المخدرات موت ابيض يقتل المجتمعات

الأفيون مصدر مهم لتمويل الإرهاب ونشر القتل بين المدنيين

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تعد ظاهرة انتشار المخدرات في دول العالم إحدى ابرز مكامن الخطر الذي يحدق بالمجتمعات الآمنة نظرا لما قد تترتب عليها تلك الظاهرة من مساوئ وأخطار.

حيث تؤكد العديد من الإحصائيات الطبية والعلمية إن المخدرات باتت تتسبب بالموت بشكل يضاهي الحروب أو أكثر، سيما ما يترتب على تلك الظاهرة من جرائم خطيرة في المجتمعات.

فيما تشير الأرصاد الدولية الى إن المخدرات باتت أيضا مصدرا مهما في تمويل العمليات الإرهابية  والإجرامية التي تتسبب بمقتل أعداد كبيرة من المدنيين.

الافيون يقتل اكثر من الحرب

حيث قال مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة ان الكميات الهائلة من الافيون الذي يتم انتاجه في افغانستان تسبب موت عدد من الغربيين اكبر من الذين يسقطون في الحرب التي يخوضها حلف شمال الاطلسي في هذا البلد.

واكد تقرير نشر في فيينا انه ب92% من الافيون الذي يتم انتاجه في العالم، تغذي افغانستان سوقا قيمتها 65 مليار دولار تمول متمردين ومجموعات اجرامية، خصوصا في آسيا الوسطى وروسيا والبلقان.

وذكر بان هذا النوع من المخدرات التي يتعاطاها 15 مليون مدمن، يؤدي الى موت مئة الف شخص سنويا ويعزز انتشار فيروس الايدز. بحسب فرانس برس.

وقال المدير العام لهذه الوكالة التابعة للامم المتحدة انطونيو ماريا كوستا ان "مصادرة الافيون الافغاني في مكان انتاجه اكثر فاعلية وارخص من محاولة القيام بذلك في المكان الذي يستهلك فيه"، داعيا الاسرة الدولية الى تعزيز وسائلها هناك. واوضح ان الامر "لا يتعلق بتقاسم المسؤوليات بل بمصلحة واضحة" في ذلك.

وللمقارنة ذكر التقرير ان العدد السنوي لضحايا منتجات الافيون في دول حلف شمال الاطلسي حيث يموت عشرة آلاف شخص سنويا، اكبر بخمس مرات من الخسائر التي تكبدها الحلف خلال ثماني سنوات من الحرب في افغانستان.

تمويل الإرهاب

كما اشار تقرير صادر عن الامم المتحدة الى زيادة كبيرة في نصيب افغانستان من انتاج الافيون العالمي محذرا من العواقب العالمية الوخيمة لذلك.

وقدر التقرير حجم سوق الافيون في العالم بحوالي 65 مليار دولار امريكي وهي اموال تذهب لتمويل الارهاب فيما تستهدف 15 مليون مدمنا وتتسبب بمقتل 100 الف شخص في العام.

وتنتج افغانستان 92 في المائة من افيون العالم وتصدر 3500 طن من الافيون في كل عام الى الخارج.

ويشير التقرير الى ان الفساد وغياب القانون وضغف قوات حماية الحدود قد حد من قدرات السلطات الافغانية في التصدي لتجارة الافيون، حيث لم تضبط سوى كمية تعادل 2 في المائة فقط من الافيون التي تنتجه البلاد.

وتمر غالبية كمية الافيون التي تصدرها افغانستان عبر الاراضي الباكستانية ووسط اسيا وايران حاملة معها مشاكل مثل الادمان والجريمة واعمال القتل.

ويقول مكتب الامم المتحدة للمخدرات والجريمة ان كمية بسيطة من الافيون الذي تصدره افغانستان يتم العثور عليها.

ومن جانبه قال انتونيو ماريا كوستا، مدير المكتب ان انتاج افغانستان من الافيون قد يخلق عاصمة حقيقية لهذه التجارة في المنطقة.

الافيون في أوروبا وروسيا وايران

ويظهر تقرير للامم المتحدة أن الافيون المزروع في أفغانستان يغذي تجارة للافيون والهيروين تصل الى 65 مليار دولار تصل الى 15 مليون مدمن بينما تستهلك أوروبا وروسيا وايران نصف الكمية.

وقال تقرير مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة ان أفغانستان تنتج 92 بالمئة من اجمالي انتاج العالم من الافيون وهو معجون كثيف يستخرج من القنب الهندي ويستخدم في صنع الهيروين ويصدر من أفغانستان أي ما يساوي 3500 طن من الافيون سنويا.

وقال التقرير ان حوالي ثلثين من هذه الكمية يحول الى هيروين قبل أن يغادر افغانستان بينما يهرب الباقي على صورته كأفيون.

وتقبض السلطات على أقل من اثنين بالمئة من هذه الكمية قبل خروجها من أفغانستان وتهرب نسبة 40 بالمئة من الهيروين عبر باكستان و30 بالمئة عبر ايران وما يقرب من 25 بالمئة عبر دول وسط اسيا.

وقال أنطونيو ماريا كوستا المدير التنفيذي لمكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة "تحول الاقليم الحدودي بين أفغانستان وباكستان الى أكبر منطقة حرة للتجارة في أي شيء محظور- المخدرات بالتأكيد وكذلك السلاح ومعدات تصنيع القنابل والسلائف الكيميائية وأموال المخدرات وحتى الاشخاص والمهاجرون."

زراعة الافيون تهبط 22%

في ذات السياق قالت الامم المتحدة ان زراعة الافيون في افغانستان تراجعت بنسبة 22 في المئة هذا العام بسبب هبوط حاد في اسعار المخدر دفع المزارعين الى التحول الى محاصيل اخرى.

ووفقا لتقرير سنوي للامم المتحدة فان عدد الافغان المشتغلين في تجارة المخدرات نقص حوالي 800 ألف مقارنة مع العام الماضي وهي انباء سارة نادرة للمساعي الغربية في البلد الذي يشهد تصاعدا حادا للعنف في الحرب الدائرة منذ ثمانية اعوام ضد مقاتلي طالبان.

ويقول مسؤولون غربيون ان تجارة المخدرات تمول الهجمات المسلحة للمتشددين وتغذي الفساد والجريمة وتقوض الدولة الافغانية التي يحاولون دعمها.

ولفترة طويلة ظلت افغانستان المنتج لحوالي 90 في المئة من الافيون في العالم وهي المادة المخدرة التي يصنع منها الهيروين. وفي عام 2007 حطمت كل الارقام القياسية لكن زراعة الافيون بدأت منذ ذلك الحين في التراجع.

وقال مكتب الامم المتحدة بشأن المخدرات والجريمة ان 123 ألف هكتار استخدمت هذا العام لزراعة نبات الخشخاش الذي يصنع منه الافيون انخفاضا من 157 ألف هكتار في 2008 .

وحدث معظم هذا الانخفاض في هلمند أكثر اقاليم البلاد عنفا ومعقل زراعة الافيون والذي تتركز فيه المجهودات الحربية للقوات الامريكية والبريطانية. وهبطت زراعة الافيون هناك بمقدار الثلث الي 69833 هكتارا من 103590 هكتارا في 2008 .

وهبط محصول الافيون في 2009 بنسبة 10 في المئة الي 6900 طن من 7700 طن في 2008 . وهذا الانخفاض البالغ حجمه 800 طن هذا العام يعادل تقريبا ضعفي الكمية المنتجة في "المثلث الذهبي" وهي المنطقة الرئيسية لانتاج الافيون في جنوب شرق اسيا.

وأدى هبوط الاسعار الى انخفاض القيمة الاجمالية لمحصول الافيون في افغانستان بنسبة 40 في المئة الي 438 مليون دولار. ويشكل الافيون الان 4 في المئة فقط من الناتج المحلي الاجمالي الافغاني مقارنة مع 7 في المئة في 2008 ومع مستوى قياسي بلغ 27 في المئة في 2002 وهو العام التالي على الاطاحة بطالبان من حكم افغانستان.وبلغ عدد الاشخاص المشتغلين بزراعة الافيون في افغانستان هذا العام 1.6 مليون انخفاضا من 2.4 مليون في 2008 .

القنب الهندي وفقدان الذاكرة

من جانب آخر قال باحثون انهم حددوا العملية البيوكيمائية التي يتسبب القنب الهندي عبرها بفقدان الذاكرة لدى فئران.

ويمكن لهذا الاكتشاف ان يسهل صناعة الادوية التي تتمتع بخصائص الحشيش لجهة تقليص الالم لكن من دون تلك التي تؤدي الى فقدان الذاكرة، على ما افادت الدراسة المنشورة في صحيفة "نيتشر نوروساينس".

وكان مخدر الحشيش معروفا لوقت طويل بأثره المسبب لفقدان الذاكرة، عبر تأثيره على منطقة في الدماغ تدعى الحصين وتتحكم بمعظم الوظائف الادراكية.

لكن الجدل دار طويلا حول ما اذا كان هذا التأثير طويل الامد او موقتا خلال تعاطي الحشيش، وحول كيفية تفاعل هذا المخدر بيوكميائيا.

وللاجابة على هذين السؤالين، اوجد الباحثان رافائيل مالدونادو واندريس اوزايتا من جامعة بومبوي فابرا في برشلونة قياسا جديدا للتدهور الادراكي ليتمكنا من اجراء تقييم سهل لاثر الحشيش على الذاكرة لدى فئران المختبر.

وتتفاعل مادة "تي اتش سي" الموجودة في الحشيش مع خلايا عصبية متلقية تدعى "سي بي1". وهي خلايا تتواجد في مواقع عدة من الدماغ، وقد عثر على كتلتين مكثفتين منها في الحصين الدماغي.

ولاكتشاف تأثير شبكات الخلايا العصبية هذه على خسارة الذاكرة، وضع الباحثان مجموعتين من الفئران المعدلة جينيا بحيث انتزعت من الفئران خلايا "سي بي1" في احدى المنطقتين من الحصين الدماغي.

بعد ذلك، حقنت تلك الفئران بجرعات من مادة "تي اتش سي" توازي "التعاطي المفرط" للحشيش من قبل البشر. واظهرت احدى مجموعتي الفئران شكلا تقليديا من فقدان الذاكرة لدى اجراء اختبارات الذاكرة عليها.

اما المجموعة الثانية التي انتزعت خلايا "سي بي1" مما يسمى بخلايا "غاباارجيك" فلم تتأثر بالمخدر. بحسب رويترز.

وقال مالدونادو في مقابلة عبر الهاتف "لم تبطل فقط الآثار السلوكية للذاكرة، بل ابطلت ايضا استجابة المادة الكيميائية المسؤولة مباشرة عن الاثر الشبيه بفقدان الذاكرة".

واضاف الباحث ان هذا الاكتشاف سيساعد على تطوير جزيئية تنتج الاثر الايجابي للحشيش من دون التأثير على خلايا "غاباارجيك" الدماغية التي تتحكم بالذاكرة.

واظهر البحث ايضا ان تناول الحشيش يؤدي الى تغير في الطريقة التي ينتج بها البروتين في المكان المتأذي من الدماغ.

وقال مالدونادو ان "هذا امر خطير، لان اي تغير في تشكيل البروتين يعني تغيرا على المدى البعيد، هذا ليس امرا قد يختفي في اليوم التالي". واضاف انه ليس معروفا بعد كم يطول تدهور الذاكرة.

4300 قتيل في 2009

من جهة اخرى افادت حصيلة نشرتها الصحافة ان الفصل الاول من العام 2009 في المكسيك حطم بفارق كبير الرقم القياسي المؤسف لعدد الجرائم المنسوبة الى كارتيلات المخدرات، اذ بلغ 4300 جريمة في مقابل 2650 في العام 2008 الذي شكل الرقم القياسي السابق.

وكتبت صحيفة ميلينيو ان تموز/يوليو 2009 كان الشهر الاكثر دموية منذ تسلم الحكومة الراهنة مقاليد الحكم اواخر 2006، اذ بلغ عدد القتلى 854.

واضافت الصحيفة ان "الرقم القياسي للجرائم قد تحطم للشهر الثاني على التوالي، في ما يشكل الفترة الاعنف في عهد الحكومة الحالية". وبلغت الحصيلة في حزيران/يونيو 769 قتيلا.

ومنذ تسلمها مهامها في كانون الاول/ديسمبر 2006، استعانت حكومة الرئيس فيليبي كالديرون بأكثر من 36 الف جندي وشرطي للتصدي للكارتيلات التي تتنازع في حرب دموية السيطرة على تجارة المخدرات المرسلة الى الولايات المتحدة، المستهلك العالمي الاول للكوكايين. بحسب فرانس برس.

وفي الوقت نفسه، اسفرت الحرب بين الكارتيلات ومواجهاتها ضد قوى الامن، عن 13 الف قتيل، كما ذكرت صحيفة ميلينو، منهم اكثر من 5300 في العام 2008، كما تفيد الاحصاءات الرسمية.

القوات الثورية الكولومبية

من جانبها اوردت الصحافة الكولومبية نقلا عن مصادر استخباراتية ان "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (فارك) المتمردة تحصل على اسلحتها من 30 دولة مختلفة، استنادا الى عمليات الضبط التي حصلت في السنوات الاخيرة.

ونقلت صحيفة "ال تييمبو" عن تقرير مجموعة التحليل المضادة للارهاب (جيات) ان عمليات الضبط في السنوات العشر الاخيرة شملت مئتي سلاح مضاد للدبابات من بينها 3 قاذفات صواريخ اشترتها فنزويلا من مصنع سويدي.

ومن بين الاسلحة المضبوطة صواريخ اميركية وروسية ورومانية وصينية، بحسب التقرير.

وضبطت بالاضافة الى ذلك 300 بندقية تابعة للقوات المسلحة الفنزويلية بالاضافة الى بندقيات روسية وبلغارية وصينية وجنوب كورية، ومسدسات من اوروبا الوسطى والبرازيل ومتفجرات من الاكوادور.

ويأتي التقرير ايضا على ذكر ذخائر برازيلية وروسية وفنزويلية وكورية شمالية وحتى كولومبية.

ونشر هذا التقرير بعد تجميد العلاقات بين بوغوتا والرئيس الفنزويلي هيوغو شافيز اثر ضبط قاذفات صواريخ سويدية، وبعد موافقة كولومبيا على السماح للولايات المتحدة باقامة ثلاث قواعد عسكرية لعمليات مكافحة المخدرات.

واشارت الحكومة الكولومبية، عند ضبط هذه الاسلحة، الى انها لم تحصل على رد من فنزويلا على طلب الحصول على معلومات، مؤكدة ان هذا التصرف ليس من عادات فنزويلا، وفقا لمقالة "ال تييمبو".

عدم تجريم استخدام المخدرات

في تطور لافت وافقت المحكمة العليا في الارجنتين على عدم تجريم استخدام كميات صغيرة من الماريوانا مما يمهد السبيل لاحداث نقلة نوعية في سياسات مكافحة المخدرات للتركيز على تجار المخدرات وليس متعاطيها.وقضت المحكمة العليا بانه من غير الدستوري مقاضاة حالات الاستخدام الفردي للماريوانا.

وفي دول اخرى في امريكا اللاتينية اجازت كولومبيا والمكسيك بالفعل عدم تجريم حيازة كميات صغيرة من المخدرات اما البرازيل والاكوادور فانهما تعكفان على دراسة مبادرة لاجازة استعمال كميات محدودة من المخدرات.

وقالت المحكمة الارجنتينية العليا في حكمها "يحق لكل بالغ اتخاذ قرارات بشأن نمط حياته دون ان يتعارض ذلك مع سلطة الدولة." ولم تضع المحكمة حدودا للوزن الذي يسري عليه لفظ "كمية صغيرة." بحسب رويترز.

وكانت الحكومة الارجنتينية قد حثت المحكمة العليا على مراجعة قوانين حيازة المخدرات في اطار سعي البلاد الى اعادة توجيه الانفاق الحكومي ليركز على ملاحقة تجار المخدرات ومصنعيها بدلا من انفاق مبالغ طائلة على مقاضاة الاف من المتعاطين الصغار.

واثار الحكم انتقادات من جانب مسؤولين ارجنتينيين في الكنيسة الكاثوليكية واسر متعاطي المخدرات ممن يساورهم القلق من ان يؤدي ذلك الى مضاعفة انشطة الاتجار في المخدرات.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 31/تشرين الثاني/2009 - 11/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م