أمريكا تروّج لعودة البعثيين في العراق

الاربعاء الدامي دليل على شناعة وجُرم مايُدعى بـ المقاومة

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: رغم العديد من الاعترافات التي ادلى بها قياديون في جناحَي حزب البعث المنحل بشأن عقدهم اجتماعات سرية في دمشق مع اطراف مسلحة مختلفة المراجع للتنسيق على اجندة عمل ترمي لزعزعة الامن في العراق وفرض سياسة الامر الواقع بالقوة، فإن الادارة الامريكية الجديدة ما فتأت تشدد وتضغط على الحكومة العراقية من اجل التساهل في التعامل مع هؤلاء القتلة بذريعة تحقيق المصالحة الوطنية وإن كان ذلك خلاف ما يريده الشعب العراقي.

ورصدت مجلة التايم الأمريكية، احتمالات عودة العراقيين البعثيين من سوريا إلى بلادهم مرة أخرى بعد سنوات الاحتلال والحرب، بحسب مجلة اليوم السابع المصرية.

وقالت التايم، إن الولايات المتحدة طالما حثت الحكومة العراقية سراً على البدء بتحقيق مصالحة وطنية تشمل أنصار النظام السابق من البعثيين للحد من خطر العنف الطائفي في البلاد بعد سحب قواتها، بيد أنها عدت أن إلقاء رئيس الوزراء نوري المالكي بمسئولية هجوم (الأربعاء الدامي) في 19 آب أغسطس الماضي على محمد يونس ومطالبته سوريا بتسليمه إليها “كمؤشر على عدم رغبته في التفاوض مع البعثيين السابقين”.

وقالت التايم في تقرير لمراسلها من دمشق أندريه لى بطرس، كما نقلت “اليوم السابع” إنه عندما كانت الحرب الأهلية العراقية في أوجها “عبرت أفواج كثيرة من اللاجئين العراقيين الحدود إلى سوريا وأحدثوا تغييراً لوجه العاصمة السورية دمشق، مضيفة انه بعد مرور سنوات “أصبح كثير من هؤلاء اللاجئين الذين يقدر عددهم بما يقرب من مليون ونصف المليون لاجئ جزءاً من طبيعة الحياة هناك فالكثيرون أصبح لديهم أعمال تجارية وأبناء يتحدثون العربية بلهجة سورية.

وبرغم ذلك، مضت المجلة قائلة “إلا أن جزءا من هؤلاء المهاجرين لا يزال يشعر بالغربة، هؤلاء يقدر عددهم بـ 400 ألف لاجئ وهم من أعضاء حزب البعث السابقين، حزب الدكتاتور السابق صدام حسين الذي تم حلّه بعد الاحتلال، مشيرة إلى أن البعثيين العراقيين الموجودين في سوريا “انقسموا إلى فصيلين الأول متشدد يقوده نائب رئيس الجمهورية السابق عزة إبراهيم الدوري والثاني معتدل بقيادة محمد يونس الأحمد العضو البارز في الحزب أثناء حكم صدام حسين، بحسب التايم.

وأضافت المجلة أن مشكلة البعثيين في سوريا “عادت لتصبح محور خلاف مجدداً بين الحكومتين العراقية والسورية بعد التفجير الانتحاري الذي استهدف مباني حكومية في بغداد وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 95 شخصاً (في إشارة إلى تفجيرات الأربعاء الدامي بتاريخ 19 آب أغسطس الماضي) حيث ألقى رئيس الوزراء العراقي نورى المالكى بمسئولية هذا الحادث على البعثيين السابقين في سوريا واتهم دمشق بدعم جماعات تشن هجمات في العراق”، مبينة أن سوريا “أنكرت هذه المزاعم وعرضت تسليم أي مشتبه بهم في التفجيرات إذا قدم العراق دليلاً على تورطهم”.

غير أن الحقيقة التي اختفت خلف هذا النزاع كما أوردت التايم هي أن سوريا “بدأت تغير ببطء موقفها الخاص بتأمين حدودها مع العراق وأن البعثيين يريدون العودة إلى وطنهم بعد أن أبدوا رغبة في المشاركة سلمياً في الديمقراطية الوليدة بالعراق.

وقالت التايم “بالطبع لم يتحول كل البعثيين من صقور إلى حمائم ويرى كثير من المراقبين أن سوريا لن توقف كل عمليات المتمردين على حدودها إلى أن يتم التوصل إلى تسوية سلمية في المنطقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل”، وتابعت “وبدأت مجموعة محمد يونس اتصالاتها بالحكومة العراقية في 2007 وعقدت مؤتمراً لتقييم الأخطاء التي ارتكبها نظام صدام حسين وأعلنت رفضها نظريات حزب البعث القديمة متبنية نمطاً من السياسات أكثر ديمقراطية”.

وأوضحت المجلة أن فصيل الدوري “أبدى كذلك مؤشرات على الاعتدال عقب الهجوم الانتحاري في آب أغسطس الماضي، موضحة أن نزار السامرائى المقرب من حزب البعث “كشف في مقابلة مع المجلة نفسها الشهر الماضي أن جماعته قلقة من تنامي النفوذ الإيراني على الحكومة العراقية أكثر من إجبار القوات الأمريكية على الانسحاب من البلاد.

وكانت صحيفة “آسيا تايمز” الصينية نقلت عن السامرائي أنه اعترف بعقد حزبه (البعث) اجتماعات مع جماعات مسلحة عاملة بهدف تنسيق هجمات في العراق.. وأن هذه الاجتماعات عقدت في دمشق مع جماعات متنوعة من بينها جماعات “المقاومة الوطنية” لمناقشة “سياستنا وأهدافنا العسكرية”، مقرا بذلك أن حزب البعث “متورط” بالفعل بـ زعزعة الاستقرار في العراق، وإن كان “نفى علاقة حزبه بـتفجيرات (الأربعاء الدامي)، كما ذكرت الصحيفة الصينية.

وكشف تقرير التايم أن الولايات المتحدة “ظلت تحث الحكومة العراقية سراً على البدء بتحقيق مصالحة وطنية تشمل أنصار النظام السابق من البعثيين للحد من خطر العنف الطائفي في البلاد بعد سحب قواته.. وتابعت “إلا أن إلقاء المالكي بمسئولية الهجوم الانتحاري على محمد يونس ومطالبته سوريا بتسليمه إليها يعد مؤشراً على عدم رغبته في التفاوض مع البعثيين السابقين”، على حد تعبير فاضل الربيعى، وهو محلل سياسي عراقي يقيم في سوريا، كما نقلت التايم.

يذكر أن رئيس الوزراء نوري المالكي قال خلال زيارته الاخيرة  لشبكة الإعلام العراقي، إن مخطط تفجيرات (الأربعاء الدامي) كان حلقة من مسلسل كبير يرمي لإسقاط العملية السياسية بأكملها، مبينا أن هناك دولاً وأجندات اصطفت مع سوريا للتأثير على التجربة الجديدة في العراق، وأن قرار المطالبة بتشكيل محكمة دولية هو قرار لمجلس الوزراء وليس قرار المالكي وحده.

هل يواجه العراق خطر انقلاب عسكري بعثي؟ 

وفي نفس السياق، عاودت اطراف سياسية شيعية الى ترديد نغمة خطر انقلاب عسكري يستهدف تقويض ما سمته " التجربة الديموقراطية في العراق"، ما دفع خصومهم في الخندق المقابل وأغلبهم ذي اصول بعثية وقومية متشددة لم تكن يوما من ايام السنوات الاخيرة بعيدة عن استخدام العنف بما فيه الطائفي لتحقيق اهدافها السياسية الى اعتبار هذه الطروحات" طريقة جديدة لاستقطاب اصوات الناخبين تطرح كبديل للاستقاب الطائفي الذي بات وفق رأيهم" ورقة محروقة". بحسب الوطن الكويتية.

وتعيد لهجة التحذير من الانقلاب الذاكرة الى اتهام كان اطلقه رئيس الحكومة نوري المالكي ضد اول رئيس حكومة عراقية بعد تسليم السيادة الى العراقيين عام 2004 اياد علاوي بالتحضير لانقلاب عسكري يطيحه من السلطة، ولهذا يختفي الان عنصر المفاجأة في التحذيرات الجديدة لاسيما انها تخرج هذه المرة ايضا على لسان مقربين من المالكي، الذين يشيرون الى وجود ضباط سابقين منهم من يعمل الان في المؤسسات الامنية والعسكرية ومنهم من هو خارجها يستعدون ويتحضرون للقيام بهذا الانقلاب مستغلين الانسحاب الامريكي وتراجع التوافقات السياسية بين القوى السياسية في البلاد.

في هذا السياق ما ذكره القيادي في حزب الفضيلة محمد كاظم الحميداوي عن " وجود خطر حقيقي يشكله عناصر البعث الذين عادوا الى مؤسسات الدولة".

وبرأي الحميداوي لا توجد ضمانة لعدم عودة الديكتاتورية سوى امرين الاول: التواجد الامريكي والثاني: التوازن بين القوى ونظام التوافق السياسي "، وهما " عاملان في طريقهما الى التلاشي والزوال، وبالتالي لا يوجد ما يمنع ان يأتي احدهم وينقلب على النظام الجديد"لاسيما وان " التغيير الذي حصل في 2003 وحتى الان لم يطل البنية الثقافية بل اقتصر على تغيير رأس الهرم ".

في المقابل وعلى العكس من هذه الافكار تتزايد الدعوات الى الاستعانة بالضباط السابقين من اجل مكافحة التغلغل الايراني وايقاف نفوذ طهران الواسع في البلاد.ويرى النائب عن جبهة التوافق السنية البعثي الاصول ظافر العاني " ان المخاوف الشيعية والتحذير من انقلاب عسكري محتمل ليس الا ورقة انتخابية ستستخدم على نطاق واسع بعد تآكل الورقة الطائفية"وقال " ان القوى التي فقدت رصيدها تحاول استحضار الاحتقان المذهبي مجددا الى المجتمع من خلال اثارة قضية وهمية وعدو مفتعل لحشد الناخبين وسرقة اصواتهم للمرة التالية".

خصومات المالكي ومنافسيه

ومن الواضح ان قرارات المالكي بطرد وتنحية عدد من الضباط الكبار بوزارتي الداخلية والدفاع على خلفية اتهامات بارتباطات بقوى معادية للنظام الجديد او التقصير في اداء الواجب والتسبب في اضرار امنية وخسائر بشرية ومادية، يأتي في سياق خلافات بينه وبين وزيره للداخلية جواد البولاني الذي يعتبر منافسا قويا له على منصب رئيس الحكومة بعد الانتخابات المقبلة، خاصة وانه يستعد للاعلان عن اقامة تحالف جديد واسع يضم قوى متعددة تمتلك قاعدة شعبية وعشائرية واسعة وتحتضن قوى لا تخفي عدائها وخصومتها لحزب المالكي وعلاقته مع ايران ولزعيمه المالكي شخصيا حيث تتهمه بالتفريط بالعلاقات مع العرب مقابل ايران.

ولكن هل توجد في العراق مقدمات تتيح قيام انقلاب عسكري مماثل لتلك الانقلابات العسكرية التي شهدتها البلاد وبعض الدول العربية الاخرى خلال المراحل الماضية المختلفة؟

يجيب العميد توفيق الياسري الضابط السابق والناشط السياسي حاليا " ان المخاوف من حدوث انقلاب، هي طروحات غير واقعية وفيها كمية كبيرة من المبالغة" لان انخراط قيادات عسكرية من منظومات النظام السابق في الاجهزة الحالية لم يأت اعتباطا وانما في اطار عملية المصالحة السياسية وتوافقات القوى السياسية في البلاد.

لم تعد تركيبة المؤسسة العسكرية العراقية كما كانت عليه خلال العهود الماضية، فهي تختلف اليوم اختلافا كبيرا كما وان الاجواء السائدة في فترات معينة من تأريخ العراق لم تعد قائمة، ويشدد الياسري على" الجنرال الامريكي هو الوحيد القادر على القيام اليوم بانقلاب عسكري وهو احتمال بعيد كون الولايات المتحدة هي الضامن الاساسي للعملية السياسية برمتها". واضاف" موجة الانقلابات انقضى عهدها في العراق،لانه لم يعد في البلاد محطة اذاعية او تلفزيزنية واحدة ولا قصرا جمهوريا يسيطر عليه الانقلابيون وينتهي الامر". كما ان ممثلي الاحزاب ينتشرون في كل الفرق العسكرية واجهزة الشرطة والامن.

رئيس البرلمان العراقي يدعو إلى احترام جيش صدام!

من جهة اخرى دعا مسؤول عراقي رفيع إلى احترام "مجهود وتضحيات،" جنود الجيش العراقي في عهد الدكتاتور صدام حسين، وعدم انتقاص حقوقهم التقاعدية.

وشدد رئيس البرلمان العراقي إياد السامرائي في بيان تناقلته وسائل إعلام عراقية، على أهمية "احترام التضحيات والجهود التي بذلها ضباط الجيش العراقي السابقون في الدفاع عن وطنهم."

وطالب السامرائي بعدم "بخس الجنود حقهم في قانون الخدمة والتقاعد العسكري الجديد،" قائلا إنهم اضطلعوا "بدور كبير في حماية أمن واستقرار العراق منذ تأسيس المؤسسة العسكرية العراقية عام 1921."

ويناقش البرلمان العراقي قانونا جديدا للخدمة والتقاعد العسكري، وأوضح السامرائي خلال لقائه عددا من الضباط السابقين ورؤساء لجان في البرلمان أن "سحب الحكومة للقانون إذا كان من أجل التعديل عليه فهو موضع ترحيب، أما إذا كان الهدف منه هو تعطيل، فهذا ما لن نسمح به مطلقا."بحسب سي ان ان.

وقد حلت الولايات المتحدة الجيش العراقي بعد الغزو في عام 2003، ما خلف حالة من الغضب والإحباط لدى كثيرين من أفراد الجيش السابق، الذي يلقي كثيرون باللائمة على بعضهم في تزايد العنف في البلاد.

وكانت تقارير قالت، إن موكب السامرائي تعرض لإطلاق نار عند مدخل المنطقة الخضراء في بغداد، وإن مجموعة ترتدي الزي العسكري أطلقت النار على الموكب، فيما بادلتها حماية المسؤول إطلاق النار من دون وقوع إصابات. ونقل عن مصدر في مكتب السامرائي قوله إن تلك "المجموعة ميليشيات إرهابية" حاولت اغتيال السامرائي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 21/تشرين الثاني/2009 - 1/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م