أزمة ديون دبي.. انكشاف الأوهام وسقوط الآمال

رؤية الرجل الواحد تبدأ بالإهتزاز

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: بثَّت الأنباء السيئة حول عجز إمارة دبي، في الإمارات العربية، عن تسديد ديونها حالة من القلق في الأسواق العالمية، هبطت على إثرها مؤشرات أبرز الأسواق الدولية، بالإضافة إلى أسعار النفط التي تراجعت هي الأخرى.

ففي اليابان، هبط المؤشر القياسي للأسهم بأكثر من 2 في المائة في التعاملات، وسط موجة مبيعات واسعة بعد أن هبوط الدولار أمام الين وقلق المتعاملين من مشاكل الديون في الإمارة الخليجية.

أما في أوروبا، فنزلت أسهم البنوك الأوروبية مدفوعة بالمخاوف التي أثارتها دبي، ونزل مؤشر داو جونز ستوكس للبنوك الأوروبية خمسة في المائة إلى 218.1 نقطة مسجلا أكبر انخفاض يومي له منذ منتصف مايو/أيار.

وفي غضون ذلك يقول خبراء السوق إن ما تم الكشف عنه  من الديون دبي لن يعيد الاقتصاد العالمي إلى الركود، لكنه ألحق ضرراً بالغاً بمكانة الإمارة كأحد المراكز المالية الرائدة في العالم.

وأبدى خبراء في الشأن الاقتصادي تحذيرات من إن البنوك في بريطانيا هي الأكثر تعرضاً للانكشاف أمام قروض متعثرة مصدرها شركات مملوكة لحكومة إمارة دبي، في حال استمرت أزمة تلك الشركات التي أعلنت عزمها طلب تأجيل سداد ديونها، مضيفين أن هذا الأمر لا يمثل حماية للبنوك الأمريكية التي ستتعرض بدورها لهزة عنيفة.

نموذج دبي كان رؤية رجل واحد..

كان "نموذج دبي" الذي تلقى ضربة ساحقة جراء أزمة الديون المفاجئة للإمارة الخليجية من بنات أفكار رجل واحد أخفق في تطبيق قواعد الشفافية والحوكمة.

فقد تمحور النمو السريع للامارة المدينة حول شخص حاكمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي عرض أفكاره في كتاب بعنوان "رؤيتي" حث فيه دولا عربية أخرى على محاكاة نجاح دبي.

والآن يبدو هذا النموذج على وشك السقوط بعدما أثار الكثير من الجدل بين عرب الخليج بما يتضمنه من بناء مدن براقة في الصحراء بسرعة فائقة عن طريق استقدام السكان والتمويل والعمالة من الخارج. والآن يثور التساؤل.. أين الخطأ..

قالت دبي الاسبوع الماضي انها تريد إرجاء سداد مليارات الدولارات من مجمل ديونها البالغة 80 مليار دولار مما دفع الاسواق العالمية للانحدار في ظل تخوف المستثمرين من أن يعصف تخلف عن السداد بالاقتصاد العالمي الذي لم يكد يتعافى من الازمة المالية.

ويتساءل المؤرخ البريطاني كريستوفر ديفيدسون "ماذا بعد للاسرة الحاكمة في دبي.. الخسارة الفادحة للشرعية التي يواجهها الحاكم الآن والخسارة الفادحة للشرعية التي يواجهه نجله وولي عهده بعد الكذب على المنتدى الاقتصادي العالمي الاسبوع الماضي .. ماذا بعد.."

كان الشيخ محمد الذي تزين صورته وكلماته أرجاء المدينة أبلغ المنتدى هذا الشهر أن دبي تجاوزت المرحلة الاسوأ وأنها في وضع يسمح لها بمتابعة خططها التنموية.

وأعلن نبأ أن شركة دبي العالمية للاستثمار لا تستطيع سداد سندات قيمتها 3.5 مليار دولار قبل عطلة عيد الاضحى مباشرة وقبل اليوم الوطني لدولة الامارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر كانون الاول. وقد تجنبت وسائل الاعلام المحلية بشكل شبه كامل التعليق على الازمة.

وقالت صحيفة جلف نيوز الناطقة بالانجليزية "ما كان لدبي أن تكون أكثر شفافية وانفتاحا بالنسبة للتحديات التي تواجهها بسبب التباطوء الاقتصادي العالمي." أما صحيفة الخليج اليومية التي تصدر باللغة العربية فقد أشادت بمناخ الاستثمار في الامارات.

وثمة عدم تيقن بشأن أي الاصول مملوك بصفة شخصية للاسرة الحاكمة أو مباشرة للحكومة أو أنه ببساطة تحت رعاية حاكم الامارة أو الحكومة.

كانت دبي مثار حسد دول الخليج الاخرى مثل السعودية وقطر لكن ذلك لم يمنعها من محاولة محاكاة بعض أفكار دبي مثل المناطق الحرة والمراكز المالية والبنية التحتية المتقدمة والترحيب برأس المال والخبرة الاجنبيين.

وفضلا عن مشاريعها المبهرة والتي يراها الكثيرون عبئا ثقيلا لا طائل من ورائه مثل جزر صناعية على شكل سعف النخيل وأعلى برج في العالم طورت دبي الخدمات الصحية والجامعات والمرافق الرياضية وتجمعات سكنية نموذجية.

محنة درامية أم أزمة حقيقية!

من جانب آخر يقول خبراء السوق إن ما تم الكشف عنه  من الديون دبي لن يعيد الاقتصاد العالمي إلى الركود، لكنه ألحق ضرراً بالغاً بمكانة الإمارة كأحد المراكز المالية الرائدة في العالم.

وقال ستيفن بوب، كبير خبراء الأسهم والسندات الاستراتيجيين في مؤسسة "كانتور فيتزجيرالد" لشبكة CNN: "إنه في غاية السهولة أن يقفز المرء إلى عربة الكآبة وركوب موجة الشؤم هذه."

وأضاف بوب: "ربما يؤدي إعلان دبي هذا إلى تباطؤ وتيرة الانتعاش لفترة من الزمن، غير أنني لا أعتقد أنها ستكون واحدة من هذه اللحظات الكارثية التي تقع فجأة وتودي بالأسهم إلى الهاوية أو تعني أن مؤشر الاقتصاد سيتجه نزولاً مرة أخرى."

من جانبه، قال هوارد ويلدون، كبير الاستراتيجيين في "BGC وشركاه"، في مذكرة للعملاء، إن تداعيات ديون "دبي العالمية" يجب أن تقاس بالأيام وليس الأسابيع.

وكانت حكومة دبي قد أخذت المستثمرين على حين غرة في وقت متأخر الأربعاء عندما أعلنت طلبها من الدائنين تأجيل سداد الديون المترتبة على شركة دبي العالمية ونخيل، التي تعد واحدة من أكبر شركات دبي القابضة وذراعها للتطوير العقاري، لمدة ستة شهور.

وكتب ويلدون يقول: "رغم أننا كنا نعلم مدى مشكلة دبي منذ شهور عديدة وأنها شهدت انخفاضاً في قيم أصولها بنسبة 50 في المائة في بعض الحالات، إلا أنه يتعين علينا أيضاً أن نتذكر أننا نتحدث عن شركة خاصة مملوكة بالكامل لحكومة دبي، وليس العكس. وأضاف قائلاً: " لا تنظروا إلى هذا على أنه شيء أكثر من مجرد كونه مشكلة يمكن حلها على الأغلب في الشرق الأوسط."

طلب دبي تأجيل سداد ديونها يهز الأسواق الدولية

وبثّت الأنباء السيئة حول عجز إمارة دبي، في الإمارات العربية، عن تسديد ديونها حالة من القلق في الأسواق العالمية، هبطت على إثرها مؤشرات أبرز الأسواق الدولية، بالإضافة إلى أسعار النفط التي تراجعت هي الأخرى.

ففي اليابان، هبط المؤشر القياسي للأسهم بأكثر من 2 في المائة في التعاملات، وسط موجة مبيعات واسعة بعد أن هبوط الدولار أمام الين وقلق المتعاملين من مشاكل الديون في الإمارة الخليجية.

أما في أوروبا، فنزلت أسهم البنوك الأوروبية مدفوعة بالمخاوف التي أثارتها دبي، ونزل مؤشر داو جونز ستوكس للبنوك الأوروبية خمسة في المائة إلى 218.1 نقطة مسجلا أكبر انخفاض يومي له منذ منتصف مايو/أيار.

وقد طلبت دبي من دائني اثنتين من أكبر الشركات في الإمارة الموافقة على إرجاء سداد ديون بمليارات الدولارات، لمدة ستة أشهر إضافية، بعد استحقاق سدادها في ديسمبر/كانون أول المقبل، كخطوة أولى نحو إعادة الهيكلة.

كما هبطت العقود الآجلة للنفط الخام في التعاملات الأسيوية، الجمعة، إلى سعر 76 دولارا للبرميل وسط توتر بين المستثمرين.

ويرى محللون أن مخاوف المستثمرين لا تتعلق بمسألة تأجيل سداد الديون لمدة ستة أشهر فقط، بل مبعثها قلق حقيقي من عدم قدرة دبي على الوفاء بديونها أصلا، واهتزاز وضع الإمارة التي تزخر بالاستثمارات الأجنبية.

وقد أحدثت دبي صدمة في أوساط المستثمرين العالميين وأثارت غضب البعض منهم بعدما طلبت "دبي العالمية" تأجيل سداد الديون المترتبة عليها، رغم التطمينات السابقة التي أطلقها مسؤولون في الإمارة على مدى الشهور الماضية بشأن إيفائها بالتزاماتها المالية المقدرة بنحو 80 مليار دولار.

هذه الخطوة من جانب الشركة الحكومية التي قامت بتطوير أكثر المشاريع العقارية فخامة، أثارت الشكوك في المركز التجاري في منطقة الشرق الأوسط فيما بدأت بوادر الانتعاش الاقتصادي في الظهور.

فبعد ساعتين على إعلانها طرح سندات حكومية بقيمة 5 مليارات دولار، من مصرفين إماراتيين في أبوظبي، طلبت الدائرة المالية تأجيل السداد لغاية الثلاثين من مايو/أيار المقبل، وذلك على كافة الديون المترتبة على "دبي العالمية" والشركات التابعة لها مثل "نخيل" المضطربة والتي من المقرر أن تسدد 4 مليارات دولار على السندات الإسلامية في الرابع عشر من ديسمبر/كانون الأول.

مخاوف من تفجّر أزمة عقارية بأمريكا بسبب دبي

وقال خبراء في الشأن الاقتصادي، إن البنوك في بريطانيا هي الأكثر تعرضاً للانكشاف أمام قروض متعثرة مصدرها شركات مملوكة لحكومة إمارة دبي، في حال استمرت أزمة تلك الشركات التي أعلنت عزمها طلب تأجيل سداد ديونها، مضيفين أن هذا الأمر لا يمثل حماية للبنوك الأمريكية التي ستتعرض بدورها لهزة عنيفة.

وذكر الخبراء أن الكثير من المصارف الأمريكية قدمت ضمانات لقروض حصلت عليها شركات في دبي مصدرها بنوك بريطانية وألمانية، إلى جانب أن اندفاع الإمارة الواقعة في دولة الإمارات العربية المتحدة لبيع ممتلكاتها العقارية في الغرب بأسعار بخسة بهدف جمع الأموال لسداد قروضها قد يدفع القطاع العقاري الأمريكي إلى دوامة جديدة من الهبوط.

وبحسب مؤسسة CMA المعنية بمراقبة سوق الائتمان، فإن إمكانية أن تعجز دبي عن سداد ديون شركاتها، وفي مقدمتها "دبي العالمية" التي يقدر أنها مدينة بمبلغ 60 مليار دولار، ارتفع إلى 35.82 في المائة.

وتشير أرقام مركز أبحاث "J.P Morgan" للأصول المالية إلى أن الانكشاف الأكبر في الولايات المتحدة على قروض دبي يتمثل في دين قيمته 1.9 مليار دولار، يعود لصالح مصرف "سيتي غروب."

ويقول ريتشارد بوف، محلل الشؤون المصرفية في مؤسسة "روشدال" للأوراق المالية، إن النتائج المباشرة لتعثر ديون شركات في دبي على المصارف الأمريكية ستكون محدودة، لكن ارتداداتها غير المباشرة ستتهدد النظام بـ"الشلل."

ويضيف بوف، في حديث لـCNN أن الخطر الأساسي ينبع من ندرة المعلومات المتوفرة حول القضية وتزايد منسوب القلق العالمي حيالها، خاصة وأن مستوى الضمانات والتأمينات التي قدمتها المصارف الأمريكية لديون أوروبية حصلت عليها دبي ما يزال غير واضح.

ويلفت بوف إلى أن المصارف البريطانية، وعلى رأسها ستاندرد تشارترد وHSBC ورويال بنك أوف سكوتلند وباركليز وسواها من المؤسسات المالية قدمت أكثر من 30 مليار دولار على شكل قروض لشركات دبي، وبسبب التعامل الواسع بين تلك المصارف ونظيراتها في أمريكا فإن التأثيرات السلبية التي يمكن أن تقع في لندن ستمتد إلى الولايات المتحدة بسرعة.

ويدعو بوف أيضاً للتنبه إلى خطر إضافي قد تتعرض له الولايات المتحدة، يتمثل في احتمال حصول انهيارات سعرية جديدة في السوق العقارية، إن اضطرت شركات دبي لبيع ممتلكاتها العقارية الفخمة بأسعار بخسة بهدف جمع السيولة للوفاء بديونها، الأمر الذي سيؤخر تعافي الاقتصاد العالمي ككل.

يذكر أن فاروق سوسة، مدير قسم التصنيف السيادي للشرق الأوسط في مؤسسة "ستاندرد أند بورز" المالية، كان قد اعتبر أن الهزات العنيفة التي شهدتها الأسواق العالمية بعد إعلان شركات مملوكة من حكومة دبي نيتها طلب تأجيل سداد ديونها "مبالغ فيها" باعتبار أن في إمارة دبي الكثير من الشركات الناجحة التي ما تزال قادرة على تحقيق أرباح.

الأزمة تهدد مصداقية بنوك الامارات

ويقول محللون ومصرفيون ان مصداقية القطاع المالي بالامارات العربية المتحدة ستعاني ما لم تتحرك السلطات والبنوك سريعا لتهدئة المخاوف من أن تخرج أزمة ديون دبي عن السيطرة.

كانت دبي قالت انها تعتزم إعادة هيكلة احدى شركاتها القابضة مما أحدث صدمة وأوقد شرارة مخاوف عالمية بشأن قدرة الإمارة على خدمة ديونها.

وأبلغت مصادر مصرفية طومسون رويترز أن قيمة تعرض البنوك في أنحاء العالم لمجموعة دبي العالمية تصل الى 12 مليار دولار من القروض المُجمعة والثنائية. بحسب رويترز.

وقال راج مادها المحلل المصرفي لدى المجموعة المالية-هيرميس "هي في رأيي صدمة كبيرة للقطاع المصرفي الإماراتي والى أن يتكون لدينا بعض الوضوح فان الوضع الحالي سيستمر في إلحاق أضرار."

ولم تفصح بعد البنوك الاقليمية مثل الإمارات دبي الوطني وبنك المشرق التي تضطلع بدور محوري في تمويل اقتصاد الامارات عن حجم تعرضها.

وقال مادها "دبي العالمية والكيانات التابعة لها تسهم بجزء كبير جدا من اقتصاد دبي ومديونيتها ونتوقع أن يكون لبنك الامارات دبي الوطني حصة كبيرة في هذا."ولم يتسن الاتصال بمسؤولي البنك الذي مقره في دبي للحصول على تعقيب.

وقال محلل مصرفي آخر يعمل لدى بنك عالمي كبير طلب عدم نشر اسمه ان بنوك الامارات تتسبب في تفاقم الوضع بالتزامها الصمت بشأن تعرضها.

وقال "ما لم تقدم البنوك توضيحا فان الناس سيخترعون الأرقام وهو ما سيكون أشد سوءا .. بوجه عام السُمعة تضررت."

ويتعرض بالفعل قطاع الخدمات المالية بالمنطقة لانتقادات بسبب نقص الافصاح والشفافية لكن بعض المحللين يتوقعون أن تُحدث أزمة ديون دبي تغييرا.

المركزي الإماراتي يتدخل لدعم المصارف

من جانبه قدّم المصرف المركزي الإماراتي المزيد من التطمينات للأسواق، في أعقاب الهزة التي أصابت الاقتصاد الدولي إثر إعلان شركات مملوكة لحكومة دبي عزمها طلب تأجيل سداد ديونها، وما أحدثه ذلك من ارتدادات سلبية على مستوى العالم، فشدد على أن النظام المصرفي "أكثر متانة" مما كان عليه قبل عام.

وقال المصرف المركزي إنه "يقف وراء البنوك الإماراتية وفروع البنوك الأجنبية العاملة في دولة الإمارات،" مضيفاً أنه أصدر إشعارا إلى البنوك الإماراتية والفروع الأجنبية لإعلامها بأنها يضع تحت تصرف هذه البنوك تسهيلات سيولة إضافية خاصة.

وتابع المركزي الإماراتي أن التسهيلات مربوط ةبحسابات البنوك الجارية لدى المصرف المركزي بسعر فائدة قدرها 50 نقطة أساس فوق سعر الأيبور للثلاثة أشهر بحسب أسعار التداول بين البنوك في الإمارات.

وقد اوضح المصرف المركزي بان النظام المصرفي الإماراتي: "أكثر متانة وسيولة منه قبل سنة وأن ودائع البنوك الأجنبية بالإضافة إلى السندات قصيرة الأجل الصادرة من البنوك الإماراتية في أسواق المال العالمية قد انخفضت بنسبة 25 في المائة."

وبحسب المصرف المركزي الإماراتي فإن نظام البلاد المصرفي يتكون في مجمله من "بنوك تجارية تخدم الإفراد بقاعدة صلبة من الودائع المستقرة،" وأن هذا الصنف من البنوك "برهن على أنه أفضل صنف مقاوم لتداعيات الأزمة المالية العالمية."

ومن المتوقع أن يكون لإعلان المصرف المركزي أثر إيجابي على قطاع المصارف المحلية، بعد التقارير التي تشير إلى انكشاف مجموعة من البنوك على قروض لشركتي "نخيل" و"دبي العالمية" إثر الإعلان عن رغبتهما في تأجيل سداد ديونهما.

براون: ما حدث في دبي انتكاسة

وعلى المستوى السياسي، كان لرئيس الوزراء البريطاني، غوردون براون تعليق بالغ الأهمية على تطورات الأوضاع المالية في دبي، حيث قال إن مشاكل الإمارة "جدية" ولكن "الاقتصاد العالمي قوي حاليا بما يكفي للتغلب." عليها.

وقال براون: "رغم أن ما جرى كان انتكاسة، إلا أنني أظن أننا سنجد بأنها ليست بنفس حجم المشكلات السابقة التي واجهناها،" مضيفاً أن تحدث إلى مسؤولين في دبي في وقت سابق هذا الأسبوع، وقد تلقى منهم تأكيدات بأنهم سيواصلون الاستثمار في مشروعات للبنية التحتية في بريطانيا.

وكان الأنباء السيئة حول عجز إمارة دبي، في الإمارات العربية، عن تسديد ديونها قد بثت حالة من القلق في الأسواق العالمية، هبطت على إثرها مؤشرات أبرز الأسواق الدولية، بالإضافة إلى أسعار النفط التي تراجعت هي الأخرى.

ففي اليابان، هبط المؤشر القياسي للأسهم بأكثر من 2 في المائة في التعاملات الصباحية، الجمعة، وسط موجة مبيعات واسعة بعد أن هبوط الدولار أمام الين وقلق المتعاملين من مشاكل اليدون في الإمارة الخليجية.

أما في أوروبا، فنزلت أسهم البنوك الأوروبية مدفوعة بالمخاوف التي أثارتها دبي، ونزل مؤشر داو جونز ستوكس للبنوك الأوروبية خمسة في المائة إلى 218.1 نقطة مسجلا أكبر انخفاض يومي له منذ منتصف مايو/أيار.

وقد أحدثت دبي صدمة في أوساط المستثمرين العالميين وأثارت غضب البعض منهم بعدما طلبت "دبي العالمية" تأجيل سداد الديون المترتبة عليها، رغم التطمينات السابقة التي أطلقها مسؤولون في الإمارة على مدى الشهور الماضية بشأن إيفائها بالتزاماتها المالية المقدرة بنحو 80 مليار دولار.

فبعد ساعتين على إعلانها طرح سندات حكومية بقيمة 5 مليارات دولار، من مصرفين إماراتيين في أبوظبي، طلبت الدائرة المالية تأجيل السداد لغاية الثلاثين من مايو/أيار المقبل، وذلك على كافة الديون المترتبة على "دبي العالمية" والشركات التابعة لها مثل "نخيل" المضطربة والتي من المقرر أن تسدد 4 مليارات دولار على السندات الإسلامية في الرابع عشر من ديسمبر/كانون الأول.

وقال محللون ان تعرض البنوك البريطانية أكبر من تعرض أي منافس لها بسبب العلاقات البريطانية التقليدية بالشرق الاوسط وبسبب تركيزها على الاسواق الناشئة الى جانب القروض التي قدمتها خلال الطفرة العقارية في دبي.

وقال بنك التسويات الدولية ان اجمالي قروض البنوك البريطانية للامارات يبلغ 50 مليار دولار من أصل 123 مليار دولار هي اجمالي قروض البنوك العالمية للبلد العربي الخليجي.

وأظهرت بيانات بنك التسويات الدولية التي تستند الى مبالغ القروض حتى نهاية يونيو حزيران أن قروض البنوك البريطانية أكبر بكثير من نظيراتها من بنوك فرنسا البالغة 11.3 مليار دولار ونظيراتها في ألمانيا البالغة 10.6 مليار دولار والولايات المتحدة (10.6 مليار دولار) واليابان (تسعة مليارات دولار).

أزمة دبي تنعش قطر والسعودية وثمن حلها يُدفع سياسياً

وتوقع خبير اقتصادي أن تترك أزمة قروض دبي آثارها على مستوى المنطقة، التي لن تسترد مستويات الثقة فيها قبل الربع الأول من عام 2010، وقد ظهر ذلك واضحاً مع إعلان بنك الخليج الدولي، المملوك لمؤسسة النقد العربي السعودي، تأجيل طرح سنداته، مضيفاً أن ما جرى سيمنح الفرصة لبروز لاعبين جدد في الخليج، على رأسهم قطر والسعودية.

وقال جون سفكياناكيس، في حديث لـCNN بالعربية، إن ديون دبي لن يكون لها أثر مشابه لأزمة مجموعتي "سعد والقصيبي"، بسبب الانكشاف المتفاوت للمصارف عليها، معرباً عن توقعاته بأن أبوظبي ستهب لنجدة دبي في نهاية المطاف، ولكن بثمن سياسي، قد يظهر عبر الحد من الاستقلالية النسبية التي تتمتع بها دبي داخل النظام الفيدرالي لدولة الإمارات العربية المتحدة.

وتابع سفكياناكيس، كبير خبراء الاقتصاد في البنك السعودي الفرنسي، بالقول: "هناك انكشاف، وكل البنوك في المنطقة معرضة، ولكن لا أظن أن الانكشاف بالقدر نفسه لكل البنوك، فمصارف دبي هي الأكثر تعرضاً، يليها تلك الموجودة في أبوظبي، ومن ثم سائر المنطقة."

وعن تأثيرات الأزمة على الخليج ككل، قال المحلل الاقتصادي: "إذا كان هناك من تأثير في الخليج فسيكون إيجابياً في قطر وأبوظبي والسعودية، بسبب قلة الانكشاف وعدم وجود فقاعة عقارية، وستكون هناك دول أخرى ستلمع في المنطقة وتبرز أدوارها."

ولكن سفكياناكيس تحفظ لناحية التفاؤل بإمكانية أن تكون الأزمة الراهنة علامة فارقة في مسيرة الاقتصاد الخليجي، الذي اعتاد ظهور الفقاعات، فقال: "أخشى أنه بالنسبة للحكومات والمصارف والمستثمرين أيضاً، فإن المشكلة الأساسية تتمثل في قصر الذاكرة، وأتمنى أن يتعلم الجميع الدرس ويتذكرونه، ولكن هذا لا يعني أن ظهور الفقاعات في المنطقة لن يتكرر، ولكن على الجميع وضع الخطط الكفيلة بمعالجتها."

وعما وصفه بـ"الثمن السياسي"، الذي قد تضطر دبي لدفعه إذا ما تدخلت أبوظبي لإنقاذها، قال: "السياسة تعادل الاقتصاد من حيث الأهمية، ومعظم من يكتب عن دبي لا يفهم السياسة السائدة، والأهم هنا هو مستوى الحرية السياسية التي ستسمح أبوظبي لدبي بأن تتمتع فيها مستقبلاً."

المستثمرون سيغادرون دبي الى أبوظبي ومصر

وفي التداعيات لهذه الازمة، سيحول مديرو صناديق أموالاً من دبي الى أبوظبي وقطر ومصر بحثاً عن ملاذ آمن للاستثمارات بعدما أعلنت دبي هذا الاسبوع أنها ستطلب من دائني شركتين تابعتين لها تعليق المطالبة بسداد ديون.

ويقول مديرو صناديق عالمية انهم يدرسون تعديل محافظ أو حتى مغادرة دبي بعد اعلان حكومة الامارة يوم الاربعاء الماضي أنها ستطلب من دائني نخيل ودبي العالمية تأجيل سداد الديون.

ويتوقع مديرو صناديق مقيمون في دبي أن يعيد مستثمرون دوليون تخصيص محافظهم عندما تعاود الاسواق المحلية نشاطها بعد عطلة عيد الاضحى يوم الاثنين. بحسب رويترز.

وقال ستيوارت كالفرهاوس كبير الخبراء الاقتصاديين لدى اكزوتكس في لندن " سنشهد فرارا اقليميا الى المناطق الجيدة لذلك ستكون أبوظبي وقطر المستفيدين الرئيسيين على الارجح.

"خرج كثير من المستثمرين الاجانب من دبي قبل فترة. وقد يجد غير المتعرضين لدبي والامارات في ضعف الاسعار الحالي فرصة لشراء أصول رخيصة في المنطقة حيث العوامل الاساسية أفضل من نخيل ودبي العالمية. سينظر اخرون الى فئة الاصول بالاسواق الناشئة ويستقون منها الدروس لمناطق أخرى."

وقال جولدمان ساكس في مذكرة بحثية يوم الجمعة ان حساباته تفيد أن دبي العالمية والشركات التابعة لها سترد حوالي 7.8 مليار دولار حتى نهاية 2009 وعلى مدى 2010 ثم 6.8 مليار دولار في 2011.

غير أن الديون الاكثر الحاحا على الاطلاق هي صكوك نخيل البالغ حجمها 3.52 مليار دولار والتي تستحق في 14 ديسمبر كانون الاول.في غضون ذلك عبر أغلب مديري الصناديق عن ثقتهم في أن أبوظبي ستوفر السيولة اللازمة لانقاذ دبي.

وقال عمر أبو شعبان مدير مبيعات الاسهم بالاسواق الناشئة لدى ميريل لينش " السؤال المطروح الان هو هل هي قضية خاصة بدبي وحدها أم أن الامارات بأكملها تواجه مشكلة وهل مازال لدى أبوظبي السيولة الكافية لمساعدة دبي."وأضاف "سيبدأ الناس في تقليص مراكزهم في دبي والاموال المخصصة (للاستثمار) ستتحول الى قطر والسعودية ومصر. بل ربما يبيع المستثمرون ويحتفظون بالسيولة."

توقعات باستمرار تراجع أسعار المساكن في دبي

وقال محللون ان من المرجح أن تواجه سوق العقارات في دبي مزيدا من تراجع الاسعار وتزايد بواعث القلق بشأن توافر التمويل بعدما قالت الامارة انها ستؤجل سداد مدفوعات الديون الخاصة باثنتين من أكبر شركاتها.

وقال سعود مسعود رئيس البحوث والمحلل العقاري في يو.بي.اس-الشرق الاوسط وشمال افريقيا "تؤثر الانباء على نفسية المستثمرين وقد تنزلق أسعار المساكن بما بين 20 في المئة الى 30 في المئة اخرى أسرع من تقديرنا الحالية للنصف الثاني من 2011 ."واضاف "قد تحدث تخفيضات اخرى في الوظائف نتيجة اعادة الجدولة المحتملة ويمكن ان يؤثر ذلك بصورة مباشرة على التدفق السكاني الى خارج الامارة ويؤدي الى زيادة في المعروض من المساكن."

وبلغت الديون المستحقة على مجموعة دبي العالمية 59 مليار دولار في اغسطس اب وهو ما يمثل جزءا كبيرا من اجمالي ديون دبي البالغ 80 مليار دولار. ويتوقع السوق على نطاق واسع سداد صكوك اصدرتها نخيل بقيمة 3.5 مليار دولار ويحل موعد استحقاقها الاصلي يوم 14 ديسمبر كانون الاول.

وقال نيكولاس ماكلين العضو المنتدب لشركة سي.بي ريتشارد ايليس للخدمات العقارية "اعتقد انه سيكون هناك تأثير على الاسكان. سيكون هناك عدم تيقن بشأن التزامات تلك المجموعة (دبي العالمية) مستقبلا وسيؤثر ذلك على الاسعار. واستدرك قائلا "لكن اذا كان لديك عقار في شركة تطوير غير ذات صلة فربما يحدث مجرد امتداد للتأثير على المدى القصير."

واشار عدد من التقارير التي نشرها محللون حديثا الى ان الظروف تتحسن في سوق دبي العقاري التي شهدت انخفاض الاسعار اكثر من 50 في المئة منذ بلغت اعلى مستوياتها العام الماضي.

وقالت كولييرز انترناشونال في تقرير في وقت سابق من الشهر الجاري ان اسعار المنازل ارتفعت بنسبة سبعة في المئة في الربع الثالث وهو اول ارتفاع لها في عام.

وقال المدير الاقليمي للشركة ايان البرت "مبعث القلق الحقيقي يتعلق بالمخصصات الاضافية التي سيكون على البنوك تجنيبها وقدرتها على ضخ سيولة في السوق في 2010 فيما يتعلق بالرهون العقارية ومشروعات التطوير العقاري." واضاف ان الزيادة في النشاط في الربع الثالث نتجت اساسا عن توفر السيولة مرة أخرى السوق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/كانون الاول/2009 - 13/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م