حملت التفجيرات الأخيرة في بغداد رسائل عديدة نقلتها المفخخات
وقذائف المورتر , من البعثيين الى دولة رئيس الوزراء ,خصوصا ً أنها
تزامنت مع زيارته الى سوريا الحاضنة الرئيسية للبعثيين ,كانت الرسالة
الأولى تقول أنك ايها المالكي مهما تقاربت مع السوريين وقدمتَ العروض
فأن هذا لن يؤثر على علاقتنا معهم ودعمهم لنا ونحن قادرون ان نفعل ما
نريد, ومن ناحية أخرى قد برئت هذه التفجيرات الساحة السورية ظاهريا وهي
رسالة سورية على يد البعثيين للسيد المالكي تقول اننا في أوج علاقتنا
الجيدة ورغم هذا فأن التفجيرات التي تتهموننا بها قد حصلت.
وأفادت الرسالة الثانية أن ألأجهزة الأمنية مخترقة من قبلنا - أي
البعثيين – وأنك مهما تقاربت منا وأدخلتنا في اجهزة الدولة فهذا لايمكن
أن يكون بديلا ً عن الحكم الذي فقدناه, ولعل الدليل على هذا القول هو
ما حدث في جلسة محاكمة المتهمين في تصفية الاحزاب الدينية ,حينما امتنع
أحد الشهود في المحكمة الجنائية العليا من ذكر اسماء الذين عذبوه فقال
أنهم الآن يعملون في أجهزة الدولة وقد أدخلهم السيد المالكي ضمن خطة
البناء الوطنية, علما أن هذا الشاهد محسوب على حزب السيد المالكي,هذا
التغلغل الذي منحته الحكومة مجانا للبعثيين هو من جعل الاربعاء يوما ً
داميا في العراق.
يضاف الى ذلك الارهابيين الذين أطلق سراحهم والبالغ عددهم 134 الف
ذكرت المصادر الحكومية إن من بينهم أعتى المجرمين والارهابيين , فمن
كان قاتلا ً وأرهابيا ً ولا يخشى العقوبة ولا يهاب الدولة فالنتيجة كما
رأينا دما ءا ً تسيل وضحايا بالمئات وفشل ذريع للحالة الامنية , ولعل
الرسالة الأهم التي قد يستفاد منها هي ارجاع الكتل السياسية والعراق
الى المربع الأول وهو مربع الطائفية وتخندقاتها ونحن نقترب من موعد
الانتخابات البرلمانية, ليؤكد من كان وراء التفجيرات ,إن حصلت هذه
التخندقات أن الحكومة والاحزاب الحاكمة طائفية وهي رسالة طالما رددها
البعثيون ليناغوا دول الجوار الرافضة للعملية السياسية الجارية في
العراق والتي تدفع رفضها للعملية دوافع طائفية.
فلربما نتوقع هجمات أخرى في مناطق أخرى لتؤجج الروح الطائفية من
جديد , وهذا الأمر يبدو واضحا من خلال القنوات المشبوهة التي ما أن
وقعت التفجيرات حتى وجهت أبواقها الاعلامية لتشتم الحكومة والمسؤولين
وتلقي بالائمة عليهم وتُبرء ساحة المجرمين البعثيين , وتعتبر أن
الحكومة هي من قامت بهذه الاعمال من أجل أهداف إنتخابية وطائفية, وهذا
ما لا يعقله المجانين.
وهي من جهة أخرى كانت التفجيرات ربما رسالة أمريكية مهمة الى السيد
المالكي لتقول له أنك تتبجح بالامن وانك من فرضته في بغداد وليست
القوات الامريكية حتى بلغ ادنى مستوياته في ابريل الماضي حيث بلغ 155
ضحية فقط في عموم العراق واليوم بغداد تغرق في الارهاب بعد انسحابنا.
وهي أيضا ً رسالة موجه مفادها إدخال البعثيين وإشراكهم بالعملية
السياسية وهو مطلب أمريكي سعودي مصري.
إن ماحصل في بغداد يستدعي قراءة جديدة للخريطة الأمنية وللخطوات غير
المحسوبة من إطلاق سراح الارهابيين وتقارب مع القتلة ومكافئتهم وصرف
رواتبهم التي ربما تستخدم لتمويل العمليات الارهابية والتوسل بهم
لأرجاعهم , كل هذه العوامل أدت الى ما حصل , أضف الى المناكفات
السياسية بين الاحزاب الحاكمة والمشتركة بالعملية السياسية والتي أظهرت
الحكومة بحالة ضعف , جعلت هؤلاء المجرمين ينفذون جريمتهم النكراء بحق
الابرياء وبغطاء وبلا شك من بعض دول الجوار والمُخترِقين للقوات
الامنية المتعاونين معهم , وخير دليل على ذلك الشاحنات المتوقفة في
أماكن مهمة محصنة أمنية ودون متابعة من قبل الاجهزة الأمنية , هذا
اليوم يجب أن يكون فاصلا ً للحكومة العراقية وعليها أن تضع النقاط على
الحروف وان تقوم بخطوات مهمة لتنظيف الاجهزة الأمنية ومحاسبة المقصرين
وإنزال أشد العقوبات بهم وان لا تأخذهم الشفقة بهولاء المجرمين
المتواطئين مع القتلة والإرهابيين , فأن مرت هذه الحالة دون عقاب
فليقرأوا على العملية السياسية السلام , فكما أظهر السيد المالكي
شجاعته في مواطن كثيرة عليه اليوم ان يظهرها بكل قوة والشعب كله من
وراءه ومن وراء الخييرين من أبناءه ومسؤوليه.
* كاتب وإعلامي
Alkhatib_66@hotmail.com |