شبكة النبأ: تكتسب المناطق أسماؤها
بالتراكم التاريخي ومطابقة ذلك مع حقائق الواقع ومعطياته وانسجامه مع
رغبة سكانها، وليس بحسب رغبة الأنظمة التي دأبت على القفز فوق ذلك كله
في محاولة منها لفرض واقع جديد حتى وإن كان بالضد من رغبة أهلها، وما
أن تذهب هذه النظم لهذا السبب أو ذاك، حتى تعود الأمور إلى سياقها
السليم، وينطبق ذلك على الديوانية التي غير النظام السابق اسمها لأسباب
“تعبوية” ويطالب أهلها حاليا بمحو “آثار العدوان” عن الاسم الأصلي
لمحافظتهم لإعادة الأمور إلى نصابها السليم.
وقال أستاذ مادة التاريخ في جامعة القادسية ورئيسها السابق أ.د.محمد
هليل الجابري إن تسمية منطقة الديوانية برزت من بين مسميات عديدة تبعا
للظروف الطبيعية والعوامل البشرية، مشيرا إلى أن هنالك عدة مسميات منها،
الرماحية والحسكة والديوانية وكذلك القادسية.
وأضاف فـ”الرماحية موقع أبعد ما يكون عن مركز المدينة الحالي بالقرب
من قضاء الشامية (30 غرب الديوانية) وما تزال آثار تلك البلدة موجودة
وتسمى بقرية الرماحية”، مبينا أن منطقة الحسكة “أسست بالقرب من مرقد
الإمام أبو الفضل ابن الإمام موسى الكاظم (5 كم شمال شرقي الديوانية).
بحسب تقرير اصوات العراق.
وأفاد أن تسميه الديوانية “أطلقت على ديوان أحد شيوخ عشائر قبيلة
خزاعة الذي أسسه على جانب نهر الديوانية أو نهر الحلة ثم توافد أفراد
القبيلة وأقاموا مواقعهم وتوسعت وصارت بلدة الديوانية وكان ذلك في
أوائل القرن الثامن عشر وبالتحديد 1703م ثم تواصل الاعمار والبناء
والاستيطان وامتد للجانب الأيسر من شط الديوانية.
وتابع “تنقلت هذه البلدة في موقعها الإداري بين قرية ثم مركز لناحية
ثم مركز قضاء ثم لواء”، وأردف أن السلطات العثمانية “ارتأت لهذه البلدة
أن تكون مكانا عسكريا لفرض السيطرة على العشائر المعروفة بقوة شكيمتها
وبأسها ومناهضتها للسلطة العثمانية لأسباب متعددة أبرزها الضرائب
العالية التي تفرضها السلطات والخلاف المذهبي وهكذا أسس موقع عسكري
للجيش العثماني في الديوانية تدرج بحيث أضحى علامة من علامات وجود
السلطة في هذه المنطقة.
واستطرد د.الجابري “لقد أصبحت الديوانية قرية حولت عام 1857 إلى
قضاء تابع للواء الحلة واستمرت حتى عام 1893 إذ تحولت بعدها إلى لواء
وصارت الحلة قضاء تابعا للديوانية”، وزاد “يبدو أن الزخم العشائري
بالديوانية وقلتهم في بلدة الحلة كان السبب وراء ذلك واستمر ذلك حتى
قيام الحرب العالمية الأولى 1914 وقيل إنه خفض مرتبة لواء الديوانية
إلى قضاء ثم أعيد إلى قضاء عام 1922 ويعتبر شهر حزيران البداية الأولى
الحديثة لرفع قضاء الديوانية إلى مرتبة لواء ولا تزال ملفات وسجلات
الديوانية تذكر ذلك التاريخ”.
وقال د.الجابري “وقعت الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 وهكذا
ارتأت السلطة في بغداد أن تمجد بلدة الديوانية وتذكر الإيرانيين
بالتاريخ الإسلامي حيث كانت معركة القادسية الأولى على مقربة من
الديوانية الحديثة”.
وذكر أن عقد الثمانينيات يعد البداية الحقيقة لتسمية القادسية،
منوها إلى أن التسمية الأقدم هي الديوانية التي كانت موجودة طيلة المدة
الزمنية الماضية.
من جانبه قال محافظ الديوانية سالم حسين علوان لوكالة أصوات العراق
إن تسميه الديوانية “تمثل خيار أهل المحافظة ومجلسها وحكومتها المحلية”،
معربا عن اعتقاده أنها “التسمية المناسبة للمحافظة لاسيما أنها
الحقيقية والأصيلة”، بحسب تعبيره.
وأضاف أن لدى مجلس رئاسة الجمهورية “تحفظات على هذه التسمية لأنها
تعتقد أن تعديل التسمية يجب أن يكون بمصادقة البرلمان، لافتا إلى أن
على المجلس تلبية إرادة أهالي الديوانية لاسيما أن تسمية القادسية تعود
إلى حقبة مظلمة من تاريخ العراق، بحسب قوله.
وقال “نعلم إن رئاسة الوزراء جهة تنفيذية وعليها تنفيذ التسميات على
وفق القانون”، لافتا إلى أن رئيس الوزراء نوري المالكي “أبدى استجابته
الأولية لرغبة أهالي الديوانية ووعدني بالمساعدة بذلك.
وأفاد أن الكتب التي تصدر إلى دوائر المحافظة “تذكر فيها تسمية
الديوانية أما الخارجية ومنها كتب رئاسة مجلس الوزراء فنعتمد فيها
تسمية القادسية لأننا ملزميين بالتسمية القانونية.
إلى ذلك قال رئيس مجلس المحافظة جبير الجبوري إن الديوانية “تعني
المضيف والجود والكرم والأصالة، مضيفا في الدول الأخرى تعني كلمة
الديوانية “المكان الذي يستقبل فيه الضيوف.
وذكر أن الديوانية “أهلا للكرم وجاءت تسميتها بناء على ديوان حمد ال
حمود أحد شيوخ قبيلة خزاعة الذي أسس مدينة الديوانية الحالية وهي مدينة
الحسكة (الفطنة والنباهة)، مبينا أن أهالي الديوانية مصريين على هذه
التسمية تماما.
وأضاف أن مجلس محافظة الديوانية السابق والحالي “أصدر قرارات
بالإجماع على تغيير اسم القادسية إلى الديوانية، مناشدا مجلس رئاسة
الجمهورية لـ”تلبية رغبات أهالي الديوانية وإعادة التسمية القديمة
والأصيلة إليها”.
وقال المواطن عباس إياد إبراهيم إن التسمية “الصحيحة للمحافظة هي
الديوانية وليس القادسية، مضيفا أنها تسمية تاريخية “أطلقت على ديوان
مؤسس المدينة وهو شيخ عشائر الخزاعل حمد ال حمود وما كان معروفا به من
كرم وشجاعة وحسكة (الفطنة والنباهة).
وذكر إبراهيم أن تسمية القادسية “دخيلة على المحافظة ولا تمت لها
بأي صلة، منوها إلى أن منطقة القادسية التي جرت بها المعركة المعروفة
بين المسلمين والفرس في العصر الإسلامي “تقع في ناحية تابع لمحافظة
النجف حاليا بالقرب من بلدة المشخاب (35 كم شرق النجف).
وناشد إبراهيم الحكومة المركزية بـ محو “آثار العدوان عن الاسم
الأصلي لمحافظتهم وإطلاق تسمية الديوانية عليها مجددا”، موضحا أنها
تسمية نفخر بها على باقي المحافظات العراقية لأنها تدل على الكرم
أهالينا وشجاعتهم، بحسب رأيه. وتقع مدينة الديوانية، مركز محافظة
الديوانية، على مسافة 180 كم جنوب العاصمة بغداد. |