شيخُ مكة

أديب أبو المكارم

قُمْ ليلةَ الذكرى لَهُ إِجلالا

 

 

وأفِضْ لهُ دمعَ الوفا شلاَّلا

 

وانشد لهُ حتى الصباحِ قصائدًا

 

 

آياتِ حُبٍّ لحنُها يتعالى

 

واهجرْ منامَكَ، فالعيونُ مدامعٌ

 

 

عبرى، فصَاحِ النومُ منكَ مُحالا

 

واسكُبْ فؤادَكَ مِلءَ أقداحِ الجوى

 

 

وأدرهُ، يُطْلعْ أنجُماً وهلالا

 

هيَ ليلةٌ قد عافَها خيرُ الورى

 

 

ومضى لبابِ اللهِ يشكو الحالا

 

قدْ هُدَّ رُكني والقوى، يا سيدي

 

 

مِنْ موتِ (عِمرانَ) الذي لك آلا

 

قد كانَ كهفي والملاذُ ومَنْ حمى

 

 

يا ربِّ دينَكَ حيثُ صالَ وجالا

 

ومضى يُقَدِّمُ، يا إلهي، وُلْدَهُ

 

 

للذَّبِّ لا ينفَكُ عنهُ نِضالا

 

يمشي على دربٍ تعبَّدَ باللظى

 

 

ويقولُ: حُبًّا في الإلهِ تعالى

 

ولأجلِ خاتَمِ رُسلِهِ خيرِ الورى

 

 

مَنْ فيهِ أنوارُ الإلهِ تلالا

 

ومعًا رَبَطنا البَطنَ جوعًا سيدي

 

 

ومعًا تَلَقِّينا أذىً وقِتالا

 

أَ أُلامُ أنْ أبكي دمًا لِمصابِهِ

 

 

وأُقيمَ مأتمَ فقدِهِ أحوالا؟

 

فبحجمِ كُلِّ الفاجِعاتِ إخالُهُ

 

 

فقدُ النصيرِ وكُلِّها تتوالى

 

أ وما كفى فقدي (خديجةَ) مَنْ لها

 

 

في القلبِ عرشٌ ترتقيهِ دلالا؟

 

قد كانَ، يا ربِّي حِمَايَ وناصري

 

 

ويذُوذُ عني يَمنَةً وشِمالا

 

ربَّاهُ فارحمْهُ وعظِّمْ شأنَهُ

 

 

وانشرْ عليهِ في الحِسابِ ظِلالا

 

واجعلْ لهُ الجنَّاتِ أجرًا سيدي

 

 

وأذِقْهُ كوثَرَها المَعِينَ زُلالا

 

 

***

 

هذا هوَ الفادي الرسولِ ومَنْ لَهُ

 

 

دمعُ النُبوةِ والإمامةِ سالا

 

هذا أبو الأحرارِ (عمرانَ) الذي

 

 

وفَّى، وكانَ إلى التُقاةِ مِثالا

 

أ يُقالُ عنهُ قضى ولَمْ يؤمنْ بِمنْ

 

 

خلَقَ السماءَ وثبَّتَ الأجبالا؟

 

وجزاؤهُ في النارِ ضَحْضاحٌ بِهِ

 

 

تَغلي دِماهُ ويشتكي الأهوالا!

 

يا ليتَ شعري هل تمسُّ النارُ مَنْ
*

 

أضفى الإلهُ عليه منه جلالا!

 

الكاشفُ الكُرباتِ عن طه ومَنْ

 

 

فدَّاهُ عُمْرًا عِزَّةً وعيالا

 

فلمَنْ، إذاً، تلكَ الجِنانُ وبردُها؟

 

 

ومَنْ الحَقيقُ تَرى بذاكَ مَنالا؟

 

ساويتُموهُ والذي (تَبَّتْ يدا

 

 

هُ) وزِدتموهُ لعنةً ووبالا

 

يا ويحكمْ هذا الذي نصرَ الهُدى

 

 

ونبيَّهُ، وبِكُلِّ صِدقٍ قالا:

 

(وَ لَقدْ عَلِمتُ بِأنَّ دِينَ مُحمَّدٍ

 

 

مِنْ خيرِ أديانِ) السماءِ كَمَالا

 

 

***

 

يا شيخَ مَكَّةَ، قدْ وَفيتَ فهذهِ

 

 

حورُ الجِنانِ سَعَتْ إليكَ وصالا

 

وبلغتَ أُفقَ الهديِ والتقوى فها

 

 

قدْ صِرتَ بدرًا يستَفيضُ جَمالا

 

وَتَزيْنُ أُفقَكَ أنجمٌ قد صِغتَها

 

 

سَيَظَلُّ فينا هديُها يتلالا

 

* نيوكاسل ـ أستراليا

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/تشرين الثاني/2009 - 18/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م