السِدود نعمة ونقمة..

سبُل العيش تقطِّعها السدود على نهر الميكونج

 

شبكة النبأ:  منذ ملايين السنين ونهر الميكونج يثري الحضارات ويضم أحد أكثر عوالم الأسماك والنباتات تنوعا في العالم ولكن النقاد يحذرون من أن السدود السبعة عشر التي تم إنشاؤها مؤخرا على نهر الميكونج وروافده في الصين وتايلاند ولاوس وفيتنام علاوة على 11 سد إضافي يتم التخطيط لبنائها تشكل تهديدا لمصايد الأسماك في الميكونج وبالتالي للأمن الغذائي الذي توفره تلك المصايد للملايين من المستفيدين.

وفي هذا السياق، قالت أفيفا ايمهوف، مديرة حملات منظمة الأنهار الدولية وهي منظمة غير حكومية مقرها كاليفورنيا، لشبكة الأنباء الإنسانية إيرين أن "عدد المتضررين يمكن أن يكون بالملايين نتيجة للتغيرات المفرطة المتوقع حدوثها في النظام البيئي لمجرى النهر".

ووفقا لبعض المنظمات غير الحكومية فإن أكثر ما يدعو للقلق يتمثل في سلسلة من ثمانية سدود يتم بناؤها حاليا في أعالي نهر الميكونج في الصين، وهو منبع أكبر الأنهار لجنوب شرق آسيا، مما يمكن أن يتسبب في تغيير النظام البيئي لمجري النهر بالنسبة لتايلاند ولاوس وكمبوديا.

وفي ظل الانتهاء من بناء أربعة من السدود الثمانية في الصين، تزعم المنظمات غير الحكومية بأن هذه السدود تهدد بالفعل حاليا تكاثر الأسماك وتسبب تآكل مجرى النهر في ميانمار وشمال تايلاند وشمال لاوس. كما تفيد المزاعم أيضا بأن السدود تمنع أسماك نهر الميكونج من السفر نحو أعالي النهر للتكاثر مما يهدد مصايد الأسماك.

ويعيش ما بين 60 إلى 65 مليون شخص في حوض نهر الميكونج، معتمدين بشكل كبير على مصايد الأسماك.

وقد ذكرت منظمة من أجل تحسن البيئة والتحالف الإقليمي، وهي منظمة غير حكومية مقرها بنكوك، أن ما يقرب من 80 بالمائة من البروتين الذي يحصل عليه سكان المنطقة يأتي من الأسماك، وذلك بقيمة تتراوح بين 2.5 و 3 مليار دولار سنويا. وطبقا لتقديرات لجنة نهر الميكونج فإن سكان المنطقة يستهلكون ما يزيد عن 1.5 مليون طن من الأسماك سنويا. بحسب تقرير لرويترز.

وتقول لجنة نهر الميكونج، وهي هيئة حكومية دولية لدول حوض نهر الميكونج مقرها فينتيان بلاوس، أن الحوض يقدم بيئة واسعة لتربية أكثر من 1300 فصيلة من الأسماك بينما توفر عملية الزيادة والانخفاض السنوي لمياه النهر بيئة غنية بالعناصر الغذائية التي تتغذى عليها الأسماك. وإلى جانب الصيادين، هناك أيضا الآلاف ممن يكسبون رزقهم بصناعة وبيع المنتجات الغذائية ومعدات الصيد وإصلاح القوارب، حسب لجنة نهر الميكونج.

وقال بريمرودي داورونج، مدير مشارك لمنظمة من أجل تحسن البيئة والتحالف الإقليمي، في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "السكان المحليين سيصبحون ضحية لتلك السدود ولن يحصلوا بالضرورة على أية فوائد".

وطبقا لمنظمة الأنهار الدولية، فإن اثنين من المجتمعات التي تمت إعادة توطينها في الصين لم تحصل على تعويض ملائم مقابل انخفاض حصيلة الأسماك التي تستطيع صيدها وزيادة معدل إصابتها بالأمراض. وقد علقت ايمهوف على ذلك بقولها أن "الحكومة الصينية أو الحكومات الإقليمية الأخرى لم تجر أي تحقيق في هذا الأمر ولم تحاول توثيق آثار تغير المصب".

أما في لاوس التي تعد أفقر وأقل دول الإقليم نموا، فقد أدت سلسلة من السدود الصغيرة نسبيا والتحويلات في مجرى النهر إلى الترحيل القسري لآلاف السكان الأصليين.

وطبقا للمنظمة الدولية لحقوق الأقليات فإن مشروع سد نهر نام ثيوم 2 الذي سيغمر أكثر من 600 كم مربع بالمياه سوف يؤدي إلى تشريد 7 آلاف شخص على الأقل عندما يتم الانتهاء منه وسيؤدي إلى تضرر عدد أكبر من السكان.

وتقوم الشركات الصينية منذ فترة طويلة ببناء السدود لتطوير محافظة يونان في جنوب غرب الصين وهي منطقة جبلية على الحدود معروفة بأنهارها الواسعة ومواردها الطبيعية.

وتوفر السدود الكهرباء المتجددة اللازمة لدعم النمو الاقتصادي السريع للصين وخفض اعتمادها على مصانع الفحم. وتزعم حكومات دول مصب النهر أن السدود الكهرومائية سوف تخفض من تكاليف الكهرباء. حيث أفادت تقديرات البنك الدولي أن كمبوديا على سبيل المثال تتحمل واحدة من أعلى تكاليف الكهرباء في العالم.

ولزيادة الإمداد بالكهرباء لجميع جنوب شرق آسيا تخطط لاوس لبناء 30 سدا على الأقل على روافد نهر الميكونج أو الجداول الصغيرة التي تتفرع من النهر الرئيسي. إذ قال بريمرودي داورونج لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "لاوس تعرف أن تايلاند ستكون أكبر مشتري لكهربائها الشيء الذي سيفيد البلاد اقتصاديا...وفي الوقت نفسه أخبرت الحكومة التايلندية مواطنيها أن البلاد تخطط لشراء كهرباء رخيصة جدا من لاوس".

ولكن على الرغم من الآثار السلبية يقول المؤيدون أن السدود يمكن أن تساعد المجتمعات المحلية التي تواجه فيضانات سنوية وموجات جفاف نتيجة للتقلبات الشديدة في مستويات المطر. إذ أخبر داميان كين، المتحدث الرسمي باسم لجنة نهر الميكونج في فينتيان عاصمة لاوس، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "مناسيب المياه في موسم الجفاف يمكن أن تزيد مما يوفر المياه للري وللإمدادات الحضرية الأخرى". وأضاف أن "الصين ذكرت بوضوح أنها سوف تقوم بتشغيل مشروعات أعالي النهر بشكل يمكن من الحفاظ على تدفق مياه النهر في مجراه عند مستويات مقبولة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 23/آب/2009 - 2/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م