ينشغل هذه الأيام الكتَّاب والمحللون الساسييون بتكهناتٍ وسجالاتٍ
واستنتاجات حول نتائج الإنتخابات القادمة المزمع إجراؤها في كانون
الثاني المقبل، وقد أستبشر العراقيون بانتصار ارادتهم الوطنية بأقرار
قانون الانتخابات ونظام القائمة المفتوحة، وراح البعض يسبح في
الفنتازيا وأطلق لأفكاره العنان وكأن هناك تغييراً سيحدث في قواعد
اللعبة السياسية العراقية في مرحلة مابعد الانتخابات.
ولكن السؤال الاهم الذي يدور في أذهان بعض المحللين هو هل حقا ً لو
انتخب السيد رئيس الوزراء نوري المالكي لولاية ثانية أو اي شخصيةٍ أخرى
سندخل مرحلةً جديدة ً في العملية السياسية؟ وهل السيد المالكي أو غيره
قادر فيما إذا أنتخب تغيير قواعد اللعبة السياسية في العراق؟
بمعنى آخر هل سيتمكن السيد المالكي او غيره من الغاء المحاصصة
الطائفية والمناطقية, وهل سيكون قادر على تعيين الوزراء كما يريد؟ وهل
سيتمكن من ارسال الجيش الى كل الاراضي العراقية؟ وهل يمكنه تنفيذ أحكام
الإعدام بالمجرمين والارهابيين والبعثيين الصادرة بحقهم أحكام قطعية
باعتباره رأس السلطة التنفيذية دون الاخذ بنظر الاعتبار مصالح البعض من
الكتل السياسية التي تطمح في تحصيل مكاسب سياسية على حساب الوطن
وضحاياه؟
وهل سيتمكن من محاسبة المفسدين الرسميين المدعومين من قبل كتلهم
السياسية؟ وهل يمكنه أن يحكم كما يحكم أي رئيس وزراء منتخب؟ وهل يكون
بامكانه رسم السياسة الخارجية للعراق ضمن رؤى عراقية بعيدة عن الاجندات
الاجنبية؟
فاذا كان الجواب على هذه الاسئلة بنعم فمعنى ذلك أننا نعيش في بلد
غير العراق أو إننا نحلم والحقيقة الحلم مشروع ولكنه وهم وخيال. وإذا
كان الجواب على هذه الاسئلة وغيرها بالنفي فمعنى ذلك أن لا تغيير في
العراق إلا في الوجوه والمناصب, وهذا ما يتوقعه كثير من المراقبين
للعملية السياسية.
وثمة من يقول ان نظام القائمة المفتوحة التي أقره البرلمان العراقي
مؤخرا ً يعتبر خطوة مهم على طريق ترسيخ الديمقراطية في العراق فيما إذا
طبق بصورة صحيحة ودون التفاف من قبل الاحزاب الكبيرة التي تمتلك السطوة
والسلطة,وإلا ستكون شكلا وشعارا ً فقط، إننا نريد أن تشهد الانتخابات
العراقية القادمة حالة تفاعلية بين الحكومة والشعب وبين النائب
والمرشح، وان يلمس الشعب العراقي تغيير حقيقي في في كل مرافق الدولة
العراقية, وإلا ما الفائدة من الانتخابات والقائمة المفتوحة وهدر
الاموال وإشغال الناس بسجلات سياسية وبانتخابات لا تغيير فيها، فلو
انتخب السيد المالكي أو غيره وبقي الحال على ما هو عليه فان فوز
المالكي او غيره هو ذات العملية سبقى رئيس الوزراء رهينة الاحزاب
والتكتلات وسيكون عاجز عن إحداث اي تغيير في السياسة الداخلية أو
الخارجية، ولو بقي مثلا ً وزير الداخلية في منصبه ووزير الخارجية في
موقعه والآخرون كذلك إذا ما هو التغيير الذي جائت به الانتخابات؟
لقد عوَّل الشعب العراقي كثيرا ً على الانتخابات القادمة في إحداث
عملية تحسين وتغيير في إدارة البلد وإذا ما جائت الانتخابات بعكس ما
يطمح له الشارع ال العراقي فأن هناك إحباط كبير ستشهدة العملية
السياسية وسينكس ذلك سلبا ً على السياسيين وبالتالي سيكون الخاسر
الاكبر عهو الوطن، لقد أنتظر العراقيون طويلا ً وعانوا كثيرا وآن
الآوان أن يأتي التغيير، فمن حق الانسان العراقي أن ينعم بحياة حرة
كريمة ومريحة شأنه شأن كل شعوب المنطقة والعالم، وستبقى العيون شابحة
الى موعد الانتخابات وسنبقى ننتظر ما تتمخض عنه الانتخابات القادمة
وسيكون الحكم.
وسيبقى السؤال مفتوحا ً بلا إجابه الى حين موعد الانتخابات
القادمة, وهو هل سيأتي التغيير, فحذاري من الاستهانة بأصوات الشعب
خصوصا ً وان المتربصين بالعملية السياسية كثر والمتصيدين أكثر.
* كاتب وإعلامي |