شبكة النبأ: وصفَ كتاب ومحللون كُرد
ظهور خلافات بين الحزبين الرئيسيين في اقليم كردستان بأنها نتيجة للخلل
في التوازن بينهما الذي ظهر عقب الانتخابات البرلمانية في الاقليم،
مشيرين الى ان التجاذبات حول منصب نائب رئيس الوزراء العراقي قد تؤثر
على اجواء تشكيل الحكومة القادمة، محذرين من تداعيات التشتت الكردي على
ضمان منصب رئيس الجمهورية في الدورة القادمة.
الكاتب السياسي هفال زاخويي، اشار الى وجود خلافات بين الحزبين
الكرديين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، تعود الى المنافسة
على الامتيازات والمناصب وبوجود تقاطع في المصالح وحالة من عدم الثقة
بينهما.
وقال زاخويي، الخلافات الموجودة بين الحزبين الكرديين هي نتيجة
للمنافسة والصراع على الامتيازات وتوزيع المناصب، ولبعض الخلافات عمق
تاريخي وعقائدي، لذا ارى ان التحالف الاستراتيجي والتفاهم المعلن لن
يلغي التناقض والتضارب في التطلعات والرؤى والمصالح الموجودة.
وكان مراقبون قد اشاروا الى وجود خلافات بين الحزبين الكرديين
الرئيسيين حول منصب نائب رئيس الوزراء العراقي قد تلقي بظلاها على
تشكيل الحكومة القادمة من قبل الحزبين اللذين فازا بـ 59 مقعدا من
مقاعد البرلمان الكردستاني المؤلف من 111 مقعدا، في الانتخابات
البرلمانية التي جرت في تموز يوليو الماضي.
وأشار زاخويي، الذي يترأس تحرير صحيفة الاهالي الليبرالية، الى وجود
خلافات حول توزيع المناصب الى جانب التباين في الرؤى والمصالح وحالة
عدم الثقة بين الجانبين، مبينا “هذه مسألة حساسة وخطيرة وهي حالة قديمة
جديدة. بحسب تقرير اصوات العراق.
وأضاف، الحزبان سيشكلان حكومة خلال اسابيع لكنها لن تكون حكومة قوية
لعدة أسباب، فبرهم صالح لا يحظى بالدعم الشعبي ولا يمتلك آليات تمكنه
من اجراء تغيير جذري في بنية المؤسسات الحكومية الغارقة في
البيروقراطية، وسبق له ان شغل هذا المنصب في حكومة السليمانية دون ان
ينجح مع انفراد حزبه بالسليمانية انذاك فكيف الأمر حالياً بوجود شريك
له هو الحزب الديمقراطي”، منوها “التسريبات تتحدث عن ابقاء اغلب
الوزراء الاساسيين في مناصبهم، فكيف يمكن تحقيق تقدم في العمل”.
ولفت زاخويي الى ان “المعارضة التي يقودها نوشيروان مصطفى عبر كتلة
التغيير ستطارد أخطاء الحكومة وقد اعلنت أنها تمتلك الكثير من الأدلة
والوثائق حول الفساد في الادارة التي كان يرأسها برهم صالح وعمر فتاح
في السليمانية.
وتملك كتلة التغيير التي يقودها النائب السابق للامين العام للاتحاد
الوطني نوشيروان مصطفى الى جانب قيادات اخرى منشقة عن الاتحاد، 25
مقعدا في البرلمان الكردستاني، وتسعى لتشيكل معارضة برلمانية فعالة هي
الأولى من نوعها في كردستان.
وحذر زاخويي من احتمال أن “تؤدي الخلافات وحالة التشرذم الكردي الى
اضاعة منصب رئاسة الجمهورية من الاكراد لصالح منافسين من العرب السنة”،
قائلا “وفقا لسياسة المحاصصة والتفاهمات بين الكتل النيابية قد يكون
حصول الكرد على منصب رئاسة الجمهورية ممكناً، وقد يغدو تقليداً في
العراق على غرار الحالة اللبنانية، لكن من جانب آخر ربما يؤدي التشرذم
الكردي الى فقدانهم للمنصب، لافتا الى ان مام جلال دخل مرحلة من العمر
قد لا تؤهله لشغل هذا المنصب مع عدم وجود بديل بامكاناته.
وزاد “سيكون لفقدان الكرد لمنصب الرئاسة تاثيرات على التوازنات،
وعلى التفاهمات بين الحزبين الرئيسيين التي يبدو انها مرشحة لنقاش ساخن
ظهرت اولى مؤشراته مع المنافسة على منصب نائب رئيس الوزراء العراقي
الذي كان يشغله برهم صالح، منوها “كان للحزبين تجربة صراع مريرة في
الماضي، وساهم توزيع المناصب بين الحزبين في بغداد واربيل في التخفيف
من الخلافات الى حد كبير.
وتسعى القوى العربية السنية للحصول على منصب رئيس الجمهورية الذي
يشغله الزعيم الكردي جلال الطالباني، وقد اعلنت عدة شخصيات سنية رغبتها
في المنافسة والترشح لتولي المنصب، معتبرة ان هوية العراق العربية تفرض
وجود رئيس عربي.
من جهته رأى المحلل والكاتب السياسي أمين يونس ان التوازن السابق
بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني قد إختل بعد نتائج الانتخابات
الأخيرة.
وقال “توقع الكثيرون بعد ظهور نتائج الانتخابات الاخيرة في الاقليم
والتي سجلت تراجعا للاتحاد الوطني الكردستاني لصالح قائمة التغيير، ان
يختل التوازن الذي كان موجوداً سابقاً بين الحزب الديمقراطي والاتحاد
الوطني، والذي كان قد فرض الاتفاق الاستراتيجي بينهما.
وكان الحزبان الكرديان الرئيسيان قد فقدا قرابة عشرين مقعدا في
البرلمان خلال الانتخابات الماضية، مع تراجع شعبية الاتحاد الوطني الذي
ذهبت غالبية اصواته لكتلة التغيير، وهو ما شكل خللا في التوازن بين
الحزبين.
وأضاف “الان يريد الديمقراطي ان تكون له حصة اكبر من الوزارات في
التشكيلة الحكومية الجديدة ويضغط لتكون ولاية برهم صالح لسنتين فقط لا
لأربع سنوات، وفي بغداد يشعر الديمقراطي بانه يستحق منصب نائب رئيس
الوزراء، ومن الطبيعي ان الاتحاد الوطني لن يرضخ بسهولة لهذه المطالب،
ولهذا نرى التجاذبات الحالية التي ستأخر تشكيل الحكومة في اربيل وملأ
فراغ منصب نائب رئيس الوزراء في بغداد”.
وكانت مصادر كردية قد نقلت ان الحزب الديمقراطي رشح القيادي في
الحزب فاضل ميراني لشغل منصب نائب رئيس الوزراء، فيما رشح الاتحاد
الوطني فؤاد معصوم للمنصب، باعتبار ان المنصب هو من حصة الاتحاد وليس
من حصة الحزب الديمقراطي.
وتابع “عمليا الحزبان في مرحلة اعادة صياغة الاتفاق الاستراتيجي
الذي ليس من مصلحتهما انهياره، وهما في حاجة لامتصاص المشاكل وتقديم
تنازلات للمضي في الشراكة وتشكيل الحكومة التي ستواجه صعوبات في توزيع
المناصب الرئيسية على الحزبين والمكونات الأخرى من مسيحيين وتركمان”.
ولفت يونس الى ان الحزبين تنتظرهما تحديات كبيرة تحتاج الى توافق
“فلضمان منصب رئاسة الجمهورية سيحتاجان الى تمتين تحالفهما المشترك
والاتفاق مع بقية الاطراف الكردية والتفاهم مع اطراف عراقية لضمان
تأييدها، مع حقيقة ان خسارة المنصب ستعني من جهة تراجع نفوذ الكرد في
بغداد ومن جهة ثانية انتقال القيادات الكردية من بغداد الى الاقليم
لتنافس على المناصب فيه.
وزاد يونس “العرب السنة يسعون للحصول على المنصب وهناك عدة مرشحين،
بينهم طارق الهاشمي الذي خرج من الحزب الاسلامي رغم عدم وجود خلافات
فكرية معه ليطرح نفسه كشخصية سياسية فوق الميول والتوجهات الحزبية بما
يجعله المرشح الأكثر قبولا لدى العرب السنة”، مشيرا الى ان “التحالفات
هي التي ستحدد لمن سيذهب منصب رئاسة الجمهورية، والكرد هنا في حاجة
للتحالف مع الاطراف الشيعية خاصة مع احتمال تراجع عدد مقاعدهم في
البرلمان القادم.
وعبر يونس عن قناعته بقدرة الحزبين الرئيسيين على تجاوز مشاكلهما
وتشكيل حكومة خلال اسبوعين استعدادا لدخول مرحلة الانتخابات القادمة،
قائلا “ربما ستكون هناك عوائق لكن في النهاية عليهما الاتفاق على تشكيل
الحكومة وترشيح بديل لصالح في بغداد”، منوها “أي تأخر في البت بالأمرين
سيضر بالمصالح الكردية الداخلية والمشاكل المعلقة مع الحكومة
الاتحادية”.
فيما استعرض الكاتب السياسي احمد ميرة، جملة نقاط خلافية بين
الحزبين ظهرت عقب نتائج الانتخابات الاخيرة في الاقليم وعلى رأسها
توزيع المناصب السيادية بعد حصول الاتحاد الوطني على منصب رئيس حكومة
الاقليم وفقا للاتفاق الاستراتيجي.
وقال ميرة، الذي يتراس تحرير مجلة لفين، لوكالة اصوات العراق ان
“الخلافات بدات بعد ظهور نتائج الانتخابات الكردستانية واتضاح ان
الاتحاد الوطني لم يحصل على غالبية اصوات محافظة السليمانية، حينها
شعرت القواعد الجماهيرية للحزب الديمقراطي بالغبن”، فكيف يتم توزيع
المناصب بالتناصف فيما فقد الاتحاد الكثير من اصواته.
واضاف ميرة ان “اعادة تنظيم الحكومة وخفض عدد وزاراتها يعرقل
تشكيلها، لأن دمج الوزارات بحد ذاته يعقد مهام رئيس الحكومة المكلفة،
في وقت تسعى القائمة الكردستانية الى تشكيل حكومة ذات قاعدة واسعة عبر
اشراك اكبر عدد من الاطراف بما فيها كيان المستقبل والحزب الاشتراكي
الكردستاني، كما ان مكوني التركمان والمسيحيين يطالبان بمشاركة فعالة
في الحكومة وعبر وزارات مؤثرة وليس مجرد مشاركة شكلية، وكل ذلك يصعب
تشكيلها”.
وكانت الحكومة السابقة تضم أكثر من اربعين وزارة وتعاني من ضعف
الأداء والترهل، فيما أعلن مسؤولون في الحزبين ان الحكومة القادمة
ستتألف من نحو 20 وزارة فقط من اجل تفعيل عملها.
وتابع ميرة “ان عدم تحديد شخص لمنصب نائب رئيس الوزراء ببغداد
انعكاس للخلافات بين الحزبين، خاصة ان الاتفاق الاستراتيجي بين الحزبين
يشير الى ان المنصب من حصة الاتحاد ولكن الحزب الديقراطي يطالب به”.
وخلص ميرة الى القول “في النهاية اعتقد ان الحزبان سيتفقان على
معالجة النقاط الخلافية والمشاكل بينهما لأن ذلك مرتبط بمصالحهما
الحزبية”.
الكاتب والناشط في مجال المجتمع المدني عبد السلام مدني وصف الجدل
الدائر وما يثار من كلام عن وجود خلافات بـ”نتاج وجودين للاتحاد الوطني
واحد سابق للانتخابات واخر لاحق لها.
وقال مدني لوكالة اصوات العراق ان “نتائج الانتخابات أفرزت معطيات
جديدة أثرت على موازين القوى في الاقليم، اليوم الحزب الديمقراطي يشعر
بتفوقه العددي وتماسكه السياسي اكثر من الاتحاد الوطني الذي يمر بمرحلة
مخاض ويعيش في تصورات ما قبل انشقاق قائمة التغيير عنه والوقائع تقول
شيئا اخر.
واوضح “الانتخابات بما افرزته من نتائج وضعت الحزب الديمقراطي امام
قراءة جديدة للمشهد السياسي تشير الى انه قدم تضحية كبيرة لشريكه
الاتحاد لان اغلب الاصوات التي حصلت عليها القائمة الكردستانية التي
ضمت الحزبين كانت اصواته، كل ذلك يضعنا في اجواء الحوار والعلاقة
المرتبكة بين الطرفين في هذه المرحلة.
وتابع “تطور اداء قائمة التغيير والتزامهم بوعودهم الانتخابية
وتطبيق برنامجهم الانتخابي الاصلاحي وحفاظهم على شعبيتهم سيؤثر على قوة
حضور الاتحاد الوطني بشكل خاص وعلى التوازنات القائمة عموما، وبالتالي
على الشراكة بين الحزب الديمقراطي والاتحاد.
وعن تشكيل الحكومة والشراكة قال مدني “الجدل الدائر بكل تداعياته
بما فيها تاخر تشكيل الحكومة هو نتاج وجودين للاتحاد الوطني، وجود سابق
لانشقاق قائمة التغيير ووجود لاحق له، وهو ما يفرض توصل اصحاب القرار
في الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الى تفاهم حول التعامل مع اي صورة
للاتحاد”، مبينا من “الواضح ان الحزب الديمقراطي يريد ان يقول ان
الاتحاد الوطني شريك جيد ولكنه ليس الاتحاد الوطني الذي عهدناه بعد كل
الاصوات والقيادات التي خسرها، لكن الاتحاد مايزال غير مقتنعا بالواقع
الجديد.
ومضى قائلا “الحزبان سيتفقان على تشكيل حكومة جيدة، فليس من سبيل
اخر لكسب اصوات في الانتخابات القادمة، وان لم يفعلوا فهذا معناه وجود
اشكالية كبيرة في العقلية التخطيطية للقائمة الكردستانية.
وعن حظوظ الجانب الكردي في الاحتفاظ بمنصب رئاسة الجمهورية قال
“القوى العربية السنية تريد لمن يجلس على كرسي رئاسة العراق ان يكون
عربيا سنيا، هذا الموقع بالنسبة لهم مرتبط بمفهوم هوية العراق وملامحه
وانتمائه ولذلك سيكون محور منافسة، لكن ربما يتخلون عنه للطرف الكردي
ان بقي المنصب رمزيا وفق صلاحياته الحالية وان ترشحت له شخصية مثل جلال
الطالباني تركت بصمة جيدة.
واستطرد مدني “سيكون افضل للكرد ان لا يفقدوا موقع رئاسة الجمهورية،
لأنه يضمن الكثير من التوازانات ويعالج الخلافات على المستويين
الاقليمي والوطني.
وكانت رئاسة إقليم كردستان قد نفت وجود خلافات بين الحزبين الكرديين
الرئيسيين وقال موقع الرئاسة أن “منصب نائب رئيس الوزراء العراقي سيتم
إقراره من قبل رئيس الاقليم مسعود البارزاني، وليس له علاقة بأي شخص
آخر. ودعا الموقع، الجميع بعدم الإدلاء بتصريحات حول هذه القضية. |