هاشِم جَدّ النبي محمد (ص).. رجل المروءة والعزّة والعفاف

تحقيق: حسين كاظم العرادي

 

شبكة النبأ: هو سيد قريش عمرو بن عبد مناف الذي دعوه قومه بـ هاشم، حين هشم الخبز واتخذ منه الثريد للناس، حتى غلبَ عليه الاسم المُشتق من ذلك لإبراز فضله من جهة, ولعظم صنعة الثريد في عين قريش من جهة أخرى.

 وجاء في تأريخ اليعقوبي، المجلد الأول، عنه في هذا الصدد (وكان يقال له عمرو العلي) وسمي هاشماً لأنه كان يهشم الخبز ويصب عليه المرق واللحم في سنة شديدة الفقر طالت قريش..

والوصف التاريخي لهذه الشخصية يؤكِّد إن هاشم كان يثرد الثريد ومعه اللحم في كل الأوقات دون استثناء بل كان أكثر حرصا في الالتزام بهذه العادة الكريمة في سنوات الجوع والقحط منه في أي وقت أخر.

نسَب هاشم من أبيه

هو هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مره بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك  بن النضر بن كتانه خزيه بن مدركه بن اليأس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أدد إلى ألجد السادس والستين وهو قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم (ع) أن نسب هاشم يرجع إلى سلالة كريمه وكلهم يجتمع فيهم المجد والشرف  والسؤدد والعفة وكل محاسن الأخلاق  وان كل فرد منهم يكفي أن يكون سبيل الشرف الذي ينبعث في أجيال متعاقبة ويمتد أثره إلى الأبناء والأحفاد وان الدوحة الهاشمية الطاهرة تنتهي إلى أكرم أصل واطهر وأعظم  جد  هو إبراهيم  خليل الله واليه ينتمي أعظم واطهر حفيد وهو رسول الله  محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم (ص) الذي انتخبه الله رسولاً للنا س كافه وجعل هداية البشرية على يديه لأنه دينه خاتم الأديان محتوياً على أكمل التشريعات وأتم العبادات، (وأم هاشم) هي عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالح بن ذكوان بن ثعلبة بن بهته بن سليم بن منصور.

سفر هاشم ليثرب وخوف اليهود من دخوله لها

عزمَ هاشم للسفر الى يثرب، ولما سمعَ اليهود بذلك توجسوا خيفة من دخوله لها، فهاشم خرج للسفر وخرج معه أصحابه بأسلحتهم واخرج معه العبيد يقودون الخيل والجمال وعليها أحمال الأديم، وعند خروجه نادى في أهل مكة فخرج معه السادات والأكابر والنساء لتوديعه فأمرهم بالرجوع الى مكة، وسار هو وبنو عمه وأخوه المطلب إلى يثرب طالبين خطبة سلمى فلما وصلوا المدينة (يثرب) أشرق بنور رسول الله (ص) ذلك الوادي من جبهة هاشم حتى دخل النور بيوت المدينة. فلما رآهم أهل يثرب بادروا اليهم مسرعين وقالوا من انتم فقال لهم المطَّلب نحن أهل بيت الله وسكان حرم الله نحن بنو بن غالب وهذا أخونا هاشم بن عبد مناف وقد جئناكم خاطبين وفيكم راغبين وقد علمتم إن أخانا هذا خطبته الملوك والأكابر فما رغب إلا فيكم ونحب إن ترشدونا إلى سلمى، وكان أبوها واقفاً مع الناس يسمع الخطاب فقال لهم مرحبا بكم أرباب الشرف والمفاخر ولكم عندنا ما تطلبون...

فنزل هاشم وأخوه وأصحابه وحطوا رحالهم وسيق أبو سلمى عمرو إلى قومه ونحر لهم النحائر وأصلح لهم الطعام وخرجت لهم العبيد بالأجفان فأكل القوم منه حسب الحاجة ولم يبق من أهل يثرب احد إلا خرج ينظر إلى هاشم ونور وجهه وخرج الأوس والخزرج والناس متعجبين.

 وخرج اليهود ايضا فلما نظروا إلى هاشم عرفوه بالصفة التي كانت عندهم في التوراة والعلامات التي هي مذكورة عندهم فعظم ذلك عليهم وجعل أحبارهم يبكون فقال بعض اليهود لحبر من أحبارهم ماهذا البكاء فقال له بكاؤنا من هذا الرجل الذي سيظهر منه ولد يسفك الدماء وقد جاءكم السفاك الفتاك الذي تقاتل معه الأملاك المعروفة في كتبكم بالماحي...

 وهذه أنواره فبكى اليهود من قوله وقالوا له ياابانا فهل هذا الذي ذكرته نصل إلى قتله فقال لهم هيهات هيهات حيل بينكم وبين ماتشتهون وتعجزون عما تاملون وان هذا سيولد منه المولود الذي ذكرته لكم تقاتل معه الأملاك في الهواء ويخاطب من رب السماء.

ولما سمعت (سلمى) كلام أبيها عمّا أرداه هاشم بادرت بالموافقة على استحياء كبير لما كانت تحمله من عفّة وحياء وجمال...

زواج هاشم من سلمى

قام هاشم بإحضار المال ودفعه إلى أخيه المطلب وأمره أن يدفع المال إلى سلمى فلما جاءها المطلب فرحت به وبذلك المال وقالت يا سيد الحرم وخير من مشى على قدم سلم لي على أخيك وقل له ما الرغبة إلا فيك فأحفظ منا ما حفظنا منك، ثم قام هاشم أياماً ودخل على زوجته سلمى في مدينة يثرب وحضر عرسها الحاضر والبادي من جميع الآفاق فلما دخل بها رأى ما سره من الحسن والجمال والهيبة والكمال ثم أنها حملت منه في ليلتها بعبد المطلب جد رسول الله ( ص ) فلما حملت انتقل النور الذي كان في جبهة هاشم إلى جبهة سلمى فزادها حسناً وجمالاً وصارت بعد ذلك يحييّها الشجر والحجر والمدر بالتحية والإكرام...

سفر هاشم الى الشام ووفاته في غزة

وسافر هاشم إلى غزة الشام وهي مدينة من مدن فلسطين، في بلاد الشام فلما وصلها حضر موسمها وباع أمتعته واشترى ما كان يصلح له واشترى لسلمى طرفاً وتحفاً وتجهز للسفر والعودة إلى يثرب فلما كانت الليلة التي عزم فيها على الرحيل طرقته حوادث الزمان واتته العلة فأصبح مثقلاً فارتحل رفقاؤه وبقي هاشم وعبيده وأصحابه فقال لهم هاشم الحقوا بأصحابكم فأني هالك لا محال فأرجعوا إلى مكة وان مررتم على يثرب فأقرأو زوجتي سلمى عني السلام واخبروها بخبري وعزوها بشخصي وأوصوها بولدي فهو اكبر همي فبكى القوم وقالوا ما نبرح عنك حتى ننظر من أمرك فأشتد به المرض وطلب من أصحابه أن يحضروا له دواة وقرطاس فأتوه بما طلب فكتب (بسمك اللهم هذا كتاب كتبه عبد ذليل جاءه أمر مولاه بالرحيل أما بعد فأني كتبت إليكم هذا الكتاب وروحي بالموت تجاذب فأنه ليس لأحد من الموت مهرب واني قد أنفذت إليكم أموالي فقسموها بينكم بالسوية ولا تنسوا البعيدة عنكم التي أخذت نوركم وحوت عزكم سلمى وأوصيكم بولدي الذي منها وقولوا لبناتي صفيه ورقيه وخلاده يبكين علي ويندبني والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته إلى يوم النشور.

 ثم طوى الكتاب وختمه ودفعه إلى أصحابه ثم قال أضجعوني فأضجعوه فشخص ببصره نحو السماء قال رفقاً أيها الرسول بحق ما حملت من نور المصطفى، ثم انه هدأ فكأنه مصباح فانطفئ ولما مات جهزوه ودفنوه في غزّة وقبره معروف هناك وهو موضع احترام الناس الى الوقت الحاضر...

...........................................................

المصادر:

1– سبائك الذهب.

2– نسب بني هاشم/ مكتبة دار الكتب العلمية- مصر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/آب/2009 - 3/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م