معدلات قياسية للبطالة في أمريكا وإجراءات جديدة لمواجهتها

 

شبكة النبأ: ما تزال الأزمة الاقتصادية بظواهرها المختلفة تُلقي بظلالها على الاقتصاد الأمريكي، من أزمة مالية طاحنة يُعاني منها قطاع الائتمان، وتعرض عديدًا من المؤسسات الكبرى لشبح الإفلاس، وارتفاع كبير في معدلات البطالة ووصولها لمعدلات قياسية، وفقدان عدد كبير من الوظائف يُعلن عنها مكتب العمل الأمريكي شهريًّا.

رغم مرور ما يقرب من أربعة أشهر على تولي باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة، والموافقة على خطة الحوافز الاقتصادية التي اقترحها بمبلغ 787 مليار دولار، والتي هدفت بالأساس لتنشيط الاقتصاد الأمريكي وإنقاذه من شبح الركود، وإيقاف معدلات البطالة المرتفعة بصورة دراماتيكية من يوم إلى آخر، وتوفير فرص عمل جديدة يتراوح عددها بين ثلاثة إلى أربعة ملايين فرصة بنهاية عام 2010، إلا أن تلك الإجراءات والخطط التي أعلن عنها أوباما في خطته الاقتصادية لم تؤت ثمارها حتى وقتنا هذا، فما زال سوق العمل الأمريكي يفقد مزيدًا من الوظائف شهرياً وبمعدلات كبيرة دراماتيكية.

وأعلن كيث هال، المفوض من مكتب العمل الأمريكي، أمام الكونجرس الأمريكي عن فقدان 539 ألف وظيفة جديدة خلال شهر إبريل الماضي (2009) ليصل معدل البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 8.9% بزيادة 0.4% عن مستواها في مارس الماضي (2009) وهو المعدل الأسوأ منذ عام 1982. بحسب موقع تقرير واشنطن.

معدلات قياسية لمستوى البطالة

خلال عام 2008 ارتفعت معدلات البطالة إلى معدلات قياسية، وفقد الاقتصاد الأمريكي أكثر من 2.6 مليون وظيفة ليصل إجمالي عدد العاطلين في الولايات المتحدة في العام ذاته إلى 11.2 مليون، وهو المعدل الأسوأ منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية (1945). وذلك نتيجة تفاقم مشكلة الرهن العقاري منذ شهر سبتمبر من عام 2007 التي أدت إلى أزمة الائتمان وسوق المال ومنها إلى الاقتصاد الحقيقي ودخوله في مرحلة الركود الاقتصادي وفقدان عدد كبير من الوظائف في نهاية عام 2008 حتى وقتنا الراهن .

وتشير إحصاءات مكتب العمل الأمريكي إلى أن معدل البطالة خلال عام 2008 هو الأكبر بعد المعدل المحقق عام 1945 ويليهما المعدل المحقق عام 1983 .

السنوات الأكبر في معدلات البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية

الترتيب

1

2

3

4

5

السنة

1945

2008

1983

2001

1949

عدد العاطلون ( مليون)

2.750

2.600

2.130

1.760

1.510

المصدر: مكتب العمل الأمريكي

ومع تولي باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة في نهاية شهر يناير من العام الحالي وإقرار خطة الحوافز الاقتصادية بمقدار 787 مليار دولار، توقع كثيرٌ من خبراء الاقتصاد أن تُؤدي الخطة الاقتصادية إلى تنشيط الاقتصاد الأمريكي خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أو على الأقل تخفيض الآثار السلبية للركود على الاقتصاد الأمريكي، وإنقاذ الاقتصاد من نزيف فقدان الوظائف المعلن عنها شهريًّا. لكن لا يزال الاقتصاد الأمريكي يعاني بصورة قوية من مظاهر الركود الاقتصادي بالرغم من التحسن الملحوظ في الفترة الأخيرة في أسواق المال الأمريكي، وارتفاعها بمعدلات جيدة إذا ما قورنت بالخسائر الكبيرة المحققة في بداية هذا العام.

فما يزال سوق العمل الأمريكي يُعاني من فقدان الوظائف المتتالية بعد دخول أوباما البيت الأبيض في العشرين من يناير الماضي (2009). فبيانات مكتب العمل الأمريكي تُؤكد أن ما تم فقدانه من وظائف خلال أربعة أشهر فقط يصل إلى 2.585 مليون وظيفة ليصل عدد العاطلين الإجمالي إلى 13.7 مليون عاطل. وهو ما ينبئ بأن هذا العام ( 2009 ) سيكون هو الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية من حيث فقدان الوظائف ومعدلات البطالة.

البطالة خلال فترة رئاسة أوباما

الشهر

يناير

فبراير

مارس

إبريل

إجمالي

عدد العاطلين

598000

706000

742000

539000

2585000

النسبة الإجمالية (%)

7.6

8.1

8.5

8.9

 

المصدر: مكتب العمل الأمريكي

توزيع البطالة: جغرافيًّا وقطاعيًّا

وعند النظر لتوزيع معدلات البطالة جغرافياً داخل الولايات الأمريكية نجد أن ولاية ميتشجان Michigan هي أكثر الولايات معاناة من مشكلة البطالة بنسبة 12.6%، تليها ولاية أوريجون Oregon بنسبة 12.1%، أما أقل الولايات التي يوجد بها نسبة بطالة هي ولاية داكوتا الشمالية North Dakota بنسبة 4.2% فقط، تليها ولاية وايومنج Wyoming بنسبة 4.5%.

توزيع البطالة جغرافيًّا في شهر مارس 2009

الترتيب

1

2

3

4

5

الولايات الأكبر

ميتشجان

أوريجون

كارولينا الجنوبية

كاليفورنيا

كارولينا الشمالية

%

12.6

12.1

11.4

11.2

10.8

الولايات الأقل

داكوتا الشمالية

وايومنج

نيبراسكا

داكوتا الجنوبية

أيوا

%

4.2

4.5

4.6

4.9

5.2

المصدر: مكتب العمل الأمريكي

أما حسب القطاعات الاقتصادية المختلفة نجد أن 539 ألف إجمالي أعداد العاطلين في شهر إبريل 2009 يشمل 149 ألف وظيفة في قطاع الصناعات التحويلية، وهى أكثر القطاعات فقدانًا للوظائف منذ بداية الأزمة الاقتصادية ليصل إجمالي الوظائف المفقودة في ذلك القطاع إلى 1.6 مليون وظيفة. ثم قطاع الخدمات المهنية والتجارية بإجمالي 122 ألف وظيفة، ثم قطاع التشييد والبناء بمقدار 110 ألف وظيفة، وتجارة التجزئة 47 ألف وظيفة، وقطاع الرعاية الصحية بمقدار 17 ألف وظيفة.

وبالرغم من فقدان هذا العدد من الوظائف خلال شهر إبريل الماضي إلا أن الرئيس أوباما يشعر بالتفاؤل؛ لأن هذا العدد هو الأقل خلال الستة الأشهر الأخيرة، وصرح في خطابه بمناسبة مرور 100 يومٍ على توليه الرئاسة بأنه يشعر بالتفاؤل من إنقاذ وتوفير 150 ألف فرصة عمل خلال تلك الفترة.

إجراءات جديدة لمواجهة أزمة البطالة

مع وصول أوباما إلى البيت الأبيض أعلن عن مجموعة من الإجراءات لمواجهة مشكلة البطالة، وتنشيط الاقتصاد للتغلب على مشكلة الركود. وذلك من خلال حزمة من الحوافز الاقتصادية تبلغ 787 دولار، واعتمد أوباما على سياسة التوسع في الإنفاق العام والاستثمار بكثافة في البنية التحتية (بناء جسور وكباري وطرق سريعة)، والتعليم والصحة والطاقة المتجددة كوسيلة لخلق فرص عمل جديدة تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة ملايين فرصة عمل بنهاية عام 2010. هذا إلى جانب تخفيضات ضريبية كبيرة كوسيلة لحفز الشركات على التوسع في خطوط الإنتاج واستيعاب عمالة جديدة.

وبالرغم من التوقعات المتشائمة خلال تلك الفترة باستمرار الانكماش الاقتصادي لفترة طويلة، إلا أن أوباما كان أكثر تفاؤلاً وأعلن عن إمكانية استيعاب الاقتصاد الأمريكي لأكثر من ثلاثة ملايين فرصة عمل خلال عامين.

ومع عدم تحسن الوضع الاقتصادي بالشكل المطلوب، واستمرار فقدان الوظائف، وارتفاع معدلات البطالة على الرغم من الارتفاع الكبير في معدلات الإنفاق العام خلال الثلاثة أشهر الماضية، زاد عدد منتقدي سياسة التوسع في الإنفاق العام من الاقتصاديين الذين أكدوا على عدم جدوى تلك السياسة في تخفيض معدلات البطالة.

فقد أثبت التاريخ أنه مع التوسع الكبير في الإنفاق العام تزداد معدلات البطالة، ومع تخفيض الإنفاق العام تقل نسبة البطالة. فالإنفاق العام لا يتسم بالكفاءة في توزيع عناصر الإنتاج، بعكس الإنفاق المنخفض الذي يستطيع خلق فرص عمل جديدة.

فعلى سبيل المثال في عام 1965 أنفقت الحكومة 17.2% من الناتج القومي وبلغ معدل البطالة 4% فقط في حين أنه في عام 1982 ارتفع حجم الإنفاق العام إلى 23.1% بينما ارتفعت البطالة إلى 11%، كذلك في عام 200 مع الانخفاض في الإنفاق العام إلى 18% انخفضت نسبة البطالة إلى 3.8% ومع ارتفاع الإنفاق في عهد بوش إلى 20.7% ارتفعت البطالة إلى 7.1%.

في حين يرى كثيرٌ من الاقتصاديين أن سياسة تخفيض الضرائب هي السياسة الأنسب في الوقت الحالي للتأثير على معدلات البطالة من حيث تشجيع الشركات والقطاع الخاص على التوسع في الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة للاستفادة من المزايا الضريبية.

وفي هذا السياق بدأ الرئيس أوباما بالدعوة إلى مجموعة جديدة من الإجراءات لمواجهة أزمة البطالة تعتمد على التركيز على عنصر التدريب والتأهيل لمن يعانون من البطالة. وقال في خطابه في الثامن من مايو 2009 بعد إعلان مكتب العمل الأمريكي عن ارتفاع نسبة البطالة إلى 8.

9% خلال شهر إبريل الماضي (2009): "إذا كنا نريد الخروج من الركود على نحو أفضل يتعين علينا أن نتأكد أن لدينا قوة عاملة مدربة وأنها أفضل من ذي قبل".

وقد اقترح إدخال تعديلات في استحقاقات البطالة بحيث تُوضع قواعد جديدة تسمح للعمال العاطلين عن العمل للبحث عن فرص العمل والتدريب والتأهيل الأسبوعي دون أن يفقدوا هذه الاستحقاقات والمزايا، واقترح أيضًا زيادة المساعدات والمنح التعليمية خاصة للعاطلين عن العمل وجعلهم مؤهلين للحصول على منح بيل Bill Grant دون التخلي عن استحقاقات البطالة التي يحصلون عليها إلى جانب رفع الحد الأقصى لبرنامج منح بيل Bill Grant بمقدار 500 دولار ليصل إلى 5350 دولار .

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 16/آب/2009 - 24/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م