هناك بعض القوى السياسية في الساحة العربية والاسلامية بشكل عام
والعراقية بشكل خاص في طبيعة حراكها السياسي يمكن ان تثير اشكالية من
اجل البحث لها عن حلول مما يضخ الاوكسجين المطلوب جدا في الواقع الذي
تنتمي اليه.
لكن البعض الاخر لايمكن اعتباره الا مشكلة بحد ذاته... مشكلة في
طبيعة حراكه، مشكلة في اهدافة وغاياته مشكلة في وسائله وادواته، مشكلة
في رموزه وتياره... وحينما يكون بهذه الصورة السوداوية لايمكن اطلاقا
ان يكون جزءا من الحل في يوم من الايام، وبكل بساطة هل فاقد الشيء
بامكانه ان يعطيه؟!
هذه اشكالية تكاد تتجذر في طبيعة تفكير جزء كبير من الواقع الاسلامي
والعربي للتيارات والقوى الموجودة هناك ... حيث ان المسلمين انفسهم
وخصوصا بعض المتطرفين ابدى وعكس صورة بشعة وقذرة جدا عن الاسلام، لكنه
في نفس الوقت يعيب على الاخرين اذا تمسكوا وكرروا اصداء ذلك التشويه
الذي يتعرض له الدين الاسلامي المظلوم من قبل المحسوبين عليه اكثر من
الظلم الذي تعرض له من قبل الاخرين.
الواقع العراقي جزء من تلك المعادلة وذات القصة تكررت مع العديد من
القوى التي تدّعي انها تحمل السلاح ضد الامريكان حيث انها استوردت
العقول المفخخة وآوت تنظيم القاعدة بكل تأريخه الاسود، ومكنتهم من ضرب
حتى الاطفال، ثم بعد ذلك وحينما انتهت ورقة ذلك التنظيم بالنسبة
للسياسيين استغاثت هذه القوى وتظلمت وعوت نحيبا تفجعا من ممارسات
القاعدة، رغم ان القصة باختصار ليست اكثر من حزمة مصالح تلتقي وقد
تفترق بعيدا جدا عن مصلحة العراق حكومة وشعبا لكن التوظيف السيء كان
ولايزال هو سيد الموقف .
ان جماعة من هذا النوع يشابه حالها الى حد كبير جدا حال الممارسات
الغبية والجنونية التي كان يمارسها صدام حسين طيلة فترة وجوده في
السلطة، فطالما اراد هذا الدكتاتور الجبان ان يبحث في سراب الاحلام عن
مكانة في التاريخ على اثرها يوقع البلاد والعباد في ورطة ثم بعد ذلك
يحمل الاخرين استحقاقاتها، ويتخذ الاساليب الملتوية للتحايل على الواقع
الذي اوقع الشعب فيه، كما انه يعتبر محاولة الخروج من ذلك البئر المظلم
نضالا وانجازا تأريخيا بحد ذاته، رغم انه ايضا حتى في تلك المحاولات
يفضل كعادته الدوران في دوائر مفرغة.
وهذا المنهج لازال حتى هذه اللحظة ساري المفعول عند العديد من
رجالات السياسة في الحالة العراقية، ومنهم على سبيل المثال نائب رئيس
الجمهورية الذي اعتاد على تعطيل الحياة السياسية من خلال سوء استخدام
الحق الدستوري، فعطل عشرات القوانين لمختلف الاسباب ومن اهمها قانون
الانتخابات التشريعية باستخدام حق النقض المثير للجدل كثير، وبعد ان
عاد القانون الى مجلس النواب صوّت هذا الاخير على القانون مرة ثانية
بعد اجراء بعض التعديلات فافرز ذلك التعديل واقعا جديدا جعل الهاشمي في
زاوية حادة واصبح يعض اصبع الندم على استخدام حق النقض وتجاهل في ذلك
صيحات العديد من الاصوات جبهة التوافق حينما طالبته بعدم نقض القانون.
ان الهاشمي اراد ان يصبح بطلا من خلال استخدامه حق النقض، لكن السحر
قد انقلب على الساحر فالرجل زاد الطين بلّة وورط نفسه وبعض الذين يدعي
الدفاع عنهم، ثم بعد كل ذلك هاهو مرة اخرى يريد استنفار الجميع من اجل
الخروج من هذا المأزق! لقد ورّط نفسه واستغاث!
* كاتب عراقي
gamalksn@hotmail.com |