مناسبة عاشوراء وضرورة الاستفادة من الأخطاء الأمنية

شبكة النبأ: تستعد مدينة كربلاء المقدسة لاستقبال أيام عاشوراء الخالدة في مثل هذه الأيام من كل عام، فهذه المدينة غالبا ما يشمّر أبناؤها عن سواعدهم في هذه المناسبة الخالدة خلود الدهر وتستنفر أقصى طاقاتها الأهلية والرسمية لكي تستقبل ملايين الزوار الذين يتوجهون الى مرقد أبي الثوار وسيد الشهداء الامام الحسين بن علي (عليهما السلام) في ذكرى استشهاده وذويه وصحبه الطاهرين الذين قدموا للبشرية دروسا عظيمة في التضحية والايثار والشجاعة التي لم تتردد أو تتوانَ حيال الطغيان والظلم أيا كان نوعه او شكله او مصدره، مما أعطى لهذه الواقعة سمتها الانسانية الخالدة.

ولعل المتابع لما يجري الآن في هذه المدينة المقدسة سيلاحظ (خلايا النحل) ممثلة بأهالي المدينة والقادمين من خارجها وهم ينصبون السرادق المتنوعة هنا وهناك ويقيمون التكايا في هذا الشارع او ذاك وفي هذه الساحة او تلك ويهيئون الحسينيات والاماكن الخاصة بالمواكب الكثيرة والكبيرة التي ستشارك في احياء شعائر أهل البيت عليهم السلام.

كل هذا يجري وغيره الكثير وفق استعدادات فطرية قائمة على الايمان المطلق بمآثر الامام الحسين (ع) وما قدمه للاسلام الحنيف في وقفته التأريخية الجبارة ضد ممن ارادوا وعملوا على حرف المسيرة الاسلامية التي أسسها وعضدها سيد الكائنات نبينا الاكرم محمد بن عبد الله (ص).

ولعلنا لا نخطئ اذا طالبنا أن تكون الاجراءات الامنية التي تختص بها الاجهزة الامنية للدولة مناسبة لهذه الجهود الجبارة التي يبذلها محبّو الامام الحسين (ع) كما ينبغي ان تليق بالملايين التي لابد أنها بدأت زحفها منذ الآن الى المدينة المقدسة، فقد علمتنا السنوات والتجارب الكثيرة الماضية، أننا يجب أن نفتح ملايين العيون التي تضاهي الاعداد الزائرة وذلك حفاظا على حياتهم من غدر المغرضين الحاقدين المعتدين الكفرة الذين لا يترددوا عن ازهاق ارواح الابرياء بأية وسيلة تتاح لهم مهما كانت منافية لأبسط قواعد وتعاليم الدين والعرف والاخلاق الانسانية التي تترفع عن القيام بكل ما يسيء للانسان مهما كان نوعه او قلَّ حجمه.

لهذا نقول ينبغي ان تكون للجهات الامنية المعنية رؤية واضحة ودقيقة للخطة الامنية المناسبة التي ستطبقها من خلال كوادرها التي يُفترَض أن تكون مدربة على حماية ارواح زوار ابي عبد الله الحسين (ع) وينبغي لهذه الخطة أن تأخذ بعين الاعتبار جميع الاخطاء التي وقعت في الاعوام السابقة في مثل هذه الزيارة، ولا بأس أن تتم الاستفادة من جميع الجهات في هذا المجال، لأننا لا نريد أن (يقع الفأس في الرأس) أكثر من مرة ولأننا نؤمن بأن المؤمن ينبغي أن لا يُلدغ من جحرٍ مرتين.

فكل ما يتطلبه الأمر هو وضع خطة مهنية دقيقة يقف وراؤها أناس عمليون معنيون يعرفون ما يعملونه، بمعنى لا يجوز أن تُعطى مثل هذه المهام الكبيرة بأيد غير مجربة او خارج الاختصاص، لأننا لا نجرب خططنا هذه في ساحة تدريب فلا بأس إن وقع خطأ هنا او هناك، بل نحن نتعامل مع ملايين الارواح التي ستهفو من كل حدب وصوب بأجسادها وقلوبها وعيونها الباكية على هذا المصاب الجلل الذي حلّ بأهل البيت واصحابهم البررة الصالحين، ولهذا لابد أن تكون الاستعدادات الامنية موازية لهذا التدفق البشري الذي يُتوقع أن يكون كبيرا وهائلا في هذا العام وكما حدث في الاعوام القليلة الماضية بعد سقوط الصنم وزوال الدكتاتور الذي كان يمنع هذه المراسيم والطقوس والشعائر التي لا يستطيع بشر منعها لانها شعائر الله واوليائه ولأن إحيائها (من تقوى القلوب).

وهكذا ينبغي أن تُؤخذ بنظر الاعتبار جميع الاخطاء (صغيرها وكبيرها) بنظر الاعتبار لغرض وضع الخطط الفرعية المطلوبة ومعالجة الثغرات التي حدثت في السابق وعرّضت ارواح الزوار الى الخطر، كما أننا ينبغي أن نضع في حساباتنا أن الاعداء الكفرة لا يترددوا عن فعل أي شيء ولا يستحوا من استخدام أية وسيلة او انتهاج أي شيء من اجل تحقيق مآربهم الكافرة في إلحاق الأذى بالآخرين لغرض تخويفهم او منعهم من اداء هذه الشعيرة الحسينية التي قدم فيها الحسين عليه السلام نفسه اولا وذويه وصحبه الاطهار قربانا لمضي المسيرة الاسلامية قُدما.

لذلك يجب أن تتضافر جميع الجهود سواء الرسمية أو الاهلية أوغيرها من أجل خدمة الزائرين وتحقيق اقصى درجة من الامن لهم، وليس هذا صعبا فيما لو تم التنسيق الصحيح بين جميع الجهات المعنية ورسم الخطط القابلة للتطبيق من قبل ذوي الاختصاص، لكي يعيش الجميع هذه الزيارة الخالدة بقلوب متوهجة بالايمان ونفوس تأخذ من عظمة الحسين الثائر الخالد الشهيد (ع)، قوتها وصفائها ونبوغها ورفعتها في الحياة الدنيا قبل الدار الآخرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 13/كانون الاول/2009 - 25/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م