شبكة النبأ: كنا قد ذكرنا في مقالات
سابقة وذكر آخرون أننا بحاجة الى منظومة سلوك جديدة تتوافق مع أهمية ما
وصل إليه الانسان من رقي الى مراتب أعلى تليق بسعيه الدؤوب والتزامه
بالثوابت الاخلاقية والدينية والسلوكية على وجه العموم.
ولعل آداب الحديث ليست بعيدة علينا ولا هي جديدة في حياتنا او على
تقاليدنا، فقد درسنا ذلك على يد كثير من رجال الدين والمصلحين ودرسناها
ايضا في مناهجنا الدراسية في المدارس الابتدائية وغيرها، ناهيك عن دروس
التربية التي تلقيناها من لدن العائلة كالأب او الام او الاخ والاخت
الكبرى، وقد ترسّخت في اذهاننا معظم الاساليب والاحاديث التي تُستهجَن
من قبل الآخرين، وبذلك صرنا نميز بين الجيد وغير اتلجيد منها واللائق
وغير اللائق منها ايضا.
وهنا يتبادر هذا التساؤل الى الذهن، لماذا ينسى المتحدث الى الآخر
نفسه ولا يشعر بوجود الآخرين قربه حين يتحدث الى طرف ثان بصورة مباشرة
كأن يكون الآخر متواجدا معه في مكان واحد، او بصورة غير مباشرة عبر
الهاتف الارضي او النقال او وسائل الاتصال الاخرى؟!.
ألم نلاحظ مثل هذه الامور تحدث بصورة متكررة في المقهى او الشارع او
السوق او سيارة الاجرة وما شابه؟، فحين يتحدث أحدهم الى شخص يجلس الى
جانبه او قبالته، ينسى في كثير من الاحيان وجود الآخرين المحيطين به
وبالطرف الذي يتحدث إليه، ويرفع صوته ويتكلم بكلمات نابية وخادشة للذوق
او الحياء وما شابه، بل احيانا يتحدث بأسرار بيته او علاقاته او
صداقاته التي لا يجوز أن يعرفها احد غيره!! فتراه يعلن على الملأ كل
هذه الخصوصيات من خلال رفعه لصوته وهو يتحث الى طرف آخر يجلس معه او
يماشيه في الشارع او يتكلم معه عبر النقال (الموبايل) في حافلة نقل
الركاب او المقهى او اي مكان عام آخر، فهو بالاضافة الى كشفه لهذه
الخصوصيات (التي لم تعد كذلك بعد ان يتبرع ويعلنها للجميع) فقد يكون في
هذا السلوك وهذه الاقوال ما يخدش حياء الناس ويتجاوز على ذائقتهم
ونواميسهم، ومع ذلك قد يبقى المتحدث سابرا في غيّه ومصرا على تجاوزه
على الآخرين بصوته العالي وفضحه لخصوصيات ما كان عليه ان يعلنها حتى
لاقرب الناس إليه.
قديما كان يُقال إن الرجال صناديق مغلقة، وهو مثل دارج غير ان كثيرا
من هذه الامثال لم تعد مجدية مع كثير من الناس لا سيما الشباب منهم
والمراهقين على وجه الخصوص، فحين تكون في طريقك الى مركز المدينة في
سيارة الاجرة التي قد تجمع معك عددا من المراهقين الذاهبين الى مدارسهم
او اعمالهم، فإنك ستظطر الى سماع المزيد من الكلمات النابية التي
يتداولها المراهقون من دون ان يعيروا اهتماما لمن معهم من الرجال او
النساء او غيرهم، وحين تعترض على هذا السلوك قد ترمي بنفسك في شبكة صيد
لا يمكن الخلاص منها، بمعنى ربما يتطور الامر الى المشادات ثم العشائر
والفصول او مراكز الشرطو وما شابه.
والحقيقة ان هذا الامر يشير بوضوح الى ضعف التربية العائلية اولا
لمثل هؤلاء المراهقين، ثم ضعف الدور المدرسي نا هيك عن ضعف التوعية
الدينية وغيرها، على ان الامر لا ينحصر بالمراهقين فحسب، فإنك ربما
تواجه بمثل هذه الامور من قبل أناس تجاوزا سن المراهقة الى مراحل اكبر،
فكيف والحال هذه؟!!.
لقد كانت الكياسة واللياقة في الحديث والسلوك ولا تزال من اهم
المواصفات التي ينبغي ان يتحلى بها الانسان بغض النظر عن جنسه او سنه،
ولعل الامر كما ذكرنا مرارا يعتمد بالدرجة الاولى على تربية المحيط
الأصغر (العائلة/ المدرسة/ منطقة السكن/ الشارع/ وما شابه) من هنا أصبح
لزاما علينا أن نشير الى هذه الظاهرة وان نعمل على مقارعتها بالوسائل
المتاحة وكما يلي:
- مضاعفة التوعية الخاصة والعامة في هذا
الاتجاه .
- التنبيه المستمر على أهمية أن يحافظ الانسان على خصوصياته.
- التركيز على عدم خدش الحياء والذائقة عند التحدث بصوت عال.
- إعتماد النبرة الصوتية الملائمة في الحديث وعد اثارة انتباه
الآخرين.
- إعتماد اللياقة والكياسة واحترام المتواجدين قريبا من المتحدث .
- تعليم النشء وتعويدهم على أساليب الحديث المقبولة من لدن الآخرين.
- أن نؤمن جميعا بأن مثل هذه الظواهر رغم قلة أضرارها المباشرة إلا
انها تشكل خطرا جسيما على المجتمع في المنظور القريب او البعيد على حد
سواء. |