لا تجعل آثامك وسط المنصة

الذهاب لأقصى الجانب الآخر من المساومة مع النفس والآخرين

عبد الكريم العامري/باحث اجتماعي

شبكة النبأ: يبدو الأمر بالنسبة لك ان العالم كله موجود ليضايقك. هناك سمات فيك تكرهها، أنت تسقط ازدراءك لهذه الصفات داخل عقول الآخرين. تعتقد ولو بغير وعي، أن الآخرين يجب ان يروا هذه العيوب وان يكرهوك أيضا. إنك تفترض وجود زجاجة شفافة تعرض من خلالها عيوبك على باقي الناس ليروها وينتقدوها. هذه المخيلة المفترضة تتعاظم بالشعور بالذنب، ليست عيوبك فقط هي الظاهرة للعيان، لكن مشاعرك بالذنب تجعل آثامك في وسط المنصة ليراها الجميع.

هذا الأمر يجعلك حساسا، هشا جدا لأنك تشعر باستمرار أنك في موقف دفاعي. أي فعل من قبل شخص آخر يمكن أن يفسر على انه اعتداء عليك. لا يمكنك تحمل حقيقة أن أحدا ما يمكن أن يفكر بشكل سيء عنك. فأنت لا تفترض أبدا اللوم او عدم الموافقة في المناقشات لأنك في موقف دفاعي مستمر عن الأنا العليا خاصتك ولا يمكنك احتمال الصدمة حتى من ابسط تهجم عليها. يمكنك أن تصبح عدوانيا وغير متعاون. تشعر بأنه لا يمكنك أبدا التخلي عن وضعك الدفاعي، لأن الآخرين يمكن أن يحاولوا استغلالك.

إذا كنت في الماضي واثقا جدا بالآخرين وتم استغلالك، فإن جنون الارتياب عندك هو نتيجة لأثر راجع. فأنت تنتقل من كونك شخص منفتح، مكشوف الى شخص محترس وحذر. إنها آلية دفاع مستخدمة لكي تتجنب ألم كونك منفتحا وواثقا جدا بالآخرين.

تريد ان تكون متأكدا بشكل مطلق بأن لا يستغلك أحدا أبدا. هذا الأمر يجعلك في مواجهة من أسعار مواد تشتريها او مواقف تقع فيها. أنت لا تريد أن يعتبرك أحد غبيا او أحمقا. لذا فإنك تذهب الى أقصى الجانب الآخر من المساومة، المماحكة حتى على اصغر التفاصيل في المفاوضات.

1ـ انهم لا يتحدثون عني:

عندما تجد نفسك تفكر أن الآخرين يتحدثون عنك، او أن العالم ضدك، كرر جملتك الجديدة: إنهم لا يتحدثون عني. ثم خذ برهة لتدرك كم هي سخيفة مخاوفك. هل تعتقد حقا أنك مهم جدا لدرجة أن ينشغل الجميع بك؟ نمي حسا بالفكاهة بشأن نفسك ومخاوفك. إذا كان بإمكانك أن تضحك على نفسك بلطافة، فقد قطعت شوطا طويلا في تطوير وجهة نظر صحية اكثر نحو الناس وعلاقتك بهم.

إذا وجدت نفسك في موقف دفاعي بسبب الطريقة التي تفسر فيها كلمات وافعال الآخرين، توقف عن ذلك، أعط نفسك لحظة لتتنفس، كرر الجملة الجديدة. ثم اسأل نفسك: ماذا يمكن أن يعني هذا غير ذلك؟ هذا السؤال القوي سيفتح عقلك لتفسيرات أخرى لمعاينة كلمات، أفعال شخص ما، فإن لديك فسحة لتسترخي وتدرس الحالة بدقة. إنك، ببساطة لا تتأثر بالآخرين، بل تسيطر على الأمر.                            

2ـ الشيء الأفضل:

في كل مرة تجد نفسك تتوقع الأسوأ، اسأل نفسك: ما هو الشيء الأفضل الذي يمكن أن يحدث في هذا الموقف؟ خذ بضعة دقائق لتدع خيالك ينطلق، يعرض أعظم نتيجة ايجابية ممكنة. اذا كنت معتادا على النظر الى الجانب المعتم فقط، فقد يحتاج ذلك الى بعض الممارسة. يجب أن تشعر كأكبر متفاءل ثمل في العالم عندما تجيب على هذا السؤال! ثم اسأل نفسك: ماهي النتيجة الحقيقية لهذا الموقف؟ إنك لا تريد أن تكون متفائلا، لا متشائما أيضا. فما تبحث عنه هو السعادة المتوسطة التي تتيح لك أن تأخذ جميع العوامل في الحسبان، تصل الى نتيجة منطقية.

3ـ شارك شخص بفكرة:

قم باختيار شخص ما تشعر انك قريب منه بطريقة ما، تشارك معه بشعور او فكرة تميل لأن تحتفظ بها لنفسك. راقب استجابة ذلك الشخص تجاهك، كيف جعلتك تشعر. هدفك هو أن تكتسب عادة أن تكون اكثر انفتاحا بشأن الأفكار والمشاعر التي أخفيتها سابقا لأنك كنت خائفا من ردة الفعل. السر هو أن تبدأ بداية متواضعة مع الناس الذين يمكنك أن تثق بهم. ستتعلم أنك تستطيع ان تشارك بما يحدث لك، خيرا ام شرا. أن الناس يمكن أن يكونوا متعاطفين، منفتحين، مساعدين. بدلا من إبقاء الناس بعيدين، ستكتشف أنه يمكنك أن تستخدم البصيرة وحسن التمييز لتنمي علاقات مفيدة ستثري حياتك.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 4/تشرين الثاني/2009 - 14/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م