في العام 1099 عندما سقطت القدس في أيدي الصليبيين وشعر المسلمون في
فلسطين بخذلان قادة الأمة لهم، توجه وفد يمثلهم لمقابلة الخليفة
العباسي المستظهر بالله لطلب النصرة ولتذكيره بمسؤولياته تجاههم وتجاه
مقدسات المسلمين في فلسطين، تأخر المستظهر في الخروج لمقابلتهم، لأنه
لم يكن لديه ما يعيدهم به أكثر إطمئناناً، فلما طال بهم الإنتظار،
هاجموا المسجد الذي يصلي فيه الخليفة، وحطموا منبره، ثم انتقلوا إلى
قصر قريب له ففعلوا فيه الأفاعيل.
أدرك المستظهر حينها أنه يحق لممثلي الفلسطينيين الإحتجاج بالشكل
الذين يرونه مناسباً مادام هو عاجز عن القيام بمسؤولياته تجاههم، ليس
هذا فحسب بل أنه حرص على تطييب خاطرهم، وأرسل معهم ثلة من الجنود
لمناصرتهم.
في هذه الأيام، حق على الفلسطينيين جميعاً الترحم على المستظهر،
فالرجل أقر بعجزه، وعرف قدره، فلم تأخذه العزة بالإثم، فلم يصور العجز
حكمة، ولا الخذلان شهامة، ولا التواطؤ سياسة...... لم يقم المستظهر بأي
إجراء عقابي ضد الفلسطينيين، لم يسجن أحداً أو بحجة أنه " مس بالأمن
القومي "، ولم يعذبهم حتى الموت، ولم يتواطأ في فرض الحصار عليهم.
كان في عروق المستظهر دماء فاستحالت إلى حياء........بينما تجمدت
الدماء في عروق حكام العرب، فلا ذرة من حياء. عندما هدد وزير خارجية
إسرائيل بتدمير السد العالي وقصف قصر الرئاسة في سوريا، وفرض السيادة
اليهودية على المسجد الأقصى، وعندما قدمت القناة الثانية في التلفزيون
الإسرائيلي عرضاً مسرحياً ساخراً يظهر فيه أحد الزعماء العرب وهو يسب
الذات الإلهية........صمت الجميع ولم تصدر عنهم أي ردة فعل، ففي عرف
هؤلاء لحوم الصهاينة مرة يصعب مضغها.
أما عندما يعبر الفلسطينيون عن امتعاضهم من تواطؤ الأنظمة العربية
ضدهم تجد أن ماكنة الدعاية التابعة لهذه الأنظمة تعمل على مدار الساعة
تتهم وتطعن وتشكك.
من هنا حقاً على الفلسطينيين الترجم على المستظهر، فلا يعرف الشئ
إلا بضده
www.naamy.net |