قراءة في كتاب: حقوق الإنسان في روايات عبد الرحمن منيف

 

 

 

 

الكتاب: حقوق الإنسان في روايات عبد الرحمن منيف

المؤلف: خديجة شهاب

الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر

عدد الصفحات: 686 صفحة كبيرة القطع

عرض: جورج جحا

 

 

 

 

شبكة النبأ: إذا كانت أعمال الكاتب الشهير الراحل عبد الرحمن منيف كثيرة وكان بعضها ضخما فلا غرابة في أن تأتي الدراسات عنها على قدر بارز من الضخامة أيضا.

وقد جاء عمل الباحثة اللبنانية خديجة شهاب التي تناولت زاوية معينة لكنها واسعة شاملة عن أعمال عبد الرحمن منيف في 686 صفحة كبيرة القطع وحمل عنوان "حقوق الإنسان في روايات عبد الرحمن منيف".

الكتاب الذي جاء في خمسة أبواب كبيرة وفي كل باب منه فصول مختلفة صدر عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت. بحسب رويترز.

خديجة شهاب أهدت عملها الى " الشعب الذي يناضل في سبيل الحرية." وقد توصلت المؤلفة الى ما أسمته خلاصات لما اوردته في الأبواب والفصول المختلفة التي انطوى عليها كتابها.

أما المقدمة التي كتبتها فلا يبدو إنها -على ما في طرحها من أهمية- جاءت من حيث "اتساع" النظرة على قدر اتساع البحث الذي قامت به ولا الجهد الكبير الذي صرفته عليه بعناية ودقة غالبة.

قالت الباحثة ان للرواية مكانة مرموقة بين الانواع الادبية وأوردت لهذه الاهمية سببا جعل القارئ يفهم انه السبب الوحيد والاهم. قالت ان سبب اهمية الرواية هو "لأنها تسمح للأديب ان يحاكي الواقع حين يتناول قضاياه الحساسة فيشير الى الحياة الاجتماعية التي يعيشها المواطن ويدل على أزماته السياسية والاقتصادية والعسكرية".

وتتابع الباحثة الكلام في نوع من التبسيط عن أهمية الرواية -وفي شيء من تفسير ما لا يحتاج الى تفسير- وكذلك في "حصر" يجعل من ذكرتهم على أهميتهم ولمجرد الحديث عنهم حصرا دون القول "مثلا" أو "على سبيل المثال" أو غير ذلك يظهر الكلام وكأنه مجرد نظرة جانبية فحسب.

قالت خديجة شهاب إن منيف "هرب من الحياة السياسية حين أحس إن هناك خللا في ممارسة العمل السياسي إن على مستوى السلطة والمواطنين أو على مستوى الأحزاب التي لم تستطع ان تؤدي دورها في تصحيح مسار الحركة السياسية... فاختار الرواية ..."

ترى هل لنا من خلال هذا الكلام على ما يكون من صحة أهميته في قرار منيف الانصراف الى الرواية ان نفهم ان الكاتب الشهير الراحل ما كان ليكتب الرواية لو كانت الظروف السياسية المذكورة مثلا غير ما هي عليه.. هل لنا ان نفهم من ذلك أيضا ان الميل او الموهبة وعوامل أخرى لا اثر لها في الأمر.. أيصح مثلا إن نحكم على كتاب غربيين كبار من خلال هذا المفهوم.. هل يمكن ان نقول ان الظلم و" الاحتكار" في المجال السياسي مثلا لهما فضل خلق موهبة كموهبة منيف.. ام انهما ربما كانا سببا من اسباب او دافعا من دوافع اخرى؟

ونصل الى "الحصر" المذكور آنفا اذ تمضي الباحثة في كلامها عن منيف فتقول "فاختار الرواية كما سبق واختار المتنبي الشعر وعمر فاخوري المقالة واختار قدري القلعجي والشيخ حسين مروة المقالة النقدية..."

وتابعت وكأنها تنفي زعما لا يبدو إن أحدا ادعاه فقالت ان هذا "ما يدل على ان الرواية ليست الفن الوحيد الذي عبّر من خلاله الأدباء والمفكرون عن القضايا التي يعاني منها المجتمع..." كلام المؤلفة قد يكون صحيحا اذا كنا نتحدث عن عوامل وأسباب تفضيل الكاتب نوعا ادبيا على نوع اخر في مجال التعبير عما أشارت إليه لكنه لا يصح ان يكون حكما مطلقا.

وقد أوردت خديجة شهاب بعد مقدمة كتابها "الشرعية الدولية لحقوق الإنسان" لتكون مرجعها الذي تستند اليه في الحديث عن حقوق الإنسان في روايات منيف.

من الخلاصات التي توصلت إليها الباحثة في عملها القيم دون شك قولها "بدت لنا الشخصيات الرئيسة في الروايات ثائرة متمردة على الأوضاع الجديدة التي استجدت في المنطقة وقد حاولت الانقلاب عليها ولكن السلطة كانت لها بالمرصاد وعملت على كم الافواه والتضييق عليها.

"ويركز منيف على انتهاك الحقوق وفي المستويات كافة فنادى في ظل الصراع بين ثقافتين... الظالم والمظلوم/الثائر المتمرد/ المتغطرس الغاشم.. ووسائل هذا الصراع.. العصيان والثورة والتحرك بأنظمة سياسية جديدة تعطي المواطن حقه في اختيار شكل النظام ورموزه وتسمح له بتغييره. وقد أظهرت الروايات ان الأسلوب الذي يتبعه الحاكم هو نفسه في جميع الامكنة".

في خلاصات أخرى تقول "دلت الروايات الى انتهاك فاضح لحرية الدين والتفكير على الرغم من ان الميثاق العربي لحقوق الإنسان قد كفل هذا الحق".

واستخلصت في باب آخر أمورا أخرى، فقالت "كشفت روايات منيف وأبطاله عن العالم الذي يعيشون فيه فنلمس معهم ان لا رأي الا للطبقة الحاكمة وكلماتها يدعّمها في ذلك سيادتها وسيطرتها على حياة المواطن وحقه في ان يعيش حياته بعيدا عن القهر والتعذيب والحرب وإذا بها تمارس كل الأساليب التي تحرمها الحياة وتضيف اليها الخوف والرعب والاضطراب والقهر ما دفعه نحو اليأس والقهر والاندحار".

وفي خلاصة اخرى رأت ان روايات منيف تبين لنا "ان افاق الصناعات المنبثقة من النفط ومشتقاته لا حدود لها وهي تحتاج الى رؤوس اموال كبيرة كي تدعمها وتساهم في تنميتها ما يساعد بالتالي في تشغيل ايد عاملة".

ورأت ان الروايات أظهرت ان المستوى الاجتماعي للأسرة من خلال بعض الافراد ارتفع بينما غابت رعاية السلطة لفئات تحتاجها بشدة "وبالتالي فهم لم يفيدوا من الحضارة الجديدة الا زيادة فقرهم واهانتهم.

في ظل هذه الاوضاع فقد اهينت الطفولة حيث احتل بعض الاطفال موقع الاب ومارسوا اعمالا سرقت منهم طفولتهم وإحساسهم بالامان..."

واستخلصت في مجال اخر ان منيف يؤمن بأن "كل شخصية يمكنها ان تكون فاعلة ومؤثرة وذلك تبعا للموقف الذي يضعها فيه الروائي وهي بالتالي قادرة على ان تسلم راية النضال الى شخصية اخرى قد تكون أكثر فاعلية".

ورأت في الختام ان ما تقدم يكشف لنا "ان حقوق الانسان تتقاطع في ما بينها اذ لا يمكنه ان يمارس حقا دون ان يحصل على الحقوق الأخرى واذا ما حسبنا في هذا الإطار الحقوق السياسية هي الركيزة الأساسية التي تقوم عليها بقية الحقوق".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 30/تشرين الثاني/2009 - 12/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م