هجَمات السيبريانيّة تهدِّد انظمة الكومبيوتر عبر العالم

التنسيق الالكتروني يعزّز الدفاع الدولي ضد المهاجمين الهاكرز

شبكة النبأ: لم تعد هجمات السيبريانية، أي الهجمات الكمبيوترية التي تقع في عالم الإنترنت وتغزو شبكات الكمبيوتر ومواقعها محدودة مقتصرة على ألاعيب الطلاب ومقالبهم الصبيانية. فشبكات الكمبيوتر الحكومية والمواقع الخاصة للمؤسسات والشركات على شبكة الإنترنت في جميع أنحاء العالم أصبحت عرضة للضرر والتعطل بسبب اعتداءات الجريمة المنظمة وتدخلات أجهزة الاستخبارات المتعارضة وجواسيس التجارة.

فقد أصبح الجيل الجديد ممن يطلق عليهم اسم الهاكرز الذين يتسللون ويقتحمون الشبكات والمواقع على الإنترنت يشكل ضغوطا على الدوائر والأجهزة الدفاعية والأمنية لكثير من البلدان. إلا أن التعاون الذي أخذ طريقه بين الحلفاء يبشر بحماية أفضل لعالم الإنترنت ومواقعه. بحسب موقع أميركا دوت غوف.

يقول دنيس بلير، مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، إن الترابط القائم اليوم بين أجهزة الكمبيوتر واتصالها ببعضها البعض يمهد السبيل أمام المهاجمين مقتحمي العالم السيبرياني الكمبيوتري للنجاح في تعطيل البنية الأساسية الحساسة بما فيها شبكات نقل الطاقة الكهربائية وأنابيت النفط وشبكات الاتصالات. وكل البلدان، في رأي بلير، معرضة لهذا الخطر، والنتائج المترتبة على نجاح الهجمات تكون مكلفة للصناعات والحكومات خاصة وأن الخدمات المستهدفة تتراوح بين شبكات مراقبة حركة الطيران وأسواق الأسهم والسندات (البورصة).

وقد ظلت وزارة الدفاع الأميركية هدفا مغريا بوجه خاص لهجمات من بعض الدول ومن كيانات لا تنتمي إلى دولة معينة ومن أفراد. ففي العام 2006 أبلغ البنتاغون (وزارة الدفاع) عن 6 ملايين محاولة تسلل واقتحام، وقفزت المحاولات في العام 2008 قفزة كبيرة ووصل عددها إلى 360 مليون محاولة.

والمهاجمون الهاكرز الذين يستهدفون عالم الكمبيوتر يتخفون وراء ستار من الغفلانية والبقاء مجهولين. وهم يضمون في صفوفهم أفرادا ممن يريدون التظاهر والتفاخر ببراعتهم الكمبيوترية وشبكات الإرهاب التي تسعى في سبيل تصيد الأموال، والجماعات أو العصابات الإجرامية التي تسعى في سبيل الحصول على مكاسب وأرباح إضافية، والناشطين الذين يقتحمون الشبكة لإبداء وجهة نظر سياسية، وجماعات من طلبة علوم الكمبيوتر الذين يكلفون بمحاولة اقتحام الشبكات، وأجهزة الاستخبارات الأجنبية المهتمة بجمع الأسرار.

وتقول ليندا ميلز، رئيسة مؤسسة نورثروب غرومان المتعاقدة على تنفيذ برامج دفاعية، إن مهاجمي عالم الإنترنت لا يكونون دائما منظمين ومصنفين وفق نظام محدد وغالبا "ما يندمجون ويتعاونون مع بعضهم البعض."

أما بيتر بروكس، من مؤسسة هاريتج (التراث) فيرى أن الخطر نشأ وتطور من مجرد "عمل لهاكرز فضوليين إلى عمليات ترعاها الحكومات وتتم عن عمد وسابق إصرار وتنطوي على أغراض متنوعة ذات صلة أمنية."

هل هو نوع جديد من الحرب؟

الصين وروسيا مشغولتان بإعداد جيل من كوادر "محاربي الكمبيوتر." هذا ما يقوله الجنرال كيث ألكساندر الذي يترأس وكالة الأمن الوطني. ويضيف ألكساندر الذي سيتولى قريبا رئاسة القيادة الجديدة الموحدة لعالم الكمبيوتر والشبكات في البنتاغون إن الصين ناشطة بإقدام في عالم شبكات الكمبيوتر وشكلت كتائب ووحدات خاصة للعمليات التي تشن على الإنترنت وشبكات الكمبيوتر. وذكرت التقارير أن الصين كانت وراء موجة الهجمات التي وقعت في العام 2007 واستهدفت شبكات البنتاغون. وقد ضمنت وزارة الدفاع هذا الاتهام في تقرير لها رفعته إلى الكونغرس عن قوة الصين العسكرية في العام 2008.

وصرح رئيس الاستخبارات الوطنية بلير بأن الصين كانت مصدر أكبر عدد من الهجمات التي تعرضت لها المؤسسات الأميركية، إلا أن كيانات ومنظمات إرهابية لا تنتمي إلى دول، كالقاعدة وحماس وحزب الله، أبدت رغبة في استهداف المواقع الأميركية على شبكة الإنترنت.

الدفاع الدولي ضد المهاجمين الهاكرز

تلقى المجتمع الدولي تنبيها شديدا لليقظة عندما تعرضت مواقع حكومة إستونيا ومواقع بنوكها وأجهزتها الإعلامية للهجمات الاختراقية في العام 2007. فقد بدأت المشكلة بعد أن نقلت حكومة إستونيا تمثالا يكرم تضحيات الجنود الروس الذين حرروا البلاد من السيطرة النازية. (نقل التمثال إلى موقع أقل ظهورا وأهمية مما أثار شعورا بالإهانة بين الروس). وسرعان ما بدأت هجمات حرمان إستونيا من الخدمات والتي قيل إن مصدرها كان روسيا، في إغلاق مواقع وزارتي الخارجية والعدل في إستونيا ثم شوه المهاجمون موقع حزب الإصلاح الذي ينتمي إليه رئيس وزراء البلاد.

أوفدت الولايات المتحدة ومنظمة حف شمال الأطلسي مجموعات من خبراء الكمبيوتر إلى إستونيا في غمرة الهجمات الكمبيوترية التي استمرت عدة أسابيع. ووزرع المهاجون دليلا مرشدا "تعليمات كيف تفعل" الاختراق على مواقع الدردشة على الإنترنت لتشجيع الآخرين على شن هجمات اختراقية. وقدّرت التقارير الصحفية أن 100,000 كمبيوتر استخدمت في الهجمات. وردا على ذلك أنشأ حلف الأطلسي (الناتو) في إستونيا مركزا تعاونيا للدفاع ضد الهجمات بدأ نشاطه في أيار/مايو 2008.

وصرح الأمين العام المساعد لمنظمة حلف شمال الأطلس بيتر فلوري بأن الهجمات الكمبيوترية على إستونيا جاءت "بمثابة حافز على تكثيف وإعادة تركيز" عمل الحلف المتعلق بقضايا أمن عالم الكمبيوتر.

وفي شباط/فبراير 2009 عقد أعضاء الحلف اجتماع قمة بمناسبة الذكرى السنوية الستين لإنشاء الناتو، وبحث ممثلو الدول الأعضاء الحاجة إلى معالجة الهجمات الكمبيوترية في المستقبل والتصدي لها. وفي ختام القمة أصدر قادة البلدان المشاركون إعلان قمة ستراسبورغ – كيل 2009 الذي شدد على الحاجة إلى تعزيز أنظمة الحلف للاتصالات والمعلومات وتقويتها في وجه هذا الخطر. ويتطلع الحلف إلى مشاركة المنظمة الدولية المعنية في هذا العمل.

وصرح كريس مالوري من مؤسسة أنظمة الأبحاث والتطبيقات الدولية، وهي شركة برمجة واستشارات، بأنه "يجب على الاتحاد الأوروبي تحسين إطاره القانوني الحالي بشكل يمكن من تقديم مهاجمي الاختراق للعدالة."

ويدعو مالوري إلى زيادة مشاركة الاتحاد الأوروبي في منتدى الرد على الحوادث ومجموعات الأمن، وهو منظمة دولية أنشئت قبل عقدين من الزمن وتضم الآن 200 عضو من 42 بلدا. وهناك منظمة أحدث تتبنى التعاون الدولي من أجل معالجة الأخطار التي يتعرض لها عالم الكمبيوتر والإنترنت وهي شبكة الرصد الدولي والإنذار وتشارك فيها الآن 15 دولة.

وكتبت نائبة رئيس غرفة التجارة الأميركية آن بوشيسن رسالة إلى البيت الأبيض في آذار/مارس – قبل وقت قصير من إعلان الرئيس أوباما تعيين منسق لأمن شبكات الكمبيوتر – مطالبة بإيجاد وسيلة لأمن شبكات الكمبيوتر عالميا بما في ذلك تبادل المعلومات على نطاق أوسع بين الدول وقيام تعاون دولي أفضل في تقديم مرتكبي جرائم الكمبيوتر للمحاكمة.

وقال جيمس لويس إخصائي أمن شبكات الكمبيوتر في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن أستراليا وفرنسا واليابان وسنغافورة والمملكة المتحدة كانت رائدة في التعاون وبذل الجهود لحماية شبكات كمبيوتر الدول ومواقعها على الإنترنت.

غير أن مليسا هاثاوي التي ترأست عملية مراجعة لسياسة حماية شبكات الكمبيوتر في البيت الأبيض قالت إن الولايات المتحدة بحاجة إلى مشاركة حلفاء جدد. وأضافت أن دولا كثيرة بحاجة إلى أن تكون واثقة من أن الشبكات التي تدعم أمنها الوطني ورخاءها الاقتصادي تتميز بالمرونة والسلامة. وتدعو المراجعة التي أجرتها إلى تقديم المساعدة للبنك الدولي ولصندوق النقد الدولي اللذين تعرضت شبكاتهما للكمبيوتر للهجمات في العام 2008.

وسيقوم البيت الأبيض بالترويج لمبادرة أمن شبكات الكمبيوتر عن طريق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومنظمة الدول الأميركية ومنتدى آسيا ومنطقة المحيط الهادئ.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 11/تشرين الثاني/2009 - 21/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م