تجاذبات العملة الخضراء: غرق الدولار في سلّة العمُلات

مناقشات خليجية لاستبدال الدولار ومجموعة السبع تؤكد دعمها له

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: شهدَ سعر صرف الدولار الأمريكي انخفاضاً ملحوظاً بعد نشرِ صحيفة بريطانية تقريراً على صدر صفحتها الأولى مفاده أن بعض دول الخليج تجري محادثات سرية لاستبداله كعملة رئيسية في تعاملاتها النفطية.

وفي غضون ذلك قال وزير المالية الايراني انه بحث مع دول اخرى امكانية التحوّل عن الدولار في تجارة النفط في مناسبات متفرقة لكنه قال ان مثل هذه الخطوة ستتطلب اتفاقا واسعا.

وبعد موجة الدعايات والشائعات تلك، حققت العملة الخضراء أعلى مكاسب لها أمام اليورو منذ أربعة أشهر، بعد تلقي الدولار دفعة قوية من قادة مجموعة السبع الذين شددوا على أن قوة العملة الخضراء ضرورة للاقتصاد العالمي.

دول خليجية تناقش سراً لاستبدال الدولار

ونقلَ تقرير أوردته صحيفة بريطانية أن دولاً عربية بدأت تحركات سرية مع روسيا والصين واليابان وفرنسا لوقف استخدام الدولار الأمريكي في تسعير النفط.

وجاء التقرير الحصري لمراسل صحيفة "إنديبندنت" البريطانية، روبرت فيسك، تحت عنوان "زوال الدولار"، إن دولاً عربية خليجية تخطط للتحول نحو سلة عملات منها: "الين الياباني واليوان الصيني والعملة الأوروبية الموحدة - اليورو - بالإضافة إلى عملة خليجية موحدة تعتزم دول مجلس الخليجي التعاوني، باستثناء الإمارات وعُمان، إصدارها كعملات للإتجار بالنفط.

وذكر التقرير أن مباحثات سرية في هذا الصدد عقدت بين وزراء مالية ومحافظي المصارف المركزية في روسيا والصين واليابان والبرازيل.

ونقلت الصحيفة البريطانية أن مصادر خليجية وأخرى مصرفية صينية في هونغ كونغ أكدت لها وجود مخطط لإنهاء تسعير النفط بالدولار، وهو الأمر الذي قد يفسر الارتفاع المفاجيء في أسعار الذهب. بحسب سي ان ان.

وتوقعت الصحيفة أن ينبري الأمريكيون، وهم على علم بالاجتماعات لكن ليس التفاصيل، للتصدي بقوة لهذه "المؤامرة الدولية" من حلفاء أوفياء، حتى اللحظة، هم اليابان ودول الخليج، على ما أورد التقرير.

ويذكر أن إيران كانت قد أعلنت في ديسمبر/كانون الثاني 2007 عزمها تسعير نفطها باليورو بسبب تراجع أسعار صرف الدولار وتذبذب مستوياته مع أزمة المال الأخيرة، إلى جانب الخلافات السياسية مع واشنطن، والتي دفعتها إلى التصريح بضرورة وجود عملة احتياط دولية جديدة.

وزير مالية ايران: التحوّل عن الدولار يحتاج اتفاقا واسعا

وفي غضون ذلك قال وزير المالية الايراني شمس الدين حسيني انه بحث مع دول اخرى امكانية التحول عن الدولار في تجارة النفط في مناسبات متفرقة في الماضي لكنه قال ان مثل هذه الخطوة ستتطلب اتفاقا واسعا.

وقال حسيني للصحفيين على هامش الاجتماعات نصف السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي انه لم يعقد محادثات من هذا النوع في الايام القليلة الماضية.

واضاف من خلال مترجم "بعض الدول تقبل هذه الفكرة حاليا." واستدرك قائلا "لكن هذا واحد من الموضوعات التي تحتاج مزيدا من المناقشات وان يتفق الجميع عليها."

واوضح حسيني ان ايران توافق على فكرة تحويل تجارة النفط الى سلة عملات بسبب ضعف العملة الامريكية. بحسب رويترز.

وقال "نعتقد عموما ان هيمنة الدولار على اقتصاد العالم تضر بالجميع... لسنا وحدنا من يعتقد هذا."واضاف حسيني ان ايران جنت ارباحا بمليارات الدولارات وتجنبت خسائر بتحويل احتياطياتها من الدولار الى اليورو وعملات اخرى.

وتابع وزير المالية الايراني ان العقوبات الامريكية والضغوط التي تمارسها واشنطن على المجتمع المالي الدولي لقطع علاقاته مع طهران ليس لهما تاثير يذكر اذ ان كثيرا من الشركات الاجنبية تدرك فرص تحقيق أرباح من التجارة مع ايران.

انخفاض سعر الدولار خوفاً من استبداله

ونتيجة للتسريبات الخبرية شهدَ سعر صرف الدولار الأمريكي انخفاضا ملحوظا بعد نشر صحيفة الإندبندنت البريطانية تقريرا على صدر صفحتها الأولى مفاده أن بعض دول الخليج تجري محادثات سرية لاستبداله كعملة رئيسية في تعاملاتها النفطية.

فقد كشف تقرير الإندبندنت، الذي جاء بعنوان مصرع الدولار ، أن كلا من السعودية والإمارات العربية المتحدة منخرطتان في محادثات مع روسيا والصين واليابان وفرنسا بشأن خطة استبدال الدولار. إلا أن السعودية سارعت إلى نفي صحة ما جاء في تقرير الإندبندنت قائلة إن التقرير عارٍ عن الصحة تماما.

كما نفت الكويت بدورها صحة ما جاء في تقرير الإندبندنت، إذ قال الشيخ أحمد عبد الله الصباح، وزير النفط الكويتي: نحن لم نناقش أو نقترح ذلك أبدا.

فقد تسبب نشر التقرير بارتفاع سعر صرف اليورو أمام الدولار بمعدل 0.5 بالمائة ليصل إلى مستوى 1.4727 دولارا لليورو الواحد.

أما الجنيه الإسترليني، فقد ارتفع بمعدل 0.4 بالمائة أمام الدولار الأمريكي، ليعود ويسجلا انخفاضا مرة أخرى في وقت لاحق. فقد وصل سعر صرف الجنيه إلى 1.5991 دولارا قبل أن يعود ويستقر عند سعر 1.5910 دولارا للجنيه.

مجموعة السبع تدعم الدولار

وبعد موجة الدعايات والشائعات عن نية بعض الدول التحول من الدولار، حققت العملة الخضراء أعلى مكاسب لها أمام اليورو منذ أربعة أشهر، بعد تلقي الدولار دفعة قوية من قادة مجموعة السبع الذين شددوا على أن قوة العملة الخضراء ضرورة للاقتصاد العالمي.

وتعهد وزراء مالية مجموعة السبع في اجتماعهم باسطنبول بالدفع نحو "دولار قوي"، وقال وزير الخزانة الأمريكي، تيموثي غيثنر "إن الإدارة الأمريكية ستبذل قصارى جهدها للحفاظ على الثقة بالعملة الخضراء. وأضاف: وهذا يتضمن كبح عجز الموازنة.. من المهم للغاية للولايات المتحدة احتفاظ الدولار بقوته.."

وبدورها، قالت وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاجارد، قبيل الاجتماعات التي تمهد للاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في اسطنبول، حول قوة العملة الأمريكية: "يحتاج الجميع إلى دولار قوي."بحسب سي ان ان.

ومن جانبه نفى وزير المالية الياباني، هيروهيسا فوجي، دعم بلاده سياسة ين قوي في مواجهة الدولار، وفق وكالة "كيودو" اليابانية.

وناقش وزراء مالية مجموعة السبع ما يمكن ان تسببه المؤشرات السلبية من أكبر اقتصاد في العالم على عملية التعافي من الركود في الاقتصاد العالمي.

ومنذ مطلع مارس/آذار، فقد الدولار 14 في المائة من قيمته أمام سلة سبعة عملات رئيسية.

وعاد الدولار المعتمد كعملة مرجعية في العالم إلى الارتفاع الأسبوع إثر صدور مؤشرات أميركية سيئة بالنسبة إلى الوظائف.

فقد أظهرت الأرقام الرسمية ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل في أمريكا في سبتمبر/أيلول الفائت، بقدر أكبر من المتوقع، إذ وصل عدد من فقدوا وظائفهم إلى 263 أف خلال الشهر الماضي، لتصل نسبة البطالة إلى أعلى معدلاتها في 26 عاما عند 9.8 في المائة.

وبعدما ارتفع سعر الدولار في نهاية 2008 مع اندلاع الأزمة الاقتصادية، عاد إلى الهبوط تدريجيا طوال العام الحالي بموازاة تسجيل انتعاش اقتصادي، ما سمح لليورو بتخطي عتبة 1.45 دولار مجدداً في سبتمبر/أيلول، وذلك للمرة الأولى منذ كانون الأول 2008.

وجاء اجتماع وزراء مالية مجموعة السبع، التي تضم أكبر اقتصادات العالم، السبت في ظل قمة "مجموعة العشرين" في مدينة "بيتسبرغ" الأمريكية الأسبوع الماضي.

واستبق مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأمريكية الاجتماع بالإشارة إلى أن أجندة المجموعة ستركز على متابعة القرارات المتخذة خلال قمة "مجموعة العشرين" في  وسبل تطبيقها.

ويرى بعض المحللين أن الولايات المتحدة تحرص على انخفاض قيمة عملتها لتنشيط صادراتها على حساب الصادرات الأوروبية.  

الدولار يتراجع من جديد

ومجددا تراجعَ سعر الدولار مع استمرار ارتفاع أسعار الاسهم العالمية مما ساعد في تعزيز الطلب على العملات التي يرى المستثمرون انها تنطوي على درجة أكبر من المخاطر في حين تترقب الاسواق بيانات النمو الامريكي في وقت لاحق. بحسب رويترز.

واقترب مؤشر الدولار الذي يقيس سعره أمام ست عملات رئيسية من أدنى مستوياته خلال العام الذي سجله في وقت سابق هذا الاسبوع في حين تدعمت الاسهم الاوروبية بصعود الاسهم الاسيوية وسط توقعات بأن الاقتصاد العالمي قد يكون بدأ في السير على طريق الانتعاش.

وكانت نتائج أعمال الشركات القوية قد أثارت موجة ارتفاعات في أسعار الاصول ذات العائدات المرتفعة هذا الشهر مع تزايد الاقبال على المخاطر مما أضر بالدولار وأفاد عملات مثل الدولار الاسترالي واليورو والاسترليني.

وقال المحللون ان قراءة أفضل من المتوقع لبيانات النمو الامريكي في الربع الثاني قد تدعم الاقبال على المخاطر بدرجة أكبر كما ان اليورو قد يهبط اذا جاءت بيانات التضخم والعمالة في منطقة اليورو المنتظرة في وقت لاحق أضعف من المتوقع.

ونزل مؤشر الدولار 0.3 بالمئة الى 79.037. وكان قد هبط في وقت سابق هذا الاسبوع الى 78.315 وهو أدنى مستوياته خلال العام وأوشك على تسجيل انخفاضا بنسبة 1.3 بالمئة في شهر.

وارتفع الاسترليني والدولار الاسترالي أمام الدولار فاقترب الدولار الاسترالي من أعلى مستوياته في عشرة أشهر البالغ 0.8339 دولار الذي سجله في وقت سابق من الاسبوع الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 11/تشرين الثاني/2009 - 21/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م