الإنتاج الزراعي والتنوع البيولوجي لديمومة البقاء البشري

ضياع 75% من التنوع الوراثي وتحذيرات من الإسهاب في التكنولوجيا الحيوية

 

شبكة النبأ: تعرب بعض المنضمات الدولية المختصة بشؤون الأحياء النباتية عن مخاوفها إزاء الأضرار المتلاحقة التي تصيب المرفق الزراعي في دول العالم.

حيث تشير دراسات أعدتها تلك المنظمات الى حدوث خلل متنامي في التوازن الطبيعي للواقع الزراعي والبيئي نظرا لارتفاع نسب السكان، مما قد يسبب في إرباك نظرية الأمن الغذائي بشكل محتمل.

فيما أشار بعض العلماء إلى عدة مجالات من شأنها أن تسمح بإدخال تحسينات على سلسلة القيمة المضافة لإنتاج الأغذية، بما في ذلك استخدام التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية.

من جانبها عمدت بعض الدول الخليجية الى استثمار الأراضي الزراعية في الدول الفقيرة الأخرى لتأمين الغذاء والمحاصيل الزراعية بعد عجزها الواضح في توفيرها ذاتيا.

إطعام العالم

من جانبهم اقترح خبراء في مؤتمر عقد مؤخراً حول التنوع البيولوجي أنه يمكن للبلدان ذات تعداد السكان المتزايد رفع الإنتاج الغذائي دون الإضرار بالبيئة، إذا كانت على استعداد لتجربة ممارسات زراعية أقل ضرراً.

وتستخدم الزراعة ما يزيد عن ثلث الأراضي في معظم البلدان، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، وهو ما يعد واحداً من الأسباب الرئيسية لتدهور البيئة وفقدان التنوع البيولوجي.

وقالت ليزلي ليبر، وهي خبيرة في اقتصاديات البيئة بمنظمة الفاو: "نحن بحاجة إلى بحوث أفضل بشأن نظم الإنتاج الزراعي والتنوع البيولوجي كمدخلات ومخرجات".

كما قال الخبراء في مؤتمر نظمه مشروع ديفرسيتاس، وهو عبارة عن تجمع دولي لخبراء التنوع البيولوجي، أنه عند توافر التوازن الصحيح بين العلم والسياسة الجيدة، يمكن إيجاد مسار مستدام.

وأضافت ليبر أن هذا من شأنه أن يساعد على فهم الترابط بين التنوع البيولوجي والإنتاج الزراعي.

فقد حد فقدان التنوع البيولوجي من فرص ضمان تغذية أكثر تنوعاً وتعزيز الإنتاج الغذائي وزيادة الدخل والقدرة على التعامل مع القيود البيئية وإدارة النظم البيئية.

والمزارعون هم أكبر مجموعة من مديري الأنظمة الإيكولوجية، ويمكنهم تغيير هذا الوضع عن طريق تغيير طريقة زرع وحرث الأرض.

فمعظم الممارسات الزراعية "استخراجية"، الأمر الذي اضطر المزارع لتدمير المورد الذي يعزز قدرتنا على إطعام أنفسنا"، كما قال أكيم شتاينر مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الذي أعرب عن قلقه إزاء الاستخدام المكثف للأسمدة والمبيدات الحشرية.

وتقدر الفاو أن نحو ثلاثة أرباع التنوع الوراثي في المحاصيل الزراعية قد تعرض للضياع خلال القرن الماضي. ودعا خبراء في المؤتمر إلى التقليل من استخدام الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية وتنويع المحاصيل والأصناف والسلالات الحيوانية.

كما دعوا إلى مزيد من التعاون بين القطاعات البيئية والزراعية وتبادل الخبرات بين البلدان وتحسين فرص صغار المزارعين في الوصول إلى أسواق جديدة وزيادة حوافز التنوع الوراثي في المحاصيل، بوصفها خطوات حاسمة في تحقيق التوازن بين الإنتاج الغذائي والاستدامة البيئية.

قوة العلم

ولكن لورانس كينت، نائب مدير مؤقت لبرنامج التنمية الزراعية التابع لمؤسسة جيتس، يشعر بالتفاؤل حيال قدرة العلم على تخفيف حدة الفقر والجوع، وأشار إلى عدة مجالات من شأنها أن تسمح بإدخال تحسينات على سلسلة القيمة المضافة لإنتاج الأغذية، بما في ذلك استخدام التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية.

وقد قدم البعض المحاصيل المعدلة وراثياً على أنها الحل الأمثل لمشكلة إنتاج الغذاء في المستقبل، وخاصة في مجال تطوير محاصيل تقاوم الجفاف والفيضانات، والتي يمكن أن تنمو أيضاً باستخدام كمية أقل من الأسمدة والمبيدات الحشرية.

إننا بحاجة للتفكير في المكان الذي سيحدث به هذا، ووضع نظم تخطيط استخدام الأراضي حتى إذا حدث التوسع الزراعي، يتم ذلك في الأماكن التي نريدها ومع ذلك، أدت التساؤلات حول المخاطر التي تتعرض لها البيئة وصحة الإنسان بسبب المحاصيل المعدلة وراثياً إلى فرض حظر على تلك المحاصيل في الاتحاد الأوروبي وأستراليا، والوقف المؤقت من قبل الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة.

وقال كينت أن التكنولوجيا الحيوية هي مجرد أداة، وبالتأكيد ليست هدفاً في حد ذاته". وأضاف أن "الأهم هو أن ننظر إلى كل حالة على حدة، وعدم التعميم حول التكنولوجيا الحيوية أو التربية التقليدية للحيوانات، أو أي من الوسائل الأخرى التي يستخدمها الناس لتحسين المحاصيل". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

وقد وافقت ليبر قائلة: "أعتقد أن الناس في كثير من الأحيان ينغمسون في مناقشات حول الكائنات المعدلة وراثياً، وهذا يلهيهم عن الفوائد المحتملة للتكنولوجيا الحيوية بوجه عام".

وأياً كان المزيج المستخدم من الأساليب، فمن المرجح أن مساحة الأراضي المستخدمة لأغراض الإنتاج الزراعي ستزداد وتؤثر على التنوع البيولوجي الطبيعي، حيث ستتم إزالة المزيد من الغابات والمراعي بغرض الزراعة.

وقال جوشوا بيشوب، كبير الخبراء الاقتصاديين في الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة: "إننا بحاجة للتفكير في المكان الذي سيحدث به هذا، ووضع نظم تخطيط استخدام الأراضي حتى إذا حدث التوسع الزراعي، يتم ذلك في الأماكن التي نريدها. وكلما أسرعنا بتحسين التقنيات، والتي قد تشمل الكائنات المعدلة وراثياً، كانت لدينا الفرصة للحد من مساحة التوسع".

وقال أن "هناك الكثير من العوامل المتداخلة في هذا الشأن، وهي ليست مجرد مسألة تكنولوجية، بل هي متعلقة أيضاً بالسياسة التجارية والإرشاد الزراعي وحتى إصلاحات السوق الداخلية".

وأضاف أن "هناك الكثير من العوامل التي من شأنها أن تسمح للمزارعين بالاستثمار في الإنتاجية وتحسينها.

وإذا أمكن الجمع بين ذلك والتخطيط الجيد لاستخدام الأراضي، يمكن الحصول على أفضل ما في العالمين: زيادة عائدات المزارعين دون التوسع في رقعة الأرض".

دول الخليج تتكتم استزراع الأراضي

على صعيد متصل قالت مستشارة خاصة تتولى تقديم المشورة بشأن الصفقات الزراعية بمنطقة الخليج ان دول الخليج التي تسعى الى ابرام صفقات استزراع أراض بهدف توفير الامن الغذائي تتكتم أنباء تلك الصفقات اذ يعتبرها كثيرون نوعا من الاستيلاء على الاراضي يهدد بتشويه سمعة تلك البلدان.

وبدأت دول الخليج التي تعتمد اعتمادا مكثفا على الواردات الغذائية في شراء مزارع بالبلدان النامية لتوفير الامن الغذائي عقب الارتفاع الحاد في أسعار السلع الاولية.

وقالت هوما فاخر رئيسة مؤسسة ماركت أكسس بروموشن العالمية التي تتولى تقديم خدمات المشورة لدول الخليج بشأن الامور الزراعية "تمكنت وسائل الاعلام بالفعل من اضفاء صورة سلبية على تلك الصفقات ولهذا نشهد تكتم العديد من البلدان الخليجية بشأنها."

وأضافت "... منذ أن بدأت تلك الصفقات في اكتساب سمعة سيئة راح أصحاب الشركات يمتنعون عن الكشف عن هويتهم." بحسب رويترز.

وأثارت صفقات الاستحواذ على أراض بالخارج اعتراضا من بعض القطاعات ومن العديد من المزارعين في البلدان النامية.

ففي مدغشقر ساهمت محاولة شركة دايو لوجيستكس الكورية الجنوبية لاستئجار أرض زراعية تتجاوز مساحتها مساحة دولة قطر بهدف زراعة المواد الغذائية في الحد من شعبية الزعيم السابق مارك رافالومانانا الذي أطيح به في مارس اذار الماضي.

وفي ابريل نيسان الماضي أبدت الامم المتحدة قلقها بشأن امكانية ضياع حقوق المزارعين في البلدان النامية في ظل شراء البلدان الغنية لمزارع من أجل تأمين الامدادات الغذائية.

وقالت فاخر "لكن الحقيقة أن الوضع قد يكون مربحا لكل الاطراف اذ لا تمتلك العديد من البلدان التي تطرح أراضيها الزراعية للبيع المال اللازم لزيادة انتاجها."

وأشارت الى أنه على مدى العامين المنصرمين بدأ عدد من المستثمرين الخليجيين في استئجار مزارع في اقليم البنجاب بباكستان وتمكنوا من زيادة العمالة ورفع الانتاج الزراعي لحوالي 200 ألف فدان.

وتابعت "أجد الامر مخزيا للغاية في بعض الحالات التي تتعثر فيها الصفقات بفعل تلك الصورة السلبية بينما ستكون الدولة النامية هي المستفيد في نهاية الامر."

وأوضحت فاخر أن الدول الخليجية تتطلع الى الحصول على أراض زراعية في مصر واثيوبيا وجورجيا وأنجولا والسودان وغانا وأضافت "أنا شخصيا على دراية بمفاوضات جدية بين السعودية وغانا بشان شراء مزارع."

ووفقا للمعهد الدولي لبحوث سياسات الاغذية استحوذ المستثمرون الاجانب منذ عام 2006 حتى الوقت الراهن على ما يتراوح بين 15 و20 مليون هكتار من المزارع في البلدان الاشد فقرا.

وقالت فاخر "الأمر الهام هو أن تلك الصفقات ستستمر الا أن الطريقة التي تتم من خلالها أصبحت أكثر تكتما."

زراعة الأرز في أفريقيا

من جانب آخر ستطلق مجموعة من المستثمرين الذين يتخذون من السعودية مقرا من بينهم البنك الاسلامي للتنمية خطة في وقت لاحق من العام الحالي مدتها سبع سنوات وتتكلف مليار دولار في افريقيا لخفض الاعتماد على واردات الارز وتزويد منطقة الشرق الاوسط بهذه السلعة.

وقال سليم لالاني مدير الاستثمار بشركة فرص الدولية للاستثمار احدى الشركاء في المشروع ان المشروع الذي يطلق عليه اسم (سبعة في سبعة) يهدف لتطوير وزراعة نحو 1.75 مليون فدان خلال سبع سنوات لانتاج سبعة ملايين طن من الارز.

وأضاف في تصريح لرويترز "نتطلع الى ثلاث أو أربع دول.. مالي والسنغال وربما السودان وأوغندا."

وتصدر الامن الغذائي جداول الاعمال السياسية في منطقة الخليج العربية بعدما شهدت معدلات تضخم كبيرة في 2008 سلطت الضوء على اعتمادها على الواردات ودفعت دولا للاستثمار في الخارج لضمان امدادات المواد الغذائية الاساسية مثل الارز والقمح.

ويحظى المشروع بدعم منظمة المؤتمر الاسلامي التي تضم أكثر من 50 دولة وحكومتي مالي والسنغال وكلاهما عضو بالمنظمة. بحسب رويترز.

وقالت (فرص) "الى جانب الدعم السياسي للمشروع ... يوجد في الجانب المالي البنك الاسلامي للتنمية والمؤسسة الاسلامية لتنمية القطاع الخاص."

ويركز المشروع على الارز بهدف تلبية احتياجات دول غرب افريقيا ودول الشرق الاوسط من السلعة.

وقالت (فرص) "يبلغ العجز السنوي لمنطقة غرب افريقيا من الارز حوالي 2 مليون طن مرشحة للازدياد مع زيادة السكان ومضاعفة الطلب."

ووفقا لبيانات لوزارة الزراعة الامريكية فقد استوردت السعودية ما يزيد قليلا على مليون طن من الارز في 2008. وتنتج نيجيريا الواقعة في غرب افريقيا وأكبر دول القارة من حيث عدد السكان نحو الخمس فقط من احتياجاتها السنوية من الارز البالغة 2.5 مليون طن. ونيجيريا عضو بمنطمة المؤتمر الاسلامي.

وقالت (فرص) ان المشروع يأتي "ضمن أهداف منظمة المؤتمر الاسلامي والغرفة الاسلامية للتجارة والصناعة للتصدي لازمة الغذاء والعمل على الاستثمار لزيادة الانتاج الزراعي وتحسين الانتاجية في الارز."

وسيتم هذا الشهر انجاز دراسة جدوى يقود اعدادها فريق خبراء تايلاندي وسيبدأ المشروع بمرحلة تنفيذ أولية تغطي نحو 12500 فدان في مالي بالقرب من حوض نهر النيجر.

وأضافت (فرص) انه سيتم بعد ذلك الانتقال "الى مرحلة تنفيذ المشروع على مساحة 50 الى 100 ألف هكتار (125 ألف فدان-250 ألف فدان) تتزايد تدريجيا على مدى سبع سنوات وسيبدأ العمل الفعلي على الارض نهاية هذا العام."

وتابعت الشركة الاستثمارية تقول ان من بين تلك المساحة ستتم زراعة نحو 50 ألف فدان بالارز بتكلفة 200 مليون دولار. ولم تحدد شكل الملكية الذي سيحصل به الشركاء على الارض.

وتحث السعودية الشركات على الاستثمار في مشروعات زراعية بالخارج بعدما قررت في العام الماضي خفض انتاج القمح بواقع 12.5 في المئة سنويا لتتخلى بذلك عن برنامج بدأ العمل به قبل 30 عاما حققت من خلاله الاكتفاء الذاتي من القمح لكنه استنزف موارد المياه الشحيحة بالمملكة.

وأشارت الحكومة السعودية في يناير كانون الثاني الى اثيوبيا وتركيا واوكرانيا ومصر والسودان وقازاخستان والفلبين وفيتنام على أنها من بين الدول التي قد يتطلع المستثمرون والمسؤولون السعوديون اليها.

وبدأت عدة شركات سعودية بالفعل الاستثمار في مشروعات زراعية في دول من اندونيسيا حتى اثيوبيا.

وقالت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم في يناير انها تسلمت أول كمية من الارز الذي أنتجه في الخارج مستثمرون سعوديون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/تشرين الثاني/2009 - 10/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م