العزوف عن الانتخاب لصالح مَن؟!

رؤية في مشهد الانتخابات القادمة

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: يتداول المواطنون العراقيون كلمة او جملة أصبحت شبه شائعة بينهم، مفادها أن المواطن العراقي المؤهل للانتخاب سوف يمتنع عن الادلاء بصوته في الانتخابات البرلمانية القادمة التي من المؤمل أن تُجرى في كانون الثاني القادم!!!

ويأتي هذا الفعل او القول كرد متوقع على تردي الخدمات وعدم تطبيق البرامج السياسية التي سبق ان أعلنتها الكتل والاحزاب والشخصيات السياسية التي تصدرت دفة الحكم ولم تف بوعودها التي قطعتها على نفسها قبل الانتخاب.

ولعل هذا القول ينطوي على نسبة كثيرة من الصحة!! فقد أثبتت الوقائع الملموسة فشل السياسيين الذي وصلوا الى مناصبهم الحالية بأصوات الناخبين، على تحقيق النسبة الأدنى مما يستحقه الناخب سواء على المستوى الفردي او الجمعي، ولا نريد ان نخوض هنا في معمعة النواقص التي قد لا تُحصى والتي أصابت الهيكل الحكومي وشلّت قدرته على معالجة الكثير من طلبات الناس المشروعة لاسباب غير خافية وليست صعبة على التشخيص، بيد ان معالجتها تتطلب الكثير من العوامل، اولها التنظيم والزمن وتطبيق القوانين وتغيير منظومة السلوك وما الى ذلك من امور تتطلب الكثير من الصبر والعمل الدؤوب للحد من تلك النواقص الشاخصة.

وعودا على بدء، نقول هل الاسلوب الامثل لمعالجة الوضع السياسي والخدماتي القائم راهنا، يمكن معالجته من خلال مقاطعة الانتخابات القادمة؟!!! بكلمة اخرى هل سيصل الناخب العراقي الى ضالته فيما لو أقدم على مقاطعة الانتخابات؟ وهل تطبيقه لهذه الجملة (الرنانة) التي سبق ذكرها حول المقاطعة، سيقوده بالنتيجة الى تغيير الامور نحو ما هو افضل؟ وهل سيتصدر دفة الحكم قادة كفوؤون قادرون على تقديم اقصى ما يمكن ان يحصل عليه الناخب في ظل دولة غنية مثل العراق يصل احتياطي النفط فيها الى المرتبة الثانية في العالم؟.

إن الاجابة عن هذه السلسلة من الاسئلة تتطلب نوعا من التأني المصحوب بالحكمة والتوضيح، فالامور اذا ما بقيت غامضة فإن معالجتها ستكون صعبة وان الوصول بالناخب العراقي الى درجة الاقناع ستكون مسأله في غاية الصعوبة، لأن السنوات التي اعقبت التغيير السياسي منذ عام 2003 ينبغي ان تكون كافية لبلورة نهج سياسي رزين يقود البلد الى ماهو افضل مما كان عليه قبل هذا التأريخ، وطالنا أن هذا النهج لم يتحقق حتى الآن وأن القادة السياسيين القادرين على خدمة الشعب لم (يتبلوروا) بعد، فما هو الحل المطروح أمام الناخب العراقي؟.

وهنا يتكرر السؤال الذي سبق طرحه، هل الحل يتمثل بمقاطعة الناخب للانتخابات القادمة؟. وهل سيكون تطبيق هذا (التهديد) هو الاسلوب الامثل لمعالجة الاوضاع السياسية القائمة التي لا نستطيع ان نغفل ما صح ورسخ منها؟.

إن ملاحظة سريعة ومتفحصة للمشهد السياسي القائم تشير الى أن تطبيق هذه الجملة التي تتعلق بـ (بمقاطعة الانتخابات) من لدن الناخب العراقي، ستكون بمثابة الخطأ الجوهري الذي قد يقع فيه العراقيون الذين يبحثون عن القادة الاكثر قدرة على نقلهم من حال أسوأ الى حال أفضل، ولعل هذا لا يحتاج الى دقة في التحليل والوصول الى صحة هذا الرأي، فمن يرغب بتغيير قادته السياسيين عليه أن يتدخل بقوة ليؤدي دوره هذا، ولعل صناديق الاقتراع هي (السلاح) الأمثل لتحقيق ذلك.

وبعملية بسيطة سنعرف ومعنا الناخبون، أن المقاطعة تعني صعود القادة الفاشلين انفسهم وتكرار الاخطاء نفسها وتجديد الظلم نفسه وفشل في تحقيق الوعود وتردٍ في جوانب الحياة العراقية عموما، لأن المقاطعة تعني ثبات الوجوه والساسة الذي فشلوا بتحقيق ما يريده العراقي سواء في الخدمات او رفع المستوى المعاشي او تطوير منظومة الثقافة والعمل والسلوك وما شابه.

وبهذا يكون الاقبال على صناديق الاقتراع واختيار مكن هو افضل واقدر هول الحل، وليس المقاطعة.

من هنا ينبغي علينا كعراقيين (من هذه اللحظة) أن نغيّر جملة (مقاطعة الانتخابات) الى جملة (الاقبال على الشديد على الانتخاب من اجل التغيير) ونقصد بالتغيير هنا هو عدم انتخاب اي سياسي سابق فشل في تحقيق ماقاله من وعود قبل ان يصل الى منصبه على اكتاف الناخبين، وحين استقرّ على كرسيه إنشغل عن الناس بمصالحه الفردية او الحزبية او غيرها ونسي الاصوات التي رفعته الى مكانه القيادي الحالي.

هذا هو الحل البديل لما يقوله ويردده الناخبون حاليا، فالصحيح هو الاقبال على الانتخاب من اجل التغيير نحو الافضل وليس العكس، ناهيك عن ان المواطن يعي دوره ويضع بصمته في ترسيخ التجربة الديمقراطية العراقية الجديدة التي ينبغي علينا حمايتها من الاخطار المحيقة بها من الجهات المعروفة والمؤشرة سلفا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/تشرين الثاني/2009 - 15/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م