أزمة الغذاء: الاستثمار من أجل تخفيف الجوع والفقر

اقتناص الدول الغنية لأراضِ زراعية بالدول النامية يفجّر صراعات جديدة

 

شبكة النبأ: قالت مسؤولة بالامم المتحدة ان اندفاع الدول الغنية لاقتناص أراض زراعية بالدول النامية لاسيما في افريقيا لضمان الامن الغذائي قد يفجر صراعات في الدول الفقيرة.

وفي غضون ذلك نددت منظمة الاغذية والزراعة الدولية (الفاو) بأسعار الاغذية المرتفعة في عشرات الدول النامية رغم المحاصيل الزراعية الجيدة. وقالت الفاو في تقريرها "افاق المحاصيل والوضع الغذائي ان "اسعار المواد الغذائية المحلية في الدول النامية لا تزال مرتفعة رغم تراجع كبير في الاسعار العالمية في حين تعتبر محاصيل الحبوب جيدة اجمالا".

وقالت شيلا سيسولو نائبة المدير التنفيذي لبرنامج الاغذية العالمي في مقابلة مع رويترز،انها تفضِّل بقاء جزء على الاقل من المحاصيل التي يتم انتاجها من أراض مؤجرة لحكومات أجنبية في الدول المالكة للاراضي للمساهمة في ضمان الامن الغذائي المحلي.

وأضافت على هامش قمة دول حركة عدم الانحياز في مصر "الاراضي الزراعية في افريقيا ليست وفيرة بهذا القدر اذا وضعنا في الاعتبار أن الصحراء تتسع. الاراضي الزراعية تتقلص بسبب الفيضانات والجفاف. لذلك فانني أخشى نشوب صراعات. "اذا زرعوا الغذاء وأخذ الغذاء بعيدا... فيمكن أن يكون ذلك عاملا مزعزعا للاستقرار."

وجذبت المساحات الشاسعة من الاراضي الزراعية غير المستغلة في افريقيا استثمارات من جانب دول غنية مثل السعودية التي تسعى لضمان امدادتها الغذائية لاسيما بعد الارتفاع الحاد في أسعار الغذاء في 2008.

وقالت سيسولو "سيكون الوضع أفضل لو حصلت الدول على مشورة جيدة بشأن الترتيبات الخاصة بالعقود التي تبرمها. ربما يكون (من بين ذلك) أنه يتعين بقاء جزء من الانتاج لضمان الامن الغذائي وليس النقود فقط."

وتم شراء أو تأجير نحو 6.2 مليون فدان في خمس دول بمنطقة ما وراء الصحراء الكبرى منذ عام 2004 في استثمارات بلغت قميتها 920 مليون دولار وذلك بحسب تقرير صدر في مايو ايار وشاركت في كتابته منظمات دولية.

وقالت سيسولو ان الازمة المالية ستفاقم على الارجح معدلات الجوع المتزايدة لاسيما في الوقت الذي يضر فيه التباطؤ الاقتصادي بالدول الاشد فقرا مع انخفاض تحويلات العاملين بالخارج.

وتقول الامم المتحدة ان عدد من يعانون من سوء التغذية ارتفع في العامين الماضيين ويتوقع أن يتجاوز 1.02 مليار شخص هذا العام بعد عقود من التراجع.

ويتوقع أن يطبق الجوع على 103 ملايين شخص اخرين بسبب الركود العالمي وهو رقم تقول سيسولو انه ربما يكون منخفضا. وقالت "سيزداد... سأقول 50 مليونا اخرين.. وهذا رقم متواضع للغاية. يمكن أن يتضاعف العدد الاضافي بسهولة (الى 100 مليون) في تقديري."

وأضافت أن برنامج الاغذية العالمي جمع أقل من ملياري دولار من بين أكثر من 6.4 مليار دولار يقدر أنها ضرورية هذا العام لتلبية الحاجات الملحة لنحو 105 ملايين شخص يواجهون الجوع.

الفاو تندد بارتفاع اسعار الاغذية رغم المحاصيل الجيدة

من جهتها نددت منظمة الاغذية والزراعة الدولية (الفاو) بأسعار الاغذية المرتفعة في عشرات الدول النامية رغم المحاصيل الزراعية الجيدة.

وقالت الفاو في تقريرها "افاق المحاصيل والوضع الغذائي" الذي نُشر في روما حيث مقرها ان "اسعار المواد الغذائية المحلية في الدول النامية لا تزال مرتفعة رغم تراجع كبير في الاسعار العالمية في حين تعتبر محاصيل الحبوب جيدة اجمالا". بحسب فرانس برس.

وقالت الفاو "في افريقيا جنوب الصحراء، تبقى 80 الى 90% من اسعار الحبوب التي دققت فيها المنظمة في 27 بلدا مرتفعة بنسبة 25% عن الاسعار التي كانت محددة قبل ارتفاع اسعار السلع الغذائية قبل عامين".

واضافت المنظمة ان "مراقبة اسعار السلع الغذائية في 31 بلدا في اسيا واميركا اللاتينية والكاريبي تدل على ان 40 الى 80% من الاسعار تبقى مرتفعة بنسبة 25% مقارنة بالفترة التي سبقت الازمة الغذائية".

وبحسب التقرير فان اسبابا مختلفة تبرر ثبات الاسعار في مقدمها "محاصيل اقل وفرة وحجم صادرات اكبر واضطرابات وتراجع قيمة العملات الوطنية والتغيير في السياسات الغذائية والتجارية وزيادة الطلب والايرادات والقيود المفروضة على وسائل النقل وارتفاع كلفتها".

تحسين الزراعة بدلاً من المزيد من المساعدات الغذائية

يريد الرئيس باراك أوباما أن تركز الولايات المتحدة- أكبر مقدم للمعونات الغذائية في العالم- على التنمية الزراعية في الدول التي تُقدم الدعم لها بدلاً من أن تظل تلك الدول متلقية للمعونات فقط.

وقالت وثيقة الحقائق الصادرة عن وزارة الزراعة الأمريكية أنه "ببساطة شديدة هذا التغير في التفكير معناه أن الأمن الغذائي جزء من الأمن القومي". وقد بدأ هذا النهج الجديد يتكشف بالفعل في البلدان التي مزقتها النزاعات والتي تعاني من عجز في الغذاء كباكستان وأفغانستان.

وقال كريس باريت، الخبير في المعونات الغذائية والذي يُدرِّس اقتصاديات التنمية في جامعة كورنيل أن "هذا التغيير- المهم والمرحب به في الموارد- إلى برامج أمن غذائي طويلة الأمد يمثل تحولاً مهماً عن السياسة الماضية"، مضيفاً أن "هذا التحول الاستراتيجي" تجاه دعم الزراعة "يستحق الإشادة على نطاق واسع".

وقد جاءت تلك الخطوة في أعقاب أزمة ارتفاع أسعار الغذاء التي حدثت في عام 2008 وهو ما دفع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) إلى الدعوة إلى إدارة أفضل للأمن الغذائي.

وكانت أعداد الجوعى قد ارتفعت إلى أكثر من مليار شخص في شهر يونيو 2009 بينما استمرت الأزمة الاقتصادية في الحد من القدرة على شراء الغذاء، ما دفع الفاو إلى حث مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى أثناء اجتماعها في أكويلا بإيطاليا من أجل تخصيص 17 بالمائة من مساعدتها التنموية الرسمية للزراعة في الدول الفقيرة. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

وقد ذكَّرَت الفاو الدول المجتمعة بأن تخصيص مشابه للأموال في السبعينيات أدى إلى ثورة زراعية ناجحة وحال دون حدوث المجاعة التي كانت تلوح في الأفق في آسيا وأمريكا اللاتينية.

وقد قامت الولايات المتحدة بتعيين 13 خبيراً زراعياً في فرق إعادة إعمار الأقاليم في أفغانستان منذ بداية عام 2009، وهي تأمل في أن يتم الموافقة على تعيين أكثر من ثلاثة أضعاف هذا العدد إذا وافق الكونجرس الأمريكي على التمويل الذي طلبه أوباما.

وطبقاً لبرنامج الأغذية العالمي، تركت الاضطرابات السياسية والكوارث الطبيعية المتكررة وارتفاع أسعار الغذاء في أفغانستان 31 بالمائة من سكان البلاد بلا غذاء كاف. كما أضرت أحداث وظروف مشابهة بالأمن الغذائي في باكستان حيث يحصل أكثر من 80 بالمائة من السكان على دخل أقل من دولارين يومياً.

الأمن الغذائي: الاستثمار من أجل تخفيف الجوع والفقر

تعتمد الأغلبية الكبرى من أفقر شعوب العالم على الزراعة لتوفير غذائها وتحقيق دخول لمعيشة أسرها. ولذا فإن مجموعة الثماني الصناعية اتخذت، عندما ارتفعت أسعار المواد الغذائية عالميا في العام الماضي، تدابير بينها تطوير الشراكات العالمية من أجل الزراعة والأمن الغذائي واتخاذ الإجراءات ذات المدى القصير والمتوسط على الأغلب والتي يستخدم معظمها المساعدات الغذائية الطارئة لتخفيف الجوع.

فالأزمة الاقتصادية والمالية هذا العام تهدد حياة الكثير من أفقر شعوب العالم. وفي حين تدنت أسعار السلع والبضائع، ما زالت أسعار المواد الغذائية تزيد بنسبة 40 بالمئة عن مستوياتها القياسية تاريخيا. وأدى انكماش النشاط الاقتصادي العالمي في الوقت ذاته إلى انخفاض حجم الصادرات والعائدات عند المزارعين في البلدان النامية. ويعني هذا التباطؤ أن هناك عددا إضافيا من الناس يبلغ 100 مليون نسمة يواجه خطر دفعه إلى براثن الفقر المدقع.

وللزيادة في البناء على مبادرة أميركية شاملة واسعة النطاق وافقت البلدان الممثلة في قمة لاكولا (إيطاليا) على اتخاذ تدابير فاعلة لتحسين وضع الأمن الغذائي، وذلك من خلال تجديد الالتزام بالتنمية الزراعية. وهو تدبير مستَحقّ منذ زمن. فعلى الرغم من أن 75 بالمئة من فقراء العالم يعيشون في المناطق الريفية و60 بالمئة ممن يقاسون الجوع من الأسر الريفية التي تعيش على زراعة محدودة، فإن 4 بالمئة فقط من مساعدات التنمية تخصص للزراعة. وهذه المبادرة لا تتعلق بالالتزام بتخصيص الموارد، فحسب، رغم أهمية ذلك، وإنما الالتزام أيضا بإصلاح الطريقة التي يعالج بها المجتمع الدولي قضية الأمن الغذائي، وهي قضية على القدر نفسه من الأهمية، إن لم تكن أهم.

وأعلن الرئيس أوباما في قمة مجموعة العشرين في لندن عن عزمه الطلب من الكونغرس مضاعفة المساعدات الأميركية للتنمية الزراعية لتصل إلى أكثر من بليون دولار في العام 2010. وسنسعى لزيادة استثماراتنا سنويا ونقدم 3.5 بليون دولار على الأقل على مدى السنوات الثلاث القادمة.

كثير من الدول التي كان ممثلوها موجودين في لاكولا ملتزمة أيضا بحشد مساعدات كبيرة ومستدامة للتنمية الزراعية بهدف جمع 20 بليون دولار خلال السنوات الثلاث القادمة فيما نعمل على الاتصال مع بلدان أخرى أيضا لتشجيعها على الانضمام إلى الشراكة العالمية.

هذا سيكون إضافة إلى الالتزامات الكبيرة التي قدمتها الولايات المتحدة وعدد من بلدان مجموعة الثماني في مجال الطاقة والمساعدات الغذائية الإنسانية.

والاستراتيجية التي سننتهجها في شراكاتنا تتجاوز مجرد كونها زيادة في الموارد. إذ تعتقد الولايات المتحدة أننا بتطبيق المبادئ التالية نستطيع أيضا مناصرة أسلوب جديد وعملي للتنمية وتحقيق كفاءة وفعالية أفضل.

1.التنسيق الاستراتيجي للمساعدات

يلتزم الشركاء في التنمية من خلال الشراكة الدولية بتنسيق مخصصاتهم من الموارد من أجل التنمية الزراعية وذلك بهدف زيادة فاعلية وكفاءة استخدامها إلى أقصى حد.

2. الاستثمار في خطط البلدان

ستسعى الشراكة العالمية، بدلا من فرض استراتيجية من خارج البلدان المتلقية (للمساعدات)، إلى توجيه المصادر نحو الخطط القومية الموثوق بها وذات المصداقية لتلك البلدان. ويشكل برنامج التنمية الزراعية الشاملة لأفريقيا نموذجا لوضع مثل هذه الخطط وفعالية الشراكة. وسنعمل على دعم أي عمليات مماثلة في مناطق أخرى.

3. أسلوب شامل: مجالات الاستثمار الرئيسية

من أجل إحراز النجاح،  من المهم تركيز الاهتمام على مجمل المشاكل التي تؤثر على التنمية الزراعية، بما فيها زيادة الإنتاجية الزراعية (ويشمل ذلك توفير البذور والسماد)؛ وتحفيز النمو في فترة ما بعد الحصاد وجني المحاصيل، وكذلك تحفيز نمو القطاع الخاص؛ ودعم دور المرأة والأسرة في الزراعة، والمحافظة على قاعدة المصادر الطبيعية في إطار المناخ المتغير، وتوسيع نطاق المعرفة والتدريب، وزيادة تدفق التبادل التجاري، ودعم الحكم الرشيد الجيد وسياسات الإصلاح.

4. دور الآليات المتعددة

علاوة على تقديم المساعدات على المستوى الثنائي (مباشرة من بلد إلى بلد) ستسعى البلدان إلى استخدام المؤسسات والمنشآت متعددة الأطراف عندما يكون ذلك مناسبا. وستعمل أيضا على إصلاح وتحسين فعالية المؤسسات وآليات التمويل المتعددة الأطراف (الدولية) القائمة بالفعل.

5. التزام كبير ومستدام

لكي يتم تحقيق الأمن الغذائي على المدى الطويل، ستعمل البلدان على زيادة استثماراتها في التنمية الزراعية زيادة كبيرة وتوفر لها الموارد بسرعة وبأسلوب يعتمد عليه وتحافظ على دوام التزامها طيلة فترة ثلاث سنوات على الأقل.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/آب/2009 - 23/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م