الغلاء في الأسواق العراقية يسرق فرحة الأعياد

تحقيق/عصام حاكم

 

شبكة النبأ: ربما يذهب عشاق فن التبرير والمهتمين بالأسباب والمسببات الى تسمية موجة الغلاء العالمي التي يشهد جزءا من فصولها واقعنا المبتلى بالعديد من التحديات والمحن التي باتت تعصف بوجدانه ومقومات صموده لتأتي طامة الأسعار وارتفاعها المجنون ونحن في مواسم أعياد الأضحى والغدير لتزيد الطين بلة وتنقض على آخر من تبقى منهم على قيد الحياة.

وهم يتذرعون بانخفاض درجات الحرارة ونقصان مناسيب المياه وقلة الأراضي المزروعة وتنامي مساحة التصحر وارتفاع قيمة البترول وأسباب أخرى لا سبيل الى عدها في هذا المقام. وقد تساعدهم في ذلك مجموعة مقومات منها لباقة اللسان وقدرتهم على استدعاء الكلمات المنمقة والبراقة والغريبة على مسامعنا نحن الفقراء.

إلا إننا  لسنا في مقام المتهكم لا سامح الله او الساخر من تلك التبريرات على اختلاف ألوانها ومصادقيها، فضلا عن كوننا لم نتسلح بآفة الحقد او الحسد إزاء من مكنتهم قرأتهم الذاتية وثقافتهم واطلاعهم على امتلاك ناصية العلم والسحر والبيان، ولكن نحن في مقام من يدافع عن تلك الشريحة التي اكل عليه الدهر وشرب وقد ابتلتها الأقدار بألوان الفقر والعوز وهم لا يمتلكون قوة يومهم فكيف بهم في ظل تصاعد موجة الأسعار.

(ابو محمد) رجل قد تجاوز العقد الثالث بخمسة اعوام وهو يعمل في البناء وله من الاطفال اربعة وهم جميعا لم يتجاوزو العاشرة  من العمر ويقدر مردوده  لقاء العمل ليوم واحد او يومين في الاسبوع ما وفقته الاقدار وكان في كاملة صحته، علما بانه لديه محاولات  متكرره للعمل في المؤسسات الحكومية والامر مرتبط بسنوات عمرة هي من يقف حائلا بينة وبين تحقيق حلمة، وفي ظل ذلك الوضع المربك ماديا تاتي الانباء عن زيادة في الرواتب على الرغم من كون الزيادة لم تدخل حيز التنفيذ كما انها تمس شريحة بعينها الا وهي شريحة الموظفين وليس جميع العراقيين، وكأنما هذا التزايد في الاسعار ياتي منسجما مع المثل القائل(الشر يعم والخير يخص) وابو محمد حسب ما اخبر (شبكة النبأ) كان من ضمن لائحة من شملهم الشر الا وهو شرور تنامي الأسعار وهو لا يستطيع  حسب قولة إن يؤمن لعائلته ضمن حدود الكفاف المأكل والمشرب إذا ما وضعنا في الحسبان المبلغ  قيمة المبلغ وساعد الله قلب ابو محمد  وهو مقبل على موسم الشتاء  والعيد في انا واحد.

أما(ام علاء) وهي ربة بيت، حيث تقول خلال حديثها لـ(شبكة النبأ): الله يكون في عون الناس الضعفاء الذين يعملون باجر يومي وربما لا يتسنى لهم العمل يوميا، وانته ترى الأسعار ملتهبة وغير مستقرة فاليوم كل شىء متجه نحو الارتفاع  ابتداء من أسعار الخضروات، ومرورا بباقي الأشياء التي تحتاجها العائلة العراقية أما بخصوص اسعار الملابس فالحديث يطول سيما وان أخوننا التجار قد أعدو العدة لاستقبال مواسم الأعياد بأسعار عاليه جدا وساعد الله الناس المحتاجين كيف يوفروا لابنائهم الكسوه.

وفي اثناء تجوالنا في احد الأسواق تحدثنا الى البائع (ابو نزار) وسألناه عن سر تلك الزيادة في أسعار الملابس، حيث أجاب: الكل يعلم وانتم أيضا بان الزيادة لم تكن محصورة في أسعار الملابس فقط بل كل الاشياء في حالة تنامي مستمر وتخضع لميزان العرض والطلب  علما بان اغلب البضائع الموجودة حاليا في الأسواق من مناشىء أجنبية، وهي تأتينا من الصين أو من الدول المجاورة حيث تخضع تلك البضائع لسلسلة من المستحقات منها الكمرك وأجور النقل ناهيك عن اجور المحل والعامل ناهيك عن ارتفاع وانخفاض الدولار وكل هذه العوامل تدخل في قيمة البضاعة ونحن ايضا كموردين نحتاج الى هامش ربح بسيط  وهذا باعتقادي ما يجعل من قيمة البضاعة تبدو مرتفعه بالنسبه للبعض.

مواطن اخر حدثنا قائلا: أنى لست ممن يصغي الى تلك الأسباب والذرائع التي هي بمتناول أيدينا في كل الأوقات والأزمنة وهي مؤشر على الفشل والخيبة، ولكن ما يهمنا فعلا ان نعمل على تجاوز مواضع الوهن والاخفاق.

واضاف لـ(شبكة النبأ): نكتشف الحلول او المعالجات الناجعة لمحاولة السقوط في فخ تلك الازمات التي باتت تهدد الكيان العراقي واخص بالذكر العائلة العراقية ذات الدخل المحدود او غير موجودة الدخل اصلا، فهناك والكل يعلم بان ما من عمل الا ويقتضي عوامل او عناصر تمكنة من اداء دورها الفاعل في عملية البروز او الظهور، واقصد هنا بان العراق اليوم يعتمد على المنتج الاجنبي ونحن بحاجة الى ايجاد صناعة وطنية من شانها ان تكون منافس قوي للمنتج الاجنبي فضلا عن كونها ذات قيمة اقل نسبيا وهي بمثابة المعين الحقيقي للأسر الفقيرة علما بان العراق لديه الكثير من المعامل الحكومية والاهلية القادره على ان توفر المنتج الوطني وباقل الاسعار الا ان الامر يحتاج الى اراده حكومية قوية من شانها ان تحد من ظاهرة الاعتماد على المستورد ومن دون وضع ضوابط صارمه اتجاه الألبسة الجاهزة مما يجعل من المنتج الوطني في موقف صعب،

ويسترسل المواطن في حديثه لـ(شبكة النبأ): نحن اليوم في أمس الحاجة الى قرار وطني جرأىء من قبل الحكومة تلزم نفسها بدعم القطاع الصناعي كما هي تعمل اليوم من خلال اللغط الزائد في مجال اعمار العراق، وهذه المسؤولية يتحمل جزءا كبيرا منها وزارة الصناعة وهي غير حريصه فعلا على استثمار هذا القطاع الحيوي بشكل يتناسب مع واقع المرحلة التي نمر بها من خلال دعم الصناعيين وانعاشهم من حالة الياس والانهيار.

وعلى مشارف نهاية هذا الجولة يتضح بان المهمة ليست سهلة الا أنها ليست بمستحلية طالما هناك هاجس يسعى الى رفد الوطن والمواطن بمقومات النهوض على مختلف الصعد، ومنها ذلك القطاع الا وهو القطاع الصناعي لنضمن عنده ذاك ان لا نستسلم امام تلك المخططات الرامية الى النيل من إرادتنا الاقتصادية كما انها تحقق غاية أسمى وهي تتجلى بقدرة الإنسان العراقي، سيما في ظل هشاشة الوضع الاقتصادي لأغلب العوائل العراقية ومن الله التوفيق.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 5/كانون الاول/2009 - 17/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م