يوزرسيف والاحتلال

حامد الحمراني

قلتُ لصديقي: ان الدكتاتورية قحط سياسي وان الاحتلال قحط وطني وان مفاهيم معبد امون قحط اخلاقي.

قال: انك تبالغ كثيرا في محاولاتك البائسة عندما تقرأ المشهد العراقي على ضوء النموذج الالهي( يوزرسيف)من خلال متابعتك مسلسل  النبي يوسف الصديق.

قلت نعم هناك فارق كبير بين الحقبتين التاريخيتين وهناك فارق اكبر بين من تصدى للعمل السياسي ؛ ولكن قوى الارهاب هي هي فانها دوما يحركها رجال معبد آمون المنحل واعمل على اجهاض المشاريع التحررية التي عادة ما تقام على انقاضها او بعد هزيمتها ؛ ولكن تلك القوى لم تفلح بالتاثير على حاكم مصر بتنحية يوزرسيف او التقليل من شانه بعد هزيمة الكهنة ومعرفة الناس بحقائقهم وسياساتهم الفاشلة طيلة ايام تسلطهم على مصير الشعوب.

واضفت موضحا لصديقي: عندما دب الياس في نفوس الكهنة بداوا يتحركون بشكل انفعالي للقضاء على المكتسبات التي صنعها يوزرسيف ورجاله ؛ ولكن يوزرسيف لم يهتم كثيرا لمحاولاتهم وبدأ منذ توليه السلطة بالاعداد لسنين القحط وتطبيق مشروعه الوطني المتمثل بالاعمار والاهتمام بالبنى التحتية خاصة بناء مخازن( الخبز) وسط رعب رجال معبد امون وسياراتهم المفخخة الذين يريدون ارجاع الوضع الى المربع الاول واشغال يوزرسيف عن مشروعه الوطني.

ولقد لاحظنا ان جل ما يفعله رجال معبد امون سواء في فترة حكم يوزرسيف قبل الميلاد او في القرن الواحد والعشرين بعد الميلاد هو رسالة للمواطنين بان الامن الكاذب في ظل دكتاتوريتهم افضل من حرية الشعوب التي تجلب لهم في بادىء الامر القحط والسيارات المفخخة.

لقد بدا  يوزرسيف مشروعه الوطني الفكري بمجلس الرئاسة المتمثل بامنحوتب الرابع واقناعه بالتخلي عن مفاهيم معبد امون المنحل ومن ثم بدأ وجه لوجه امام الشعب ببياناته خارج المنطقة الخضراء حيث قال لهم بالحرف الواحد : لا حكومة قوية الا بمؤازرة الشعب، ثم التفت الى الملك امنحوتب قائلا ان الشعب لا يؤازر الحكومة الا اذا تيقن من برامجها ومشاريعها وليس شعاراتها البراقة اضافة الى معرفة رجالها النزيهين امثال وزير تجارته الذي استشهد اثناء وجوده قرب المخازن وهو يوزع الحصة التموينية للمواطنين.

لقد احبط يوزرسيف مشروع الكهنة المتمثل ببقائه في المنطقة الخضراء وبالتالي قطع علاقته بالجماهير، حيث زار احياء مصر بيتا بيتا والتقى اهلها فردا فردا، فلم يفكر في اقتناء سيارة مدرعة ولم يسمح لخياله بان يبني له بيتا مرفها  على ( حساب الحكومة)، لقد وضع الناس امام مصيرهم في استفتاء اخلاقي مفتوح، فلم يقل لهم انه نبي مبعوث ومسدد من قبل السماء، وانما هو مصلح عليم امين على مصائرهم،  وان رجاله الذين انتخبهم  فانهم بعيدون عن الاملاءات والمحاصصة والفساد لانهم يؤمنون به وبمشاريعه لخدمة الناس.

ولقد شاهد المصريون يوزرسيف امامهم في اول عملية ارهابية استهدفت بناهم التحتية المتمثلة باحراق المخازن من قبل فادئيي معبد امون، وكيف اشترك يوزرسيف في المعركة واجهض مؤامرات الكهنة بنفسه.

قلت لصديقي ماذا لو توفر ليوزرسيف ثروة النفط ؟ هل سيحتاج الى الماء من دول الجوار ؟ هل سيحتاج الى محكمة دولية للكشف عن جرائم الكهنة؟ هل سيبقى مواطنا واحدا بلا ماوى او عمل ؟

لم يجبني  في باىء الامر، ولكنه اتهمني فيما بعد بالطوباوية والترويج لمنقذ البشرية آخر الزمان.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 1/تشرين الاول/2009 - 11/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م