السعودية: مشروع (كاوست) يدقّ اسفين التوتّر بين النفوذ الوهابي والنظام الحاكم

 

شبكة النبأ: تدشّن المملكة السعودية اول جامعة للتقنية العالية يسمح فيها بالاختلاط بين الرجال والنساء لكن محللين يقولون انه ما لم يتم التخلص من نفوذ علماء الدين لن ينتقل نظام التعليم الى العصر الحديث.

ووجه الملك عبد الله الدعوة لرؤساء دول وقيادات بقطاع الاعمال وحاصلين على جوائز نوبل لحضور افتتاح جامعة التكنولوجيا والتي استقطبت كبار العلماء والهدف منها هو افراز علماء ومهندسين سعوديين.

وفي مواجهة تزايد سريع للشباب من السكان فإن الجامعة جزء من خطط لتحسين تأهيل السعوديين لسوق العمل بالقطاع الخاص وخفض اعتماد المملكة على ملايين المغتربين وعائدات النفط.

وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) هي الاولى من نوعها في اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم حيث لعلماء الدين المعارضين لتقليل حجم المناهج الدينية سيطرة كبيرة.

وسيتسنى للرجال والنساء الاختلاط وهو تناقض مذهل مع الفصل الصارم بين الجنسين في الاماكن الاخرى بالمملكة.

ويقول محللون ودبلوماسيون ان تدشين جامعة (كاوست) خطوة في الاتجاه الصحيح لكن التعليم الحكومي سيظل غير فعال ما لم تبدأ الحكومة اجراء اصلاح جذري.

وقال الكاتب الصحفي السعودي عبد الله العلمي "نحتاج الى تغيير عقلية مفهوم التدريس. نحتاج الى مراجعة جميع ممارساتنا التعليمية... نحتاج ايضا الى أن نتسق مع احتياجات التعليم الحديث ومتطلبات السوق."

واتفق غانم نسيبة كبير المحللين في مؤسسة بوليتيكال كابيتال بدبي مع هذا الرأي وقال "تظل المشكلة الاكبر التعليم الاساسي."بحسب تقرير لرويترز.

وعلى الرغم من الموارد المالية الهائلة فان أبعاد التعليم المدرسي والجامعي بالسعودية تحكمها قيود دينية ولا يسمح للنساء بدراسة الكثير من المواد.

والسعودية حليفة الولايات المتحدة مملكة بلا برلمان حيث تحكم أسرة آل سعود في اطار تحالف مع علماء الدين الذين يطبقون المذهب الوهابي في المساجد والقضاء واجزاء من قطاع التعليم. وهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تابعة لهم.

وفي حين تتمتع جامعة (كاوست) بتمويل غير محدود تقريبا ومعدات متطورة ويديرها مجلس امناء مستقل فان معظم المدارس والجامعات السعودية تدرس مناهج لا يزال الدين مهيمنا عليها على الرغم من جهود الاصلاح التي بدأت بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001.

وواجهت السعودية ضغوطا دولية لتقليل نفوذ مؤسستها الدينية حيث ان 15 من جملة 19 مهاجما نفذوا الهجمات كانوا سعوديين وكانوا يتحركون باسم زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن وهو سعودي ايضا.

وقال جيمس ريف كبير الاقتصاديين بمجموعة سامبا المالية السعودية "جزء من المشكلة يكمن في نقص التركيز على المواد العلمية."

واستشهد بأرقام صادرة عن مؤسسة بوز الين هاميلتون للاستشارات في دراسة عام 2002 تشير الى أنه في المرحلة الثانوية تدور نسبة 24 في المئة من المناهج حول الرياضيات والعلوم وهي أقل من نسبتها في الاردن البالغة 32 في المئة او نسبتها في ايران وهي 28 في المئة.

والتعليم محوري في الاصلاحات التي روج لها الملك عبد الله منذ توليه الحكم عام 2005 لان البلاد بحاجة الى استيعاب مواطنيها البالغ عددهم 18 مليون نسمة ومعظمهم من الشبان.

واستطرد ريف قائلا "بعض التقديرات تشير الى أن السعودية ستحتاج الى مضاعفة مستوى التوظيف الحالي على مدار العقد القادم لتلبية متطلبات المنضمين الجدد لسوق العمل."

لكن على الرغم من تدشين برنامج للتعليم قيمته 2.4 مليار دولار فان النتائج هزيلة فقد احتلت السعودية المركز الثالث والتسعين من جملة 129 مركزا بعد البانيا والفلبين وبيرو وطاجيكستان على مؤشر عالمي لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) يقيم نوعية التعليم عام 2008.

وفي فبراير شباط أقال الملك عبد الله عالمي دين متشددين في تعديل وزاري وعين نائبة لوزير التعليم هي اول امرأة تشغل منصبا كهذا لكن دبلوماسيين يقولون ان عليه موازنة القوة من خلال استيعاب علماء الدين والمحافظين المعارضين لاجراء تغييرات كبيرة.

وقال دبلوماسي غربي "السعودية تعهدت بحذف الفقرات التي تنطوي على كراهية دينية من الكتب المدرسية لكنهم بحاجة للقيام باصلاح أساسي ضد المتدينين وهو ما يبدو غير مرجح."

ويأتي افتتاح الجامعة في وقت تبددت فيه امال الليبراليين مرارا فقد ألغي المهرجان السينمائي الوحيد في يوليو تموز بعد أن عبر علماء دين عن معارضتهم بينما اوقفت مناسبات ثقافية أخرى او قلل حجمها.

ويدعم وزير الداخلية الامير نايف - وهو من الشخصيات المحافظة الرئيسية بالاسرة الحاكمة ورقي هذا العام لمنصب النائب الثاني لرئيس الوزراء مما يزيد احتمالات أن يصبح ملكا - هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي ترزح تحت ضغط منذ توفي بعض السعوديين اثناء احتجازها لهم او في حوادث سيارات اثناء مطاردة اعضاء الهيئة لها.

ويقول رشدي يونس من مجموعة يوراسيا "مشروع (كاوست) سبب توترا بين علماء الدين الذين يعتبرون هذا خطوة نحو التغريب... بالنسبة للعلماء سيكون من المهم الحصول على الحرية الاكاديمية التي اعتادوها."

ويخشى البعض من ان تصبح جامعة (كاوست) المعدة لتكون واحة للحرية الاكاديمية بعيدا عن عيون غلماء الدين في منطقة نائية الى الشمال من جدة لن يكون لها تأثير يذكر على المجتمع بوجه عام.

وقال نسيبة، المحلل المتخصص في دراسة المخاطر السياسية "في حين ستوفر كاوست افاقا طويلة المدى وحوافز اكبر... فانها للانتقال الى التعليم العالي التطبيقي ربما تصبح كاوست معهداً آخر منعزلاً عن بقية نظام التعليم والمجتمع السعوديين."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/أيلول/2009 - 1/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م