شبكة النبأ: ثروة علمية متخصصة في
مجال الطب البيطري عزفت عن ممارستها للعمل في تخصصها البيطري وبما يصب
في مصلحة الثروة الحيوانية والبشرية أيضا في العراق، ومارس أصحابها
عددا من المهن الدخيلة على مجال تخصصهم كالعمل في محال بيع الخضروات أو
تصليح السيارات أو بيع الألبان والمخللات وبيع الشاي في المقاهي وغيرها.
وهؤلاء جميعا لم يعزفوا عن ممارسة مهنة تخصصهم بمحض إرادتهم، بل إن
تقصير المسؤولين وعدم مبالاتهم بقضية خريجي الطب البيطري هو السبب الذي
أكده جميع الأطباء البيطريين.
يتحدث الدكتور (زياد حمزة زويد) خريج كلية الطب جامعة بغداد للدورة
(92-93) لـ(شبكة النبأ) فيقول "ما أن تخرجت من كلية الطب البيطري في
عام 92 –93 وأكملنا سنة الإقامة تركت هذا العمل في هذا المجال.
اعمل الآن كاسبا أبيع الخضروات والفواكه في السوق شأني شأن أي كاسب
لم يكن له حظ أو نصيف لا في التعليم الابتدائي وحسب، بل في التعليم
العالي والتخصص في مجال الطب البيطري.
هذه المهنة لا تليق بيَّ وبشهادتي بلا شك، ولكني مرغما على ذلك
كونها السبيل الوحيد للعيش بالنسبة لي".
وكانت لنا وقفة ثانية مع الدكتور (حامد عبد الرضا الخالدي)، والذي
قال "بعد تخرجي في التسعينيات، أديت خدمتي العسكرية في مدينة الرمادي
تحت عنوان صنف طبيب بيطري في مذخر تموين القائم وسرحت من الجيش في
1994.
وبعد أدائي الخدمة العسكرية، بحثت عن التعيين وقتها لم يكن التعيين
مشجعا فالراتب آنذاك لا يتعدى (186) دينار عراقي مع المخصصات، وهي لا
تكفي لمعيشة عائلة".
وعن بدايات دخوله كلية الطب البيطري قال "انه لم يدخل هذه الكلية
برغبة منه بل كان هناك ثمة خطأ في الترتيب وملأ الاستمارة انتهى به في
كلية الطب البيطري بجامعة بغداد".
وعن بعض المواقف التي ما زالت تحزن د. حامد بيّن "إن احد زملاءه في
الدراسة كان يحلم ويعد الأيام يوما بعد يوم كي يتخرج ويتوظف ويستلم
راتبا قدره (150) دينارا في وقتها، ولأنه لم يحصل على وظيفة حكومية
جاءني قبل أيام وطلب مني أن يعمل لديه، لكني رفضت إهدار ماء وجه أو
كرامته بعمله عندي، لأني اعمل في مجال التجارة في المواد الغذائية وليس
لدي غير عمال (يحملون) البضائع من والى سيارات النقل، ولهذا رفضت عمله
عندي لان دراسته وتخصصه مثلا أمامي وهو يتحدث إلي ويتوسل أن يعمل عندي".
ويقول الطبيب البيطري الدكتور (كليف عباس سعد) خريج كلية الطب من
جامعة بغداد للعام الدراسي (1993) لـ(شبكة النبأ) "لا اعمل طبيبا بل
صاحب محل لبيع الألبان والمخللات، وليس هذا حالي وحسب، بل هو حال معظم
الأطباء البيطريين، فهناك التاجر وهناك صاحب المقهى وصاحب ورشة لتصليح
السيارات والذي تطوع للخدمة في حماية منشآت النفط (FBS)"..
وأوضح د.كليّف "إن هذه الحال تجعلني اشعر بالندم لان دراسة دامت
أكثر من (18) عام ضاعت هباءا منثورا".
وقال "في عام (1996) كنت موظفا آنذاك في المهناوية (غربي الديوانية)
وكان راتبي هو (3000) دينار، وأجرة تنقلي بالسيارة من منزلي إلى مقر
عملي في المهناوية هي (4500) شهريا، وهذا يعني إني ملزم بدفع (1500)
دينار شهريا ومن جيبي الخاص كي أوفر فقط أجرة تنقلي من منزلي إلى مقر
عملي فضلا عن احتياجاتي واحتياجات عائلتي المنزلية..
لذا لم يكن أمامي إلا أن ترك العمل أو سرقة عقار طبي اسمه (oxyteteracycline)
وقيمة القنينة الواحدة منه هي (6000) دينار وكنت استلم في كل مرة (4)
قناني كعلاج خلال عملي، ثم أقوم ببيعه في السوق واسترد ما اخسره على
النقل من أجور..
ولكني ولان السرقة ليست ثوبي، رفضت هذه الفكرة جملة وتفصيلا وقررت
ترك العمل برمته".
وتابع "أن ما يحز في نفسي أن حالي من حال أي كاسب آخر يفتقر
للشهادة، وحين يأتي أي صديق أو زميل لي يعرف صفتي الحقيقية ويلقي عليَّ
التحية (شلونك دكتور) امنعه من ذلك لأني اشعر بالحرج، وخاصة أن معدلي
كان (82,5) ولقد دخلت هذه كلية الطب البيطري محض إرادتي".
لكنه أكد لـ(شبكة النبأ) "ما زالت احن وأتطلع إلى التعيين كونه أكثر
استقرارا ماديا واضمن للمستقبل، لذا أتأمل على المسؤولين العراقيين أن
يلتفتوا إلى الطبيب البيطري ويولونه أهمية كبرى ومحاولة دعمه من خلال
منحه القروض البسيطة التي يتسنى له من خلالها افتتاح مشاريع تربية
الدواجن والعجول وغيرها وهي ثروة اقتصادية أيضا تصب في مصلحة البلد".
|