ثلاثاء دام في بغداد على شاكلة تفجيرات الأحد والأربعاء

المالكي الى البرلمان... وتغيير شامل في القيادات الأمنية

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: استقبل أهالي العاصمة العراقية بغداد يوم الثلاثاء الماضي على وقع خمسة انفجارات هزت هدوء مدينتهم النسبي، قبل أن يهرعوا الى لملمة أشلاء من سقط صريعا لتلك الهجمات الإرهابية ونجدة جرحاها.

حيث سقط العشرات من الشهداء والجرحى الانفجارات التي أتت مطابقة لذات الأسلوب لانفجارات الأحد والأربعاء اللذان وقعا خلال الأشهر القليلة الماضية.

فيما لحظت حالة الإرباك والتخبط الذي أعقبت الانفجارات لدى المسئولين العراقيين في الحكومة والبرلمان، وهو مشهد متكرر يعكس مدى التخبط الحاصل في أداء الدولة.

من جهتها سارع رئيس الوزراء العراقي الى تلبية دعوة البرلمان للاستجواب بعد أن أعلن إعفاء ابرز قادته الأمنيين من مراكزهم.

تورط السعودية وسوريا

حيث المح ضابط عراقي رفيع المستوى الى تورط سوريا والسعودية وغيرها من دول الجوار في تفجيرات بغداد الدامية التي أوقعت 127 قتيلا ومئات الجرحى.

وقال اللواء جهاد الجابري مدير عام مكافحة المتفجرات للصحافيين "انها مفرقعات نظامية أتت من الخارج، البعثيين الذين عملوها بالتعاون مع القاعدة وساعدتهم دولة مجاورة وهذه تحتاج الى أموال ودعم كبير جدا من سوريا او السعودية او غيرها".

وأضاف إن "الدولة غير غافلة عن هذا الموضوع  اقل سيارة كانت محملة 850 كلغ، لا يمكن تصنيعها في بغداد، هذا مفرقع نظامي جاء من الخارج".

وانفجرت خمس سيارات مفخخة يقود أربعة منها انتحاريون بفارق زمني قصير قبل ظهر في مناطق متفرقة من بغداد.

وتابع الجابري "ان تفخيخ سيارة صغيرة يحتاج الى مئة الف دولار، لكن السيارات المفخخة أمس كانت حافلات نقل صغيرة، والمفرقعات باهظة الثمن غالية جدا وقوة السي فور الانفجارية أكثر من الديناميت من نوع تي ان تي". بحسب فرانس برس.

ودافع الجابري بشدة عن جهاز كشف المتفجرات البريطاني الصنع، واتهم "آمري الوحدات العسكرية بعدم استخدام الأشخاص المؤهلين في حواجز التفتيش (..) لم يستخدموا ثمانين بالمئة من أربعة آلاف تم تدريبهم" لهذا الغرض.

وقام بتجربة أمام الصحافيين لتأكيد كفاءة الجهاز فوضع كمية من المتفجرات الى جانب مواد كيميائية أخرى، فاصدر الجهاز إشارات تدل على وجود المتفجرات وليس المواد الأخرى.

وكان نواب أشاروا في جلسة الطارئة للبرلمان الثلاثاء لبحث تداعيات التفجيرات الى إن الجهاز يؤشر على مواد غذائية مثل المخللات والعطور وغيرها.

وقال الجابري "اثبت الجهاز نجاحه، لكن عندما يستخدم بطريقة صحيحة، فهو قادر على كشف المتفجرات وليس المواد الكيمائية أو الحبوب أو حشوه الأسنان أو الشامبو، أو المخللات".

وشرح كيفية استخدام الجهاز الذي يعتمد على حركة الإنسان، قائلا انه "لا يعمل دون ارتداء كفوف (قفازات) خاصة خلال استخدامه بسبب اختلال تردداته". يشار الى ان جميع المستخدمين للجهاز في نقاط التفتيش لا يضعون القفازات إطلاقا.

ودعا الجابري الى "محاسبة آمري الوحدات لاستخدامهم غير المتدربين "يجب محاسبة الجميع حتى قائد الفرقة والمفروض سجنهم (...) هكذا يجب ان يكون الحساب".

متشددون يعلنون مسؤوليتهم

في السياق ذاته قالت جماعة (سايت) التي تراقب مواقع المتشددين على الانترنت ومقرها الولايات المتحدة ان جماعة دولة العراق الإسلامية نشرت بيانا يوم الأربعاء بعد يوم من الهجمات في موقع يستخدمه المتشددون على الانترنت.

وأسفرت أيضا الهجمات التي وقعت يوم الثلاثاء عن إصابة 425 شخصا عندما انفجرت أربع سيارات ملغومة في العاصمة العراقية. وقال مسئولون بوزارة الصحة إن 77 شخصا قتلوا لكن مصادر في الشرطة قالت إن العدد يصل الى 112 قتيلا.

وقالت الجماعة إنها استهدفت وزارتي العمل والمالية ومباني قضائية في الموجة "الثالثة" من الهجمات. ولم يتسن التحقق من زعم الجماعة المسؤولية.

وكانت الجماعة ذاتها قد أعلنت مسؤوليتها عن تفجيرين انتحاريين في 25 أكتوبر تشرين الأول عند وزارة العدل ومقر محافظة بغداد أسفرا عن مقتل 155 شخصا وعن تفجيرين آخرين في 19 أغسطس آب تسببا في سقوط 95 قتيلا عند المبنى الأصلي لوزارة المالية ووزارة أخرى. بحسب رويترز.

وتوعدت دولة العراق الإسلامية بالاستمرار في الهجمات الى أن تحكم "شريعة الله" الأرض والعباد. وأدان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يوم الأربعاء ما قال انه دعم أجنبي للتفجيرات.

وقال اللواء جهاد الجابري مدير عام مكافحة المتفجرات في وزارة الداخلية ان المتشددين ينتمون أما الى القاعدة أو حزب البعث المحظور الذي كان يتزعمه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وإنهم يلقون الدعم من سوريا والمملكة العربية السعودية أو حكومة أخرى.

دعم أجنبي

في سياق متصل قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان التفجيرات نفذت بدعم أجنبي وذلك قبل ان يعفي قائد عمليات الأمن في بغداد من منصبه في تحرك يهدف الى إجهاض أعمال العنف قبل الانتخابات.

وقال المالكي في كلمة أذاعها التلفزيون على الهواء دون ان يتهم أي بلد بعينه ان كل العراقيين من كل الطوائف واجهوا أشرس حملة إرهابية مدعومة من الخارج.

وفي آب اتهم المالكي سوريا بإيواء متشددين كانوا وراء العديد من التفجيرات من بينها هجومان على مباني وزارات حكومية قتل فيهما 95 شخصا يوم 19 آب.

كما اتهم العراق دولا مجاورة بالتقاعس عن منع مقاتلين أجانب من عبور حدودها وعدم اتخاذ إجراءات كافية لوقف تمويل تنظيم القاعدة وجماعات سنية أخرى. وقالت الولايات المتحدة إن إيران تدرب وتسلح المتشددين الشيعة.

وقال المالكي "هذه الجريمة ستشهد مزيدا من تغيير ومراجعة الخطط والاستراتيجيات الأمنية بل وحتى تغيير المواقع بالنسبة للمسئولين لتحديث أساليب المواجهة بما يتناسب والتحدي الكبير والمتطور."

وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي أن القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي اصدر "أوامر ديوانية بنقل الفريق الأول الركن عبود كنبر من منصب قائد عمليات بغداد الى منصب معاون رئيس أركان الجيش للعمليات."

وأضاف البيان إن المالكي قرر "نقل الفريق الركن احمد هاشم عودة سلطان من منصب معاون رئيس أركان الجيش للعمليات الى منصب قائد عمليات بغداد."

ويستند ائتلاف المالكي في حملته للانتخابات العامة التي ستجرى في السابع من مارس آذار المقبل الى تحقيق قدر أكبر من الأمن وتنمية اقتصادية.

ورغم ان جذور حزبه الدعوة تعود الى الإسلاميين الشيعة لكن المالكي سعى الى بناء قاعدة تتجاوز الطائفية استعدادا لانتخابات العام المقبل. ودعا الى الوحدة بين العراقيين عشية الهجمات.

وقال انه يدعو كل القوى السياسية والجماعات العرقية والشعب العراقي لان يكون أكثر وحدة في مواجهة هذه التحديات.

وقال المالكي أيضا إن إعدام المزيد من الأشخاص المدانين في جرائم مشابهة سيردع مذنبي المستقبل.

وقال: "أدعو المجلس القضائي ...لإقرار إحكام بالإعدام ضد المجرمين كما أدعو مجلس الرئاسة للموافقة على هذه الإحكام كردع."

وقالت منظمة العفو الدولية ان أكثر من 900 سجين عراقي يواجهون الإعدام قبل نهاية هذا العام لجرائم تشمل القتل والخطف.

وقالت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان والتي تتخذ من لندن مقرا لها ان الكثير منهم ربما لم يتلقوا محاكمات نزيهة.

وقال المجلس القضائي ان الرقم مبالغ فيه لكنه رفض إعطاء رقم محدد لعدد المحكوم عليهم بالإعدام.

الفشل في تفكيك الشبكات المسلحة

من جهته حمل النائب عن حزب الفضيلة الإسلامي عمار طعمة الحكومة مسؤولية التفجيرات التي ضربت مناطق متفرقة من بغداد، مبينا أن إدعاء الحكومة إلقاء القبض على العقول المدبرة للتفجيرات السابقة “لو كان حقيقياً” لأدى إلى إضعاف تلك الشبكات ومنعها من تكرار خروقاتها الأمنية النوعية، بحسب بيان للحزب.

ونقل بيان نشر على موقع حزب الفضيلة الإسلامي عن طعمة قوله “لم تفلح التحقيقات التي تلت تفجيري الأربعاء والأحد الداميين بتفكيك الشبكات الإرهابية المسؤولة عن تلك الأعمال وتكرار الخروقات الأمنية النوعية ما يؤشر فشل الحكومة في تفكيك تلك الشبكات الإرهابية”.

وأضاف طعمة بحسب البيان أن “ادعاء إلقاء القبض على العقول المدبرة للتفجيرات السابقة لو كان حقيقياً لأدى إلى إضعاف تلك الشبكات ومنعها من إمكانية تكرار خروقات أمنية نوعية مهمة”.

مشيرا إلى أن “غياب القيادات الكفوءة ذات الأهلية في تسلم أهم مناصب العمل الاستخباري وجهاز المخابرات وباقي الدوائر الأمنية الرقابية في الوزارات الأمنية بسبب المحاصصة السياسية وتغليب المكاسب الحزبية الضيقة على المصلحة الوطنية العامة في بلد يعاني ويواجه تحديات أمنية كبيرة مثل العراق يفترض بقيادات ومسؤولي الملف الأمني أن يتفرغوا للعمل والمتابعة الميدانية الدؤوبة لا أن ينشغلوا بقوائمهم ودعايتهم الانتخابية فنجد القائد العام للقوات المسلحة يترأس قائمة انتخابية واثنين من الوزراء الأمنيين منشغلين بترتيب مقدمات التنافس الانتخابي بالشكل الذي يضعف ويقلل متابعاتهم الميدانية مع وجود تلك التحديات الأمنية المستمرة والكبيرة”. بحسب أصوات العراق.

وأفاد طعمة كما جاء في البيان أنه “كان يفترض يتم التعامل مع ملف الصحوات بشكل شامل وأن يتضمن إعادة توزيعهم ونشرهم ضمن مناطق مختلفة ومتعددة وليس من الصحيح أن يبقى عملهم في نفس مناطقهم لأن ذلك سلاح ذو حدين قد ينتج منه غض نظر وتغطية لبعض الفعاليات الإرهابية”.

ومضى النائب عن حزب الفضيلة عمار طعمة في البيان قائلا إن جهاز المخابرات “فشل بشكل واضح في متابعة وإحباط فعاليات وأعمال الشبكات الإرهابي على مستوى تمويلها الخارجي وتسللها من خارج وتجنيدها للانتحاريين”، منوها إلى أن “غياب الدور الرقابي والمساءلة البرلمانية عن أداء الأجهزة الأمنية أدى لغياب الهمة والحافز الجدي لمراجعة تلك الأجهزة لأدائها وإجراء تغييرات ضرورية في مفاصل أمنية مهمة كقيادة الاستخبارات والدوائر الرقابية الأمنية”.

واستطرد النائب طعمة بحسب البيان أن “غياب الموقف السياسي الموحد وانقسام الشركاء السياسيين إزاء تلك التحديات يضعف المعالجات المهمة والأساسية لإصلاح عمل المؤسسة الأمنية ومواجهة التدخلات والدعم الخارجي لمنفذي تلك الأعمال الإجرامية”.

موظف ينجو من الموت مرتين

يقول العراقي حسين علوان انه نجا مرتين من الموت خلال أربعة اشهر هي المدة الفاصلة بين التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا وزارة المال في وسط بغداد.

ويضيف علوان (42 عاما) "لقد نجوت حتى الآن من انفجاريين استهدفا وزارة المال، كان أولهما في 19 أغسطس الماضي والثاني وقع اليوم الثلاثاء بينما كنت في طريقي إلى المبنى".

ويتابع "لم أمت من هول الانفجار لكنني كدت أموت خوفا وهلعا فقد وقع قبل وصولي إلى المبنى بدقيقة أو اقل فهرعت للاطمئنان إلى زملائي وأصدقائي".

ويؤكد علوان الذي تمزق قميصه وخضبت ملابسه بالدم والتراب "ساعدت في نقل أربع جثث لنساء زميلاتي. لا اعرف ماذا أقول اشكر الله لا اصدق إنني ما أزال على قيد الحياة". ويختم حديثه "لقد تدمرت بعض المنازل القديمة فوق رؤوس ساكنيها" في هذا الحي من بغداد القديمة.

يشار إلى أن وزارة المال انتقلت إلى موقع بديل اثر التفجير الانتحاري الذي ضربها في 19 أغسطس الماضي.

ويقع المقر الجديد قرب شارع الرصافي القريب من منطقة الميدان، أقدم أحياء بغداد، حيث مئات من المنازل المبنية منذ مطلع القرن الماضي.

من جهته، يقول جمال أمين الشاب الكردي العامل في مطعم قرب مبنى الوزارة واصيب بجروح في رأسه، "كنت واقفا أمام المطعم عندما صرخ الناس انتحاري".

ويضيف "نظرت باتجاه مصدر الصوت فرايت حافلة ركاب صغيرة وبعدها بثانيتين وقع الانفجار فغبت عن الوعي. واستفقت في وقت لاحق في مستشفى مدينة الطب" غير البعيد عن مكان الانفجار.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/كانون الاول/2009 - 24/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م