تعقيدا في قشرة نصف الدماغ الأيسر الخاصة بالإحساس الجسدي مقارنة بنصف الدماغ الأيمن.

يجب على الآباء ألا يفرطوا في تدليل ابنائهم الخريجين

وحذرت الحكومة البريطانية من انه مع تزايد اعداد الخريجين العائدين الى منزل العائلة بعد الجامعة فانه يجب على الآباء ان يدعموهم ولكن ينبغي ألا يفرطوا في تدليلهم.

ونصحت الحكومة البريطانية الاباء بان يتيحوا بعض الوقت للخريجين لكي يرتاحوا بعد التخرج على ألا يدعوا الاسابيع القليلة تتحول الى اشهر وألا يجعلوا بيئة المنزل مريحة جدا بحيث لا يرغبوا في تركها.

وقالت النصيحة التي نشرتها وزارة الاعمال والابتكار والمهارات على الانترنت "احيانا قد يكون من الضروري حقا ان نظهر الحب الخشن."بحسب رويترز.

واضافت "اذا كنت تجعل الحياة مريجة جدا في المنزل فلماذا يبحثون عن عمل؟. اذا كنتم تمدونهم بالطعام والمأوى المجاني والثلاجة الممتلئة وتقومون بغسل الملابس وكيها بالاضافة الى توفير مصروف شخصي فليس هناك ما يشغل بالهم. لذلك امنعوا هذا عنهم لتشحذوا هممهم."

وقالت النصيحة الحكومية ان الخريجيين يواجهون اصعب ظروف يمر بها سوق العمل منذ سنوات بسبب الركود الاقتصادي ولكن يجب على الاباء ان يقاوموا اي محاولة للتذمر. واضافت "التذمر قد يجعل الشباب اكثر توترا ويجعل الاخفاق في العثور على وظيفة أمرا سيئا جدا."

مدرسة ألمانية تقدّم للآباء الأتراك دروسا في تربية الأطفال

هل تربية الأطفال أمر يقتصر على النساء فحسب؟ بالنسبة لأربعة عشر رب عائلة من أصل تركي في بلدة هيرنه الألمانية، الواقعة في ولاية شمال الراين واستفاليا، تعد تربية الأطفال واجبا مشتركا لا يقتصر على الأمهات فحسب. هؤلاء الآباء يشاركون في دروس حول كيفية تربية الأطفال يتعلمون فيها "تحمل مسؤولية التربية والتدخل بشكل فعلي في حل المشاكل التي تظهر داخل الأسرة"، داحضين بذلك التوزيع الكلاسيكي للأدوار بين المرأة، التي عادة ما توكل إليها مهمة تربية الأطفال، والرجل، الذي توضع بعهدته مهمة العمل وكسب القوت لإعالة العائلة. 

يعمل غوركان أوجان، البالغ من العمر 34 عاما، مرشدا اجتماعيا لدى مدينة هيرنه، حيث أطلق فيها مشروع "آباء حقيقون"، الذي هو عبارة عن مدرسة للآباء من أصول مهاجرة. ويقول أوجان إنه أدرك أن هناك "حاجة ماسة لمثل هذه المشاريع انطلاقا من تجربته داخل أسرته"، التي كانت قد هاجرت من تركيا إلى ألمانيا، مشيرا إلى أن الآباء وخاصة أولائك، الذين ينحدرون من "أصول تركية مهاجرة"، لا يتدخلون في العادة في تربية الأطفال إلا حينما تطفو مشاكل عويصة على السطح داخل الأسرة.

كما دفعت مواضيع مثل تلقين الأطفال المبادئ الإسلامية وتعويدهم على صيام رمضان أو الاحتفال بالأعياد الإسلامية، على غرار عيد الفطر أو عيد الأضحى، أو المشاكل الناتجة عن صعوبة التعامل مع المراهقين، إلى التحاق الآباء بالمدرسة. وتختلف المشاكل باختلاف الآباء وعمر وطبيعة الأطفال. ويلتقي الآباء مرتين في الشهر للحديث عن مشاغلهم وعن المشاكل التي تواجههم في تربية الأطفال.

ويتم خلال هذه اللقاءات لعب أدوار يتم خلالها تشخيص المشاكل الكبيرة، التي تواجههم مع أطفالهم وفي الوقت نفسه البحث بشكل جماعي عن حلول لها. ويقول غوركان أوجان إن هذه الدروس قد "نجحت في مساعدة عدد من الآباء في مواجهة بعض الصعوبات وحلها"، مشيرا إلى أنها تشهد إقبالا متزايدا، حيث كان فقط أربعة آباء فحسب يترددون على الدروس، قبل أن يرتفع عددهم إلى 14شخصا.  كما يشدد غوركان أوجان على أن ذلك يبرز بوضوح أن الآباء "يولون اهتماما كبيرا بعائلاتهم ويملكون الرغبة في إدراك المشاكل والمساهمة في معالجتها"، لافتا إلى أن حلقات النقاش التي يتم تنظيمها في إطار دروس تربية الأطفال تعطي للآباء المجال من أجل تبادل الخبرات في كيفية التعامل مع أطفالهم ومعالجة مشاكلهم.

من جهته، يشير لقمان توبوز، وهو أب في الثانية والأربعين من العمر ويشارك في الدروس منذ ستة أشهر، إلى أن لديه ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين تسعة وسبعة عشر عاما وأن تربيتهم تتطلب اهتماما متزايدا. ويقول إنه "تعلم الاستماع بهدوء إلى أطفاله"، فيما كان من قبل "ينفعل بشدة حينما يشتكي إليه أولاده مشاغلهم أو تكثر أسئلتهم".

وعلى الرغم من أن مسعود أوزدارشين، وهو أب من أصل تركي يبلغ من العمر 37 عاما، لا يرى أنه يواجه مشاكل في تربية ابنه، لأن عمره لم يتجاوز السابعة، بيد أنه يريد أن يتعلم من الآخرين كيفية معالجة المشاكل في تربية الأطفال، التي عادة ما تظهر بداية من سن المراهقة. ويقول مسعود إن علاقته بوالده "كعلاقة أخ بأخيه" وإنه يسعى إلى أن "تربطه بابنه أيضا علاقة مماثلة". يذكر أنه يتم أيضا تنظيم رحلات ونشاطات خلال نهاية الأسبوع تخصص للآباء والأبناء مع بعضهم البعض كلعب كرة القدم أو التسلق مثلا.

وتهدف الدروس، التي تستغرق تسعة أشهر إلى مساعدة الآباء المنحدرين من أصول تركية مهاجرة، الذين يرون دورهم يقتصر على كسب المال وإعالة أسرهم، على معالجة الأزمات والمشاكل التي يمكن أن تواجه عائلاتهم. وفي سياق متصل يقول غوركان أوجان إن هؤلاء الآباء بحاجة أكثر من غيرهم إلى تلقي دعم كبير، مشيرا إلى أن غالبيتهم ينحدرون من أوساط اجتماعية بسيطة. وبالتالي فإن الكثير من الأطفال يفشلون في الدراسة، لأنهم لا يتلقون الدعم والتحفيز اللازم داخل أسرهم حتى منذ المدرسة الابتدائية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 6/كانون الثاني/2010 - 20/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م