عاشوراء... وهج متجدد لمأثرة سيد الشهداء

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: في هذه الايام الخالدة نعيش الذكرى المتجددة لاستشهاد أبي الاحرار الامام الحسين بن علي عليهما السلام، حيث تتوشح مدينة الحسين المقدسة بالحزن والسواد على ما تعرض له آل البيت الاطهار من ظلم وتجاوزات لا انسانية  قامت بها زمرة ضالة ظالمة تدّعي الاسلام زورا وبهتانا.

إن ارض كربلاء المقدسة سوف تغص شوارعها وازقتها وساحاتها كالعادة بملايين الزوار الذين أخذوا يتوجهون اليها من عموم مدن العراق والعالم، كي يحيوا الشعائر الحسينية المباركة.

وقد انتصبت عشرات التكايا في امكنة متعددة في مركز المدينة المقدسة وفي احيائها وخارجها ايضا وهي مضاءة ومتوهجة بالقناديل والثريات والمصابيح التي تشع بالايمان الراسخ في قلوب المسلمين وشيعة أمير المؤمنين واتباع اهل البيت الذين طهرهم الله تعالى من الرجس، ناهيك عن وهج المنائر والقباب الشامخة في سماء كربلاء أبدا.

وقد جاء في الكتاب القيم الموسوم بـ ( اضاءات مرجعية) لسماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي حول هذه المناسبة العظيمة:

(يطل علينا شهر محرم الحرام، شهر الإمام أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه، شهر التضحيات الكبرى، وشهر مقارعة الحق - متمثلاً في الصفوة الطيبة من آل البيت وأصحابهم الأبرار- مع الباطل - متمثلاً في الحكومة الأموية الظالمة وأتباعها من عبيد الدنيا).

وهكذا تكون هذه الواقعة المتجددة ابدا في مثل هذه الايام من كل عام معيارا لقياس وكشف الظلم وإفرازاته التي تنعكس على البشرية أجمع، ودافعا عظيما على رفضه أيا كان مصدره والوقوف بوجه الطغاة مهما قويت شكيمتهم واشتد جبروتهم القائم على الظلم والقهر والبطش بالآخرين (الرعية) من دون مراعاة لحرمة الانسان وحقوقه التي أقرتها الاديان السماوية والنواميس والاعراف البشرية التي فصلت بين افعال الخير والشر عبر معايير الرشد والبطولة كما هي مأثرة سيد الشهداء (ع) حين اعلن في مثل هذه الايام قبل اكثر من الف واربعمئة سنة تحديه للطاغوت الاموي الظالم الذي حاول بكل ما يستطيع تغيير المسار الانساني القائم على العدل والتضحية والايثار وعموم المبادئ التي تضع نفسها بخدمة الانسان، ولهذا بقيت هذه الثوررة الحسينية خالدة ما بقيت الدهو ومهما امتد الزمان، حيث يقول سماحة المرجع الشيرازي في كتابه بهذا الصدد:

(فهذا هو إسم الإمام الحسين سلام الله عليه يطبق أطراف الدنيا، وهذا هو عَلَمه الخفاق يرفرف في كل بقعة، وهذا هو خطه ـ الذي هو خط رسول الله وأمير المؤمنين عليهما الصلاة والسلام ـ يزداد في كل يوم إنتشاراً وتألقاً، وهذه هي المجالس تعقد باسمه من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وهؤلاء هم الالوف والالوف من الخطباء، والشعراء، والكتاب يرددون إسمه الشريف، وهذه هي الملايين تهتدي إلى سبيل الحق ببركته).

وهكذا بدأ يتجدد منظر المواكب والتكيات الحسينية المباركة، وهي تتسابق لتقديم نشاطاتها في ساحات وشوارع المدينة التي ستزدان على الرغم من حزنها بملايين الاجساد والارواح المؤمنة، التي أخذت تتدفق على المدينة المقدسة كي تطوف حول مرقد الامام الحسين واخيه العباس عليهما السلام، مستذكرة وقائع هذه الواقعة التي انتصرت للحق واصبحت منارا هاديا لثوار الارض ضد الظلم من دون استثناء.

ولعلنا لا نأتي بجديد حين نعدد مقومات الثورة الحسينية واهدافها التي تمثلت بالعزة والتضحية والاخلاق وغيرها من القيم العظيمة، حيث نقرأ في كتاب سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال:

(وأما الأخلاق فيكفي موقفه-الامام الحسين ع- تجاه الحر وأصحابه، حيث إعترضوه في كتيبة مدججة بالسلاح مؤلفة من ألف فارس ليسلموه إلى إبن زياد، لكنه سلام الله عليه لما رآهم عطاشى قال لأصحابه: إسقوا القوم وأرووهم من الماء ورشفوا الخيل ترشيفاً).

وهكذا يمكن للانسان أن يأخذ خصاله واخلاقه وكل ما يقوّم شخصيته من فكر الحسين (ع) ومبادئه الخالدة المستمدة من تعاليم الاسلام الحنيف وسيرته جده الرسول الاعظم (ص) وأبيه وامه سلام الله عليهما، وكما يقول سماحة المرجع الشيرازي في كتابه القيّم هذا:

(وكلما كانت نسبة التعلم من الإمام الحسين سلام الله عليه أكثر، كان القرب إليه أكثر).

وهكذا يتجدد وهج الايمان لهذه الواقعة الخالدة كلما مر عليها عام آخر، وكأنها مع تقادم الزمن تستعيد قوتها وألقها ورسوخها بين العالم أجمع، لتقول للتأريخ إن الامام الحسين (ع) هو مصباح الهدى وسفينة النجاة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 19/كانون الاول/2009 - 2/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م