الانتخابات التشريعية وتدعيم النظام الديمقراطي في العراق

ندوة حوارية في كربلاء حول الانتخابات التشريعية

تقرير/ محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تحت شعار" الانتخابات التشريعية وتدعيم النظام الديمقراطي في العراق"، أقيم في محافظة كربلاء يوم الجمعة ندوة حوارية تثقيفية حول الانتخابات التشريعية القادمة برعاية منظمة العمل الإسلامي وبالتعاون مع المفوضية المستقلة للانتخابات.

وقُدم خلال الندوة عدد من الأوراق التي تداولت ابرز قضايا وإشكاليات الانتخابات القادمة وسبل تفعيل الآليات الديمقراطية لتأمين التداول السلمي للسلطة وترسيخ ثقافتها بين أفراد المجتمع.

وقال الاستاذ جواد العطار عضو الجمعية الوطنية السابق ومرشح منظمة العمل الاسلامي عن قائمة الائتلاف الوطني: يتحتّم علينا ونحن على اعتاب الممارسة الديمقراطية السادسة في العراق وقفة مع الذات لمراجعة ما تم تحقيقه بنظرة نقدية مجردة، بعيدة عن مختلف اشكال المبالغة والرياء. فالنظام السياسي اجتاز بامتياز مشهود أشد وأعنف العقبات التي كادت ان تفتك بمفاصل الدولة السياسية والاجتماعية، وبات يتمتع باستقرار نسبي على اكثر من صعيد، الاّ ان العراق لا يزال حتى الان بإجماع المراقبين، على أعتاب التأسيس لنظام ديمقراطي ناشئ لا اكثر.

واضاف العطار، وهذا الامر يدفع بنا الى ضرورة سبر اغوار التجربة الديمقراطية ودراسة حيثياتها، والتمعن في مدى تفاعل المجتمع العراقي مع النظام السياسي الجديد، واكتشاف حقيقة الانطباع السائد لدى افراده من تلك الممارسة، لكي نستطيع تقييم التجربة واستشراف ابعادها الميدانية والزمنية، حيث تقف العملية الانتخابية على اوليات البحث التقصي كونها تمثل العمود الفقري للنظام الديمقراطي والآلية المثلى للتداول السلمي للسلطة.

من جانبه طرح استاذ النظُم السياسية في جامعة كربلاء الدكتور خالد العرداوي، قراءة مفصلة عن طبيعة النظم السياسية التي سادت في العراق منذ تأسيس هذه الدولة صعودا الى العملية السياسية الحالية حيث قال: "لا يخفى على احد ان العراق اعتاد منذ نشأة الدولة العراقية عام 1920 على استيراد أنظمة الحكم الجاهزة، ابتداء من الحكم الملكي الذي فرضه الانكليز، والذي صادر دائما صوت الشعب عبر التزوير المستمر للانتخابات، مرورا بالانظمة الشمولية وهيمنة العسكر التي أتت تحت يافطات نظام الدولة الجمهوري، المنسوخ عن بعض دول الجوار".

وأضاف العرداوي، بات جهاز الدولة في تلك الحقب جهاز سلطة لفرض أجندة النخب الحاكمة بالقوة، تستخدمه للاستقواء على الشعب والفرقاء والخصوم السياسيين، فطيلة ثمانون عاما لم تتاح الفرصة الحقيقية للشعب للإدلاء برأيه بشكل فعلي، لتكون الوصفات الجاهزة للنظم السياسية الحاكمة قدرا لازم العراقيين.

واستدرك العرداوي، بيد أن التحول الذي وقع بعد 2003 وزامنَ انهيار النظام السياسي الذي كان قائما وتشكّلَ نظام جديد، حاول الساسة الجدد خلال تلك الفترة إقرار نظام ديمقراطي برلماني، إلا إن أجواء انعدام الثقة المتبادلة والريبة السائدة بين الكتل الساسية انعكست جليا في كتابة الدستور وشكل النظام البرلماني المنشود، حيث أطلقت لمجلس الرئاسة صلاحيات تنفيذية لا نجد لها مثيل في جميع النظم البرلمانية في دول العالم، ليتبلور في العراق إشكال خطير تمثّلَ في انقسام النظام السياسي بين عنوانين غير مكتملين هما النظام البرلماني والنظام الرئاسي.

من ناحية اخرى نوّه الأستاذ فرمان نعمة، الممثل القانوني لمركز كربلاء الانتخابي التابع  للمفوضية العليا للانتخابات خلال كلمته إلى إصدار المفوضية التعليمات الخاصة بطرق الدعاية الانتخابية التي سوف تعتمد خلال الانتخابات التشريعية القادمة، حيث قال، أقرت المفوضية المستقلة للانتخابات حزمة من القوانين والضوابط الخاصة بالدعاية الانتخابية، اعتُمد بموجبها تخصيص بعض الاماكن للممارسة الدعاية الانتخابية ونشر البوسترات الاعلانية واللافتات الدعاءية ايضا داخل المدن.

واكد فرمان، لا يجوز لصق أي بوستر انتخابي على جدران الجوامع والحسينات والدوائر الحكومية بكافة تشكيلاتها. وشدد بالقول، يتعرض كل من يتجاوز تلك الضوابط الى المسائلة القانونية.

من جانبه لفت مدير الندوة الدكتور خالد ضياء عبد الله الجابر، رئيس قسم القانون في جامعة كربلاء، الى أهمية عقد مثل هذه الندوات على أن لا تقتصر على الفترات الانتخابية كون العملية الديمقراطية -حسب رأيه- بحاجه الى الترسيخ في صفوف المجتمع، فضلا عن كونها ضرورة تقع مسؤوليتها على منظمات المجتمع المدني والنخب السياسية.

وقال د. ضياء، يبرز لنا خطأ مفصلي وطأه اغلب السياسيين المتمثل باحتكار الديمقراطية واستساغة تحويلها الى مجرد وسيلة او اداة للوصول الى السلطة، دون إدراك أهمية الارتقاء بهذه الممارسة الى ثقافة مجتمعية منزهة ومتاحة، تنبعث من واقع حضاري وثقافي بعيد اشد البعد عن بهلوانيات السياسة وتجاذباتها الضيقة.

واضاف، فالديمقراطية منفردة كما يراها فلاسفة السياسة والاجتماع قد لا تستطيع الاستمرار دون ان تدعّم بوعي شامل نابع من صميم المجتمعات، بعد استيعاب فكرتها بقدرة الإيمان الكامن لضرورة هذه الممارسة، فالرقي بهذه الممارسة الى مصاف الثقافات البنيوية و تحويلها الى لغة مشتركة لبناء مجتمع متمدن ذو وعي فعال قادر على احتواء الأزمات الداخلية والخارجية.

فيما ختم الأستاذ جواد العطار الندوة بكلمة حثَّ من خلالها الأحزاب والنخب السياسية على ضرورة تقديم أفضل مرشحيها للانتخابات القادمة وفق إمكانية ومقدرة تلك الشخصيات في خدمة المجتمع والابتعاد عن معايير المجاملات والعلاقات السائدة. مشددا في الوقت نفسه على اهمية الارتقاء بالعملية الانتخابية وتسخير الظروف المهيأة لإنجاحها حيث قال، يجدر بالأحزاب والكتل السياسية المتنافسة وهي على أعتاب الانتخابات الارتقاء إلى مصاف مسؤوليتها الوطنية والاعتبارية، عبر الالتفات إلى ضرورة الاتفاق في سياق حملاتها الانتخابية على عدم المساس بلب العملية الديمقراطية أو خدشها، كونها لا تزال في مرحلة التأسيس والنشأة في ظل أدبيات مجتمع غيبت عنه الديمقراطية لعقود.

يذكر أن الندوة شهدت العديد من المداخلات الحوارية لبعض الشخصيات الرسمية والإعلامية الحاضرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/تشرين الثاني/2009 - 15/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م