الازمة المالية: زيادة الطلب لتعلّم الاقتصاد الاسلامي

انكماش الثروة العالمية ودعوات لضبط سلوك البنوك

 

شبكة النبأ: لاحظَ خبراء بالشؤون الاقتصادية أن الأزمة المالية العالمية الحالية والنابعة من السياسات المصرفية غير المسؤولة، قد لفتت الانتباه إلى الاقتصاد وعمليات التمويل الإسلاميَين، وهو ما تجلّى في طرح الجامعات الغربية مواداً تدرِّس هذا النوع من الاقتصاد، بعد التزايد الكبير في الطلب عليها.

وفي غضون ذلك حذّرَ زعماء بريطانيا وفرنسا والمانيا قبل اجتماع لصُناع السياسات في مجموعة العشرين في لندن من ان الأزمة الاقتصادية العالمية لم تنته وأن البطالة سترتفع في الاشهر القادمة. في حين أظهرت دراسة أجرتها المجموعة الاستشارية في بوسطن ان الكساد العالمي في عام 2008 أدى الى أول انكماش عالمي للأصول التي تديرها شركات متخصصة في نحو عشر سنوات، كما كشفت الدراسة ان الثروة العالمية انخفضت بنسبة 11.7%.

وقال الدكتور حبيب أحمد، الأستاذ بكرسي إمارة الشارقة بجامعة دورهام البريطاني، "إن هناك زيادة هائلة في الطلب على المواد الجامعية المتعلقة بالاقتصاد الإسلامي، بحيث إنها أكبر من أن نتحملها،" مشيرا إلى أن الجامعة ستقدم درجة ماجستير في الاقتصاد الإسلامي بأكتوبر/ تشرين الأول المقبل، أسوة بغيرها من الجامعات الأوروبية.

وأوضح أحمد، في لقاء مع CNN، "إن الاهتمام بالتمويل والاقتصاد الإسلامي قد نمى ما بين 15 إلى 20 في المائة سنويا منذ فترة، إذ أن هناك الكثير من الاهتمام بهذه المسألة في اللحظة الراهنة، فالناس يبحثون عن بدائل بعد الأزمة الاقتصادية العالمية."

وأضاف " يعتقد الاقتصاديون الإسلاميون أنه لو كانت مبادئ التمويل الإسلامي قد طبقت لما وقعت الأزمة الاقتصادية على الإطلاق، إذ نرى أن العديد من الدول غير الإسلامية، والتي تشمل المملكة المتحدة وفرنسا واليابان وهونغ كونغ وسنغافورة، تشجع  التمويل الإسلامي."

وأوضح أحمد أنه رغم أن البنوك الإسلامية كانت قد عانت من تبعات الانحدار الاقتصادي، ولكنها خرجت منه دون أن تتأذى من الانهيار المصرفي الذي حدث في البداية وسبب الاضطراب المالي، وذلك لأنه محظور على البنوك الإسلامية بأن تتعامل بالسندات المؤيدة بالرهن أو مقايضة الائتمان الافتراضية، وهما من المعاملات المالية التي سببت الأزمة المالية، بحسب الخبراء.

ومن جهته أشار عالم التمويل الإسلامي، على خورشيد، أن هناك العديد من الفروق بين الممارسات البنكية الإسلامية ونظيرتها التقليدية، وتأتي على رأسها امتناع الأولى عن احتساب فائدة على القروض المقدمة للعملاء، فبدلا من أن يكون النظام البنكي مبنيا على المقرضين والمقترضين فهو مؤسس على البائعين والمشترين.

أكبر ثلاثة اقتصاديات بأوروبا: الأزمة لم تنته والبطالة تتزايد

وفي نفس السياق حذّرَ زعماء بريطانيا وفرنسا والمانيا ضمن مجموعة العشرين في لندن من ان الأزمة الاقتصادية العالمية لم تنته وان البطالة سترتفع في الاشهر القادمة.

وفي رسالة الى زملائهم في الاتحاد الاوروبي قال زعماء أكبر ثلاثة اقتصاديات في اوروبا انه لا يوجد بديل للابقاء على برامج التحفيز غير العادية في الوقت الراهن لكن يجب اعداد خطط لسحبها المنسق. بحسب رويترز.

وكتب رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل "يجب ان نتسم بالحرص لتجنب وضع الاساس لاختلالات عالمية جديدة."وقالوا "ولذلك يجب ان نعمل بناء على استراتيجيات للخروج تنفذ باسلوب متناسق عقب انتهاء الازمة."

وبينما لا يزال غضب الرأي العام ازاء تجاوزات القطاع المالي مرتفعا في وقت تتجه فيه تسريحات العمال نحو الزيادة قال الزعماء انه لا يكفي ان تعود البنوك للعمل كالمعتاد ولكن يتعين عليها ان تحد من الاقدام على المخاطرة وثقافة العلاوة.

وقالوا ان قمة زعماء مجموعة العشرين التي ستعقد في بطسبرج يومي 24 و25 من سبتمبر ايلول بجب ان تسفر عن قواعد ملزمة بشأن الحد من العلاوات المفرطة وان كان لم يرد ذكر صريح لاي نوع من الضرائب الاضافية التي فرضها في السابق الفرنسيون.

وجاء في الرسالة "مواطنونا صدموا بشدة لاحياء ممارسات تستحق التوبيخ رغم ان اموال دافعي الضرائب تم حشدها لدعم القطاع المالي في ذروة الازمة."

ودعوا وزراء المالية في اجتماعهم في لندن الى بحث تعزيز تنظيم البنوك المهمة منهجيا والوسائل التي يمكن من خلالها تصفية هذه المؤسسات اذا دعت الحاجة دون ان تحدث هزة في النظام المالي.

انكماش الثروة العالمية بنسبة 11 %

وأظهرت دراسة أجرتها المجموعة الاستشارية في بوسطن ان الكساد العالمي في عام 2008 أدى الى أول انكماش عالمي للاصول التي تديرها شركات متخصصة في نحو عشر سنوات كما كشفت الدراسة ان الثروة العالمية انخفضت بنسبة 11.7 في المئة الى 92.4 تريليون دولار. وأضافت الدراسة التي فحصت أصولا تديرها صناعة ادارة الاصول ان العودة لمستويات الثروة في عام 2007 سوف تستغرق ستة أعوام.

وفي امريكا الشمالية كانت الولايات المتحدة الاكثر تضررا اذ انخفض حجم الثروات لدى الشركات المتخصصة في ادارتها بنسبة 21.8 في المئة الى 29.3 تريليون دولار ويرجع ذلك بصفة اساسية للخسائر التي منيت بها الاستثمارات في الاسهم في عام 2008.

كما أضيرت بشدة مراكز ادارة الثروة الخارجية مثل سويسرا ومنطقة الكاريبي حيث تراجع حجم الاصول من 7.3 تريليون دولار في 2007 الى 6.7 تريليون في 2008 بانخفاض بنسبة 8 في بالمئة. بحسب رويترز.

وقال بروس هولي الشريك والعضو المنتدب في مكتب المجموعة في نيويورك ان التراجع "قوض الثقة على نحو لم نشهده منذ فترة طويلة."

وتتوقع الدراسة الا تعود الاصول التي تديرها الشركات المتخصصة في هذا المجال لمستواها في عام 2007 أي عند 108.5 تريليون دولار حتى عام 2013.

وسجلت الاصول التي تديرها شركات متخصصة في اوروبا زيادة طفيفة وبلغ حجمها 7 ر32 تريليون دولار لتصبح اغنى منطقة في العالم متفوقة على امريكا الشمالية غير ان اجمالي حجم الثروة في المنطقة انخفض 5.8 في المئة.

وكانت امريكا اللاتينية المنطقة الوحيدة التي سجلت زيادة في الاصول التي تديرها شركات المتخصصة وارتفعت ثلاثة بالمئة من 2.4 تريليون دولار في عام 2007 الى 2.5 تريليون في 2008.

كما أضر التراجع الاقتصادي بشدة بمليونيرات قاموا باستثمارات تنطوي على مخاطرة خلال فترة الازدهار الاقتصادي.وكشفت الدراسة ان عدد المليونيرات في العالم انكمش بنسبة 17.8 في المئة الى تسعة ملايين.

بعد عام من الازمة: دعوات لضبط سلوك البنوك

من جانب مماثل قالت مؤسسة بحثية بريطانية ان الحكم والدروس المستفادة من انهيار بنك ليمان براذرز والازمة المالية التي اعقبته، لم تُستوعَب على نحو ملائم.

واوضحت دراسة اعدها معهد ابحاث السياسات العامة البريطاني ان العودة السريعة لثقافة المكافآت والعلاوات في قطاع المال والاعمال والبورصة تظهر ان الاصلاحات الحقيقية في هذه القطاعات كانت في احسن الاحوال محدودة جدا .

ويأتي هذا التحذير منسجما مع التحذير الذي اطلقه الرئيس الامريكي باراك اوباما في كلمته الاخيرة، والتي نهى فيها عن التقاعس والعودة الى الممارسات القديمة في قطاع البنوك والمال، والتي اسهمت مباشرة في الازمة المالية العالمية.

وقد وجدت تحذيرات الرئيس الامريكي صدى لها في بريطانيا، اذ قال رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون ان هناك شؤونا لم تحسم مع قطاع البنوك.

وقال توبي دولفين الخبير الاقتصادي البارز في المعهد ان اجراس الانذار يجب ان تقرع بمجرد ظهور ملامح تشير للعودة الى الممارسات القديمة، كما لا توجد اي مؤشرات على ان صناع السياسة يتخذون اجراءات من شأنها ضمان جعل الانتعاش الاقتصادي المقبل افضل من الانتعاش السابق.

ودعا تقرير المعهد الى اتخاذ اجراءات عاجلة في هذا الصدد، والا فان ازمة المصارف ستبقى ولن يخرج الاقتصاد من كبوته الحالية.

وكان الرئيس اوباما قد حذر في خطابه الذي القاه لمناسبة الذكرى السنوية لانهيار ليمان براذرز، والذي كان علامة بارزة في تاريخ ازمة الائتمان، قطاع البنوك من عواقب تكرار ذات الاخطاء، وملوحا بان الدعم الحكومي لن يتكرر.

وقال اوباما في خطابه ان الحاجة الى مساعدة الحكومة لا تزال قائمة من اجل استقرار النظام المالي، وان كانت الحاجة اقل الحاحا الآن، حيث بدأت الزوابع المالية بالاتجاه نحو الهدوء.

تحويلات العمالة الوافدة تتراجع والدول النامية مهددة

من جانب اخر رجح البنك الدولي تراجع الأموال التي يحوّلها المغتربون من الدول النامية إلى أوطانهم بنسبة 7.3 في المائة خلال العام الجاري، مرجحاً أن يلحق ذلك ضرراً بالغاً بالبلدان الفقيرة التي تشكل تلك التحويلات جزءا مهماً من اقتصادها.

وأضاف البنك أنه بعد عقد من النمو، فإن التحويلات قد تتراجع من من 328 مليار دولار عام 2008 إلى 304 مليارات دولار، رافعاً بذلك تقديراته السابقة حول تراجع التحويلات، والتي كانت عند حدود خمسة في المائة، على خلفية الأزمة المالية العالمية.

ولفت المصرف إلى انه سيقدم الأرقام الجديدة في مؤتمر الهجرة والتنمية الدولية الذي يختتم الأربعاء، محذراً من أن فارق التحويلات سيكون مؤثراً للغاية على الدول النامية التي تعاني بالفعل من تراجعات حادة في النقد الأجنبي. بحسب سي ان ان.

وبحسب التقرير، فإن أعداد العاملين الأجانب خارج دولهم لم تتأثر بشكل كبير، وإنما اقتصر التأثير على التحويلات، غير أنه حذر من إمكانية تبدل ذلك بسبب التغييرات السريعة في أسعار صرف العملات وإمكانية تشديد شروط العمل في الدول المستقطبة للعمالة، إلى جانب غموض مستقبل الاقتصاد العالمي.

وقال هانس تيمير، مدير التنمية في البنك الدولي: "هناك مخاطر تتمثل في ارتفاع البطالة بالدول النامية، ما قد يؤدي إلى تقييد الهجرة للدول المستقطبة للعاملة، وهذا سيؤثر أكثر فأكثر على تحويلات العمال وسيؤخر انتعاش الاقتصاد العالمي."

ورجح التقرير أن تكون دول أمريكا اللاتينية بين الأكثر تعرضاً لتراجع التحويلات، وذلك بسبب أزمة قطاع البناء في الولايات المتحدة، بحيث تنخفض التحويلات إليها بنسبة 6.9 في المائة، بينما تنخفض التحويلات لدول أفريقيا الواقعة جنوبي الصحراء بنسبة 8.3 في المائة.

برنانكه: تلقنّا درساً والاقتصاد سيعود أقوى مما كان

وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (المصرف المركزي)، بن برنانكه، إن الاقتصاد سيعود أقوى من قبل بعد مرحلة استشفاء قد تستغرق بعض الوقت.

وصرح برنانكه، خلال مناسبة في مدينة كنساس، بأن الأزمة الراهنة ستقوي من عود الاقتصاد الأمريكي أكثر من ذي قبل، مشيراً إلى دروس مستقاة من هذه الأزمة المالية العالمية.

وقال في هذا الصدد: "أبرز ما تمخضت عنه أن الشعب تعلم الادخار وتبنوا عادات جيدة، ولذلك لن يعود الاقتصاد إلى مساره فحسب، بل سيعود أقوى مما كان عليه قبيل الأزمة."

ولفت إلى أن الجهات التنظيمية المختصة تنكب على العمل لضمان تفادي حدوث مثل هذه الأزمة مجدداً، منوهاً: "لا أعتقد أن في وسعنا الحيلولة نهائياً دون وقوع أزمات مالية، إلا أن هناك وسائل لتفادي تكرار أزمة بمثل هذه الحدة."بحسب سي ان ان.

وأشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى الحاجة لتشكيل مجلس أو مجموعة من اللجان المنظمة للنظر في النظام المالي ككل والثغرات التي تتخلله.

وأقترح تأسيس نظم لإفلاس للمؤسسات غير المالية الكبرى على غرار الإجراءات التي تتبعها "مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية" عند إفلاس المصارف، مضيفاً: "أعرض مؤسسة كبرى للبيع، أو دعها تنهار، لكن تأكد من عدم جرها النظام المالي بأكمله للسقوط تباعاً."

ملياري دولار ديون بطاقات ائتمان لن تُسدَّد بأوربا

وفي نفس السياق حذّرَ صندوق النقد الدولي من أزمة جراء تفاقم ديون بطاقات الائتمان في بريطانيا خلال الشهور القليلة القادمة مع تخلف العديد عن سداد الأقساط بسبب الأزمة المالية وفقدان الوظائف، وفق تقرير.

ونقلت "فاينانشيال تايمز" توقعات المنظمة الدولية بأن يصل حجم المبالغ التي سيتخلف حاملو تلك البطاقات عن سدادها إلى 1.5 مليار جنيه إسترليني - أكثر من ملياري دولار - في أوروبا، معظمها في بريطانيا، حيث أعلى نسبة من حاملي ومستخدمي بطاقات الائتمان.

وعزا محللون اقتصاديون تنامي اعداد المتخلفين عن سداد الأقساط إلى تزايد معدل البطالة وارتفاع نسب العاجزين عن سداد الديون إلى أكثر من 29 ألف حالة، خلال الربع الأول من العام الحالي، وتوقعات باستمرار ارتفاعها. بحسب سي ان ان.

وتلقى "خط الديون القومي" - تشرف عليه منظمة خيرية بريطانية - أكثر من 41 ألف مكالمة خلال مايو/أيار الفائت، بشأن التخلف عن سداد قروض شخصية أو بطاقات ائتمان أو أقساط الرهن العقاري.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/أيلول/2009 - 27/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م