استضافة البرلمان المسؤولين الامنيين وعلى رأسهم القائد العام
للقوات المسلحة كشف بوضوح عن فراغ امني خطير تسبب في حدوث الخروقات
الامنية التي نتج عنها استشهاد واصابة المئات من المواطنين. ولعل ابرز
ما كشفت عنه الاستضافة غياب الخطط الميدانية الفاعلة وتراجع عامل
التنسيق والجاهزية فضلاً عن الطريقة المعتمدة في التعاطي مع المعلومة
الاستخبارية المتاحة.
لم يستطع السادة المسؤولون التدليل على وجود خطة امنية حقيقية وعلى
خلاف ذلك فأن ما أشيع عن تغيير في محاولة استعراضية لإشاعة الاطمئنان
وامتصاص النقمة، وهو ما كشفت عنه الخروقات الامنية اللاحقة، ما نتج
عنها من تفجيرات كارثية في يوم الثلاثاء الدامي، خاصة وإن الحديث عن
التغيير يفترض أن يكون قائماً على دليل عملي يتجه بالأوضاع نحو الافضل
وليس العكس.
أما على صعيد التنسيق بين الاجهزة الامنية والتكامل في المواقف
والاجراءات؛ فقد دلل التناقض بين المستضافين على وجود تقاطع واضح بين
الارادات، اضافة الى وجود صراع خطير بين الوزارات الامنية وغياب لنفوذ
السلطة العليا، الامر الذي يفسر طلب دعوة رئيس الوزراء الى جلسة مغلقة
توفر السرية لوقائعها وتحول دون الاطلاع المباشر على مجرياتها. ولذا
فإن الفصل بين الرئيس والوزراء يمكن أن يوفر المزيد من المواجهة
والاتهامات المتبادلة وأن يغني الطرفين عن الإحراج والمفاجآت غير
المحسوبة.
ولعل ما يعزز ذلك العلاقة غير الطيبة بين رئيس الوزراء ووزير
الداخلية وهو الخلاف الذي يمكن أن ينسحب على الأداء الأمني ويتسبب
بالمزيد من الفوضى والإرباك في السياقات الميدانية المعتمدة، وذلك ما
كشفت عنه مصادر أمنية تحدثت عن وجود معلومة استخبارية مهمة جرى اهمالها
وعدم التعاطي معها بالشكل المطلوب، ما أدى إلى التفريط بالمبادرة
والتخلي عن الفعل الاستباقي الكفيل بإجهاض المخطط الإرهابي .
السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا سيترتب على عملية الاستضافة
والاستجواب؟ هل سيتخذ مجلس النواب قرارات مسؤولة ترتقي إلى مستوى الحدث
وتقدم حلولاً فاعلة للأزمة الامنية المتفاقمة.
المؤشرات تؤكد للأسف الشديد على خلاف ذلك، فالحدث سيمر كالعادة أسوة
بالأحداث السابقة والأمور ستعود إلى سابقتها وكأن شيئاً لم يكن.
* عضو الائتلاف الوطني العراقي
www.jawadalattar.com |