خان الربع في كربلاء بين الاعتزاز بالتراث والإذعان للإهمال والإندثار

 

شبكة النبأ: خان الربع أو خان النخيلة إسمان لبناء واحد يعد من المعالم الأثرية والتراثية جنوبي محافظة كربلاء، يمتاز ببنائه المعماري المربع الذي شيّد خلال فترة العهد العثماني أواسط القرن الثامن عشر، واشتهر بكونه محطة استراحة للزائرين في طريقهم إلى المراقد الدينية في كربلاء والنجف، لكنه على مدى السنين الماضية عانى تداعيات الحروب، فضلا عن الإهمال لأجزاء كثيرة منه.

تقول مديرة آثار وتراث كربلاء جنان عبد الرضا المشكور إن “خان الربع شيد في العهد العثماني في العام 1793م وهو يعتبر من المواقع التاريخية والتراثية المهمة في المدينة لأنه يحكي قصة فترة مر بها العراق والمدن الدينية تحديدا.

وأضافت ان “الذي بناه هو والي بغداد سليمان باشا الكبير وهو ضمن سلسلة من الخانات التي بناها في تلك الفترة كمحطات استراحة للمسافرين وصولا إلى بلاد الشام، وهو يقع على الطريق الرابط بين كربلاء والنجف ويبعد عن مركز مدينة كربلاء بمسافة 20كم، وهي ربع المسافة ما بين كربلاء والنجف؛ ولذلك سمي بهذا الاسم. بحسب تقرير اصوات العراق.

وتابعت “الخان بناء مربع الشكل ذو مدخل رئيسي واحد تعلو واجهته الداخلية والخارجية زخارف أجرية حصيرية وتعلوه قبة كبيرة وحنايا الجدران، وهناك سلّمان على جانبي المدخل يؤديان إلى السطح، والمدخل يؤدي بدوره الى الساحة الوسطية المكشوفة تطل عليها الأواوين من جميع الجهات. مبينة ان “هذه الأواوين ذات قياسات مختلفة تعلوها الأقبية ذات العود المدببة.

وتواصل مديرة الاثار وصفها للخان فتقول “في أضلاعه الشرقية والجنوبية والشمالية ممر متصل يربط هذه الأضلع تطل عليه الأواوين من الداخل وعلى جانبيه، وتعلوه القباب الدائرية ذات الأحجام المتقاربة، وفي كل ركن من أركان الخان أواوين كبيرة الحجم لكل إيوان قبة كبيرة وسطية تحيط بها القباب الأصغر حجما.

وأردفت ان “الخان يحتوي على بئر تقع في الباحة الوسطية قرب فتحة المدخل من الداخل، واهم مميزات الخان من الناحية المعمارية، والتي تعد صفة للعمارة الإسلامية، هي التناظر في وضعية الأواوين.

وعن أعمال الصيانة التي شهدها الخان مؤخرا تقول “قبل عام 1990 كان الخان يشكو عدم الاهتمام به والصيانة، وكان وضعه صعب، وأثناء حرب الخليج الثانية واحتلال الكويت  1990 وانطلاق الانتفاضة الشعبانية عام 1991 استُعمل  الخان من قبل النظام السابق كثكنة وترسانة لخزن الأعتدة.

وتصف ما حدث جراء انفجار هذه الاعتدة بالقول “أدى الانفجار الذي حصل بسبب خطأ ما غير معروف إلى تعرضت أجزاء كثيرة من الخان إلى الهدم”،  منوهة إلى انه  في”عام 2002 حدث أول موسم لترميم وصيانة الخان ومن تخصيصات الهيئة العامة للآثار والتراث واستمر العمل فيه بدء الحرب عام 2003 وتأخر تنفيذ خطة إعادة بنائه.

وأضافت “تعرض الخان للتخريب بعد عام 2003 حين استخدمته للقوات البولونية التي كان مقرها في مدينة كربلاء كمقر لها وقامت بتفجير ما تبقى من أعتدة سابقة في البئر في وسط الخان، ما أدى إلى سقوط الكثير من الأجزاء وإحداث تشققات فيما تبقى من البناء.

وتشير إلى انه في الأعوام 2007 و 2008 و 2009 أعيد العمل في مشروع ترميم وصيانة وإعادة إعمار الخان في أجزائه الجنوبية والشرقية فقط، ولم يحدث أي عمل في الجزء الشمالي لأنه الأكثر تضرراً وكذلك وجود بعض الأعتدة تحت الأنقاض مما يجعل العمل فيه مستحيلا إلا بعد رفع العتاد من قبل فرق متخصصة من مديرية الدفاع المدني بالمتفجرات.

في هذا الشأن، يقول مدير إعلام شرطة كربلاء الرائد علاء عباس ان “الأجهزة الأمنية وشعبة معالجة القنابل غير المنفلقة مسؤولة عن رفع أية مادة متفجرة موجودة في المحافظة سواء كانت متفجرات الوضع الراهن أو متفجرات دفنها النظام السابق.” منوها إلى انه “إذا ما كانت هناك متفجرات في المنطقة فكان على هيئة الآثار إخبار الأجهزة الأمنية لكي يتم رفعها فورا.

وأكد “ما يهمنا هو حماية المواطن في أي منطقة يكون حتى لو كانت مهجورة، واذا تحولت منطقة خان الربع إلى مرفق سياحي فبالتأكيد ستكون هناك قوة لحمايته لأن ذلك معناه إنها ستكون منطقة مأهولة وستكون هناك حركة للسائحين، عراقيين أو أجانب.

ولفت المسؤول الاعلامي إلى ان ” أي مرفق حكومي أو سياحي تقع مسؤولية حمايته تقع على عاتق قوة حماية المنشات الحيوية، وهي بالتأكيد ستكون متواجدة إذا ما تحول الخان إلى مرفق سياحي.

ويبدو الخان حاليا شبه مهجور بسبب عدم اكتمال أعمال الترميم والصيانة برغم انه لا يزال يعد دار استراحة للكثير من الزائرين سواء من النجف أو كربلاء أو من المحافظات الأخرى، فضلا عن ان المواكب الحسينية تنطلق منه في أيام عاشوراء ومناسبات دينية أخرى.

وحول أهمية الخان تابعت مديرة الآثار انها “تكمن في كونها أولا أهمية تراثية تجسد فترة تاريخية من العهد العثماني، وثانيا أهمية سياحية كونه يقع في الربع الأول من الطريق المؤدي من مدينة كربلاء إلى مدينة النجف الأشرف ولاحتواء هذه المدن على الكثير من المراقد ودور العلم والمدارس الدينية فقد أصبح الخان محطة مهمة للاستراحة يحتاجها المسافرون بالإضافة لأهميته لدى الباحثين.

ولفتت إلى انه يمكن “استغلال الخان كمحطة استراحة للمسافرين والسائحين وتأهيله سياحياً وذلك بإنشاء مطاعم وكافتيريا وحديقة ومحلات عامة، وكذلك اعتباره أنموذجا لخانات العصر العثماني المتأخر لأغراض الدراسات التاريخية المقارنة.

ويؤكد ذلك مدير سياحة كربلاء أحمد عبد الحسين قائلا  إن “الموقع يعد من المواقع السياحية التي يمكن أن تكون واحدة من المواقع المهمة في المحافظة التي يمكن ان تحقق هدفها السياحي.

وأضاف ان “موقع خان الربع يعد جيدا من الناحية السياحية إذ لا يبعد عن مدينة كربلاء الا مسافة 20 كم ويقع على الشارع العام الذي يربط كربلاء بمدينة النجف وهو طريق الزوار الذين يفدون الى المدينة في الزيارات المليونية مشيا على الأقدام”. في إشارة إلى بعض الزيارات الدينية لدى المسلمين الشيعة.

وحول إمكانية استثماره سياحيا قال “هذا مرهون بإنجاز المشروع من قبل هيئة الآثار فإذا ما أنجز المشروع فإن بإمكان هيئة السياحة أن تفعل شيئا.. فأعمال التأهيل والصيانة هي التي تحدد الوجهة السياحية.

من جانبه، قال رئيس هيئة استثمار كربلاء جمال الحاج ياسين “لا توجد معوقات لاستثمار هذا المرفق التراثي بالنسبة إلى الهيئة، ولكن لم يتم تقديم أي طلب للاستثمار في تلك المنطقة في الوقت الحاضر.

وأضاف أن “المنطقة تعد من المناطق الأثرية والتراثية التي تعمل الهيئة على الترويج لها أمام المستثمرين باعتبارها من المعالم المهمة في المحافظة” مبينا أن “سبب عدم التقدم بطلب الاستثمار يعود إلى إن المستثمر يفضل الاستثمار في المناطق القريبة من مركز المدينة على اعتبار إن السياحة الدينية نشطة جدا في الوقت الحاضر.

وتابع أن “الوضع الأمني مستقر بشكل كبير ويعد احد أهم العوامل المشجعة للاستثمار في تلك المنطقة أو أي مناطق أثرية أخرى في كربلاء.

يذكر أن محافظ النجف دعا في وقت سابق الشركات العالمية للاستثمار ووضع الخطط والدراسات لإحياء منطقة خان الربع الأثري الذي يقع بين محافظته وكربلاء، باعتبارها مكانا تاريخيا وسياسيا ويحكي قصصا وأحداث حقب تاريخية، مشيرا الى امكانية استخدام هذه المنطقة لتجارة السلع التراثية والنادرة، فضلا عن إقامة سفرات سياحية للزائرين العرب والأجانب لهذه المنطقة لتوفر شروط المناطق الأثرية فيها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 20/أيلول/2009 - 30/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م