الفساد العالمي وأثره المباشر في وقوع الأزمة مالية

الأمم المتحدة تحذر تحالف المحتالين وتضع آليات جديدة لمكافحتهم

 

شبكة النبأ: بعد خلافات استمرت خمسة أيام وعمليات شد وجذب وتعديلات عدة في مشاريع القرارات وصعوبات، اجتاز مؤتمر الدول الأطراف الثالث في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أكبر عقبة ونجح في بلورة اتفاق جماعي تمثل في التوصل إلى آلية متابعة لمكافحة الفساد بعد ولادة عسيرة.

وأطلق المؤتمر رسائل تحذير للفاسدين و تحالف المحتالين، كما قرر تقديم مساعدات تقنية (خاصة للدول النامية) لتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، كما أقر اتخاذ تدابير وقائية لمكافحة الفساد، واستطاع التوافق على مسألة تشكيل فريق عمل بعدما تحفظت الصين على تشكيل هذا الفريق حتى في الجلسة الختامية، كما شدد المؤتمر في قراراته على استعادة الأموال المسروقة الى دولها.

وذكر أن رئيس المؤتمر النائب العام القطري علي المري كان سيُبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأسماء الدول التي لم ترغب في إقرار آلية مكافحة الفساد وأن الأمين العام للمنظمة الدولية سيُعلن أسماء تلك الدول التي تراجعت أخيراً عن موقفها الرافض لوجود آلية تكافح الفساد ووافقت على الآلية ما أدى لنجاح المؤتمر.

الصين من جهتها أبدت تردداً في الموافقة على موضوع فريق العمل الخاص بالوقاية من الفساد على مدى أيام، وفي الجلسة الختامية أبدت الصين تحفظاً (حول فريق العمل بشأن الوقاية من الفساد)، لكن رئيس المؤتمر أتاح للصين وبعض الدول المعنية أن تخرج من الجلسة الختامية لتعود بعد أكثر من نصف ساعة ليتم الإعلان على موافقة الصين على النص الخاص بإنشاء مجموعة العمل وسط تصفيق الحاضرين. بحسب صحيفة الحياة

وأجمعت وفود عدة على أهمية الاختراق المهم ضد الفساد الذي حققه مؤتمر الدوحة من خلال آلية لمكافحة الفساد واعتبر متحدثون في الجلسة الختامية أن ما حدث يعد التطور الأول من نوعه» منذ أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 31 تشرين الثاني(نوفمبر) عام 2003 اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي دخلت حيز التنفيذ في في 14 كانون الأول (ديسمبر) عام 2005.

المبالغة في التحذير

من جانب آخر حذر المنتدى العالمي السادس لمكافحة الفساد وحماية النزاهة في الدوحة بان الفساد يمثل تحديا يواجه الدول في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويهدد الديمقراطية والتنمية المستدامة وسيادة القانون والأمن العالمي في البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء. ونبه المنتدى في توصيات صدرت في ختام أعماله هنا الليلة بضرورة التحذير من التأثير المدمر للفساد في نشر الجريمة المنظمة عبر الحدود والإرهاب إضافة إلى الممارسات غير المشروعة التي تشكل تهديدا للأمن والرفاهية في المجتمعات.

وقرر المشاركون رفع التوصيات إلى مؤتمر الدول الأطراف باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الذي يبدأ أعماله في الدوحة غدا.

ولفتوا الى ان الفساد يتناقض مع حقوق الإنسان ويقوض الإدارة الجيدة للشركات إضافة الى تأثيره السلبي على الفقراء في العالم عبر حرمانهم من الحصول على الاموال والموارد والمشاركة الحقيقية في المجالات السياسية والاقتصادية الى جانب التأثير السلبي للفساد على الحكومات في بناء مجتمعات عادلة ومنصفة.

وشددوا على ان الوقاية من الفساد تمثل اداة رئيسية لمكافحة التهديدات الناشئة عبر الحدود الوطنية والشبكات الإجرامية غير المشروعة التي تهدد امن الدول عبر تسخير المؤسسات العامة من اجل ممارسة أنشطتهم غير المشروعة وتعميم ثقافة الإفلات من العقاب مؤكدين اهمية اقتلاع جذور الفساد على جميع المستويات الحكومية من اجل كسب ثقة الشعب لاسيما في مجال الأمن وانفاذ القانون وتحقيق العدالة إضافة الى القطاعات الاقتصادية والمالية والتجارية عبر الدخول في شراكات مع المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني من اجل ارساء ثقافة الشرعية وتعزيز سيادة القانون في المجتمعات. وحثوا المجتمع الدولي على مضاعفة الجهود لتعزيز انظمة النزاهة الوطنية والاستراتيجيات التي تعمل على محاربة جميع اشكال الفساد. بحسب كونا.

واعرب المشاركون في المنتدى عن قلقهم من خطورة الفساد الذي يتورط فيه المسئولون من القطاعين العام والخاص والذي من شانه زعزعة الاستقرار في المجتمعات.

واجمعوا على ان الفساد اصبح ظاهرة عابرة للحدود وللقطاعات مشددين على ضرورة التصدي لهذه الظاهرة عبر صياغة نهج شامل يشارك فيه القطاعان العام والخاص اضافة الى المجتمع المدني والاوساط الاكاديمية ووسائل الاعلام والمنظمات الدولية ذات الصلة. ودعوا رجال الاعمال والشركات الى تطبيق برامج مكافحة الفساد وتبني سياسات طوعية في هذا المجال.

واوصوا بتشجيع رجال الاعمال على التعاون مع الجهات المعنية بمكافحة الفساد من اجل مكافحة الفساد في المجال التجاري. واعربوا عن قلقهم من امتداد الفساد عبر الحدود مؤكدين ضرورة التعاون عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية من اجل الوقاية والتحقيق والملاحقة القضائية في قضايا الفساد.

واتفقوا على ضرورة تطبيق قوانين مكافحة الرشوة على المستوى العالمي وخاصة القوانين التي صدرت عبر اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد واتفاقية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول رشوة الموظفين العموميين الاجانب في المعاملات التجارية الدولية. ولفت المشاركون الى الدور الذي تلعبه وسائل الاعلام في كشف قضايا الفساد وتوعية الجمهور وشددوا على الاهمية الجوهرية لتعزيز نزاهة القضاء واستقلاله في عمليات التحقيق والملاحقة القضائية اضافة الى دور البرلمانات في مكافحة الفساد.

ومثل الكويت في المنتدى الذي استمر يومين النائب العام المستشار حامد العثمان وعدد من مسؤولي النيابة العامة.

تبني آلية متابعة

واختتم أعمال مؤتمر الدول الاطراف الثالث لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد باعتماد آلية عمل بعد خلافات بين الدول المئة واحدى واربعين الموقعة الاتفاقية.

وفي ختام المناقشات في الدوحة، اعلن النائب العام القطري علي المري ان المؤتمر تبنى قرارات عدة من بينها آلية متابعة لتطبيق الاتفاقية.

وقال ان الالية التي وقعتها الدول المئة واحدى وعشرون الحاضرة في الدوحة تتضمن الية استرداد الموجودات التي تنقل الى بلاد اخرى بطرق غير شرعية، وآليات المساعدة الفنية للدول والاجراءات الوقائية لمكافحة الفساد.

كما ستخضع الدول لالية مراقبة كل خمس سنوات لتقييم مدى احترامها لتعهداتها، كما افاد بيان صادر عن مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة. لكن بعض بنود المتابعة تبقى اختيارية مثل زيارات التقييم للدول الاعضاء.

وقال مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة انه سيتم فقط نشر موجز للتقرير المعد في ختام التقييم. وانتقدت منظمات غير حكومية الطابع غير الالزامي للزيارات الميدانية التقييمية لانه يضعف في رأيها آلية المتابعة.

ثقافة النزاهة 

كما ناقش المشاركون في اجتماع الطاولة المستديرة حول (ثقافة النزاهة) دور الاعلام والتعليم في نشر ثقافة الشفافية ومكافحة الفساد وذلك ضمن فعاليات المنتدى العالمي السادس لمكافحة الفساد وحماية النزاهة التي انطلقت هنا اليوم.

وشدد المتحدثون في الجلسة التي ترأستها رئيس جامعة قطر الدكتورة شيخة بنت عبد الله المسند على أن أحد أبرز أسباب الأزمة المالية العالمية هو سوء تطبيق مبادئ الشفافية على المستوى العالمي.

ولفت المتحدثون في الجلسة الى أن أحد الدروس المستفادة من الأزمة المالية هو ضرورة وجود ادارة جيدة لأن الخسائر الفادحة التي منيت بها المؤسسات المالية تدل على وجود خلل بالمستوى الاداري.

وأشاروا الى أن سبب الأزمة المالية يعود الى التركيز على المصالح الخاصة دون الأخذ بعين الاعتبار المعايير الأخلاقية في ظل غياب ثقافة النزاهة والأخلاق مشددين على أن هذه الأزمة أثارت مخاوف عالمية على المبادئ والأخلاق.

وأعرب المتحدثون عن آمالهم في تطور القيم والأخلاق في مجال التجارة مشيرين الى أن أحد النتائج الجيدة للأزمة هو اعتراف الحكومات بأهمية النزاهة.

وأكدوا أهمية الحرية الاعلامية في ارساء دعائم الشفافية في الدول لافتين الى دور الاعلام الحر في المجالات العامة والخاصة.

وركزوا على أهمية التعليم وسيادة القيم الأخلاقية في الشركات وأماكن العمل .. مؤكدين ضرورة الاستثمار في المناهج التعليمية وصياغة بيئة مناسبة تقوم على الأسس الثقافية في المؤسسات الفردية أيضا. بحسب كونا.

من ناحيته ركز دايل ميرفي من منظمة النزاهة العالمية على الدور الكبير الذي تلعبه وسائل الاعلام في مكافحة الفساد داعيا في هذا الصدد الى حماية الصحفيين الناشطين في هذا المجال كي يضطلعوا بالدور المطلوب منهم في تعزيز محاربة الفساد في المجتمع.

كما أشار نائب الامين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ارت دوجاس الى رؤى المنظمة لمكافحة الفساد ومنها ضرورة تجريم المسؤولين في قضايا الرشاوي واصلاح الانظمة الضريبية وارساء انظمة مساعدات للتنمية فضلا عن توسيع الجهود لمحاربة الفساد.

واكد رئيس لجنة مكافحة الفساد بغرفة التجارة الدولية فرانسوا فينك على اهمية الشراكة بين مجتمع الاعمال والسلطة وذلك لتحقيق العديد من الاهداف التي تصب في صالح محاربة الفساد ومنها ان يتمتع اي مدير تنفيذي في الشركة بقوة اصدار القرارات التي تخدم النزاهة الى جانب ارساء نظام يحقق نزاهة الاسعار في الاسواق ويكون اشد صرامة في محاسبة الشركات.

كما تناول رئيس مفوضية مكافحة الفساد في تنزانيا ادوارد هوسي التحدي الاساسي الذي تواجهه دوائر مكافحة الفساد المتمثل في السلطة السياسية التي لا تقدم الدعم الكافي لهذه الدوائر.

وقال ان تطبيق اتفاقية الامم المتحدة لمحاربة الفساد يشكل الحل الناجع لهذه المشكلة مؤكدا ايضا اهمية التعاون بين جميع الاطراف والوقوف في صف واحد لمكافحة الفساد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 19/تشرين الثاني/2009 - 21/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م