لأول مرة في العالم العربي: العصيان المدني يؤتي أُكله

المغرب يستجيب للضغوط والناشطة الصحراوية تعود لمنزلها

 

شبكة النبأ: قد تكون حادثة هي الاولى من نوعها على مستوى العالم العربي وإن جاءت بشأن متصل بقضية فردية إلا انها من الممكن أن تتطور لتشمل حالات أكبر تاثيراً وأقوى على مستوى المجتمع المدني في عموم العالم العربي والاسلامي الذي يفتقد كثيرا لحقوق الإنسان في ظل أنظمة شمولية تسلطية تخشى على نفسها من السقوط، فقد عادت ناشطة مؤيدة لاستقلال الصحراء الغربية الى منزلها بعد اضراب عن الطعام في مطار اسباني مما ينزع فتيل توتر دبلوماسي بين اسبانيا والمغرب وربما يعزز موقف الناشطين الانفصاليين.

وأضربت الناشطة الصحراوية (أمينة حيدر) عن الطعام قبل 32 يوماً، بعدما رفضت السلطات المغربية دخولها الى الوطن بعد رحلة الى الخارج وصادرت جواز سفرها ووضعتها على متن طائرة متوجهة الى لنزاروت احدى جزر الخالدات الاسبانية.

ورفضت الرباط في باديء الامر الموافقة على عودة أمينة حيدر التي تشن حملة من اجل استقلال الصحراء الغربية عن المغرب مالم تقسم يمين الولاء للملك محمد السادس الذي سيطر والده الملك الحسن على معظم أراضي الصحراء عام 1975 بعد انسحاب قوات الاحتلال الاسباني.

لكن محللا مغربيا قال ان الرباط سمحت لأمينة حيدر بالعودة الى موطنها الصحراوي بعد ضغوط دولية وقد تضطر الآن الى تقديم تنازلات للحركة الداعية الى الاستقلال.

وقال علي انزولا المحرر بصحيفة الجريدة الاولى ان المغرب اذعن لضغوط اسبانيا واوروبا والولايات المتحدة ووافق على عودة امينة بعد ان وضع نفسه في مأزق بالتأكيد على انه لن يسمح بعودتها.

وقال انزولا الذي يكتب عن صراع الصحراء الغربية ان جبهة بوليساريو ربما تسعى لكسب المزيد من التنازلات من الرباط في جولات من محادثات السلام في المستقبل التي ترعاها الولايات المتحدة مثل المطالبة بدور للامم المتحدة في مراقبة قضية حقوق الانسان في الصحراء الغربية.

وتقول الحكومة المغربية انها سمحت لأمينة بالعودة لأسباب انسانية وبعد ان تدخلت عدة دول بالنيابة عنها. وعملت فرنسا والولايات المتحدة وعدة دول غربية اخرى على المساعدة في عودة أمينة الى منزلها.

وقالت صحيفة الباييس الاسبانية اليسارية ان الأزمة ستضعف موقف الرباط في مفاوضات مع البوليساريو حول مستقبل الصحراء الغربية. بحسب رويترز.

وكتبت الباييس في اشارة الى عرض المغرب اعطاء الصحراء الغربية حكما ذاتيا بدلا من الاستقلال الذي تطالب به جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر "أضعف المغرب من خلال معاملته (لامينة) حيدر مصداقيته بشكل خطير فيما يتعلق باقتراحه إعطاء حكم ذاتي للصحراء الغربية."

وفي الوقت الذي تدهورت فيه صحة أمينة سبب إضرابها عن الطعام حرجا لكل من الرباط ومدريد اللتين تعتمدان على بعضهما في مكافحة الهجرة غير المشروعة وتجارة المخدرات.

وقالت منظمات لحقوق الانسان في الخارج ان قضية أمينة أظهرت ان تعهدات المغرب بتحسين سجله في مجال حقوق الانسان هي تعهدات جوفاء. واتهمت وسائل الاعلام والمعارضة الحكومة الاسبانية بالعجز لسماحها للمغاربة بارسالها الى اسبانيا.

وقال صحيفة الموندو الاسبانية اليمينية "الحكومة الاسبانية عالجت هذه الازمة على نحو سيء لكن الأسوأ بكثير كان سلوك النظام في الرباط الذي تسبب في المشكلة من خلال انتهاك حقوقها الانسانية."

وقال توفيق بوعشرين المحرر بصحيفة اخبار اليوم المغربية ان الاضراب عن الطعام لطخ صورة حقوق الانسان المغربية في الخارج.

واضاف ان زعماء الحكومة المغربية لم يفهموا ان القضية الاكثر قدسية الان في العالم هي احترام حقوق الانسان. واضاف انهم وضعوا سيادة المغرب اولا واصطدموا مع شركائهم الرئيسيين في الخارج بشأن قضية الحقوق.

لكن بالنسبة للمتعاطفين مع جبهة بوليساريو في الصحراء الغربية فان حيدر كسبت من دون شك معركة ضد حكومة الرباط.

وقال محمد المتوكل وهو عضو في جماعة حقوق الصحراويين كوديسا التي ترأسها أمينة حيدر ان عودتها تمثل نصرا كبيرا وبعودتها تكون قد تغلبت على حملة المغرب لمنعها من العيش في موطنها.

كي مون تدخّلَ أيضاً

الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، تدخلَ في قضية أميناتو حيدر، فطلب من الرباط ومدريد القيام بـ"إجراءات عاجلة" لمعالجة الوضع.

وقال كي مون إنه التقى بوزير الخارجية الإسباني، ميغيل أنخل موراتينوس، ومن المقرر أن يلتقي مع وزير خارجية المغرب، طيب فاسي فهري، لمناقشة وضع حيدر التي تطالب بانفصال إقليم الصحراء الغربية عن المملكة، وهو أمر ترفضه الرباط التي خاضت لسنوات معارك ضارية ضد المسلحين الانفصاليين بالمنطقة، والمنضويين ضمن "جبهة البوليساريو."

وقال الناطق باسم الأمم المتحدة، مارتن نيزرسكي: "لقد عبر الأمين العام عن قلقه حيال تدهور صحة حيدر، وطلب بإيجاد حل لقضيتها بأقرب وقت."

وقد قدمت حيدر، الشكر للحكومة الإسبانية ولكنها قالت: "إنني لا أخطط لنيل المواطنة الإسبانية أو الأمريكية أو الإيطالية، إنني أعيش تحت احتلال مغربي، وأدعو، كما يفعل بقية الصحراويين، إلى أن ننال حرية أن نتخذ قراراتنا بأنفسنا."

جاءت تلك التصريحات ضمن بيان منسوب للناشطة الصحراوية، أصدره مركز "روبرت ف كينيدي للعدالة وحقوق الإنسان"، بالعاصمة الأمريكية واشنطن، والذي كان قد منحها جائزته لحقوق الإنسان في وقت سابق.

وكانت حيدر في نيويورك مؤخراً لتسلم جائزة أخرى منحتها إياها مؤسسة "ترين" للحقوق المدنية لعام 2009، حسبما أفادت المتحدثة باسم المؤسسة باربرا بيكر لـCNN، وأثناء عودتها إلى الصحراء الغربية، رفضت السلطات المغربية دخولها.

جماعات تتهم المغرب بانتهاك حقوق سكان الصحراء

وتتهم جماعات معنية بحقوق الانسان المغرب بغض الطرف عن حقوق سكان الصحراء الغربية وتعذيب من يعارضون وجود المغرب في المنطقة والاساءة اليهم.

وتنفي الرباط هذه الاتهامات وتقول ان معظم سكان الصحراء الغربية يعتبرون أنفسهم مغاربة وان من يرفضون ذلك يحصلون على أموال من جبهة البوليساريو التي تنادي باستقلال الصحراء الغربية وحليفتها الجزائر.

ويشير رفض المغرب عودة أميناتو الى شعوره بأنه قوي مايكفي لاختبار أعصاب واحدة من أقرب الحلفاء له.

ولم تعترف أي دولة بحق المغرب في الصحراء الغربية لكن الرباط تحظى بدعم قوي من أسبانيا والولايات المتحدة وفرنسا القوة الاستعمارية السابقة.

ونقلت وكالة الانباء الجزائرية الرسمية عن أحمد بوخاري مبعوث جبهة البوليساريو في الامم المتحدة قوله إن الجبهة "لن تستطيع مواصلة المفاوضات مع المغرب وجثة أميناتو حيدر على الطاولة".

وتريد البوليساريو طرح مستقبل الصحراء الغربية في استفتاء يكون الاستقلال أحد خياراته. واقترح المغرب الذي أقام استثمارات ونقل أشخاصا الى المنطقة الغنية بالمصائد والمعادن منح الصحراء الغربية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية.

وسمح المغرب لاميناتو وغيرها من الناشطين الحقوقيين المقيمين في الصحراء الغربية بالسفر الى الخارج في الاعوام الاخيرة. لكن الملك محمد السادس غير هذه السياسة الشهر الماضي عندما دعا لخطوات ضد الخونة الذين يهدون "سلامة الاراضي" المغربية.

وقال جيوف بورتر من مجموعة أوراسيا "لست متأكدا من أن اضراب أميناتو عن الطعام سيكون له تأثير كبير على الاطلاق. ففي نهاية الامر يفضل المجتمع الدولي أن تكون الصحراء الغربية تحت السيادة المغربية بدلا من أن تكون دولة مستقلة بين المحيط والصحراء."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/كانون الاول/2009 - 4/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م