شبح مادوف يخيم على لبنان ويسبب حرجا لحزب الله

 

شبكة النبأ: يقول من يعرفون الرأسمالي اللبناني الشيعي صلاح عز الدين انه رجل ورع للغاية ومتواضع جعلت صلاته الوثيقة بحزب الله مسوغاته لا تشوبها شائبة مع ظهور المزاعم بأنه اختلس مدخراتهم.

ويجد الكثير من المستثمرين اللبنانيين الشيعة أن من الصعوبة بمكان تصديق أن هذا المحسن يمكن أن يكون قد احتال عليهم ليستولي على 500 مليون دولار على الاقل وهو مبلغ تافه اذا قورن بمبلغ 65 مليار دولار الذي استولى عليه المحتال الامريكي برنارد مادوف لكن ما فاقمه هو صلته بحزب الله الذي يعتبره أنصاره غير قابل للفساد.

ويقول فؤاد العجمي (36 عاما) وهو مالك مصنع للصلب من قرية الطورا بجنوب لبنان عن اتهامات الاحتيال التي وجهت في وقت سابق هذا الشهر لعز الدين والموجود الان في سجن رومية ومن المقرر ان يخضع لمزيد من الاستجواب في 24 سبتمبر ايلول "كل من يقول انه لص فذلك تقييم غير صحيح."وتشمل الاتهامات اصدار شيكات بدون رصيد.

وقال العجمي "كان فاعلا للخير وربما يكون قد تعرض لانتكاسة مالية... وربما أنشأ استثمارات وهمية لتغطية خسائره لانه لم يرد أن يظهر هذا."

وخسر بعض مسؤولي حزب الله المال مع الرأسمالي الذي يقول العجمي انه كان يحصل منه في البداية على عائدات قيمتها 30 في المئة سنويا. بحسب رويترز.

ومن بين الاوراق القليلة التي احتفظ بها صاحب المصنع شيكان قيمتهما مجتمعين 675500 دولار ارتجعا وطبعت عليهما كلمة "لاغ" باللون الاحمر.

ويقول انه هو شخصيا خسر اكثر من 500 الف دولار مع عز الدين الذي تشمل ممتلكاته شركة سياحة كانت تنظم رحلات للحج.

كان الرأسمالي يعيش في قرية معروب بجنوب لبنان معقل حزب الله الذي استفاد من حسن نواياه في بناء مساجد للشيعة وملعب لكرة القدم.

كما قيل ان عز الدين كان يدفع لاهل قريته فواتير الرعاية الطبية مما عزز الصلة بحزب الله بالنسبة للكثير من الناس. كما يوفر حزب الله شبكة من خدمات الرعاية الاجتماعية من المنح التعليمية الى العلاج الطبي المدعم.وقال العجمي "الحقيقة أن الناس كانوا يضعون اموالهم معه لانه كان يرتدي عباءة حزب الله."

ويتمتع حزب الله الذي تدعمه ايران بسمعة بين أتباعه بأنه يتسم بالامانة الشديدة ومن المعروف أنه عوض السكان الشيعة بجنوب لبنان بحقائب محشوة بأوراق مالية من فئة 100 دولار بعد الحرب التي دارت بين حزب الله واسرائيل عام 2006.

وكانت هذه الصلة مصدر احراج سياسي مما اضطر السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله الى معالجة القضية.وقد نفى اي صلة رسمية برجل المال لكنه وعد بانشاء مركز لمعالجة الازمة لتقييم احتياجات المتضررين.

ونقلت وسائل اعلام محلية عن نصر الله قوله ان حزب الله احد المتأثرين بالازمة لكنه لن يترك الناس ليواجهوا مصائرهم وأضاف أن الحزب يخلق مناخا سيحميهم ماليا وسياسيا وحتى اقتصاديا.

وربما يكون هذا السبب وراء عدم رفع الكثير من المستثمرين المخدوعين حتى الان على الاقل دعاوى قضائية ضد عز الدين وشريكه يوسف فاعور.

وتقول مصادر سياسية ان غطاء عز الدين زال بعد أن اشتبه مستثمر قطري أراد تسعة ملايين دولار في أنه يماطل. وذكر مسؤولون بحزب الله سرا انه يشتبهون في أنه مارس الاحتيال.

وكان جزء من جاذبية عز الدين أنه وعد بعائدات كبيرة على استثمارات قال انها من مشاريع في مجالات النفط والغاز والحديد والصلب خارج لبنان.

ونتيجة لتمتعهم بمبالغ كبيرة من المال في طفرة اعادة الاعمار بعد الحرب وجد الكثير من المستثمرين خطة الثراء السريع جذابة.

وقال العجمي انه استثمر 90 الف دولار في البداية بعد حرب عام 2006 بين حزب الله واسرائيل. وأضاف "كنت أتلقى كل شهرين شيكا قيمته 4950 دولارا... ثم أخبرنا وكيله عن الاستثمار في منجم ذهب ايراني وهو ما سيضمن أرباحا تتراوح بين 20 و25 في المئة في غضون مئة يوم. في 22 اغسطس أعطيته 50 الف دولار وأعطاه صديقي 200 الف دولار." وألقي القبض على عز الدين بعد ذلك بفترة قصيرة.

وقال العجمي "صدمت. قضيت الساعات الاربع والعشرين الاولى وانا اضحك دون أن استطيع السيطرة على نفسي."ويحجم العجمي عن وصف عز الدين بالمحتال لكنه يقول ان سمعته هو نفسه تضررت حيث ان بعضا من اهل قريته عهدوا اليه باستثمار اموالهم.

وقال العجمي "كنا نعتبر ناسا محترمين... الان يعتقد بائع البصل اننا حمقى. نحن مفلسون. اضطررت لرهن بعض ممتلكاتي لارد للناس اموالهم."

ويطل قصر عز الدين الواقع على قمة تل وتحيطه الاشجار ونباتات الجهنمية على حقول معروب الخصبة. ويؤدي طريق خاص حلزوني الى فيلا ضخمة هي خالية الان الا من مصطفى البواب الذي يرعى الدجاج والحمام والطيور والخيول وأحد طيور الباشروس او الفلامنجو.ويقول مصطفى ان جميع الابواب الداخلية للقصر مغلقة بالشمع الاحمر.

والقرية على غرار قرى كثيرة في الجنوب خالية بالفعل الا من فيلات بعدة ملايين من الدولارات يعيش قاطنوها بوجه عام في الخارج ولا يزورون لبنان الا في فصل الصيف.

ويقال على نطاق واسع ان أغلبية من اوائل المستثمرين لدى عز الدين من المهاجرين اللبنانيين الذين لم يكونوا موجودين في الغالب داخل البلاد ليتابعوا استثماراتهم عن كثب.

ويشهد حسين فنيش رئيس بلدية معروب لسمعة عز الدين لكنه قال ان معروب تأثرت بالازمة بشدة حيث خسرت خمسة ملايين دولار. وأضاف أن عودة القرية الى طبيعتها ستستغرق عامين.

وذكرت مصادر سياسية أن البنك المركزي اللبناني حذر بعض المستثمرين منذ بضعة اشهر من عز الدين. لكن يبدو أن كثيرين رفضوا الاصغاء لتحذيره.

وقال الحاج كمال شور الذي خسر هو وابناؤه الثلاثة 1.03 مليون دولار امريكي انه لم يفكر قط في التحقيق في امر الاستثمارات التي دفعوا الى الاعتقاد بأن بعضها في افريقيا او البرازيل بسبب "امانة ونزاهة" عز الدين.

الادعاء على عز الدين بجرم الاختلاس الاحتيالي 

وفي وقت لاحق ادّعى القضاء اللبناني على رجل الاعمال اللبناني صلاح عز الدين الذي اعلن افلاسه ويدين بمبالغ ضخمة لعدد كبير من الاشخاص وعلى موقوف اخر في اطار الملف نفسه بجرم "الاختلاس الاحتيالي" ومخالفات اخرى.

وافادت الوكالة الوطنية للاعلام ان النائب العام المالي بالتكليف القاضي فوزي ادهم ادعى على الموقوفين صلاح عز الدين ويوسف فاعور في "جرائم الاختلاس الاحتيالي واعطاء شيكات من دون رصيد وتعاطي المراباة والاحتيال ومخالفة قانون النقد والتسليف".

واضافت "كما ادعى في الملف على الفارين انيس قانصوه وعلي حبشي وهبة طحينة وعلى محمد بزي وعلي قعيق (...) بذات الملف واحالهم جميعا الى قاضي التحقيق الاول في بعبدا جان فرنيني للتحقيق مع الموقوفين واجراء المقتضى بحق المدعى عليهم من اصدار مذكرات توقيف وما يقتضيه التحقيق في الملف".

وكانت الصحف اللبنانية اطلقت على عز الدين اسم "مادوف لبنان" في اشارة الى رجل الاعمال الاميركي برنارد مادوف الذي حكم عليه في حزيران/يونيو بالسجن لمدة 150 عاما في الولايات المتحدة بتهم الاحتيال وتبييض الاموال والسرقة. بحسب فرانس برس.

وقد بدأ نجم عز الدين يلمع في اوساط الطائفة الشيعية منذ اكثر من عشرين سنة عندما انشأ "حملة باب السلام للحج" التي كانت تنظم رحلات حج الى مكة المكرمة.وبعد ذلك، وسع دائرة اعماله لتشمل "تجارة النفط والذهب والالماس والمعادن" بحسب تقارير صحافية.

وذكرت بعض الصحف قبل فترة ان "مادوف اللبناني، رجل الاعمال القريب من حزب الله صلاح عز الدين كان يأخذ اموالا من صغار المدخرين الشيعة، انما ايضا من مسؤولين في حزب الله من اجل توظيفها في مشاريع مشبوهة".

وقالت ان حجم الاموال التي للناس في ذمة عز الدين قد يصل الى مليار ونصف مليار دولار، كما اشارت الى ان عددا كبيرا من المودعين لديه هم قطريون او من جنسيات خليجية اخرى. واشارت الى ان الفوائد التي كان يدفعها "ضخمة جدا". وصلاح عز الدين من بلدة معروب الجنوبية.

ونفى الحزب على لسان امينه العام حسن نصر الله الاسبوع الماضي اي علاقة له بصلاح عز الدين، ولو انه أقر بأن عدداً من كوادره أودعوا ملايين الدولارات مع الرجل.

غموض مع اتساع لائحة الضحايا

ويلف الغموض عملية افلاس عز الدين التي اعلنت قبل ايام، في وقت تطول يوما بعد يوم لائحة ضحاياه ومعظمهم من الشيعة الذين يدورون في فلك حزب الله، بحسب ما افاد مسؤول محلي في الجنوب وكالة فرانس برس.

وقال رئيس بلدية بلدة طورا الجنوبية محمد الدهيني الجمعة ان نحو 250 شخصا في بلدته "وضعوا اموالا مع صلاح عز الدين الذي كان يعطيهم عليها شهريا فوائد تتجاوز احيانا 25%"، مضيفا "لقد تمكن من كسب ثقة الشيعة وجمع اموال عدد كبير منهم".

واشار الى ان الاموال المسلمة اليه في بلدة طورا وحدها من اجل توظيفها في مشاريعه، تقدر ب"خمسة وعشرين مليون دولار. وكل يوم نكتشف اسماء وارقاما جديدة".

واضاف "لا نعرف ما هي سياسته، الا ان معظم الذين يتعاملون معه هم من مؤيدي حزب الله"، مشيرا الى ان عز الدين يشرف ايضا على "حملة باب السلام التي ترسل الحجاج الى مكة".

وقال الدهيني "هذه الحملة يتولاها شباب حزب الله في الجنوب".واكد ان ما يعرفه الناس عن عز الدين انه "مغطى من الحزب وانه آدمي ويقوم بمشاريع خيرية، وكان ينظر اليه على انه منقذ الجنوب واهل الجنوب وحافظ اموال الشيعة". بحسب فرانس برس.

واوقفت السلطات صلاح عز الدين قبل اربعة ايام بعدما اعلن افلاسه، فيما يدين لعدد كبير من الناس بمبالغ ضخمة.

ورفض النائب العام التمييزي سعيد ميرزا في اتصال مع وكالة فرانس برس تحديد حجم الاموال التي يدين بها عز الدين للناس، او عدد المتضررين.الا انه اكد ختم مؤسسة "دار الهادي" للنشر التي يملكها عز الدين والواقعة في الضاحية الجنوبية لبيروت، الخميس بالشمع الاحمر.

وقال ميرزا "لا نزال نجمع المعلومات، وسنعلن الارقام لدى انتهاء التحقيقات"، مضيفا ان "الختم بالشمع الاحمر تم بهدف الحفاظ على الموجودات وعلى حقوق الناس ولكي لا يعمد احد الى تحصيل حقه بيده".

وكتبت صحيفة "لوريان لوجور" الناطقة باللغة الفرنسية ان "مادوف اللبناني، رجل الاعمال القريب من حزب الله صلاح عز الدين كان يأخذ اموالا من صغار المدخرين الشيعة، انما ايضا من مسؤولين في حزب الله من اجل توظيفها في مشاريع مشبوهة".

ولم يكن في الامكان الاتصال بمسؤولين في حزب الله لاستيضاح ما تتناقله الصحف، علما ان النائب في الحزب حسين الحاج حسن كان اول من تقدم بشكوى الى القضاء ضد رجل الاعمال استنادا الى شيك بلا رصيد حصل عليه منه.

قيادات بحزب الله تتسابق لنفي صلتها بـ مادوف لبنان

واستمرت تداعيات قضية إفلاس صلاح عزالدين، الذي يتردد أن خسائره وصلت إلى مليار دولار، ما دفع الصحافة إلى وصفه بـ"مادوف لبنان،" خاصة على صعيد صلته المفترضة بحزب الله، بسبب علاقاته الوطيدة مع الكثير من الشخصيات القيادية فيه.

وبرز توالي إعلان نواب وقياديات سياسية وأمنية في حزب الله عدم وجود علاقات تربطهم بعزالدين، الذي سلّم نفسه قبل فترة للقضاء اللبناني، بعد أن أشارت تقارير صحفية إلى سقوط آلاف من مناصري الحزب ضحية إفلاسه. بحسب فرانس برس.

ونفى النائب السابق عن الحزب، أمين شري، في بيان وزعه السبت وجود أي علاقة له "من قريب أو بعيد" باستثمارات صلاح عزالدين،" وأهاب بـ"وسائل الإعلام توخي الدقة وعدم الزج باسمه في هذه القضية."

 كما نفى أحد أبرز القياديين الأمنيين والسياسيين في الحزب، وفيق صفا، مسؤول ما يعرف بـ"لجنة الارتباط والتنسيق" "نفيا قاطعا، أن تكون لديه أية استثمارات مالية" مع عز الدين "أو مع غيره من رجال الأعمال،" بحسب ما نقلته وكالة الأنباء اللبنانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26/أيلول/2009 - 6/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م