اليوم بينما كان العراقيون يترقبون المصادقة على قانون الإنتخابات
الجديد وإذا بمجلس الرئاسة يفاجئ الشعب العراقي المترقب, والغارق
بالايام الدامية التي يسجلها تاريخه الجديد, يفاجئه بمصادقته على قانون
يقضي بامتيازات جديدة لنواب الشعب وكأنهم مساكين يتعطف عليهم مجلس
الرئاسة ويمنح عوائلهم وأولادهم جوازات سفر دبلوماسية لمدة 12 عام وقد
تكون قابلة للتجديد، علما ً أن هذا القانون صادر من مجلس النواب الموقر
ومرفوع الى مجلس الرئاسة.
وقد برر مجلس الرئاسة هذا القرار بقوله ( نظرا ً لدور المهم الذي
يقوم به السادة النواب ومساواتهم بالوزراء في جميع المجالات طبق
القانون رقم 50 ) نحن نتفهم الدور الذي يقوم به السادة النواب وما
يتحملونه من أعباء ومسؤوليات ومن حقهم أن يكون لهم امتيازات وعلى الرغم
من أنهم حصلوا على امتيازات لا مثيل لها بين أبناء الشعب العراقي من
رواتب ضخمة وحمايات ونثريات وقطع اراضي وغيرها.
وثمة من يقول إنه استحقاق طبيعي لهم ولكن يتسائل البعض هل من حق
النواب والوزراء أن تحصل عوائلهم وأولادهم على الإمتيازات التي صادق
عليها مجلس الرئاسة ؟ وهناك فئات شعبية تتسائل أيضا ً هل يشمل هذا
القرار السادة النواب غير المتواجدين في المجلس والساكنين أصلا ً خارج
العراق وهم يتقاضون رواتبهم عبر السفارات العراقية ؟ وهل يشمل هذا
القرار النواب الفارين والمطلوبين للقضاء ؟ نعم قد يكون هذا القانون
مطبق في دول العالم ولكن الحق يجب أن يقال أن نواب الشعوب في العالم
أول من تضحي وآخر من تستفيد،وانهم جنود مدافعون عن الحق الجماهيري،وإذا
كان السادة النواب يتحملون أعباء كبيرة فأن الشعب العراقي هو الآخر
يتحمل ما لا يتحمله النواب هذا الشعب المعرَّض للقتل المجاني والذبح
اليومي هذا الشعب العاري من الحمايات التي يتمتع بها السادة النواب.
هذا الشعب المواجه للإرهاب وللعمليات الارهابية هو من يستحق
الامتيازات وهو من يستحق أن يكافئ هذا الشعب المحروم من ابسط مقومات
العيش ومن الخدمات هو من يستحق ان يكرَّم وان يمنح تعويضا ً عن
المعاناة اليومية التي يعيشها, كيف يقبل السادة النواب هذه الامتيازات
بينما من يمثلوهم محرومون من الاساسيات لا الكماليات فالاحرى بالسادة
النواب أن يرفضوا مثل هذه القرارات والامتيازات ما دامت جماهيرهم
محرومة وبائسة.
هكذا تكون القدوة والقيادة، ورحم الله الشهيد الصدر الأول حينما عرض
َ عليه أحد التجار ان يشتري له بيتا ً فرفض قائلا ً أن من طلاب الحوزة
ما لا عهد له بالسكن وهو مهدد فلا يجدر بي ان أتمتع بسكن والطلبة لا
يجدونه، وحينما قيل له أنك قائد ومرجع قال قولته الشهيرة يجدر بالقائد
والمرجع أن يكون قدوة للآخرين وان يتحسس آلامهم،(علما ً أنه كان يسكن
في مقبرة حتى استشهاده ) ولكن حذرهم من الغرور بالسلطة وهو يحثهم قائلا
ً ( من كان منكم له ملك هارون الرشيد ولم يقتل موسى بن جعفر) فهل يستمع
البعض الى كلام الشهيد الصدر أم أنهم نسوه.
فالممثل الحقيقي لشعبه يجب ان يكون بمستوى المسؤولية المناطة به
خصوصاً وان العراق يمر بمرحلة عصيبة من تاريخه والشعب يتطلع الى من يمد
له يد المساعدة والانقاذ، لا من يفكر بامتيازاته، وليعلموا هؤلاء ان
الانتخابات على الابواب والصوت العراقي أصبح له ثمنه، وأن الذاكرة
العراقية لا تحمل ذكريات مريحة عن أداء النواب, هؤلاء النواب الذين
فشلوا في إتخاذ القرارات المهمة والحاسمة والتي تهم المواطن وتساعد على
توفير حياة كريمة له, هم اليوم في مواجهة الناخب العراقي.
ولعل الشارع العراقي اليوم يتسائل عن حاجة أولاد النواب وعوائلهم
لجوازات سفر دبلوماسية،هؤلاء الاولاد والعوائل التي تعيش أكثرها في
الخارج أصلا وتحمل جوازات سفر أجنبيةفهل بحاجة الى مثل هذه القرارات؟.
كنا نتوقع أن تحذوا الحكومة المركزية في بغداد حذوا حكومة إقليم
كردستان وحذوا السيد برهم صالح حينما أعلن عن تخفيض رواتب المسؤولين
الكبار في حكومة الاقليم بنسبة 10% واستغلال هذه المبالغ في عمليات
استثمارية ترد على الشعب الكوردي بالمنفعة والفائدة.
* كاتب وإعلامي |